مصطفى أديب والتوافق النادر في الحياة السياسية اللبنانية
بيروت - (بي بي سي)
لا يعرف الكثير عن مصطفى أديب المكلف بتشكيل الحكومة اللبنانية المقبلة خلفا لحكومة حسان دياب التي استقالت بعد أشهر من الاحتجاجات وانفجار مرفأ بيروت مؤخراً والذي دمر ما يقدر بثلث المدينة.
الرجل الذي جاء من العمل الأكاديمي إلى العمل الحكومي ليعمل في الظل وخلف الستار مستشاراً لرئيس حكومة سابق لينتقل بعدها الى العمل الدبلوماسي، لا ينتمي الى الأسر السياسية العريقة أو المتنفذة والمعروفة في لبنان.
الحكم في لبنان مبني على أسس طائفية، فرئيس الجمهورية يجب أن يكون مسيحياً مارونياً ورئيس الحكومة مسلماً سنياً أما رئاسة مجلس النواب فمن حصة الشيعة.
الشيعة والمسيحيون والسنة موزعون بين أطراف وقوى سياسية متعددة قد تتحالف أحياناً وقد تتناحر أحياناً أخرى.
ليس كل سنة لبنان متخندقين في خندق الطائفة، والشيعة لا يختلفون عنهم، أما المسيحيون فهم موزعون على عدد من الطوائف والكنائس المختلفة، متوافقون أحيانا قليلة ومختلفون أغلب الأحيان.
وقلما تتوافق القوى السياسية اللبنانية على أمر ما ويبدو أن تكليف أديب هو من بين هذه الحالات النادرة في الحياة السياسية اللبنانية.
هذا التوافق يعكس اقراراً نادراً من الأطراف السياسية اللبنانية بأنها لم تعد تملك خيارات في معالجة الأزمة الخانقة التي يمر بها لبنان، وحتى الأطراف الأقليمية التي تتكئ عليها الاطراف اللبنانية للحفاظ على مكانتها ونفوذها لم تعد هي أيضاُ قادرة على تحمل أعباء الأزمة اللبنانية كما جرت العادة سابقا.
وقد أعرب عدد من رؤساء الحكومات السابقين عن تأييدهم لتكليف أديب. وتشير التسريبات إلى أن هناك توافقاً بين الكتل السياسية الأساسية على هذا التكليف.
وتأتي هذه الخطوة تحت ضغط الشارع المتنفض والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي يولي اهتماما خاصاً بلبنان يضاف إلى ذلك العلاقة التاريخية التي تربط لبنان وفرنسا.
ويحمل أديب الجنسية الفرنسية وهو حاصل على درجة الدكتوراه في القانون والعلوم السياسية من الجامعات الفرنسية وعمل في مجال التدريس في الجامعات اللبنانية والفرنسية.
وانتقل أديب من العمل الأكاديمي إلى معترك السياسة حيث عمل مديرا لمكتب رئيس الحكومة اللبنانية السابق نجيب ميقاتي خلال الفترة ما بين عامي 2000 و2013 حين تم تعيينه في منصب سفير لبنان لدى المانيا ويعتبر من المقربين من ميقاتي.
وقالت صحيفة النهار اللبنانية يوم أمس على موقعها الالكتروني عند الإعلان عن تكليف اديب بهذه المهمة ما يلي:
وأديب الذي يعرف السرايا ( مقر رئاسة الحكومة) جيدا، قد يدخلها هذه المرة بطريقة مختلفة، بعدما شغل فيها منصب مدير مكتب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سابقا، وكافأه ميقاتي لاحقاً بتعينه سفيراً، وهو حالياً سفير للبنان في المانيا.
لا ينتمي الى "تيار العزم" (تحالف سياسي يقوده ميقاتي) كما يقول ميقاتي، وهو ليس حزبيا كما يقول عارفوه. ويتحدّث عنه الاعلاميون الذين عرفوه في السرايا بأنّه غاية في اللياقة والتهذيب، إضافة الى كفاءة عالية في الاداء.
ماذا يملك من نقاط قوّة تصبّ في مصلحته؟
أولا: إنه لا ينتمي الى أي حزب سياسي، وإن كان قريباً من الرئيس ميقاتي. لكن الأخير لم يعد "خارج المنظومة السنية" بانضمامه الى لقاء رؤساء الحكومات السابقين.
ثانيا: إنه رجل اختصاص وصاحب كفاءة والتعامل معه سهل وممكن من معظم الأطراف.
ثالثا: إنه ابن طرابلس وليس بيروت وبالتالي ليس في وارد منافسة الحريري على الساحة البيروتية، بل على العكس يمكن أن يضيق على آل كرامي في عاصمة الشمال، فيريح الحريري وميقاتي معا.
رابعا: من يعرفه جيدا يدرك أنه لن يكون في وارد محاولة خلق زعامة خاصة به، وأن حدوده حكومة اختصاصيين تعمل على تنفيذ خطة إصلاحية.
فيديو قد يعجبك: