إعلان

ما مدى قوة تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا؟

04:27 م الخميس 05 فبراير 2015

متشددو تنظيم الدولة الإسلامية يسيرون في مواكب في د

طرابلس: رنا جواد من بي بي سي:
زعم متشددون من تنظيم ''الدولة الإسلامية'' مسؤوليتهم عن العديد من الهجمات في ليبيا - بما في ذلك الاعتداء القاتل الأسبوع الماضي على فندق كورنثيا في العاصمة الليبية طرابلس.

ومع ذلك، فإن قوة التنظيم في ليبيا ليست واضحة في ظل وجود عدد كبير من الجماعات المسلحة في البلاد.

في أواخر أكتوبر، أعلنت مجموعة من المسلحين في مدينة درنة بشرق ليبيا انشقاقهم وانضمامهم لتنظيم الدولة الإسلامية، وتعهدوا بالولاء للتنظيم في موكب مصور وتجمع كبير في وسط المدينة.

ولاقى هذا ترحيبا من جانب أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم الدولة الإسلامية.

وشعر بعض سكان البلدة بالخوف مما سيحدث.

وتقول أميرة، وهي من درنة ولكنها تعيش الآن في العاصمة طرابلس، إنها لم تذهب لمسقط رأسها منذ عشرة أشهر، ولذا فهي تعرف أخبار بلدتها من شقيقتها.

وخلال زيارة شقيقتها الأخيرة لها في يناير، تقول أميرة إنها حاولت إقناعها، هي والأطفال الذين كانوا برفقتها، بالبقاء لفترة أطول.

وقالت أميرة: ''أشعر بالقلق على أبنائها لأنهم في مرحلة الشباب''.

ويشعر كثيرون في درنة بالقلق من أن الشباب في المدينة إما سينضمون لجماعات متطرفة وإما سيقتلون لمعارضتهم لتلك الجماعات.

وأضافت: ''هل تصدق أن بعض الأسر قد وصل بها الأمر إلى منع أبنائها من الذهاب للصلاة في المسجد؟''.

وبالرغم من كل تلك المخاوف، قالت أميرة إن الوضع في درنة ليس بالسوء الذي تتحدث عنه وسائل الإعلام، مشيرة إلى أن متشددي تنظيم الدولة الإسلامية يوجدون في وسط المدينة بشكل متقطع.

وأضافت: ''أعرف من شقيقتي أن الحياة اليومية طبيعية إلى حد كبير، لكن في بعض الأحيان يأتي المتشددون إلى المدينة لقتل أو خطف شخص ما، أو لاستعراض قوتهم في موكب''.

وتعني الحياة ''الطبيعية'' خلال العامين الماضيين الغياب الكامل لأي سلطات تابعة للدولة. وبدلا من ذلك، تحكم المدينة من قبل خليط من الميليشيات الإسلامية، التي تحاول تطبيق الشريعة.

ونجحت تلك المليشيات في إسكات معظم النشطاء المناهضين لها في المدينة، كما قطعت رؤوس ثلاثة منهم على الأقل. ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن علميات القتل هذه.

لكن تنظيم ''الدولة الإسلامية'' يسارع بالقول إنه يقف وراء هجمات أخرى في ليبيا.

ومنذ أواخر ديسمبر، زعم التنظيم مسؤوليته عن تفجيرات عدة استهدفت سفارات خالية ومباني أمنية محلية في طرابلس.

ولكن قبل الهجوم على فندق كورنثيا، لم يكن كثيرون في العاصمة يشعرون بوجود تنظيم الدولة الإسلامية في حقيقة الأمر.

دعاية
ومن الصعب معرفة توقيت دخول تنظيم الدولة الإسلامية إلى ليبيا. وقال الجيش الأمريكي في ديسمبر/كانون الأول الماضي إن هناك أدلة على أن التنظيم ينشئ معسكرات تدريب في شرق البلاد.

وفي الوقت نفسه، قالت تقارير إخبارية أجنبية إن سكانا محليين وأعضاء سابقين في كتيبة البتار، التي تعمل في سوريا، قد شكلت فرعا لها في ليبيا.

ولا يزال العدد الدقيق لهؤلاء المجندين ومعسكرات التدريب غير معروف. وفي ظل عدم وضوح الأمور فيما يتعلق بوجود تنظيم الدولة الإسلامية، فإن العديد من الليبيين يتساءلون على وسائل التواصل الاجتماعية إن كان التنظيم مسؤولا حقا عن جميع الهجمات التي زعم بالفعل مسؤوليته عنها أم لا.

ومع ذلك، يقول خبراء في مجال الإرهاب إن تنظيم الدولة الإسلامية لم يعتد إعلان مسؤوليته عن هجمات أو فظائع ليس له علاقة مباشرة بها.

وتأتي الدعاية التي تنشر على الإنترنت عن هجمات ليبيا من نفس القنوات التي توزع محتويات أخرى من العراق وسوريا.

ويتساءل البعض عن سبب اتجاه تنظيم الدولة الإسلامية إلى ليبيا، التي يتبع غالبية سكانها المذهب السني ويتسمون بالتجانس إلى حد كبير، بينما كان هذا التنظيم يعمل بقوة في مجتمعات تضم خليطا من المذاهب مثل العراق وسوريا، حيث استغل سخط السنة من الحكومات التي يهيمن عليها الشيعة.

ويقول آرون زيلين، من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إن تنظيم الدولة الإسلامية يسعى لتوسيع المنطقة الخاضعة لسيطرته.

وأضاف: ''إنهم يسعون للسيطرة على مناطق عدة لإضفاء الشرعية على فكرة إقامة الخلافة وأنهم ليسوا مجرد جماعة في بلاد ما بين النهرين''.

متطرفون منافسون
وإذا كان تنظيم الدولة الإسلامية لديه خطط للاستيلاء على أجزاء من ليبيا، كما هو الحال في سوريا والعراق، فقد يحقق بعض النجاح، نظرا لأن ليبيا تعاني من فراغ سياسي وأمني منذ ثورة 2011 التي أطاحت بالزعيم السابق معمر القذافي، في ظل صراع بين العديد من الجماعات المسلحة المختلفة التي تقاتل من أجل السيطرة.

وكانت جماعة أنصار الشريعة، التي تتخذ من مدينة بنغازي مقرا لها، أول ميليشيا إسلامية متشددة تندد بالحكومة بصورة علنية.

وعلى مدى سنوات، لم تفعل الحكومة ما يكفي لوقف الاغتيالات والتفجيرات التي كانت تحدث في بنغازي من قبل ''جماعات غير معروفة''.

وبالرغم من الصراع بين أنصار الشريعة وتنظيم الدولة الإسلامية من أجل الاستيلاء على بعض المناطق، فإن هناك أرضية مشتركة بينها في جوانب مثل تطبيق الشريعة.

ويقول زيلين إن تنظيم ''الدولة الإسلامية'' يجذب أعضاء من جماعة أنصار الشريعة، ويرجع ذلك جزئيا إلى ضعف جماعة أنصار الشريعة خلال الأشهر الأخيرة.

ويضيف: ''تنظيم الدولة الإسلامية يستفيد من جماعة أنصار الشريعة بنفس طريقة استفادته من جبهة النصرة في سوريا''.

ويؤكد رجل مقيم في مدينة سرت لبي بي سي صحه بعض الأفعال التي يزعم تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عنها على وسائل التواصل الاجتماعي.

ويضيف: ''إنهم يغلقون أكشاك السجائر، ويطلبون من أصحاب المحلات إزالة تماثيل عرض الأزياء، كما فجروا محلات تصفيف الشعر''، مشيرا إلى أنه ليس متأكدا من هوية الجماعة المتطرفة المسؤولة عن ذلك.

وأصبح الوضع في ليبيا الآن أكثر تعقيدا، بعدما أصبح هناك حكومتان متنافستان.

وتصر الحكومة المعترف بها دوليا، والمعزولة في شرق البلاد، على أن أي هجوم يحدث في ليبيا يقف وراءه تنظيم الدولة الإسلامية.

أما الحكومة التي نصبت نفسها في العاصمة، والتي تحالفت مع جماعات إسلامية محلية، فيبدو أنها تدفن رأسها في الرمال.

ويعتقد فرانشيسكو ستازاري، الباحث في المعهد النرويجي للشؤون الدولية، أن سرد تنظيم الدولة الإسلامية للأحداث في ليبيا ''يوضع في إطار يناسب الأهداف التي يسعى اللاعبون الرئيسيون لتحقيقها''.

ولكن وسط كل هذا الارتباك يعتقد ستازاري أن تنظيم الدولة الإسلامية يمكنه تحقيق بعض النجاح من خلال تجنيد مزيد من المقاتلين واستغلال الكم الهائل من الأسلحة في ليبيا والصراع بين الحكومتين اللتين تحاولان التخلص من بعضهما البعض.

وأضاف: ''إذا لم تتعامل القوى الإقليمية مع الوضع في ليبيا بسرعة فسيتحول الأمر إلى فوضى''.

قد يكون من السهل الحديث عن ذلك، لكن من الصعب للغاية تحقيقه على أرض الواقع، نظرا لأن ليبيا ليس لديها جيش وطني محايد أو قوة موحدة كبيرة بما يكفي لتوطيد السلطة في جميع أنحاء البلاد - وسيستغرق الأمر سنوات لتشكيل مثل هذه القوة.

لقد أظهر تنظيم الدولة الإسلامية بالفعل أنه بارع في الاستفادة من الحكومات المشلولة في سوريا والعراق، وقد يحدث نفس الأمر في ليبيا في ظل وجود حكومتين والعديد من الميليشيات.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان