بعد أوميكرون.. ما تأثير الهبوط الأخير لسعر البترول على مصر وما التوقعات؟
كتب- مصطفى عيد:
ارتفعت أسعار البترول خلال تعاملات اليوم الاثنين معوضة بعض الخسائر التي منيت بها خلال جلسة يوم الجمعة الماضي بعد حالة من الذعر سادت الأسواق العالمية عقب الإعلان عن اكتشاف "أوميكرون" المتحور الجديد لفيروس كورونا والذي صنفته منظمة الصحة العالمية بأنه مثير للقلق.
وبحسب بيانات شبكة سي إن بي سي، ارتفع سعر خام البترول برنت اليوم بنسبة 4.61% مقارنة بختام تعاملات يوم الجمعة مسجلا نحو 76.07 دولار للبرميل في الساعة الثالثة و43 دقيقة عصرا بتوقيت القاهرة.
وكان سعر خام برنت انخفض بنسبة 11.6% خلال تعاملات يوم الجمعة الماضي مقارنة بنهاية تعاملات يوم الأربعاء- كانت الأسواق في إجازة الخميس- حيث فقد سعر البرميل نحو 9.53 دولار لينخفض من 82.25 دولار بنهاية تعاملات الأربعاء إلى 72.72 دولار في نهاية تعاملات الجمعة، ليسجل البترول أكبر انخفاض يومي منذ أبريل 2020.
لماذا ارتفعت أسعار البترول مرة أخرى؟
بحسب وكالة رويترز، يعود ارتفاع أسعار البترول اليوم إلى أن بعض المستثمرين رأوا أن التراجع الحاد الذي شهدته أسواق البترول والأسواق المالية بسبب القلق من المتحور أوميكرون كان مبالغا فيه.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن الأمر قد يستغرق أسابيع لفهم شدة المتحور الجديد، على الرغم من أن طبيبًا من جنوب أفريقيا عالج الحالات المصابة به قال إن الأعراض تبدو خفيفة حتى الآن، وفقا للوكالة.
وقال تاتسوفومي أوكوشي كبير الاقتصاديين في نومورا سيكيوريتيز "رأينا بعض التصحيح بعد المبالغة في انخفاض أسعار النفط يوم الجمعة"، بحسب رويترز.
وقال نوربرت رويكر من البنك السويسري جوليوس باير "عامل الخوف سيطر على الأسواق المالية يوم الجمعة". "بشكل أساسي، لا يمكن أن تفسر قيود السفر الجوي الدولية المعلنة والتي تم سنها مثل هذا الهبوط الحاد".
وعاد ما يشبه الهدوء إلى الأسواق المالية اليوم الاثنين حيث انتظر المستثمرون المزيد من التفاصيل عن المتحور. وانتعشت الأسهم الأوروبية، في حين فقدت سندات الملاذ الآمن قوتها، وفقا لرويترز.
اجتماع "أوبك+" يأتي وسط تحديات جديدة
تجتمع منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" وحلفاؤها بقيادة روسيا فيما يعرف بتحالف "أوبك+" يوم الخميس المقبل وسط متغير جديد له تأثير كبير على الأسعار.
وخلق ظهور أوميكرون تحديًا جديدًا لمنظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفائها، المعروفين باسم "أوبك+"، الذين يجتمعون هذا الأسبوع لضبط سياسة الإنتاج، وفقا لرويترز.
وأجلت المجموعة اجتماعاتها الفنية هذا الأسبوع لكسب الوقت لتقييم تأثير أوميكرون، لكن روسيا قالت إنها لا ترى حاجة لاتخاذ إجراءات عاجلة في السوق، مما يقلل من احتمال إجراء تغييرات في اتفاق "أوبك+" النفطي، بحسب الوكالة.
وقال الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي، عقب فعالية نظَّمتها وزارة الطاقة السعودية اليوم الاثنين، إنَّه غير قلق بشأن متحور"أوميكرون".
ويأتي هذا الاجتماع وسط حرب تكسير عظام ظهرت مؤخرا بين مجموعة "أوبك+" وبعض الدول الأخرى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، إثر رفض الأولى طلب الثانية بزيادة الإمدادات بشكل أكبر لمقابلة الطلب على الخام الأسود.
وأعلنت إدارة الرئيس جو بايدن يوم الثلاثاء الماضي أنها ستفرج عن 50 مليون برميل من الاحتياطي الاستراتيجي للنفط لديها، بالتنسيق مع كبار المستهلكين، حيث توصل لتلك الكمية المحددة للسحب من المخزونات بالتنسيق مع الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية.
وكان بايدن طالب مجموعة "أوبك+" أكثر من مرة رفع إنتاجها من البترول، ولكن رفض المجموعة دفع الرئيس الأمريكي بالتهديد بأن بلاده تمتلك الأدوات للرد على عدم زيادة الإنتاج.
ودفع تهديد بايدن باستخدام الاحتياطي إلى تهديد مضاد من "أوبك+" بالنظر في الحصة الشهرية التي ترفع بها الإنتاج واحتمالية خفضها.
وتنفذ أوبك خطة أعلنتها في وقت سابق لزيادة الإنتاج بـ 400 ألف برميل يوميا اعتبارا من ديسمبر، ودفع رفضها زيادة الإنتاج أسعار البترول للارتفاع متخطية حاجز 80 دولارًا للبرميل، وذلك قبل الهبوط الأخير يوم الجمعة.
واستبعد نعمان خالد المحلل ومساعد مدير ببنك استثمار أرقام كابيتال، أن تتخذ مجموعة "أوبك+" قرارا خلال اجتماعها يوم الخميس المقبل بخفض وتيرة زيادة إنتاج البترول المقررة ضمن خطتها الاستراتيجية التي تم الاتفاق عليها من قبل، فهي في الأصل متحفظة في حجم الزيادة في المعروض، وحتى لو خفضت وتيرة زيادة الإنتاج سيكون خفضا بسيطا.
ما دلالات تراجع أسعار البترول؟
قال نعمان خالد، لمصراوي، إنه لأول مرة منذ بداية أزمة كورونا هناك شعور بأن المستثمرين عامة لديهم نوع من الخوف بأن تتكرر نفس تداعيات بداية أزمة كورونا مع المتحور الجديد "أوميكرون" ولكن ليست بنفس الدرجة، وبالتالي سيكون هناك قلق بشأن مستقبل النمو والتعافي الاقتصادي وعدم استعادة مستويات ما قبل كورونا بنفس السلاسة والسهولة التي كانت متوقعة قبل اكتشاف المتحور.
ويرى نعمان خالد أن رد فعل أسعار البترول على إعلان اكتشاف المتحور الجديد جاء ضعيفا رغم هذا التراجع وذلك مقارنة بما حدث في بدايات أزمة كورونا والتي انخفضت الأسعار خلالها إلى مستويات متدنية ولدرجة المستويات السالبة، وهو ما تزامن وقتها مع أزمة في أماكن التخزين وحرب أسعار بين السعودية وروسيا.
وأشار إلى أن رد الفعل الحالي من أسعار البترول يعطي إيحاءً بأن ردود أفعال الدول والإجراءات التي قد تتخذها لن تكون بنفس العنف الذي حدث مع بدايات أزمة كورونا، والتعود نوعا ما على التعايش مع الجائحة، وعدم وقوع الذعر بنفس المستوى مع بدايتها.
ورغم ذلك اتخذ عدد من الدول إجراءات صارمة تجاه المتحور الجديد، حيث قالت اليابان اليوم الاثنين إنها ستغلق حدودها أمام الأجانب، لتنضم إلى إسرائيل في اتخاذ أكثر الإجراءات صرامة، وفقا لرويترز.
إلى أين تتجه أسعار البترول؟
يتوقع نعمان خالد أن يدور سعر برميل خام البترول برنت حول 75 دولارا خلال الشهور القليلة المقبلة في حالة تم السيطرة على تداعيات المتحور الجديد، وكان في خطورته مثل المتحورات السابقة التي تمت السيطرة عليها سريعا.
وقال خالد إنه في حالة حدوث إغلاقات وإجراءات صارمة في العديد من الدول واكتشاف أن خطورة المتحور الجديد كبيرة ويحتاج إلى إجراءات إضافية لمواجهته قد يحدث هبوط عنيف لأسعار البترول ومن الوارد أن سعر البرميل إلى مستوى 60 دولارا.
ووفقا لوكالة رويترز، خفض بنك مورجان ستانلي اليوم الاثنين توقعاته لسعر خام برنت للربع الأول من عام 2022 إلى 82.50 دولارًا للبرميل من 95 دولارًا في توقعات سابقة له وسط توقعات السوق بأن متحور أوميكرون قد يتحول إلى رياح معاكسة كبيرة للطلب على النفط.
وقال البنك في مذكرة إنه يبدو أن السوق يضع في اعتباره احتمال أن يؤدي المتحور الجديد إلى فرض قيود وخفض الطلب على النفط، وسط توقعات بفائض العرض مدفوعًا بالإفراج المخطط له من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي الذي يضيف إلى الإنتاج الشهري من "أوبك+".
وفي حين أن بداية العام المقبل قد تشهد فائضًا في العرض ، فمن المرجح أن تتآكل الطاقة الفائضة للنفط بحلول نهاية عام 2022 حيث تنخفض المخزونات أكثر من المستويات المنخفضة بالفعل، وفقا لرويترز.
وعلى رادار سوق النفط هذا الأسبوع أيضًا، تستأنف يوم الاثنين المقبل المحادثات بشأن إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، والذي يمكن أن يضيف إلى الإمدادات العالمية إذا تم التوصل إلى اتفاق، بحسب الوكالة.
ما تأثير تراجع أسعار البترول على مصر؟
يتوقع نعمان خالد أن يكون لانخفاض أسعار البترول تأثيرات إيجابية على مصر من أهمها انخفاض تكلفة دعم البترول وبالتالي خفض عجز الموازنة بشكل أكبر مما لو كان استمرت الأسعار على مستوياتها السابقة، إلى جانب هدوء وتيرة أزمة التضخم العالمية الناتجة عن ارتفاع أسعار البترول كسبب أساسي وبالتالي تراجع تأثر مصر بهذه الموجة التضخمية.
ولكنه أشار إلى أنه على الجانب الآخر في حالة حدوث إغلاقات كبيرة في بعض الدول فإن الخسارة التي قد تحدث لمصر خاصة على مستوى السياحة واحتمالية خروج استثمارات أجنبية من أدوات الدين ربما تكون أكبر كثيرا من المكاسب الناتجة عن هذه الإجراءات ومنها انخفاض أسعار البترول.
فيديو قد يعجبك: