صندوق النقد العربي: الدول المصدرة للنفط بدأت التنويع في اقتصاداتها
القاهرة - (أ ش أ):
قال عبد الرحمن الحميدي المدير العام ورئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، إن جهود ومساعي الدول العربية لاستعادة مسار التنمية والارتقاء بمعدلات النمو الشامل القابل للاستمرار لاقتصاداتها تواجه تحديات بسبب الانخفاض في الأسعار العالمية للنفط والتطورات والمستجدات السياسية والاقتصادية والدولية.
وأضاف الحميدي - في كلمته خلال اجتماع الدورة الـ39 لمجلس محافظي المصارف المركزية العربية ومؤسسات النقد العربية بالقاهرة اليوم الأحد - أن تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي والنمو المحدود لحجم التجارة الدولية، إلى جانب الظروف الإقليمية التي تواجه الاقتصادات العربية، من شأنها جميعًا أن تؤثر على وتيرة النمو في عدد من الدول العربية وتنعكس على قدرتها على حفز مستويات الطلب المحلي وتوفير المزيد من الوظائف.
وأشار إلى أن الاقتصاد العالمي لم يسجل تعافيًا ملحوظًا خلال عام 2015 كما كان متوقعًا له في بداية العام بما يعكس الأداء غير المتوقع لبعض الاقتصادات المتقدمة، إضافة إلى تراجع وتيرة النمو في بعض الدول النامية والاقتصادات الناشئة على الرغم من الأثر التحفيزي الناتج عن استمرار السياسية النقدية التيسيرية وتراجع الأسعار العالمية للطاقة.
ونوه إلى أنه في ظل الانخفاض في أسعار النفط وأثره على آفاق النمو للدول العربية المصدرة له، فإن هذه الدول حرصت على مواصلة إستراتيجيتها الهادفة إلى دعم نمو القطاعات غير النفطية وتبني زيادة مستويات التنويع الاقتصادي من خلال سياسات مالية معاكسة للدورة الاقتصادية لتجنب التقلبات الحادة في النشاط الاقتصادي.
وأوضح الحميدي أن مواصلة الاستثمار في مشاريع البنية التحتية والمضي قدمًا في تنفيذ عدد من الإصلاحات الهيكلية الضرورية التي تساهم في دعم وتيرة النمو وحفز النشاط الاقتصادي ستساعد على التخفيف من آثار التقلبات في الدورة الاقتصادية وتعزز من قدرة وكفاءة اقتصادات هذه الدول على التحرك باتجاه تحقيق النمو الشامل المستدام.
وشدد على أن الإصلاحات الاقتصادية المنفذة، إلى جانب الانخفاض في أسعار النفط العالمية، أسهم في تخفيف حدة الاختلالات في الدول العربية المستوردة للنفط، مشيرًا إلى أن تعزيز فرص النمو لدى هذه الدول يرتبط بمواصلة الإصلاحات الهيكلية لتحسين بيئة الأعمال بما يشجع على جذب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، ويعمل على زيادة مستويات الإنتاجية والتنافسية.
ونوه إلى أن تقديرات صندوق النقد العربي تشير إلى أن الاقتصادات العربية ستحقق معدل نمو يبلغ 2.8 بالمئة عن العام الجاري، لترتفع إلى 3.5 بالمئة عن العام المقبل، وذلك من خلال الاستفادة من التحسن المتوقع لآفاق النمو في كل من الاقتصادات المتقدمة والناشئة.
واعتبر الحميدي أن وتيرة النمو الحالية لا تزال دون المستوى، والذي من شأنه أن يمكن الدول العربية من تحقيق تقدم على صعيد خفض معدلات البطالة والفقر، حيث لا يزال ارتفاع معدلات بطالة الشباب يمثل أحد أهم التحديات الاقتصادية التي تواجه المنطقة العربية التي تسجل أعلى معدل لبطالة الشباب على مستوى العالم.
وأكد أن الدول العربية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود لتعزيز مساهمة القطاع الخاص في توليد الناتج وخلق فرص عمل في بيئة دولية وإقليمية تشهد الكثير من التحديات، وهو ما يتطلب من الدول العربية التركيز بشكل أكبر على خلق بيئة أعمال مواتية قادرة على جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، إضافة إلى مواصلة جهود تحسين الوصول للتمويل والخدمات المالية.
ولفت إلى أنه انطلاق من إدراك صندوق النقد العربي وحرصه على تقديم كافة أشكال الدعم للدول العربية، عمل الصندوق على تطوير إستراتيجية للسنوات الخمس المقبلة تأخذ بعين الاعتبار التغيرات في الاحتياجات الراهنة والمستقبلية والأولويات الاقتصادية للدول العربية.
وأشار الحميدي إلى أن إستراتيجية الصندوق تعمل على ثلاثة توجهات أو ركائز أساسية تتمثل في تعزيز فرص النمو الشامل القابل للاستمرار للاقتصادات العربية، وتقوية التعاون والتكامل الاقتصادي والمالي والنقدي العربي، والعمل على إرساء مقومات ومؤسسات اقتصادية ومالية أكثر كفاءة وحوكمة في الدول الأعضاء.
وأوضح أن الأهداف الإستراتيجية تنطوي على عدد من الأنشطة والبرامج ومحاور العمل، فإلى جانب تطوير التسهيلات الإقراضية وتوسيع أنشطة المعونة الفنية لدعم فرص تحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي، سيولي الصندوق اهتمامًا خاصًا بقضايا تعزيز الشمول المالي وتطوير أسواق التمويل المحلية وتقوية البنية التحتية للقطاع المالي بما يسهم في تقوية فرص وصول المشروعات الصغيرة والمتوسطة للخدمات المالية.
ونبه إلى أن الصندوق سيعمل أيضًا على تطوير القدرات التحليلية والنشاط البحثي عبر إطلاق مجموعة من التقارير الدورية وتطوير الإحصاءات الاقتصادية والمالية المتاحة، إلى جانب تنمية وتكثيف برامج وأنشطة التدريب وبناء القدرات.
وقال الحميدي إن الصندوق سيعمل على تنشيط دوره كأمانة لمجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية ومجلس وزراء المالية العرب بما يؤدي إلى تطوير أنشطة هذين المجلسين واللجان وفرق العمل المنبثقة عنهما، كما سيسعى إلى تعزيز برامج ومبادرات دعم التكامل الاقتصادي والمالي والنقدي العربي.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: