بعد تقرير ياباني.. هل يواجه سعر صرف الجنيه أمام الدولار أزمة جديدة؟
كتب- مصطفى عيد:
استبعد محللون اقتصاديون، أن يتعرض سعر صرف الجنيه لأزمة جديدة، في المدى القصير، وذلك ردا على تقرير حديث لبنك الاستثمار الياباني "نومورا" اعتبر أن مصر أحد الأسواق الناشئة المهددة بحدوث أزمة في سعر صرف عملتها خلال الـ 12 شهرا المقبلة.
وقال المحللون، إنه على العكس مما ذكره التقرير، فإن الفترة الأخيرة شهدت زيادة في المعروض من العملة الصعبة، مع تحسن موارد العملات الأجنبية وهو ما يدعم الجنيه المصري.
ووصفت رضوى السويفي رئيسة قسم البحوث ببنك الاستثمار فاروس، ما ذكره تقرير بنك الاستثمار الياباني عن احتمالية حدوث أزمة سعر صرف في مصر أنه "مجرد تهويل يعبر عن عدم إدراك المحللين به لما يحدث من تطورات في الاقتصاد المصري".
وكان تقرير لبنك الاستثمار الياباني نومورا، نقلته عدد من وسائل الإعلام منها بلومبرج وفينانشيال تايمز، قال إن مصر إحدى 7 اقتصادات ناشئة مهددة بحدوث أزمة في أسعار الصرف خلال الـ 12 شهرا المقبلة.
وجاءت مصر في المركز الخامس ضمن الدول السبعة، على حسب المؤشر المتعلق بتوقعات أزمات سعر الصرف في 30 اقتصادا ناشئا، مسجلة 111 درجة، بينما تصدرت سيريلانكا دول المؤشر مسجلة 175 درجة.
وتشير الدرجة الأعلى من 100 نقطة ضمن هذا المؤشر إلى وجود ضعف في أزمة سعر الصرف في الأشهر الـ 12 المقبلة، بينما تشير القراءة فوق 150 درجة إلى أن الأزمة قد تندلع في أي وقت.
وشملت بقية الدول التي ذكرها المؤشر، جنوب أفريقيا في المركز الثاني، والأرجنتين الثالث، وباكستان الرابع، وتركيا السادس، وأوكرانيا السابع.
وقالت رضوى، إنه "أصبح من الطبيعي والمقبول بعد تعويم الجنيه أن تفقد العملة في حدود 5% من قيمتها في المتوسط كل عام، وهو ما لا يعبر عن أي أزمة في العملة، وذلك على حسب التدفقات الدولارية الداخلة إلى مصر أو الخارجة منها".
ويشهد سعر الصرف استقرارا نسبيا منذ بداية العام، ويدور متوسط سعر صرف الدولار في السوق المصري منذ بداية سبتمبر الجاري حول 17.85 جنيه للشراء و17.95 جنيه للبيع، وفقا لبيانات البنك المركزي المصري.
وكانت مصر شهدت أزمة نقص حاد للعملة الصعبة قبل تعويم الجنيه في نوفمبر 2016، والتي أدت إلى تداول الدولار في السوق السوداء بما يصل إلى ضعف سعره الرسمي في بعض الأوقات.
لكن بعد التعويم واتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي، والتحسين التدريجي في السياحة وعودة استثمارات الأجانب في أدوات الدين، استقر سعر الصرف إلى حد كبير.
وقالت رضوى لمصراوي، إن الواقع يشير إلى أن سعر صرف الجنيه لن يتعرض لضغوط على المدى القصير بين 6 أشهر إلى عام، وهي المدة التي يتحدث عنها تقرير هذا البنك، وهو ما اتفقت معه عالية ممدوح كبيرة الاقتصاديين ببنك الاستثمار بلتون.
وقالت عالية ممدوح: "لا أعتقد أن تحدث أزمة في سعر الصرف في مصر خلال الفترة المقبلة. مستوى الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي كافٍ للوفاء بالالتزامات دون ضغط قوي علي الجنيه".
ويعد الاحتياطي من النقد الأجنبي أحد العوامل التي يبني بنك الاستثمار الياباني تقييمه للأسواق التي يستهدفها المؤشر الذي يصدره، إلى جانب مستويات الديون وأسعار الفائدة وتغطية الاستيراد.
وقالت رضوى إن ما يفند ما يستنتجه المؤشر، هو أن احتياطي النقد الأجنبي الذي يعتبر أحد عوامل تقييمه، يزيد على المستوى المستهدف عند 36 مليار دولار حاليا بأكثر من 8 مليارات دولار وبالتالي حتى لو حدث أن تراجع الاحتياطي سيصل إلى المستوى الذي كان مستهدفا أصلا.
وبحسب بيانات البنك المركزي، واصل احتياطي النقد الأجنبي ارتفاعه خلال أغسطس الماضي للشهر الـ 22 على التوالي بنحو 104 ملايين دولار، ليسجل بنهاية الشهر نحو 44.419 مليار دولار.
وجاء ارتفاع الاحتياطي بالرغم من خروج حوالي 6 مليارت دولار من استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومي، خلال الفترة من مارس وحتى نهاية يوليو الماضي، بحسب تصريحات لأحمد كجوك نائب وزير المالية، الذي قال إن رصيد الأجانب في نهاية يوليو حوالي 17.1 مليار دولار، وذلك مقابل نحو 23.1 مليار دولار في نهاية مارس.
وتتعرض مصر كأحد الأسواق الناشئة لموجة خروج لاستثمارات الاجانب وذلك مع ارتفاع الدولار الأمريكي ارتفاع الفائدة في بعض الأسواق مثل تركيا والأرجنتين.
وقالت عالية إن التطورات الإيجابية في جانب العرض من العملة الاجنبية، ستدعم الجنيه بشكل أقوى، حيث أن الانتعاش الأساسي الذي يحدث حاليا في القطاع الخارجي مع نمو الصادرات، والسياحة، وزيادة إمدادات الغاز المحلي وخفض الاستيراد، سيحد من الضغوط على الجنيه المصري.
"ليس هناك أي مؤشرات تلمح إلى أن مصر قد تمر بأزمة في أسعار الصرف بل على العكس، فمن ضمن المؤشرات الإيجابية توفير المبالغ التي كان يتم استيراد الغاز الطبيعي بها بعد الوصول إلى الاكتفاء الذاتي"، بحسب ما قالته رضوى.
ومن المتوقع أن تحقق مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي مع نهاية العام الحالي مع زيادة إنتاج حقل ظهر العملاق في البحر المتوسط والذي تم وضعه على الإنتاج بدءا من ديسمبر الماضي بين 4 حقول بدأت الإنتاج في 2017.
وأشارت عالية إلى أن تضييق الفارق بين التضخم في مصر والولايات المتحدة مع تراجعه في مصر سيوفر دعما آخر للجنيه.
وعاد التضخم السنوي في مصر إلى الارتفاع خلال أغسطس الماضي إلى 13.6% لإجمالي الجمهورية مقابل 13% في يوليو، ولكن محللين وصفوا هذا الارتفاع بأنه مؤقت وأنه سيعود للانخفاض بعد انحسار تأثير قرارات رفع أسعار الوقود والكهرباء، وأيضا العوامل الموسمية مثل دخول المدارس.
وقالت عالية "نعيد التأكيد على وجهة نظرنا بشأن وجود عملة محلية مستقرة بأقل قدر من التقلبات، تحت مستوى 18 جنيها للدولار خلال عام 2018".
وكان بنك الاستثمار كابيتال إيكونوميكس توقع في تقرير صدر مؤخرا أن ينخفض سعر الجنيه أمام الدولار 10% خلال العامين المقبلين، ليصل سعر الدولار إلى 19 جنيهًا العام المقبل ثم إلى 20 جنيهًا بنهاية 2020، وذلك مع توقعه بتخفيف السلطات "تدخلها" - في رأيه - لدعم الجنيه خلال الفترة المقبلة، بضغط من صندوق النقد الدولي.
ولكن طارق عامر محافظ البنك المركزي قال على هامش مؤتمر جمعية البنوك المركزية الأفريقية الشهر الماضي بشرم الشيخ، إن التوقعات بارتفاع سعر الدولار إلى 20 جنيها خلال الفترة المقبلة ليست مبنية على أساس.
وأشار عامر وقتها إلى أن "مصر أصبح لديها احتياطي قوي تستطيع التدخل به في سوق الصرف في أي وقت قد يتطلب التدخل، بالإضافة إلى زيادة التدفقات من العملات الأجنبية بحسب بيانات ميزان المدفوعات"
وكان تقرير صدر مؤخرا عن وحدة الاستخبارات الاقتصادية التابعة لمجموعة الإيكونوميست، توقع أن يرتفع سعر الجنيه مقابل الدولار تدريجيا، ليصل إلى 17.74 جنيه للدولار في 2019 مقابل 17.85 جنيه العام الحالي، ثم إلى 17.53 جنيه للدولار في 2020، و17.25 جنيه للدولار في 2021، و16.94 جنيه للدولار في 2022.
فيديو قد يعجبك: