مأساة مواطن أحرقته عصابات المخدرات بالصف (تقرير)
كتب - محمد شعبان:
أحب مهنة قيادة السيارات، وعُرف بإتقانه لها بين جيرانه بمركز الصف في محافظة الجيزة، فهي مصدر رزقه الذي يوفر من خلالها متطلبات أسرته المكونة من 4 أفراد، لكن حظه العثر قاده إلى الوقوع في قبضة عصابة كلفته جروح متفرقة بجسده، لن تفارقه إلا بعد عدة أشهر.
جرس الهاتف الجوال يرن، يجيب سائق يدعى "عيد" - كونه على دراية بهوية المتصل - "ايوة.. عاوزين شوية طلبات ومياه معدنية توصلها يا عيد عند كوبري عودة"، أحضر "عيد" كافة المشتريات، وانطلق بسيارته ربع النقل من مقر إقامته بقرية عرب الشرفا نحو مكان التقابل بالقرب من ترعة كوم أمبو.
ينظر صاحب الـ 30 عاما إلى هاتفه.. إنها الرابعة والنصف عصر الأحد، يحمل ما طُلب منه من أطعمة، وفور دخوله يفاجأ بسيناريو لم يتوقعه طوال الطريق الذي يبلغ 5 كم، وإذا بـ 3 أشخاص من عائلة أبو جبيرة يسأله أحدهم بصوت يكسوه الغضب "انت بلغت الحكومة عننا؟"، ليرد السائق "معرفش حاجة ولا بلغت حد".
الحكاية تعود إلى نحو 15 يوما من بدء احتفالات رأس السنة الميلادية، حين شنت قوات الأمن بالجيزة حملة مكبرة استهدفت جبال الصف؛ بحثًا عن العناصر الإجرامية المطلوب ضبطها على ذمة عدة قضايا، لكن أرباب السوابق فطِنوا إلى موعد الحملة، وفروا هاربين، لتجد الشرطة المكان خال من قاطنيه، باستثناء 4 سيارات مبلغ بسرقتها، كانت حصيلة الحملة.
قرر الأشخاص الثلاثة - يحتفظ مصراوي بأسمائهم من البلاغ المقدم- الانتقام ممن ظنوا أنه وراء الحملة الأمنية الأخيرة، وقاموا بتكبيل عيد بالحبال، وانهالوا عليه بالضرب بسائر جسده، وأمسك أحدهم بمطواة تعدى بها عليه، بينما أحضر شريكيه "فوط" مشبعة بالبنزين، وقاما بلفها حول يديه وقدميه، ومن ثم إشعال النيران فيها، دون النظر بعين الشفقة لصراخ السائق الذي لم يفكر وقتها إلا في زوجته وأطفاله الثلاثة.
دماء تسيل من كل مكان.. حروق متفرقة بالجسم.. وجه تحول إلى خريطة من آثار الأسلحة البيضاء.. يرقد جسد "عيد" بالمكان الذي تُرك فيه عقب وصلة من التعذيب، يصحبه الأهالي إلى مستشفى الهدى الإسلامي بمنطقة حلوان، "لما صورت المنظر تعبت نفسيا والدكتور خرجني".. يقول عم الضحية أحمد نافع لمصراوي.
وبعد مرور 3 أيام؛ حاولت أسرة السائق تحرير محضر بالواقعة، لكن المستشفى أرسل إخطارًا إلى مركز الصف، الذي طلب منهم التوجه إلى قسم شرطة حلوان كون المصاب بمستشفى بدائرة القسم "أحد الأشخاص أرسلنا إلى رئيس مباحث الصف علشان نعمل محضر" يوضح عم الضحية، أنه توجه رفقة المحامي السيد علي دسوقي، ورفض رئيس المباحث مقابلتهما في بادئ الأمر قبل أن يطلب من أحد معاونيه تحرير المحضر اللازم، لكنه رفض إرسال مندوب لسماع أقوال المصاب "قالنا لما يبقى كويس هاتوه".
عقب مرور يومين؛ بات المحضر أمام نيابة الصف، لكن الأمر سيستلزم الانتظار حتى يوم الأحد نظرا لأن وكيل النيابة المخصص لنظره يتابع محاضر أخرى، لكن أحمد نافع والمحامي أصرا على مقابلة رئيس نيابة الصف الذي منحهم ورقة ممهورة بخاتم الجمهورية تلزم مأمور القسم بإرسال مندوب لسماع أقوال المصاب.
للمرة الثانية، توجه عم الضحية والمحامي إلى ديوان القسم، وطلبا مقابلة المأمور، لكنه رفض، قبل أن يسمح لهما بالدخول في حضور مفتش برتبة لواء، معلقًا على أمر النيابة "لما يخف يبقى هاتوه"، ليخبره عم المصاب بأن علاجه يستلزم عدة أشهر، ليرد المأمور "بعد سنة يا سيدي"، بحسب عم المصاب أحمد نافع.
وتقدم المحامي بشكوى ضد المأمور لدى نيابة الصف؛ لامتناعه عن تنفيذ القانون، بينما يصف أحمد نافع الموقف "حسيت إني رايح أشحت منه"، على حد قوله.
وتواصل "مصراوي" مع العميد محمود شوقي، مأمور قسم الصف، الذى نفى ذلك جملة وتفصيلا، مؤكدا أن رواية عم المصاب غير صحيحة، لافتا بأن المصاب مسجل خطر، وسبق اتهامه في عدة قضايا.
وأشار "شوقي"، إلى أنه أرسل إشارة إلى قسم شرطة حلوان لسماع أقوال المصاب - كونه محتجزًا بمستشفى بدائرة القسم - مشددا على أن مندوبا من قسم شرطة الصف استمع إلى أقوال "عيد" السبت، بقوله "باب القسم مفتوح لتلقي أية بلاغات في أي وقت".
فيديو قد يعجبك: