ما هي كمية الذهب الموجودة في العالم الآن؟
تخيل لو أنك أصبحت شخصا شريرا جدا قرر أن يمتلك كل الذهب في هذا العالم، ثم قرر أن يذيبه ليصنع منه مكعبا واحدا، فكم سيكون حجم هذا المكعب؟ هل مئات الأمتار المكعبة أم آلاف الأمتار؟
لكن بالتأكيد، ليس من المحتمل أن يكون شيئا بهذا الحجم.
ويقول وارين بوفيت، أحد أغنى المستثمرين في العالم، إن إجمالي كمية الذهب الموجودة في العالم اليوم، أي الموجود فوق الأرض، قد يشكل مكعبا تبلغ جوانبه نحو 20 مترا فقط (أي 67 قدما).
لكن هل هذا هو كل شيء؟ وكيف يمكننا أن نعرف ذلك؟
هناك رقم يستخدمه المستثمرون على نطاق واسع، وهو الرقم الصادر عن مؤسسة GFSM الاستشارية التابعة لشركة تومسون رويترز، والتي تصدر بيانا سنويا حول الذهب في العالم.
ويقدر الرقم الأخير لإجمالي كمية الذهب الموجودة في العالم وفقا لهذه المؤسسة بـ 171 ألف و300 طن، وهو تقريبا نفس حجم المكعب الذي ذكرناه.
وسيبلغ حجم المكعب المصنوع من هذه الكمية من الذهب نحو 20.7 متر لكل جانب، ويمكننا أن نقول بمعنى آخر أن هذا المكعب سيبلغ ارتفاعه 9.8 مترا فوق مستوى الأرض إذا وضعناه ليغطي بالضبط ملعب ويمبلدون الرئيسي للتنس.
لكن ليس هناك اتفاق من الجميع بشأن الرقم الصادر عن مؤسسة GFMS، فهناك إحصاءات تتراح ما بين 155 ألف و244 طن من الذهب إلى نحو 16 ضعفا لهذا الرقم، أي 2.5 مليون طن.
وهذا الرقم الأخير يمكن أن يصنع مكعبا من الذهب يبلغ طول كل جانب فيه 50 مترا (166 قدما)، أو عمودا من الذهب يبلغ طوله 143 مترا فوق ملعب ويمبلدون للتنس.
إذا لماذا الاختلاف بين هذه الأرقام؟
يعود ذلك جزئيا إلى أن الذهب يتم استخراجه منذ فترة طويلة جدا، تقدر بأكثر من ستة آلاف عام، وفقا للمؤرخ المتخصص في شئون الذهب تيموثي غرين.
حيث تم استخراج أول عملات ذهبية من المناجم عام 550 قبل الميلاد تقريبا، وذلك تحت حكم الملك كروسيس ملك ليديا، وهي مقاطعة توجد في تركيا حاليا، وأصبحت هذه العملات تستخدم للدفع للتجار وللجنود المرتزقة حول منطقة البحر المتوسط.
وفي الفترة ما قبل عام 1492، وهو العام الذي أبحر فيه كولومبوس إلى الولايات المتحدة، تقول مؤسسة GFMS إنه تم استخراج نحو 12 ألف و780 طنا من الذهب في هذه الفترة.
لكن جيمس ترك، وهو أحد المستثمرين الذين قاموا بدراسة البحوث المنشورة في هذا الشأن، ومؤسس شركة غولد موني، اكتشف ما قال إنه سلسلة من التقديرات المبالغة.
ويعتقد ترك أن الأساليب البدائية للتنقيب عن المعادن والتي كانت مستخدمة حتى فترة العصور الوسطى تعني أن هذه الأرقام عالية جدا، وأن الحجم الإجمالي الواقعي للذهب قبل عام 1492 هو 297 طنا.
ويقول ترك إن الحجم الإجمالي للذهب في العالم حاليا يبلغ 155 ألفا و244 طن، وهو ما يقل بنحو 10 في المئة عن الرقم الصادر عن مؤسسة GFMS التابعة لتومسون رويترز.
وهو فارق صغير نسبيا، لكنه يساوي أكثر من 95 مليار دولار وفقا لأسعار الذهب اليوم.
لكن هناك أيضا من يعتقدون أن كلا الرقمين قليل جدا مقارنة بالواقع، ومن بينهم جان سكويلز من شركة ريال أسيت للاستثمار في الذهب، والتي تقول: "في مقبرة توت عنخ آمون وحدها وجدوا أن تابوت الملك مصنوع من طن ونصف من الذهب، ولك أن تتخيل حجم الذهب الذي وجد في المقابر الأخرى التي نهبت قبل أن يتم تسجيل ما بها."
وتقول سكويلز إن الصين حتى اليوم "ليست منفتحة بما يكفي" فيما يتعلق بحجم الذهب الذي تقوم باستخراجه من المناجم، وفي بعض الدول مثل كولومبيا، "تجري الكثير من عمليات التعدين غير المشروعة."
ولكن سكويلز ليس لديها رقم محدد حول الحجم الإجمالي للذهب في العالم، لكن هناك منظمة تحاول أن تقوم ببعض الحسابات في هذا الشأن وهي معهد غولد استاندرد.
حيث يعتقد الخبراء في هذا المعهد أنه إذا تم إفراغ خزائن الذهب في البنوك، وصناديق المجوهرات، فسوف نجد ما لا يقل عن 2.5 مليون طن من الذهب، وذلك على الرغم من أنهم أقروا أن الأدلة التي لديهم متناثرة، وأن هذا الرقم يعبر عن توقعات إلى حد ما.
ويبقى السؤال: ما هو الرقم الصحيح؟ والإجابة هي: لا أحد يعلم.
وفي نهاية المطاف، تتكون كل هذه الأرقام من مجرد تقديرات تضاف إلى تقديرات أخرى، والتي تضاف بدروها إلى مزيد من التقديرات، وهكذا، وربما تكون كلها بعيدة عن الواقع.
والخبر السار في هذا الصدد هي أنه من غير المحتمل أن ينفد الذهب لدينا في أي وقت قريب، حيث تقدر هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية أن هناك 52 ألف طن من الذهب يمكن استخراجه من المناجم والذي لا يزال تحت الأرض، وأن هناك المزيد الذي يحتمل أن يكتشف أيضا.
والخبر غير السار هو أن الطريقة التي نستخدم بها الذهب بدأت تتغير، فحتى الآن لم يختفِ الذهب، وإنما كان دائما يعاد تدويره.
ويقول جيمس ترك: "كل الذهب الذي تم استخراجة عبر التاريخ لا يزال موجودا في شكل مخزون فوق سطح الأرض، وهذا يعني أنك إذا امتلكت ساعة من الذهب، فبعض الذهب في هذه الساعة ربما تم استخراجه من قبل الرومان منذ نحو ألفي عام."
لكن الطريقة التي يستخدم بها الذهب في الصناعات التكولوجية طريقة مختلفة، حيث تقول هيئة المسح الجيولوجي البريطانية إن نحو 12 في المئة من انتاج الذهب في العالم حاليا يجد طريقه إلى هذا القطاع التكنولوجي، حيث يستخدم في الغالب بكميات قليلة في كل منتج فردي، ولذلك ربما لا يعاد تدويره مرة أخرى بشكل اقتصادي.
وباختصار، ربما يجري حاليا "استهلاك" الذهب للمرة الأولى.
فيديو قد يعجبك: