دو سولاي: من سيرك جوال إلى شركة بمليار دولار
دو سولاي: من سيرك جوال إلى شركة بمليار دولار
في ضاحية من ضواحي مونتريال بكندا، يقع هذا المقر المتواضع لسيرك دو سولاي الذي تحول من مجرد سيرك إلى شركة تتجاوز قيمتها المليار دولار. وأول ما يصادف الزائر خلف باب الشركة هو تلك النصيحة التي يتلقاها بألا يحاول تقليد ما يراه بالداخل في منزله.
فليس من المعقول أن يحاول الشخص العادي القفز على منصة المهرجين أو التعلق في سقف الحجرة لممارسة لعبة التربيز والقفز من أعلى إلى بركة تملؤها الرغوة أو حياكة ما يزيد على 150 كيلومترا من النسيج من أجل صناعة ملابس قادرة على مقاومة الماء والنيران.
بدأت قصة سيرك دو سولاي عام 1984 في بضاحية باي سانت بول في مدينة كيبيك الكندية عندما كون مجموعة من لاعبي المشي على السلك والفنانين الجوالين في الشوارع فرقة أطلقوا عليها اسم (نادي الكعوب العالية)، وهي فرقة عروض بهلوانية جوالة، حققت نجاحًا كبيرًا على المستوى المحلي بكندا.
وبدأ جاي لاليبرت، مؤسس الفرقة، اتجاهًا جديدًا تضمن أن عرض السيرك ألعابه ورقصاته التي صممها أعضاء السيرك والملابس التي صمموها بأنفسهم.
وهو ما حدث بالفعل ليبدأ نادي الكعوب العالية مشوار انتهى به إلى العالمية بعد إقامة العرض في الذكرى الربعمائة والخمسين لاكتشاف كندا على يد الأوروبي جاك كارتييه عام 1534 عندما أعلنها أرضًا فرنسية. ومن أجل جمع المال لإقامة ذلك العرض، أقنع لاليبرت شريكه ستي كريوكس بالسير على طوالات الأرجل 56 ميل لجني بعض الأموال.
وبالفعل نجح مؤسس نادي الكعوب العالية في جمع المال اللازم وأقام العرض الذي حقق نجاحًا كبيرًا مما دعاه إلى أن يعيد تسمية السيرك ليتحول إلى سيرك دو سولاي (سيرك الشمس) الذي تحول في الوقت الحالي إلى شركة كبرى يتجاوز رأس مالها المليار دولار ويعمل بها خمسة الآف موظف من بينهم ألفان حول العالم يكرسون كل وقتهم لتصميم الرقصات والألعاب والأكروبات والملابس الخاصة بسيرك دو سولاي.
كما أصبح للسيرك عروضًا منتظمة في أكبر مدن العالم مثل طوكيو ولاس فيغاس بلغ عددها 19 عرضا سنويًا، فكيف تحولت هذه الفرقة الصغيرة المتواضعة إلى واحدة من أكبر الشركات التي تُقدر قيمتها بمليار دولار في الوقت الحالي؟
تكمن الإجابة على هذا السؤال في افتقار الثقافة الكندية المحلية إلى السيرك وعروض الأكروبات، وهو السبب الرئيسي في نجاح سيرك دو سوليا ووصوله إلى صورته الحالية كأحد أهم شركات الأعمال في العالم حيث دفع الفضول الكنديين إلى استكشاف السيرك الجديد ودفع الأموال من أجل التعرف عليه.
أما السبب الثاني لازدهار نشاط دو سولاي، فكان التميز حيث حرص الشريكان جاي لاليبرت و ستي كريوكس على أن يكون سيركهما ذو طبيعة فريدة ليعتمد على العنصر البشري فقط دون الاستعانة بأي عوامل مساعدة أخرى.
وابتعد سيرك دو سولاي عن عروض الحيوانات لتقتصر عروض السيرك على الألعاب البهلوانية والألعاب الفردية على نقيض ما ركزت عليه حلبات سيرك أخرى أمثال بارنوم وبيليه والأخوان رينغلينغ.
وفي عام 1992، حقق السيرك نجاحًا كبيرًا بعد إقامة بعض العروض في طوكيو باليابان، وهي العروض التي كانت أفضل بطاقة تعارف قدمت دو سولاي للسوق الآسيوي للمرة الأولى.
وبعد عام واحد فقط عام 1993، عقد جاي لاليبرت شراكة مع عملاق صالات ألعاب المقامرة في لاس فيغاس ستيف وين بغية إقامة عرض دائم لدو سولاي بعنوان ميستير بمنتجع ميراج المملوك لوين، كما افتتح في عام 1998 عرض (لا نوبا) في مدينة ديزني في اورلاندو في ولاية فلوريدا.
ولتسويق هذه الطراز الجديد من طرز السيرك العالمي في أوروبا، حل سيرك دو سولاي ضيفًا على سيرك كاينيه بسويسرا عام 1995 وقام بجولة بين خمس مدن سويسرية حققت المزيد من الشعبية للسيرك المتخصص في الأكروبات والعروض والألعاب البشرية.
ومن الطبيعي ألا تسير الأمور على ما يُرام على طول الخط حيث واجه سيرك دو سولاي متاعب بعد سقوط إحدى لاعبات الأكروبات ووفاتها أثناء تقديم عرض في لاس فيجاس هذا العام مما عرض الشركة لغرامة مالية فرضتها الحكومة الفيدرالية بالولايات المتحدة لتعريض العمالة للخطر في بيئة عمل غير آمنة.
بالإضافة إلى ذلك، لحق ضرر باسم الشركة وعروضها وطراز السيرك العالمي الخاصة بها بعد هذا الحادث مما أدى إلى تضررها ماليًا أيضًا ليجد دو سولاي نفسه في مواجهة متاعب عدة تستوجب البحث عن حلول جديدة لإعادة صقل طراز نشاطه مرة ثانية ليستعيد بريقه ويجذب المزيد من الجمهور حول العالم حتى يستقيم الوضع المالي للشركة.
وبالفعل بدأت الشركة في التركيز على الصين التي تُعد من الأسواق الواعدة لأي منتج، خاصةً المنتجات الترفيهية، وهو ما حمل الشركة على التفكير في طريقة لاختراق السوق الصينية مع الحرص على تقديم نفس المستوى من الجودة في العروض المقدمة هناك.
فيديو قد يعجبك: