مات الجدع.. "صيدلي أكتوبر" ضحية جديدة لـ"بلطجي مصر الأول"
كتب - محمد شعبان:
مساء الاثنين الماضي، عشرات أمام باب قسم الاستقبال الخاص بمستشفى الوادي بمدينة 6 أكتوبر، حتى ظن بعض المارة أنها مظاهرة أو مشاجرة حامية الوطيس قبل أن يخبرهم أحدهم بأنها "مظاهرة حب" حزنًا على وفاة شاب لُقب بـ"ضحية التوك توك" عقب صراع مع الموت استمر نحو 3 أسابيع قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة متأثرًا بإصابته.
مطلع شهر نوفمبر الماضي، توجه الشاب إسلام أحمد مهران 24 سنة، لزيارة أحد أقاربه رفقة عمه الدكتور عصام مهران في الحي الثاني، ليدور بينهما حوار بشأن أحوال الأسرة وسط اهتمام العم بالاطمئنان على نجل شقيقه الذي يقضي فترة التجنيد الإجباري بصفوف القوات المسلحة، إلا أن "توك توك" قطع حديثهما.
كاد سائق التوك توك يصطدم بالسيارة إذ أنه يسير عكس الاتجاه، ونشبت مشادة كلامية بين الطرفين تطورت إلى استعانة قائد الدراجة بعدد من زملائه الذين حضروا لنصرته، إذ أخرجوا الشاب العشريني من السيارة عنوة، وتطور الأمر إلى مشاجرة حاول خلالها "إسلام" الدفاع عن نفسه وراح يتعلق بالتوك توك أثناء محاولة قائده الهرب، فبات محاصرًا بينه وسيارة سوزوكي تصادف مرورها ليسقط على الأرض.
أسرع المارة لنقل خريج كلية الصيدلة إلى المستشفى لإنقاذه فتم إيداعه غرفة العناية المركزة وحمل التقرير الطبي مفاجآت غير سارة لذويه بإصابته بنزيف في المخ والرئة وكسر في الحوض، وأنه يحتاج إلى عناية فائقة لعبور تلك الكبوة.
ما بين مفترش للأرض رافعًا أكف الضراعة نحو السماء، وآخر جالس على مقعد خشبي ممسكًا بالمصحف يتلو آيات طلب النجدة والغوث من الله، وثالث مستندًا إلى الحائط شاخصًا ببصره نحو غرفة العناية المركزة، كانت الأجواء حزينة داخل المستشفى حيث يرقد صاحب الابتسامة الصافية.
بالانتقال إلى قسم شرطة أول أكتوبر، كان الرائد إسلام المهداوي رئيس وحدة المباحث يفحص أوراق إحدى القضايا، يتلقى إشارة عبر إدارة شرطة النجدة بوقوع مشاجرة ووجود مصاب نُقل إلى مستشفى الوادي في حالة حرجة.
دقائق معدودة احتاجها الضابط الشاب للوصول إلى محل الواقعة موجها معاونيه النقيب محمد الصعيدي والنقيب محمود خميس إلى المستشفى للاطمئنان على حالة المصاب، وبدأ رئيس المباحث سماع أقوال شهود العيان للوقوف على ملابسات الحادث حتى توصل إلى هوية المتهم الرئيسي "طارق"، 20 سنة مقيم بالفيوم، سائق التوك توك، ليبلغ العقيد عمرو حجازي، مفتش مباحث قطاع أكتوبر، بالمعلومات المتوافرة الذي طالبه بسرعة ضبطه.
في غضون ساعات، تمكن الرائد إسلام المهداوي من ضبط السائق وآخر كان برفقته، اللذان اعترفا بارتكاب الواقعة وأكدا صحة التحريات أمام اللواء محمد عبد التواب، نائب مدير مباحث الجيزة، الذي أحالهما إلى النيابة العامة للتحقيق.
بالعودة إلى المستشفى، تعلق الجميع بأمل تحسن حالة نجلهم الشاب مع قرب مضي شهر على مكوثه هنا، إلا أنه لفظ أنفاسه الأخيرة -الاثنين الماضي- متأثرًا بإصابته لتنطلق موجة من الصراخ والعويل من قبل ذويه.
مع مرور الوقت، انتشر الخبر كالنار في الهشيم، تبارى أصدقاء وزملاء "إسلام" في نشر مواقف لا تنسى جمعتهم به تترجم دماثة خلقه وحبه للحياة دون خوف في "مظاهرة حب"، وسط استياء سكان مدينة السادس من أكتوبر، مطالبين جهاز المدنية وإدارة المرور بالتصدي بحزم لظاهرة التوك توك التي باتت تشكل خطرًا على حياة الأطفال وأسرهم على حد سواء، ودشنوا حملة تحت شعار "ضد بلطجي مصر الأول".
بدوره، وجه الدكتور مصطفي مدبولي، رئيس الوزراء المحافظين بوقف إصدار تراخيص جديدة لـ "التوك توك"، وذلك خلال اجتماعه بهم بمقر وزارة التنمية المحلية، أول أمس الخميس، موضحا أن الدولة أبدت بعض المرونة فيما يخص "التوك توك" كوسيلة انتقال في بعض المناطق التي تحتاج هذه الوسيلة، لكن العديد من الدراسات الحديثة بدأت تحذر من خطورة استسهال الشباب للعمل عليه، وانصرافهم عن الفرص الجادة التي تحقق التنمية وتبني الوطن، هذا فضلاً عن تأثير ظاهرة "التوك توك" على استقطاب أطفال للعمل في هذه الوسيلة والحصول على أموال ينفقونها بشكل غير منضبط نظراً لحداثة سنهم.
ووجه رئيس الوزراء المحافظين خلال اجتماعه بهم بمقر وزارة التنمية المحلية، بوقف إصدار تراخيص جديدة لـ"التوك توك" لفترة مؤقتة حتى يتسنى الحد من الظواهر السلبية التي نتجت عن الانتشار غير المنضبط له، مع التوجيه بالتعامل الحاسم مع أية تجاوزات يقوم بها أصحابها أو قائديها بما في ذلك مصادرة التكاتك المخالفة.
فيديو قد يعجبك: