خبراء: الحد الأدنى للأجور "مستحيل حاليًا" وتضارب الحكومة يزيد الاحتقان
كتب - مصطفى عيد وأحمد عمار:
بعد فترة من التصريحات التي خرجت من وزراء الحكومة الحالية حول تطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور، والتي أكدت مرارًا أنه تم تحديد القيمة والتطبيق أصبح وشيكاً، خرج الدكتور حازم الببلاوي رئيس مجلس الوزراء ليعلن أنه من الصعب تطبيق الحد الأدنى للأجور خلال الفترة الحالية، لعدم وجود ما يكفي لتطبيقها في الموازنة الحالية.
وكانت بداية تلك التصريحات، مع كمال أبو عيطة وزير القوى العاملة، في بداية تعينه خلال شهر يوليو الماضي، والذي أكد فيه أن قانون الحد الأدنى للأجور سيصدر خلال 3 أيام، وهو مالم ينفذ حتى الآن، ومن ثم قال أبو عيطة الأحد الماضي، ''إن مجلس الوزراء سيخرج بقرار نهائي خلال اجتماعه، بشأن رفع الحد الأدنى للأجور وتخفيض الحد الأقصى''، مضيفًا أن رئيس مجلس الوزراء أصدر تعليمات واضحة بالانتهاء من هذا الأمر لأهميته.
كما أكد الدكتور أشرف العربي وزير التخطيط، أن الحكومة ستعلن الأسبوع المقبل عن قيمة الحد الأدنى للأجور، والذي سيشمل إجمالي قيمة المزايا المادية والعينية التي يحصل عليها العامل البسيط غير المتمتع بأي مهارات، على أن يصدر الحد الأدنى بقانون وليس مجرد قرار من الحكومة.
وأوضح أشرف العربي وزير التخطيط في تصريحات له، عن دراسة منح حوافز خاصة للقطاعات التي قد تتضرر من زيادة قيمة الحد الأدني للدخل، وأنه سيطبق على جميع القطاعات والأنشطة الصناعية والخدمية في جميع أنحاء الجمهورية ولن يتم استثناء أي قطاع أو نشاط.
تضارب التصريحات يزيد الاحتقان
ومن جانبه، قال محمد وهب الله، رئيس النقابة العامة للعاملين بالتجارة، ونائب رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال، إن هناك تضارب سئ في تصريحات المسؤولين الحكوميين بشأن وضع حد أدنى للأجور خلال الفترة الحالية، موضحًا أن هذا الكلام يتردد من كل الحكومات التي أعقبت ثورة يناير 2011، وطيلة السنوات الثلاث الماضية.
وشدد خلال تصريحات هاتفية لمصراوي، اليوم الخميس، على ضرورة إعادة النظر في منظومة الأجور في مصر قبل وضع حد أدنى لها، وأنه آن الأوان إلى ضم العلاوات الاجتماعية إلى الأجر الأساسي عند وضع الحد الأدنى للتغلب على مشكلة نقص السيولة، بالإضافة إلى ضرورة دراسة وضع العاملين المعينين الذين يعملون منذ سنوات وأجورهم عند زيادة الحد الأدنى.
وطالب "وهب الله" المجلس القومي للأجور بسرعة الانعقاد ودراسة كيفية وضع حد أدنى للأجور طبقًا لقانون العمل، ووضع تعريف له، والشروط اللازمة لهذا التحديد.
ولفت إلى أن العمال قد يصابون بالإحباط نتيجة تضارب التصريحات الحكومية والوعود بوضع حد أدنى للأجور ثم التراجع عنه، ولكنهم متفهمون أن الاقتصاد المصري في وضع خطير الآن وأن عليهم أن يعملوا لاستعادة الأوضاع الاقتصادية كما كانت أو أفضل ثم الحصول على كامل حقوقهم بعد ذلك.
من جانبه، اعتبر محمد البهي، عضو اتحاد الصناعات المصرية، ورئيس لجنة الضرائب، إن تطبيق الحد الأدنى والأقصى من الأمور الشائكة، والتي ينبغي أن ينظر إليها على المدى البعيد، والآثار السلبية المترتبة عليها، منوهاً إلى أن نحو 40 بالمئة من موظفي الحكومة وقطاع الأعمال مرتباتهم أقل من 700 جنيه، وأنه هناك ضرورة أن يعاد النظر في كل مرتبات الدولة.
وقال في تصريح هاتفية لمصراوي، اليوم الخميس، أن زيادة الحد الأدنى بحاجة إلى توفير الموارد المالية اللازمة لتغطية العجز الذي سينتج عن هذا في الموازنة، قائلًا :" فمن غير المنطقي أن يستقيم تطبيق قانون الحد الأدنى والأقصى وهناك تناقص في موارد الدولة، ولذلك لابد على الحكومة أن تفكر خارج الصندوق".
وأكد على أن القطاع الخاص بشكل عام والصناعي بشكل خاص يسدد أعلى مرتبات في مصر لعماله، قائلاً''القطاع الصناعي يطبق بالفعل الحد الأدنى وليس بحاجة إلى ذلك، ولكي يتم تحديد حد أدنى له لابد أن يكون على أساس العامل المتدرب، حيث لاتجبر صاحب المصنع على سداد حد أدنى لعامل لايجيد، ويتساوى مع المتدرب، كما أن هناك العمال في القطاع الخاص والصناعي يصل راتبهم لـ3000 و4000 جنيه''.
وعن التصريحات المتضاربة للحكومة حول تطبيق الحد الأدنى والأقصى، قال ''مثل تلك التصريحات تؤدي لحدوث بلبلة في الشارع المصري، وتزيد من حدة الاحتقان لدى العامل لأنها ترفع من سقف الطموحات مما يؤدي إلى تفاقم الوضع، وعلى الحكومة أن تعلم أن كل تصريحاتها محسوبة عليها، وعلى الدكتور حازم الببلاوي وهو على رأس الحكومة أن تخرج منه تلك التصريحات فقط حتى لاتؤدي إلى إحداث بلبلة''.
وأضاف ''وعلى الحكومة أن تتعامل مع الوضع القائم، من خلال بناء عقد مع الموظف، أي تقوم الحكومة بالفعل بزيادة المرتبات بنحو 20% على أن يزداد تدريجياً كلما تحسن في أداء عمله وزاد إنتاجه والتحسن يكون مستمر''.
استحالة تطبيقه في الوقت الحالي
وفي نفس الإطار، أكد وجدي الكرداني نائب رئيس اتحاد الغرف السياحية، استحالة تطبيق الحكومة للحد الأدنى للأجور في ظل الظروف الحالية لأنها والقطاع الخاص يعانيان من نقص في السيولة بسبب توقف النشاط الاقتصادي، وأن تطبيق حد أدنى للاجور سيجبر الحكومة على طباعة نقود دون غطاء وهو ما سيرفع من معدلات التضخم، في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة الحالية.
وأبدى "الكرداني" تفهمه خلال تصريحاته الهاتفية لمصراوي، اليوم الخميس، لحديث الدكتور حازم الببلاوي رئيس الحكومة الحالية على عدم قدرته على رفع الحد الأدنى للأجور، لأن الموضوع معقد جدًا - على حد وصفه -، وأن من الأفضل مصارحة الشعب بالحقائق الاقتصادية الحالية عن أن يتم وعده بوعود كاذبة.
ونبه إلى أن هناك عدد من القطاعات التي تعاني من التهلهل وتوقف النشاط، مثل قطاع البناء والتشييد الذي يدين الحكومة وبالتالي غير قادر على دفع المرتبات للعاملين بسبب عدم سداد الحكومة لمستحقاته، بالإضافة إلى قطاع النسيج الذي أغلق عدد من مصانعه أبوابها خلال الفترة الماضية، موضحًا أن قطاع السياحة ليس له دخل حاليًا وأن 34 بالمئة من العاملين فيه تخلوا عن أعمالهم طواعية، بالإضافة إلى تسريح 16 بالمئة أخرى، والاتفاق مع العمالة الباقية على تخفيض فترات العمل أو تخفيض الأجر.
وتابع: "بالنسبة لنا في قطاع السياحة، إذا تم تطبيق حد أدنى للأجور للعاملين بالقطاع سنقول للحكومة ادفعي أنتِ".
وأشار "الكرداني" إلى أن المجلس القومي للأجور يمكنه العمل في الفترة الحالية على تحديد حد أدنى للأجور، ولكن تطبيقه سيكون "حين ميسرة"، منوهًا إلى أن التضارب الحكومي بشأن هذا الأمر سيكون له تأثيرًا بالتأكيد على العمال، والذي قد يصل إلى حدوث بعض المظاهرات الفئوية، ولكنه يرى أنها لن تنتشر أو تطول بسبب إيمان العمال بالحكومة الحالية - على عكس حكومة النظام السابق - وتفهمهم للموقف الحالي، وصعوبة رفع الأجور.
ولكنه انتقد في نفس الوقت عدم قدرة الحكومة على تهيئة الظروف لعمل القطاعين العام والخاص، والعودة إلى الإنتاج بسبب الأحداث الحالية، ولفت إلى أن رفع الحد الأدنى للأجور وتطبيقه على الجميع سيزيد حجم البطالة في البلاد، لأنه سيتم الاستغناء عن بعض العمال في سبيل رفع أجور آخرين بسبب الميزانيات المحدودة لأصحاب الأعمال.
واعتبر الدكتور حسين عمران خبير اقتصادي، إن قانون الحد الأدنى والأقصى، ليس مشكلته في الطريقة الحاسبية وتطبيقه، وإنما في كيفية توفير الموارد، في رفع متوسط دخل الفرد في الحكومة.
وقال في تصريح هاتفي لمصرواي، أنه في الفترة الانتقالية دائماً ما يتم ارجاء القوانيين والقرارات الصعبة حتى تستقر الأوضاع، والقدرة على إخراج الكاءات المطلوبة لتطبيق الحد الأقصى.
وشدد على أن تطبيق القانون يحتاج إلى ضبط الحد الدنى مع الأقصى حتي يستطيع توفير موارد، حيث أن الموازنة العامة للدولة، تعاني من فجوة بين الإنفاق والذي يأخذ منه مرتبات قطاع الأعمال الربع، وبين الدخل.
وأضاف ''وقرار الدكتور حازم البببلاوي حول تأجيل الحد الأدنى صائب، لأنه بحاجة إلى مجموعة من السياسيات وتوفير الموراد، خصوصاً في الفترة الحالية التي تمر بها مصر، أما ماأعلنه الدكتور أشرف العربي حول تحديد قيمة الحد الأدنى والأقصى فهذا ليس صعباً، وهو دور وزارة التخطيط في تقديم الدراسات، ولكن التطبيق متعلق أكثر برئاسة الوزراء والمالية''.
الحد الأقصى والأدنى لحكومة قنديل
وكانت حكومة الدكتور هشام قنديل السابقة، أعلنت أنه سيتم البدء في تطبيق الحد الأقصى والأدنى للأجور بدءاً من شهر مايو.
وقال وزير المالية وقتها، أن على من يحصل على ما يزيد عن الحد الأقصى (35 ضعف الحد الأدنى الذي يختلف بحسب القطاعات) أن يقدم إقراراً لمصلحة الضرائب قبل نهاية شهر مايو، وأن يسدد ما يزيد عن الحد الأقصى للمصلحة.
وفي شهر مايو، خاطبت المالية كل الوزارات والهيئات العامة، ووحدات الإدارة المحلية لتطبيق قانون الحد الأقصي للأجور وربطه بالحد الأدنى وفقاً للقواعد التنفيذية التي حددها المنشور رقم (1) لسنة 2013.
وحددت المالية في ذلك الوقت، 6 قواعد تنفيذية، وحذرت الوزارة، كل من يمتنع عن تقديم الإقرار في الميعاد المحدد، أو عدم رد المبالغ الزائدة عن الحد الأقصى أنه سيعاقب بغرامة لا تقل عن 25% ولا تجاوز 100% من قيمة ما حصل عليه من دخول تزيد عن الحد الأقصى مع إلزامه بسداد تلك الغرامة، ورد ما تقاضاه بالزيادة إلى الجهة الإدارية التي يتبعها لردها إلى الخزانة العامة للدولة.
فيديو قد يعجبك: