جريمة قتل موثقة.. كيف قتل حارس عقار وشقيقته السيدة الثرية بفيصل؟
كتب- محمد شعبان:
منذ شهرين، حضرت "نفيسة" إلى القاهرة قادمة من دولة الإمارات العربية المتحدة، فهي مصرية تحمل الجنسية الإماراتية. استقرت الخمسينية في شقة بمنطقة فيصل غرب محافظة الجيزة لتجاور شقيقتها التي تقيم بذات العقار الذي شهد الفصل الأخير في حياتها بطريقة دموية عنوانها "الخيانة".
منذ وطأت قدما السيدة الشقة، حرصت على توفير عامل الأمن لا سيما إقامتها بمفردها فجاء قرارها بتركيب كاميرات مراقبة في مختلف أرجاء مسكنها بما فيها غرفة النوم.
حركة دخول وخروج "نفسية" من العقار كانت محدودة، معتمدة في المقام الأول على البواب في شراء احتياجاتها ومساعدة شقيقته لها في الأعمال المنزلية.
لم تبخل "نفيسة" على حارس العقار وشقيقته الثلاثينية بالمال، واضعة فيهما ثقتها غير المحدودة كما لو أنهما ضمن أفراد عائلتها غير عابئة بما تقرؤه عبر شاشة هاتفها من جرائم قتل بدأت بثقة ليست في محلها.
نهاية الأسبوع الماضي، جمعت جلسة حارس العقار وصديقه يشكو كل منهما سوء أحواله وحاجته للمال. لحظات صمت بدا تأثيرها على صاحب الوجه الشاحب شارد الفكر؛ ليقطع ذلك صوت المحمول فأسرع للرد على شقيقته التي أخبرته "هجيب طلبات للست نفيسة".
سعادة ارتسمت على وجه البواب محدثا صديقه "لقيت حل هيخلصنا من الفقر والعيشة اللي تعبنا منها" ليبدأ في تفسير ما يجول في عقله.
مجلس قتل جمع حارس العقار وأخته وصديقه، اتفق ثلاثتهم على سرقة السيدة ذات الجنسيتين نظرا لثرائها وسهولة إتمام الأمر لإقامتها بمفردها.
مطلع الأسبوع الجاري لاحظت أخت "نفيسة" تغيبها عن الأنظار، فاتصلت بها دون رد، وتوجهت إلى شقتها للاطمئنان عليها لكن دون جدوى.
استعانت الأخت بمفتاح احتياطي منحتها إياها شقيقتها تحسبا لأي طارئ؛ لتكتشف الطامة الكبرى، عثرت عليها جثة مكبلة اليدين والقدمين وبها آثار ضرب بآلة حادة في منطقة الرأس، ووجود بعثرة في محتويات غرفة النوم.
دقائق معدودة كانت كفيلة أن تتبدل الأجواء بالشارع متراص الأبراج، رجال شرطة يطوقون العقار مع توافد قيادات البحث الجنائي وفرض كردون أمني ومنع حركة الدخول والخروج من العقار الذي بات مسرحًا لجريمة قتل.
منذ الوهلة الأولى بدت الصورة واضحة أمام العقيد محمد أمين مفتش فرقة الطالبية والعمرانية، جريمة قتل بدافع السرقة. كاميرات المراقبة المثبتة في الشقة رصدت الواقعة منذ لحظة دخول المتهمين الثلاثة.
استمع الرائد إسلام السيد رئيس مباحث الطالبية لأقوال شقيقة المجني عليها، التي تعرفت على اثنين من المتهمين "ده بواب العمارة وأخته.. بس معرفش مين التالت" مشيرة إلى عدم علمها ببيانتهما أو محل إقامتهما "لسه جايين من وقت قريب ومحدش يعرف عنهم حاجة".
مع انتهاء معاينة الأدلة الجنائية وفريق النيابة العامة لجثة الضحية والشقة، تم نقلها إلى مشرحة زينهم مع تعيين حراسة على الشقة تحت إشراف العميد أمين كمال مأمور الطالبية ونائبه المقدم خالد يسري.
بالعودة إلى ديوان القسم المطل على شارع الهرم، شكل العميد عاصم أبوالخير مدير المباحث الجنائية فريق بحث، وجه عناصره بتكثيف التحريات حول المتورطين الثلاثة وتتبع خط السير بتفريغ كاميرات المراقبة بالمنطقة محل الواقعة.
72 ساعة عكف خلالها المقدم مصطفى كمال وكيل فرقة الطالبية والعمرانية على جمع المعلومات حتى أمسك بطرف الخيط الذي قاده إلى اختباء المتهمين في إحدى ضواحي محافظة القاهرة هربا من ملاحقة الأمن مع تضييق الخناق عليهم وتتبع محلات بيع المصوغات الذهبية.
حانت "ساعة الصفر"، انطلقت مأمورية بقيادة المقدم مصطفى كمال وبمشاركة النقيبين أحمد حنفي ومحمد حبيب معاوني مباحث الطالبية تنسيقًا مع قطاع الأمن العام، أسفرت عن ضبط المتهمين بمحل اختبائهم وسط دهشتهم "إحنا ملحقناش نتصرف في الحاجة"، وبحوزتهم مبلغ 10 آلاف جنيه ومشغولات ذهبية وهواتف الضحية.
أمام العميد طارق حمزة رئيس قطاع الغرب، أدلى العقل المدبر باعترافات تفصيلية لجريمته، مبررا فعلته "محتاج فلوس والست ظروفها مرتاحة.. الشيطان لعب في دماغي".
وعن يوم الجريمة، قال حارس العقار -في العقد الرابع من العمر- إنه صعد رفقة شقيقته وصديقه، وطرقا باب الضحية بزعم سؤالها عن طلباتها. مع فتح السيدة للباب دفعها البواب بقوة وأحكم سيطرته عليها بمساعدة صديقه بعد كتم أنفاسها وتقييدها بالحبال بغرفة النوم، واعتدى عليها بآلة حادة بمنطقة الرأس فأرداها قتيلة.
واصطحبت قوة من القسم المتهمين إلى مسرح الجريمة لإجراء المعاينة التمثيلية بعد إسدال الستار على الواقعة تحت إشراف اللواء محمود السبيلي مدير مباحث الجيزة، بإحالتهم إلى النيابة العامة للتحقيق.
فيديو قد يعجبك: