إعلان

من هو أحمد العودة صانع التسويات وقائد اللواء الثامن في سوريا؟

05:04 م الإثنين 14 أبريل 2025

أحمد العودة قائد اللواء الثامن في سوريا

بي بي سي

أعلن اللواء الثامن أبرز الفصائل المسلحة في جنوب سوريا بقيادة أحمد العودة، حل نفسه ووضع أسلحته وعناصره تحت تصرف وزارة الدفاع السورية.

وقال الناطق باسم الفصيل، العقيد محمّد الحوراني في تسجيل مصور يوم الأحد "نحن أفراد وعناصر وضباط ما يعرف سابقًا باللواء الثامن نعلن رسميًا حل هذا التشكيل، وتسليم جميع مقدراته العسكرية والبشرية إلى وزارة الدفاع السورية،" متابعًا أن هذه الخطوة "بداية جديدة لتعزيز مسيرة الوطن تحت مظلة الدولة السورية."

الإعلان أتى بعد يومين من التوترات والاضطرابات التي شهدتها مدينة بصرى الشام في درعا، جنوبي سوريا، عقب مقتل القيادي بلال الدروبي التابع لوزارة الدفاع برصاص عناصر من اللواء، تبعه نشر تعزيزات عسكرية كبيرة في ريف درعا الشرقي، قبل أن تفرض قوى الأمن العام سيطرتها على كامل المدينة.

وبهذا تكون القيادة العسكرية في دمشق قد طوت أحد الملفات الحساسة والمعقدة مع اللواء الثامن، من دون أن يعرف مصير قائده أحمد العودة: الشخصية الجدلية التي جذبت الانتباه، منذ اللحظات الأولى لسقوط حكم الأسد.

من هو أحمد العودة؟

يلقب أحمد العودة برجل "روسيا في الجنوب" ومهندس التسويات مع النظام السوري السابق. قاتل تنظيم ما يعرف بـ"الدولة الإسلامية" وقوات النظام على حد سواء، لكنه عمل أيضًا لصالح الجيش السوري وإن نأى بنفسه بوضوح عن محور حزب الله وإيران.

قلبات كثيرة وارتباطات متشابكة ومعقدة رسمت سيرة أحمد العودة على طول أكثر من عقد. فمن هو؟ ولماذا يدور الحديث عنه في الآونة الأخيرة.

في الساعات الأولى من صباح الثامن من ديسمبر، وبينما كانت تستفيق دمشق على خبر إبلاغ الجيش السوري ضباطه بسقوط النظام كان المقاتل الأربعيني، أحمد العودة، محاطًا بعناصر فصيله يجوبون شوارع العاصمة الفارغة. لم تكن وصلت بعد عناصر غرفة العمليات العسكرية، في ما بدا للبعض أنه محاولة لخطف الأنظار عن أحمد الشرع، القائد القادم من الشمال.

هذه اللحظة التاريخية لما وصفته جبهة الجنوب بـ"كسر القيود" عن العاصمة جاء كانقلاب على الاتفاقات التي عقدها العودة مع النظام السوري السابق المدعوم من روسيا على مدى سنوات.

تقلبات مفاجئة وتحالفات متذبذبة

ينحدر أحمد العودة من مدينة بصرى الشام في محافظة درعا، ودرس الأدب الإنجليزي في جامعة دمشق، وأنهى خدمته الإلزامية في الجيش السوري قبل أن يسافر إلى الإمارات مع عائلته، بحسب ما ذكر مصدر مقرب منه لبي بي سي، فضل عدم ذكر اسمه.

لكنه لم يطل الغياب، فبعد عام على انطلاقة الثورة السورية من درعا، عاد ليشارك في العمل المسلح ضد النظام، وانضم إلى صفوف الجيش السوري الحر، وأصبح قائد "كتيبة شباب السنة" التي توسعت وغيرت تسميتها أكثر من مرة الى أن تم التوصل لتسوية بشأنها مع النظام السوري، في يوليو 2018.

فقد ثلاثة من أشقائه أثناء قتالهم مع الجيش السوري الحر، بينما كان يخوض معارك مع فصيله في درعا قبل أن يصبح جزءًا من الجبهة الجنوبية للجيش ذاته في 2014، ويبسط سيطرته لاحقًا على بُصرى الشام، بحسب ما ذكر موقع " الذاكرة السورية".

يعرف عن العودة أنه لم يكن على وفاق مع جبهة النصرة أو فصائل أخرى إسلامية متشددة في المدينة، بالرغم من أنه قاتل إلى جانبهم لتحقيق الهدف الأكبر: إسقاط النظام.

من دعم "الموك" لتمويل روسي "خجول"

مع الوقت أصبح فصيل العودة من الفصائل الرئيسة والأكثر تمويلًا في محافظة درعا، إذ حظي بدعم من غرفة "الموك" العسكرية الخارجية التي كانت تأخذ من الأردن مقرًا لها. كذلك حصل على دعم وتمويل من دولة الإمارات بحكم صلة القرابة التي تربطه برجل الأعمال السوري المقيم هناك خالد المحاميد، بحسب تقارير إعلامية.

توقف الدعم مع نهاية 2017، بحسب المصدر المقرب من العودة، ليصبح التمويل "خجولًا يغطي بشكل أساسي رواتب العناصر". هذه المرة كان التمويل روسيًا.

1_1_11zon

ففي 2018 بدأت القوات الحكومية السورية حملة عسكرية لاستعادة السيطرة على الجنوب تزامنت مع اتفاق تسوية مع روسيا، التي تدعم النظام السوري، لتسليم السلاح الثقيل وتسوية أوضاع المعتقلين، بحسب المصدر ذاته. وبات حينها العودة قائد ما يعرف بـ"اللواء الثامن" الذي يتبع تنظيميًا الجيش النظامي السوري، كما انضم لتشكيل "الفيلق الخامس" الذي يتبع شعبة الأمن العسكري في نهاية عام 2020. لكنه رغم ذلك بقي مستقلًا عن قوات النظام، ومتفردًا بقيادة عناصره البالغ عددهم عدة آلاف.

الفترة التي تلت لم تكن هادئة تمامًا، إذ شهدت البلدات الجنوبية اشتباكات متفرقة ومتقطعة في ريف درعا سواء بين عناصر الجيش النظامي والأمن العسكري، أو بين بعض المجموعات المتمردة المحلية وقوات النظام. وكان العودة في تلك الفترة يتنقل بين درعا والأردن، حيث تقيم عائلته، فهو متزوج من اثنتين وأب لستة أولاد وابنتين. لكن اسمه برز مجددًا في أكتوبر 2022، حيث شارك فصيله في حملات ضد خلايا تنظيم داعش أسفرت إحداها عن مقتل قائد التنظيم المدعو أبو الحسن الهاشمي القرشي في مدينة جاسم.

2_2_11zon

مع بداية عملية "ردع العدوان" التي قادتها هيئة تحرير الشام، المدعومة تركيًا، ضد النظام السوري في نهاية شهر نوفمبر الماضي، بدأت الفصائل في الجنوب تتحرك واستولت على مواقع حكومية ومقار أمنية وعسكرية. وفي السادس من ديسمبر تشكلت "غرفة عمليات الجنوب" التي ضمت فصائل مسلحة من درعا والسويداء والقنيطرة. وبدأت القوى الموحدة زحفها باتجاه العاصمة.

قبل السادسة صباحًا يوم الثامن من ديسمبر كان العودة ورفاقه أول قوى المعارضة التي تطأ أقدامها في ساحة الأمويين، ليسمع السوريون نبأ سقوط نظام الأسد بعد أقل من نصف ساعة. بدأ عناصر الفصيل بالتمركز حول بعض المرافق الحيوية الرئيسية للعاصمة، لكن لم تمض ساعات حتى بدؤوا يعودون أدراجهم جنوبًا بتوجيهات من قائدهم.

يعلق المصدر المقرب من العودة أن ذلك كان "تجنبًا لمشاكل أو اصطدامات في الساعات الأولى للانتصار"، مضيفًا أنه "لم يكن لدينا جيش يمكن أن يحمي عاصمة،" في إشارة إلى ضعف الإمدادات مقارنة بهيئة تحرير الشام.

بعد خروجه من دمشق، قرر ائتلاف "غرفة عمليات الجنوب" التمسك بسلاحه بالرغم من دعوة السلطات الجديدة لحل التشكيلات المسلحة كافة، لكنه لم يستبعد في الوقت ذاته استعداده الانضواء تحت مظلة وزارة الدفاع.

دور قيادي أكبر مستقبلًا؟

يصف المصدر المقرب من العودة رفيقه بأنه "صاحب فكر وقوي الشخصية، ولديه القدرة على التأثير بمن حوله"، متمنيًا أن يكون له دور قيادي أكبر في المستقبل. الأمنيات التي قد لا ترتاح لها أوساط القيادة الحالية خاصة مع تداول تكهنات حول طموحات العودة في دولة ما بعد سقوط النظام، متحصنًا بتحالفاته الإقليمية.

وبحسب عبد الله علي، الصحفي في جريدة النهار اللبنانية والمتابع لشؤون التنظيمات الإسلامية، فقد كان من اللافت للنظر تلك "السلاسة" التي انسحبت بها الفصائل من دمشق إلى الجنوب، إذ كانوا "على مستوى السيطرة على معبر يتقاتلون لأشهر والدم يصبح نهرًا. أما الآن، وعلى مستوى حكم البلد، الفصائل انسحبت بسلاسة، ما قد يدل على وجود ترتيبات دولية أقوى منهم." كذلك إن أي تجاذبات مع الفصيل قد تزيد من الملفات العالقة التي يجد الشرع نفسه في مواجهتها على أكثر من صعيد، دون تجاهل حساسية الجبهة الجنوبية المحاذية لإسرائيل.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان