"معهم الحايس".. قصة فرار "إرهابيو الواحات" 12 يومًا في الصحراء (نص التحقيقات)
كتب - طارق سمير ومحمود السعيد:
حصل "مصراوي" على نص تحقيقات النيابة في القضية رقم 160 عسكرية، والمعروفة بـ"الهجوم على مأمورية الواحات".
تضم القضية 53 متهمًا بينهم 37 محبوسًا و10 هاربين و6 آخرين مخلى سبيلهم بتدابير احترازية، وأبرزهم عبدالرحيم محمد عبدالله المسماري "ليبي الجنسية".
اعترف المتهم عبد الرحيم المسماري خلال التحقيقات تفصيلياً بما حدث في مأمورية "الواحات البحرية"، خلال اشتباكات قوة من ضباط العمليات الخاصة والأمن الوطني مع خليته المعروفة بـ"ردع الطغاة" في 20 أكتوبر 2017 .
وقال المتهم الليبي إن الاشتباكات كانت في الواحدة ظهر يوم 20 أكتوبر 2017، وبدأت برؤية عضو الخلية "حكيم" خلال تمركزه فوق التبة - على ارتفاع ستة أمتار- دخول سيارات أمن في اتجاههم ببطء على مسافة أقل من كيلو؛ 3 مدرعات في المقدمة، ومن خلفهم 5 سيارات دفاع رباعي.
وأضاف "المسماري" أن أفراد الشرطة، اتخذوا السيارات ساتر لهم على بعد 150 مترا منهم، وبدأوا في التعامل مع أعضاء الخلية، فيما حوطت إحدى المدرعات الجنود لحمايتهم من طلقات الإرهابيين، من خلال الدوران حولهم، وإطلاق النيران من سلاحها.
وظل أفراد الشرطة يتبادلون إطلاق النيران مع الإرهابيين، بينما تعرضت إحدى المدرعات للهجوم بـ"آر بي جي"، فسارعت المدرعة الثالثة نحوها، وأخلت منها المصابين، ودارت حول الشرطيين من جديد مرتين.
خلال تلك اللحظة، حاول أحد أعضاء الخلية تصويب قذيفة "آر بي جي" نحو المدرعات لكنه لم ينجح بسبب بعدها عنه، واستمر تبادل إطلاق النيران بين الطرفين، في الوقت الذي وقف فيه الإرهابي "مالك" يصوب بالمتعدد نحو القوات، وحاول قائد التنظيم الإرهابي عماد الدين عبدالحميد، ضابط الصاعقة المفصول وشهرته "الشيخ حاتم"، إطلاق قذائف نحو المدرعات لكنها لم تصبهم.
وأوضح المسماري خلال التحقيقات، أن الشيخ حاتم حينما سمع استغاثة الأمن بالطيران، وقف فوق الجيل وخطَبَ "عليكم الأمان كل واحد يسلم نفسه"، وأمر شركائه بالنزول من "التبة" في اتجاه سيارات قوات الأمن، وعند وصوله نحوهم أخذ يخطب في الأمن، لكن الضابط "أحمد شوشة" قاطع كلامه، إلا أن الثاني طلب منه عدم الحديث.
وقال "المسماري" إن الشيخ حاتم طلب منهم الانسحاب إلى السيارات، فاقترح عليه الإرهابي "حسن" باحتجاز الضابط "محمد الحايس"، فوافق الأخير وأخدوا "الحايس" عنوة رفقتهم إلى منطقة جبلية أخرى غير التي شهدت الواقعة بـ3 سيارات، تاركين ورائهم ملابس ومياه وأطعمة، وأدوات حفر بئر مياه.
وأكمل: "استخبينا في الجبل والشيخ حاتم كلف الحركي حسن، أن يتولى مسئولية الحايس، ونبهنا كلنا أننا منتكلمش معاه ولما الطيران مكشفناش استقرينا في المكان ده لحد الفجر، واتحركنا بعدها 30 كليو في وادي الحيتان، واستقرينا في مكان آخر بهدف البعد مكان العملية لأن الطيران كان بيمشط بصفة مستمرة".
وذكر أنهم مكثوا في المكان سالف الذكر لمدة يوم، للارتياح من التنقل، وتبادلوا المراقبة في بينهم للأجواء المحيطة بهم، وجلس "الحايس" تحت مراقبة مرافقه، وعند المغرب مرَّ بجوارهم سيارة "جيب" غيرت من طريقها فور رؤيتهم "بليل لقينا الأباتشي جنب المكان، فتحركنا بعد ما الطيارة مشيت لمكان قريب على مسافة 10 كليو".
جابت الطائرة نطاق المنطقة، فاضطر الإرهابيون إلى التحرك على مدار 5 أيام في الاتجاه الجنوبي الغربي ناحية قرية البويطي، واستقروا في منطقة صحراوية قريبة منها، لصيانة سيارة، ومن ثمّ تحركوا بعد يومين للقرية نفسها لجلب مياه ووسائل "لحم" وبنزين.
وظل الإرهابيون في اتجاه قرية "البويطي" حتى وصلوا بالقرب منها على بعد 40 كيلو، فمكثوا 4 أيام، وفي اليوم الثالث حاولوا إخفاء أثر السيارات من "قصاص الأثر"، وساروا داخل مدق لإخفاء أثرهم حتى يوم 31 أكتوبر.
ارتكز الإرهابيون فوق تبة جبلية جديدة، ولاحظ أحدهم "حذيفة" أثناء وردية مراقبته قدوم 4 سيارات "جيب" نزل منهم أشخاص يبصرون على أثر أي حركة سيارات أو أقدام "عرفنا أن الناس دي بدو ومعاهم أمن وبيبحثوا عننا" - يقول "المسماري" في التحقيقات-.
انسحب أعضاء الخلية على الفور في الطريق المعاكس لقدوم سيارات الأثر ثلاثة كيلو، فسمعوا "صوت طيارة استطلاع بدون طيار" وظلوا يسيرون في طريقهم ثلاثة كيلو آخرين.
أوضح الإرهابي في التحقيقات، أنهم تعرضوا للقصف، ونجا منهم 9 إرهابيين، فروا هاربين جميهم دون الضابط "محمد الحايس": "معرفتش إذا كان عايش ولا مات"، وظل الإرهابيون يركضون داخل الجبال بعيدًا عن الطائرات في شكل طابور وراء بعضهم.
كان في آخر الطابور، الإرهابييّن "الشيخ حاتم"، وحسن"، مكثوا وراء تبة ليرتاحا، فقصفتهما طائرة بصاروخ قتلهما في لحظتها، وتبقى منهم 7 آخرين ظلوا يسيرون في الصحراء ناحية الجنوب، وعند حلول الليل قصفوا من جديد فمات منهم 6، وظل "المسماري" بمفرده.
وقال "المسماري"، إنه فر إلى منطقة جبلية حتى تم ضبطه من قبل رجال القوات المسلحة والشرطة.
يذكر أن المحكمة العسكرية أجلت محاكمة المتهمين في القضية لجلسة 23 مارس المقبل، ويواجه المتهمون في القضية اتهامات بارتكاب واقعتي الهجوم على قوة كمين 26 يوليو، واستهداف مأمورية شرطة بالكيلو 135 بالواحات البحرية، ما أسفر عن استشهاد 17 شرطيا ومدنيا واحدا (قصاص أثر).
فيديو قد يعجبك: