هند وحسين.. حكاية شابين أنقذتهما الصدفة من انفجار "الدرب الأحمر"
كتب- طارق سمير:
على غير العادة، أغلقت "هند" مكتب المحاماة الخاص بوالدها في وقت مبكر، وتأخر "حسين" (شيال) قليلا عن موعد عودته لمحل سكنه، لينجو الاثنان من التفجير الانتحاري الذي شهدته منطقة الدرب الأحمر مساء أمس الاثنين، وأسفر عن مقتل الإرهابي واستشهاد 3 من رجال الأمن وإصابة 5 آخرين.
في تمام التاسعة من مساء أمس الإثنين، تلقت هند الفتاة العشرينية مكالمة هاتفية من والدها "حسن"، الذي أصر على أن تغلق المكتب وتذهب إلى السوق المجاور لحارة "درديري"، لتشتري وجبة عشاء تتناولها قبل أن تغلق المكتب وتعود إلى منزلها في أرض اللواء.
استجابت "هند" لطلب أبيها. أغلقت المكتب، وذهبت إلى السوق. تقول لمصراوي: "والدي صمم علشان آكل بعدما فضلت طول اليوم بدون أي طعام، كان خايف يغمى علي قبل وصولي للبيت".
كان كل شيء طبيعيا عندما خرجت من المكتب، لم يلفت انتباهها سوى دراجة مركونة أمام المنزل المجاور للمكتب. وما أن وصلت الفتاة للسوق، حتى سمعت دوي انفجار شديد.
ظنت في البداية أنه انفجار أسطوانة غاز، فظلت تتسوق دون اهتمام بما حدث، وبعد 15 دقيقة عادت إلى الحارة لتكتشف الكارثة، "لقيت كردون أمني حول المكتب، وأشلاء قتلى في كل مكان والحوائط ملطخة بالدماء، سألت الناس حصل أية رد علي أحد الجيران: إرهابي فجر نفسه".
مدت الفتاة نظرها نحو المنزل المتواجد به مكتب والدها، "لقيت أبوابه مدمرة وأجزاء من الدور العلوي تحولت لركام على الأرض".
حاولت الدخول للاطمئنان على مصدر رزق أسرتها الوحيدة، بحسب قولها، إلا أن قوات الأمن رفضت في البداية، ثم سمحوا لها بالعبور، "المكتب ادمر، الزجاج المهشم وأوراق القضايا كانت في كل مكان، وأجهزة الكمبيوتر محطمة".
أمسكت "هند" هاتفها، وحدثت والدها: "المكتب مدمر يا بابا.. إلحقني". حضر "حسن" في غضون دقائق معدودة، حاول تهدئة ابنته وأوصلها لمنزله بأرض اللواء، وتوجه بعد ذلك لقسم شرطة الدرب الأحمر، وحرر محضرا بتلفيات المكتب.
مساء اليوم، وقف الرجل الأربعيني أمام المنزل يندب حظه "بيت الإرهابي مايتأثرش من الانفجار ومكتبي يدمر"، لكنه في الوقت ذاته يشكر الله على عنايته بابنته "لو كانت موجودة كانت ممكن تموت".
كانت كاميرات المراقبة المتواجدة بالشارع، رصدت حركة الإرهابي "الحسن عبدالله" بدراجته من أمام المنزل المجاور لمكتب المحامي، قبل أن يستوقفه شرطيان أمام المكتب، ليفجر الإرهابي نفسه بعبوة ناسفة، ما أدى لاستشهاد وإصابة 7 من الشرطة والمدنيين، وتدمير أجزاء من المنزلين.
لم تكن هند الشابة الوحيدة التي أنقذتها الصدفة، فقد نجا حسين "شيال" من الانفجار بعدما تأخر عن العودة إلى سكنه في نفس العقار الذي يتواجد به الإرهابي.
كل يوم يخرج "حسين" 30 سنة، مع عجلته إلى شارع الغورية المجاور حيث ينقل بضائع أصحاب المحلات، وفي التاسعة مساء يعود ليبيت في غرفة متواضعة أسفل سلم العقار.
مساء الإثنين، تأخر الرجل عن العودة للعقار الذي انهارت واجهته بالكامل وسقط جزء من السلم على حجرته الصغيرة، ليفاجئ بكردون أمني من الشرطة وأشلاء متناثرة للضحايا عند عودته.
فيديو قد يعجبك: