المستشار خفاجي: دعوة ترامب لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء تحت ستار الإعمار جريمة ضد الإنسانية
كتب- أحمد أبو النجا:
يثور التساؤل عن أسباب الموقف الثابت لمصر – وهو موقف تاريخي – من رفض الدعوة الأمريكية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتهجير القسري للفلسطينيين إلى مصر والأردن، لتنفيذ مخطط التهجير القسري لسكان قطاع غزة إلى سيناء بحجة إعادة الإعمار. وذلك بعد أن فشلت إسرائيل في تخويف الشعب الفلسطيني بتنفيذ استراتيجية الجحيم في قطاع غزة بالقصف والحصار والتجويع الذي ثبت فوق أرضه. وما ترفضه مصر من تهجير بثبات، هو حفاظ على وطن فلسطين وعدم تصفية القضية الفلسطينية، وكذلك حفظ للأمن القومي المصري. وفي سبيل معركة الوعي القومي العربي والمصري، أجرى المفكر والمؤرخ القضائي القاضي المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة دراسة مهمة بعنوان (لماذا ترفض مصر التهجير القسري للفلسطينيين؟ والحل الأمثل لإنهاء الصراع: نظرات في التاريخ والوعي).
ونعرض للجزء الأول من دراسة الفقيه المصري في نقطتين: الأولى أن موقف مصر ثابت، فقد قادت 13 دولة عام 1948 لرفض نشأة إسرائيل وتقسيم فلسطين، وأمريكا قادت 33 دولة لنشأتها وتقسيم فلسطين (17% من العالم، والباقي تحت الاستعمار). الثانية أن دعوة الرئيس الأمريكي ترامب للتهجير القسري للفلسطينيين إلى سيناء تخالف الشرعية الدولية وتمحو الوجود الفلسطيني من سياق التاريخ، وتعيد ذكرى نكبة 1948.
مصر: موقفها ثابت في رفض نشأة إسرائيل وتقسيم فلسطين
يقول الدكتور محمد خفاجي: "إن موقف مصر ثابت منذ البداية، فقد قادت 13 دولة عام 1948 لرفض نشأة إسرائيل وتقسيم فلسطين. قادتهم للانسحاب، وأما الدول الـ13 التي رفضت نشأة إسرائيل وتقسيم فلسطين، على قمتها: مصر، اليمن، العراق، لبنان، سوريا، السعودية، إيران، باكستان، أفغانستان، كوبا، تركيا، الهند، واليونان".
ويشير: "عند إعلان نتيجة التصويت، قادت مصر الانسحاب من الاجتماع وتبعها المندوبون العرب، وأعلنوا كافة في بيان جماعي رفضهم للخطة واستنكارهم لها. الأمر الذي دعا جيمس فورستال، وزير الدفاع الأمريكي حينذاك، إلى تسجيل القول في مذكراته: 'إن الطرق المستخدمة للضغط على الأمم الأخرى في نطاق الأمم المتحدة كانت فضيحة'".
ويؤكد: "رؤية مصر عام 1948 كانت أن نشأة إسرائيل بتقسيم فلسطين منح 56.5% من فلسطين لليهود الذين كانوا يملكون 7% فقط من التراب الفلسطيني، وحرصًا على أراضي الأمة العربية مستقبلاً، لذا قادت 13 دولة لرفض قرار تقسيم فلسطين. وكان ذلك لسببين: الأول، أن الاقتراح منح 56.5% من فلسطين لليهود، وهم لا يملكون إلا 7% من الأرض. والثاني، التخوف من المستقبل على أراضي الأمة العربية، خشية أن تكون خطة التقسيم نقطة البداية لاستيلاء اليهود على المزيد من الأراضي العربية، وهو ما أثبت التاريخ صدق رؤية مصر".
أمريكا قادت 33 دولة لنشأة إسرائيل وتقسيم فلسطين (17% من العالم فقط والباقي تحت الاستعمار)
يقول الدكتور محمد خفاجي: "أمريكا قادت 33 دولة لنشأة إسرائيل وتقسيم فلسطين (17% من العالم فقط، والباقي تحت الاستعمار). إسرائيل نشأت بالغش، بموافقة 17% فقط من دول الأمم المتحدة وقتذاك، التي كانت تضم 57 دولة فقط، في وقت كانت فيه سائر دول العالم تحت نير الاستعمار".
ويضيف: "أما الدول الـ33 التي وافقت على نشأة إسرائيل بتقسيم أرض فلسطين العربية، فهي: أمريكا، فرنسا، الاتحاد السوفيتي، جنوب أفريقيا، ليبيريا، أستراليا، النرويج، آيسلندا، فنلندا، كندا، الجمهورية الأوكرانية السوفيتية الاشتراكية، بيلاروسيا السوفيتية الاشتراكية، الدانمارك، السويد، نيوزيلندا، بولندا، تشيكوسلوفاكيا، الفلبين، باراغواي، فنزويلا، أوروغواي، بيرو، بنما، كوستاريكا، البرازيل، جمهورية الدومينيكان، الإكوادور، بيرو، هولندا، لوكسمبورغ، غواتيمالا، هايتي، نيكاراغوا. أما الدول الـ10 التي امتنعت عن التصويت فهي: إثيوبيا، المملكة المتحدة، جمهورية الصين، يوغوسلافيا، الأرجنتين، تشيلي، كولومبيا، السلفادور، هندوراس، المكسيك. وكانت الدولة الوحيدة الغائبة هي تايلاند".
دعوة ترامب للتهجير القسري تخالف الشرعية الدولية وتعد جريمة ضد الإنسانية
يقول القاضي المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة: "إن دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتهجير القسري للفلسطينيين إلى مصر في سيناء تمثل عدوانًا على السيادة المصرية ومخالفة للشرعية الدولية، وستؤدي إلى محو الوجود الفلسطيني من سياق التاريخ". ويضيف: "التاريخ يقول أن 70% من سكان غزة هم لاجئون نزحوا قسريًا من إسرائيل خلال نكبة عام 1948 ولم تسمح لهم إسرائيل بالعودة إلى ديارهم حتى الآن".
ويضيف: "أي نقل قسري لبعض أو كل الفلسطينيين من غزة خارج ديارهم سيشكل انتهاكًا خطيرًا للقانون الإنساني الدولي، إذ تحظر المادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة النقل القسري للأشخاص المحميين إلى أي دولة أخرى. كما أن الترحيل والنقل القسري للسكان يعتبران جرائم ضد الإنسانية بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي يجب أن تجري تحقيقًا نشطًا في الوضع في غزة".
التهجير القسري للفلسطينيين تحت ستار الإعمار: جريمة ضد الإنسانية وأسوأ أنواع التطهير العرقي
يشير الدكتور محمد خفاجي إلى أن الدعوة التي تبناها الرئيس الأمريكي ترامب بشأن التهجير القسري للفلسطينيين في مصر والأردن تحت ستار إعادة الإعمار تشكل جريمة ضد الإنسانية. ويقول: "إن هذا التهجير يمثل نزوحًا قسريًا كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي ضد السكان المدنيين، وهو الأمر المجرم بموجب نظام روما". كما يعتبرها أسوأ أنواع التطهير العرقي، إذ يُعنى "التطهير العرقي" بسياسة مقصودة لإزالة السكان المدنيين من جماعة عرقية أو دينية أخرى باستخدام وسائل عنيفة ومثيرة للرعب.
من لا يملك منح السيادة لمن لا يستحق والسيادة لأصحاب الأرض: فلسطين
يقول الدكتور محمد خفاجي: "فلسطين دولة عربية كانت تحت الانتداب البريطاني منذ عام 1923 حتى 1948، وبعد انتهاء الانتداب، قررت سلطة الانتداب تسليم فلسطين للصهاينة عن طريق قرار تقسيم فلسطين الذي وافقت عليه منظمة الأمم المتحدة، بالمخالفة الجسيمة للقوانين الدولية".
ويختتم قائلاً: "قد قررت بريطانيا أوائل عام 1947 أنها غير قادرة على الحفاظ على الانتداب على فلسطين، وكان من الطبيعي حينما أنهت انتدابها أن تمنح السيادة لأصحاب الأرض، وهم الفلسطينيون. لكن بدلاً من ذلك، منحت ما لا تملك لمن لا يستحق، لإسرائيل".
فيديو قد يعجبك: