كيف يمكن تحقيق حلم السيسي برفع صادرات مصر إلى 100 مليار دولار سنويا؟
كتب- مصطفى عيد:
أكد عدد من المصدرين أن الوصول بقيمة الصادرات المصرية إلى 100 مليار دولار خلال السنوات المقبلة هدفا ليس مستحيلا، بل من الوارد جدا تحقيقه إذا توافرت بعض الشروط والظروف المناسبة لذلك خلال الفترة المقبلة.
وأشار المصدرون، الذين تحدثوا لمصراوي، إلى أن حديث الرئيس عن إمكانية الوصول بقيمة الصادرات إلى هذا الرقم خلال الأعوام المقبلة يعني أنه ربما يخطط لتهيئة الظروف المناسبة وتقديم الدعم اللازم لتحقيق هذا الهدف.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قال خلال افتتاح المنطقة الصناعية للغزل والنسيج بالروبيكي، الأسبوع الماضي، إنه يطمح الوصول بقيمة الصادرات المصرية إلى الخارج خلال السنوات المقبلة إلى 100 مليار دولار.
وقال الرئيس: "انا بحلم بتصدير على الأقل 100 مليار دولار.. منعملش كده ليه.. 100 مليار دولار على الأقل خلال السنتين التلاتة الأربعة اللي جايين.. بس دا ميجيش كده دا كلنا مش هنام ومش هنرتاح.. سواء كان اللي بيشتغلوا أو اللي بيديروهم أو الوزارات المعنية المتابعة للموضوع".
وبحسب بيانات البنك المركزي، وصلت قيمة الصادرات المصرية إلى الخارج خلال عام 2019 إلى نحو 28.5 مليار دولار مقابل نحو 28 مليار دولار في عام 2018، بنسبة زيادة 1.5%.
ومن جانبه، قال خالد أبو المكارم رئيس المجلس التصديري للصناعات الكيماوية والأسمدة، لمصراوي، إن الوصول بقيمة الصادرات المصرية إلى 100 مليار دولار أمرا ليس مستحيلا، بل هو وارد جدا وأكثر إذا توافرت بعض متطلبات المصدرين.
واتفق هاني برزي، رئيس المجلس التصديري للصناعات الغذائية، مع أبو المكارم، حيث قال، لمصراوي، إنه رغم عدم وجود هدف سهل في ظل هذه الظروف، ولكن لو تم وضع الخطة المطلوبة لدعم الصادرات والصناعة والقطاع الخاص، ودخول مصدرين جدد للمنظومة ستستطيع مصر تحقيق أكثر من هذا الرقم وهو ما تستحق أن تصل إليه.
وأضاف برزي أن تحديد الرئيس لهذا الرقم كهدف يعني أنه يمكن أن يقدم دعما للصناعة، وسيعمل على توسيع قاعدة المصدرين ومساندة الصادرات بما يهيئ الظروف لتحقيق هذا الهدف.
خفض التكلفة وسرعة رد الأعباء
ذكر خالد أبو المكارم، لمصراوي، أبرز متطلبات المصدرين والعوامل المطلوب توافرها لتهيئة الظروف من أجل تحقيق هدف الوصول بقيمة الصادرات إلى 100 مليار دولار سنويا خلال المدة التي ذكرها رئيس الجمهورية.
ومن بين هذه العوامل توفير بعض الحوافز للمصدرين لخفض تكلفة عمليات الإنتاج والتصدير، وتشجيعهم على التصدير بدلا من البيع في السوق المحلي، وبالتالي رفع القدرة التنافسية من أجل المنافسة مع بعض الدول الأخرى مثل الصين والهند وتركيا، وهي الدول التي تعتمد على معادلة انخفاض السعر مع زيادة الجودة.
وأشار أبو المكارم أن هناك وسائل عديدة يمكن من خلالها خفض التكلفة من ضمنها تقديم بعض الحوافز للمصدرين، وتخفيض الضرائب والجمارك على مستلزمات الإنتاج الخاصة بالتصدير، ورد أعباء المصدرين نقدا وسريعا خلال مدة لا تتجاوز 60 يوما.
وتابع: "لابد من المساعدة الإيجابية من الدولة في سرعة رد الأعباء، فعنصر الوقت هو العنصر الرئيسي لخفض التكلفة ورد الأعباء، وبالتالي زيادة القدرة التنافسية".
وعانت الشركات المُصدرة من تراكم مستحقاتها لدى الحكومة من برنامج المساندة التصديرية على الأعوام السابقة، حيث ارتفعت مستحقات المصدرين لدى صندوق تنمية الصادرات لنحو 10 مليارات جنيه.
ولكن الحكومة اتفقت مع المجالس التصديرية العام الماضي على سداد هذه المستحقات تدريجيا، مع تنفيذ برنامج جديد لدعم الصادرات بدءا من يوليو 2019، ولكن ظهرت مطالبات بين المصدرين مؤخرا بالعودة لتطبيق البرنامج القديم الذي كان يعتمد على تقديم الدعم نقدا بنسبة 100% للشركات المصدرة.
ويخصص البرنامج الجديد 40% كمساندة نقدية، و30% تخصم من التزامات الشركات المصدرة لدى وزارة المالية، و30% لدعم البنية التحتية للتصدير.
وأعلن محمد معيط وزير المالية، الشهر الماضي، إنه تم صرف أكثر من 2 مليار جنيه من صندوق تنمية الصادرات خلال شهرى أبريل ومايو الماضيين، تنفيذًا للتكليفات الرئاسية برد الأعباء التصديرية المتأخرة للمصدرين، ليصل إجمالي ما تم صرفه منذ أول يوليو الماضي وحتى نهاية مايو بلغ 5.2 مليار جنيه.
وكان من المقرر صرف أكثر من مليار جنيه أخرى خلال شهر يونيو الماضي، بحسب ما ذكر الوزير.
فتح أسواق جديدة وتشجيع صغار المستثمرين
ويرى خالد أبو المكارم أن من ضمن العوامل المطلوبة أيضا فتح أسواق جديدة من أجل زيادة الصادرات إلى هذا الرقم، وهو ما يتطلب تنشيط مكاتب التمثيل التجاري وزيادة حجمها في بعض الدول، واقتحام بعض الأسواق الجديدة التي لم تطرق مصر أبوابها من قبل عبر وجود مكاتب تسويقية و تمثيل تجاري.
ورفض أبو المكارم فكرة التركيز على سوق بعينه للمساعدة في رفع الصادرات المصرية، لأن كل منتج له طبيعة والأسواق المناسبة له، مشيرا إلى إمكانية التركيز بشكل عام على الدول ذات الكثافة السكانية العالية، مع تناسب السلعة المصدرة مع طبيعة الدولة المصدرة إليها.
عامل آخر يرى أبو المكارم أنه مهم ويمكن أن يرفع قيمة الصادرات بنسبة 30% في حالة حدوثه، يتمثل في تشجيع صغار المصدرين وتحفيزهم من خلال المجالس التصديرية والجهات المعنية وتمويلهم وتوفير خصومات لهم وتقديم الدعم لهم في السفر والتنقل الخارجي وأماكن العرض في المعارض الدولية، والدعم الفني وتسويق المنتجات.
وقال أبو المكارم إن خريطة العالم الاقتصادية سوف تتغير كليا بعد جائحة كورونا، وسيتم إعادة رسم خريطة جديدة للاقتصاد الدولي، والصادرات المصرية سيكون لها نصيب الأسد في المرحلة المقبلة خاصة في عام 2021 وهو ما يمكن تسميته بعام التصدير في مصر.
ويستهدف المجلس التصديري للصناعات الكيماوية نسبة نمو لصادرات القطاع لا تقل عن 20% خلال عام 2021 مقارنة بالعام الجاري المتوقع أن يسجل زيادة طفيفة رغم ظروف جائحة كورونا لتصل الصادرات فيه إلى نحو 5.7 مليار دولار مقارنة بنحو 5.6 مليار دولار في عام 2019، وفقا لأبو المكارم.
جذب شركات عالمية والتصدير للأسواق الجاهزة
ومن جانبه قال هاني برزي إنه لابد أن تعمل منظومة الصناعة والصادرات كلها من أجل تحقيق هذا هدف الوصول إلى 100 مليار دولار صادرات، وأن تعي الحكومة أهمية دور القطاع الخاص، وتسهيل كل الطرق للمصدرين ورفع الأعباء عنهم.
وطالب برزي بالعمل على جذب مصدرين جدد من الشركات "المالتي ناشيونال" والتي لها بالفعل أرقام صادرات كبيرة للعمل في مصر، وهو ما حدث مع إل جي وسامسونج وغيرها من الشركات من قبل.
وأشار إلى ضرورة الاهتمام بقطاع الغزل والنسيج مع القاعدة الكبيرة التي تملكها مصر في هذا المجال وجذب شركات تصدر لأوروبا وأمريكا يساعد في زيادة الصادرات بشكل فعلي.
وتابع برزي: "نحتاج فقط إلى الاستقرار خاصة على المستوى الاقتصادي والتشريعي وعدم تغيير السياسات الاقتصادية والضريبية خلال فترات قصيرة، لأن الصناعة استثمار متوسط وطويل الأجل".
وقال: "إذا كنا بالفعل نريد جذب الشركات التي لديها صادرات واستثمارات كبيرة لابد أن تضمن هذه الشركات استقرارا في السياسات التشريعية خلال فترة تصل إلى 10 سنوات، والتي بناءً عليها تكون دخلت إلى السوق المصري وبنت دراسة جدواها في ظلها".
وأكد برزي ضرورة التركيز على تعزيز التصدير إلى الأسواق الكبيرة والمستقرة والجاهزة والتي لديها اقتصاد ودخل قومي قوي، وهي الأسواق التي تعمل مصر بالفعل على التصدير إليها حاليا مثل أوروبا وأمريكا وآسيا.
وأشار إلى صعوبة الاستفادة من التركيز على الأسواق الصغيرة والجديدة مثل أفريقيا في الفترة الحالية في ظل أن زيادة الصادرات إليها تحتاج لوقت ومجهود ولن تصنع الفرق في قيمة الصادرات.
فيديو قد يعجبك: