إعلان

تهاوي الليرة وتعليق مفاوضات صندوق النقد.. لبنان يواجه أزمة اقتصادية غير مسبوقة

03:59 م الأحد 05 يوليو 2020

الليرة اللبنانية

كتبت- ياسمين سليم:

دخل لبنان أزمة اقتصادية غير مسبوقة، لا يعرف مداها أحد، بعدما تهاوى سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار وطالت مفاوضات صندوق النقد الدولي مع لبنان بشأن خطة إنقاذ لبيروت.

وشهد لبنان على مدار الأيام الماضية مظاهرات ومسيرات احتجاجية، تنديدا بالتدهور الحاد في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.

ووصل سعر صرف الدولار الواحد إلى 10 آلاف ليرة بنهاية الأسبوع الماضي، في السوق السوداء، قبل أن تسترد الليرة جزءًا من عافيتها وتبلغ 8500 ليرة للدولار الواحد.

ويبلغ سعر الدولار في السوق الرسمي ما بين 3850 - 3900 ليرة للدولار.

ويعاني لبنان من نقص في تأمين الخدمات الرئيسية، وترهل بنيته التحتية وتفشي الفساد، وهو أسوأ انهيار اقتصادي منذ عقود.

أزمة اقتصادية مستمرة

منذ عام 2018 دخل لبنان في انكماش اقتصادي بنسبة 1.9% وارتفعت النسبة إلى 5.6% في العام الماضي، بحسب بيانات البنك الدولي.

ويتوقع البنك أن يحقق لبنان انكماشًا نسبته 10.6% في العام الحالي.

وفي مارس الماضي أعلن لبنان أنه سيتخلف عن سداد ديون مستحقة عليه بالعملة الأجنبية، وبدأت في مفاوضات مع الدائنين لإعادة هيكلة الديون.

ويبلغ حجم الدين العام 150% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي ثالث أكبر دولة مدينة عالميًا من حيث نسبته للناتج المحلي.

وتبلغ خدمة فوائد الديون في العام الماضي 2.6 مليار دولار بما يمثل 46% من إجمالي الإيرادات.

وفي 2018 قدرت نسبة اللبنانيين الفقراء بثلث عدد السكان، ويتوقع البنك الدولي أن يصل نسبة الفقراء في لبنان 50% إذا تفاقم الوضع الاقتصادي سوءًا.

مفاوضات لا تنتهي مع صندوق النقد

ومنذ تخلف لبنان في مارس عن تسديد ديونه الخارجية، للمرة الأولى في تاريخه، أقرت الحكومة في أبريل الماضي خطة اصلاح اقتصادية، طلب لبنان على أساسها مساعدة من صندوق النقد الدولي.

ويأمل لبنان الحصول على دعم دولي يقدّر بأكثر من 20 مليار دولار للخروج من أزمته، بينها 11 مليار دولار أقرها مؤتمر سيدر في باريس عام 2018 مشترطاً إجراء إصلاحات لم تر النور أبدًا.

ومنذ مايو الماضي يعقد مسؤولون لبنانيون وصندوق النقد الدولي اجتماعات متلاحقة للوصول لاتفاق، لكن المفاوضات تسير ببطء شديد، كما أن لبنان أعلنت تعليقها نهاية الأسبوع الماضي.

ويوم الجمعة الماضي أعلن وزير المالية اللبناني غازي وزني إن محادثات لبنان مع صندوق النقد الدولي، عُلقت في انتظار بدء لبنان تنفيذ الإصلاحات بأسرع وقت ممكن.

وتقول دوتشيه فيله إن تعقد المفاوضات يأتي لأسباب من أبرزها مطالب الصندوق بإصلاحات جذرية تشمل خصخصة مؤسسات الدولة وتطال مصالح النخب الطائفية المهيمنة على صناعة القرار السياسي اللبناني، وهو الأمر الذي ترفضه الأخيرة دون أن تقدم بدائل لعملية الإصلاح.

وهذا يفسر الاستقالات التي تمت داخل الفريق الحكومي اللبناني الذي يجري المفاوضات خلال الأيام الماضية.

وقدم مستشار وزير المالية، هنري شاوول، ثم المدير العام لوزارة المالية، آلان بيفاني، استقالتهما اعتراضًا على عدم السير في تنفيذ الخطة والإصلاحات الموعودة.

وقال شربل قرداحي، خبير الاقتصادي وعضو المشارك في المفاوضات مع صندوق النقد، لمجلة فوربس الشرق الأوسط الأسبوع الماضي، إن "الحكومة اللبنانية أعدت خطة إنقاذ مالي شاملة في شهر إبريل، أقرها مجلس الوزراء، إلا أن هناك أطرافًا في لبنان لا تريد التفاوض مع صندوق النقد".

وبحسب قرداحي فإن هذه الأطراف تعتقد أن الإصلاحات ستأخذ من امتيازات كانت تكونت عبر الزمن لها.

وتأتي أبرز الأطراف التي تعترض على الإصلاحات المصرف المركزي اللبناني وجمعية مصارف لبنان التي تمثل البنوك العاملة في البلاد، بحسب قرداحي.

والمعروف في لبنان أن البنوك العاملة في البلاد تقرض الحكومة اللبنانية بديون كبيرة تجعلها تتحكم في سياسات الدولة واتجهاتها السياسية وهو ما يفسر هتافات المتظاهرين في بيروت "يسقط يسقط حكم المصرف".

وتقترح جمعية المصارف بيع جزء من ممتلكات لبنان، لتتمكن من سداد الاستحقاقات التي عليها وانقاذ الاقتصاد المتعثر.

ونقلت صحيفة الإندبندنت عن ستيف إتش هانكي، أستاذ الاقتصاد في جامعة جونز هوبكنز قوله إن "البلاد على بعد أسابيع فقط من التضخم المفرط الرسمي"، مضيفا أنه "إذا حدث ذلك، فسيكون علامة على التضخم المفرط لأول مرة في الشرق الأوسط والمرة الحادية والستين في التاريخ".

ويبلغ معدل التضخم في لبنان 500 نقطة أساس على أساس سنوي، و 124 نقطة أساس مقارنة بالشهر الماضي.

والتضخم المفرط، هو معدل ارتفاع الأسعار بنسبة كبيرة يقدرها الاقتصاديون بنسبة 50% في الشهر، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار معظم السلع أو كلها ويلجأ وقتها الأشخاص لتحويل الممتلكات التي يمتلكونها بهذه العملة إلى عملة أخرى أكثر استقرارًا.

وحذرت مارتين كولرتس، الأستاذ المساعد في برنامج الأمن الغذائي في الجامعة الأمريكية في بيروت، من أنه في ظل ارتفاع الأسعار، سيعتمد ثلاثة أرباع سكان لبنان البالغ عددهم 6 ملايين نسمة على المساعدات الغذائية بحلول نهاية العام.

وبحسب تقرير لمجموعة الأزمات الدولية فإن الأزمة الاقتصادية الراهنة غير مسبوقة في تاريخ البلاد، مشيرة إلى أن لبنان يحتاج إلى مساعدات خارجية ملحّة لتفادي أسوأ العواقب الاجتماعية.

وسيكون أمام لبنان خيارات معدودة على الأصابع خلال الأيام المقبلة، في ظل احتجاجات شبه يومية وتدهور متلاحق لليرة اللبنانية واختفاء السلع الأساسية من الأسواق.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان