إعلان

بين قمة الرياض وحرب المعادن.. لماذا أصبحت أوكرانيا نقطة محورية لترامب؟

02:26 م الثلاثاء 18 فبراير 2025

ترامب

كتبت- سلمى سمير:

في خضم الحرب المستمرة التي تشهدها أوكرانيا مع روسيا، تتوجه الأنظار نحو القمة التي تجري اليوم الثلاثاء، في الرياض بين الوفدين الأمريكي والروسي، حيث تتركز المباحثات المباشرة الأولى للدولتين على الحرب مع كييف وسبل إنهائها، وهو ما تبحث واشنطن تحت رئاسة دونالد ترامب إلى حسم أوراقها بشكل يصب في مصلحة موسكو ويستبعد الدور الأوروبي والأوكراني كذلك.

وفي ظل بحث دونالد ترامب المستمر عن أوراق ضغط وسبل يحصل بها على أكبر قدر من المنافع، برزت مسألة المعادن النادرة في أوكرانيا التي يرجح مناقشتها في اجتماعات اليوم، خاصة مع سعي واشنطن إلى تعزيز نفوذها في تلك المنطقة الاستراتيجية، وهو ما لم يخفيه ترامب حين طلب ذلك من أوكرانيا صراحة بالحصول على نسبة من المعادن النادرة التي تمتلكها.

منذ بداية الحرب، نشأت تساؤلات حول كيف يمكن للمعادن النادرة التي تملكها أوكرانيا أن تتحول إلى ورقة ضغط استراتيجية، خصوصًا في ظل الأزمة التي يشهدها سوق المعادن العالمي. والتي تعد ركيزة أساسية لصناعة التكنولوجيا المتقدمة والأسلحة الحديثة، ما يجعلها موضع اهتمام متزايد من القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة.

صورة 1_1

ما أهمية تلك المعادن؟

في الآونة الأخيرة، قدمت الولايات المتحدة عرضًا لأوكرانيا يتعلق بالحصول على 50% من احتياطيات المعادن النادرة في البلاد، في مقابل استمرار الدعم المالي والعسكري. هذا العرض، الذي لم يتم قبوله بشكل نهائي من قبل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أثار جدلاً واسعًا داخل الأوساط السياسية الأوكرانية، حيث أكد زيلينسكي أن العرض لا يتضمن بعد الضمانات الأمنية التي يحتاجها كييف على رأسها حلم الانضمام للناتو.

والمعادن النادرة هي مجموعة من المعادن التي تستخدم بشكل أساسي في صناعة التكنولوجيا الحديثة، مثل الهواتف الذكية، السيارات الكهربائية، الأسلحة، وأنظمة الطاقة المتجددة. وتشمل هذه المعادن عناصر حيوية مثل اللانثانيوم، النيوديميوم، الليثيوم، الجرافيت، والنيكل، التي تلعب دورًا محوريًا في مجالات الطاقة الخضراء وصناعة الدفاع.

في هذا السياق، تزايد الاهتمام العالمي بهذه المعادن نتيجة للتوجهات المتسارعة نحو التحول إلى الطاقة المتجددة وتقنيات الحوسبة المتطورة. بحسب تقرير وكالة الطاقة الدولية (IEA) لعام 2023، من المتوقع أن يرتفع الطلب على المعادن اللازمة لتحول الطاقة أكثر من ضعفين بحلول عام 2030، مما يضاعف من قيمة السوق لهذه المعادن.

صورة 2_2

أوكرانيا في قلب المعركة

كانت أوكرانيا، قبل الحرب جزءًا من أكبر الموردين للمعادن النادرة في العالم، حيث تمتلك احتياطيات ضخمة من المعادن الضرورية لصناعة البطاريات والتكنولوجيا الحديثة. وطبقًا للبيانات التي قدمها معهد الجيولوجيا الأوكراني، فإن البلاد تحتوي على احتياطيات من 22 من أصل 34 معدنًا صنفها الاتحاد الأوروبي على أنها حيوية للأمن الوطني والتنمية الاقتصادية.

من بين هذه المعادن، تبرز اليورانيوم، والليثيوم، والنيوديميوم، والتي تدخل في صناعة السيارات الكهربائية والتوربينات الهوائية والهواتف الذكية. كما أن أوكرانيا تعد موطنًا لاحتياطيات ضخمة من الجرافيت، والتي تمثل 20% من احتياطيات العالم، بالإضافة إلى التيتانيوم الذي كان يمثل 7% من الإنتاج العالمي قبل الحرب.

لكن النزاع المستمر مع روسيا، الذي يسيطر الآن على حوالي 20% من الأراضي الأوكرانية، قد أثر بشكل كبير على قدرة أوكرانيا على استغلال هذه الموارد. وبحسب تقارير من "رويترز"، يقدر الخبراء أن حوالي 40% من الموارد المعدنية في أوكرانيا أصبحت تحت سيطرة القوات الروسية، مما يعقد عملية التنقيب والاستخراج.

صورة 3_3

تعكس المناقشات الأخيرة بين واشنطن وكييف حول المعادن النادرة الدور المتزايد الذي تلعبه هذه الموارد، حيث تسعى الولايات المتحدة، لتقليل اعتمادها على الصين التي تهيمن على معالجة المعادن النادرة في العالم، وتمثل تهديدًا كبيرًا للولايات المتحدة بسبب هيمنتها المطلقة في هذا المجال، إذ تشير تقارير وكالة الطاقة الدولية إلى أن الصين تسيطر على نحو 70% من معالجة المعادن النادرة على مستوى العالم، وفي ظل ذلك تعتبر أوكرانيا بمثابة حلقة وصل حيوية في تأمين احتياطيات هذه المعادن.

صورة 4_4

وترى الولايات المتحدة في أوكرانيا فرصة لتعزيز أمنها الاقتصادي والعسكري، خاصة في ظل تزايد التنافس العالمي على هذه الموارد. وبحسب تقرير نشرته "الجارديان"، فإن واشنطن قد تكون مستعدة لتقديم المزيد من الدعم العسكري والاقتصادي لكييف مقابل الوصول إلى هذه الموارد، مما يضيف بعدًا جديدًا إلى العلاقات الثنائية بين الطرفين في خضم الصراع المستمر.

ومنذ بداية الحرب، خسر قطاع التعدين في أوكرانيا جزءًا كبيرًا من قدراته الإنتاجية. فقد سيطرت القوات الروسية على العديد من المواقع الغنية بالمعادن في المناطق الشرقية والجنوبية من البلاد، بما في ذلك بعض من أهم احتياطيات الليثيوم والجرافيت. ورغم ذلك، لا تزال أوكرانيا تحتفظ بالكثير من مواردها الطبيعية في المناطق الغربية والوسطى، حيث يواصل المسؤولون الأوكرانيون العمل على خطط جديدة لاستعادة السيطرة على هذه الثروات.

وفي حديثه لوكالة "رويترز" في وقت سابق من هذا الشهر، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن بلاده على استعداد لإبرام صفقات مع الدول الغربية تشمل استغلال الموارد المعدنية في أوكرانيا، بما في ذلك المعادن النادرة. وأضاف زيلينسكي أن أوكرانيا مستعدة للاستفادة من شراكات مع دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لتحقيق الاستفادة القصوى من هذه الثروات.


هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان