الرئيس التنفيذي لـ "سيمنس": سعر عقد القطار الكهربائي "ممتاز".. ونحن شريك أساسي للتنمية في مصر (حوار)
- سيمنس تقدم تكنولوجيات المدن الذكية في العاصمة الإدارية والعلمين
- الشركة تتعاقد مع وزارة الكهرباء لتنفيذ مركز التحكم بتكلفة 45 مليون يورو
- نعمل على برامج للتحول الرقمي للمصانع المصرية من أجل تطويرها
- سيمنس ليس لها علاقة بالمفاوضات الخاصة ببيع محطات الكهرباء
- الحكومة المصرية لديها رؤية اقتصادية واضحة تساعد في جذب الشركات الأجنبية
كتب- عبدالقادر رمضان
تعمل شركة سيمنس الألمانية في مصر منذ 120 عاماً، وهي حالياً شريك أساسي في عدد كبير من المشروعات القومية التي تنفذها مصر، بما في ذلك العاصمة الإدارية، ومشروع القطار الكهربائي، والمدن الذكية، إلى جانب نشاطها في برامج التحول الرقمي للمصانع.
وقال مصطفى الباجوري، الرئيس التنفيذي لشركة سيمنس في مصر، في مقابلة خاصة مع مصراوي، إن الشركة تنظر باهتمام كبير للسوق المصري، ولديها رغبة قوية في المشاركة بمشروعات أكثر، في ظل وضوح الرؤية الاقتصادية للحكومة المصرية.
وفي هذا الحوار يتحدث الرئيس التنفيذي لشركة سيمنس عن رؤية الشركة الألمانية للسوق المصري، والتحديات التي واجهتها في ظل أزمة كورونا، والمشروعات التي تعمل بها في مصر في الوقت الحالي.
ما هي أبرز التحديات التي واجهت سيمنس بسبب جائحة كورونا وكيف تعاملتم معاها؟
التحدي الأساسي كان العاملين بالشركة، والحفاظ على صحتهم وسلامتهم، حيث يعمل في سيمنس حوالي 360 ألف موظف على مستوى العالم، أما التحدي الثاني فكان تلبية طلبات عملائنا، وتنفيذ المشروعات وفق الجداول المتفق عليها، ونحاول استخدام وسائل التكنولوجيا المختلفة قدر الإمكان من أجل إنجاز الأعمال، ونجحنا في ذلك إلى حد كبير.
كيف تأثرت أرباح الشركة وإيراداتها بهذه التحديات في 2020؟
إيرادات سيمنس خلال العام المالي الماضي بلغت 57 مليار يورو بانخفاض 2%، وأوامر التوريد الجديدة بلغت 7.7 مليار يورو بانخفاض 7%، كما أن الأرباح تراجعت حوالي 3% إلى 7.7 مليار يورو قبل خصم الضرائب والإهلاكات والفوائد، والأرباح الصافية بلغت 4.2 مليار يورو. وقد بلغت التدفقات النقدية 6.4 مليار يورو وهذا أعلى رقم تحققه الشركة منذ 10 سنوت. كما أن سيمنس قررت بعد الانفصال عن سيمنس للطاقة توزيع 3.5 يورو لكل سهم، وهذا من أعلى معدلات التوزيع في الفترات السابقة.
هل تحسنت أعمال الشركة في الربع الأول من العام الجديد؟
السنة المالية لسيمنس تبدأ من أول أكتوبر وتنتهي في 30 سبتمبر، ووفقا لذلك فإن الربع الأول من العام المالي الجديد للشركة قد بدأ في أكتوبر وحتى ديسمبر 2020، والأرقام التي تحققت قوية جداً، حيث أن أوامر التوريد زادت 15%، والإيرادات زادت 7%، مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، أما بالنسبة للأرباح فقد بلغ صافي الربح في الربع الأول حوالي 1.5 مليار يورو، وهذا مبلغ غير مسبوق، كما أن التدفقات النقدية في الربع الأول بلغت مليار يورو مقابل 99 مليون يورو فقط في نفس الربع من العام الماضي، وهو ما يدل بشكل واضح على الزيادة الكبيرة في نشاط الشركة خلال هذا الربع، وهي أرقام غير مسبوقة حتى على مستوى المنافسين الآخرين في ظل ظروف كورونا.
ماذا عن نشاط الشركة في مصر والذي يبدو أنه زاد بشكل كبير في السنوات الأخيرة؟
سيمنس تعمل في مصر منذ 120 سنة، ونفذنا عدداً كبيراً من المشروعات، ولا نزال نعمل مع الحكومة والقطاع الخاص على مشروعات أخرى، فهناك ثقة كبيرة متبادلة بين سيمنس والحكومة المصرية، ونعتبر أنفسنا شريكاً رئيسياً للتنمية في مصر، وأعمالنا في مصر تقدر بمليارات الدولارات، فقد بنينا 3 محطات كهرباء عملاقة، في البرلس وبني سويف والعاصمة الإدارية، وهي تعتبر من الأكبر على مستوى العالم، وأيضا تعاقدنا مؤخراً مع وزارة الكهرباء لإنشاء مركز التحكم الذي سيكون في العاصمة الإدارية، ويتعاون معنا في المشروع شركة حسن علام، وتبلغ قيمة العقد 45 مليون يورو، وسوف ننتهي من الإنشاء خلال عامين ليبدأ العمل في نهاية 2022، وأيضا نعمل في نفق الشهيد أحمد حمدي، كما تعاقدنا على القطار السريع، هذا إلى جانب مشروعات أخرى نعمل فيها سواء مع الحكومة أو القطاع الخاص.
الحكومة أعلنت أن تكلفة مشروع القطار الكهربائي السريع حوالي 23 مليار دولار.. ألا ترى أن هذه التكلفة مرتفعة؟
بداية عقد سيمنس مع الحكومة المصرية على المرحلة الأولى من المشروع بطول 460 كيلو، تبلغ قيمته 3 مليارات دولار، وهو يعتبر عقد تنافسي بسعر ممتاز، كما أن سيمنس سوف تساعد في توفير التسهيل الائتماني اللازم للحكومة من أجل تمويل المشروع، وهو تمويل بشروط ميسرة جداً، على غرار ما قمنا به في مشروع محطات الكهرباء، وسيساعد ذلك الحكومة على خفض تكلفة إنشاء المشروع. أما بالنسبة للتكلفة التي أعلنتها الحكومة فهي تتحدث عن أعمال المشروع بالكامل، والتي تتضمن مشروعات تمهيد أو مد طرق جديدة أو إنشاء كباري.
ما هو دور سيمنس في هذا المشروع؟
سيمنس ستنفذ الأعمال الكهربائية والميكانيكية، وتوريد عربات القطار، ونتعاون في المشروع مع شركتي أوراسكوم للإنشاءات والمقاولون العرب.
متى سيبدأ العمل في تنفيذ المشروع، وما هي سرعة القطار؟
نحن حاليا في مرحلة التعاقد مع الحكومة المصرية، وبعد توقيع العقود سنبدأ فوراً، وأعتقد أن كل مرحلة من مراحل المشروع الذي يمتد بطول ألف كيلو، سوف تستغرق حوالي سنتين، بعد التوقيع، وبالنسبة للمرحلة الأولى فهي تمتد من العلمين إلى العين السخنة من أجل ربط شمال البحر الأحمر بالبحر المتوسط، وسيمنس ستقدم فيه أفضل التكنولوجيا الموجودة في العالم حالياً، فالقطار الذي تعتزم سيمنس توفيره لا يقل أبداً عن القطارات التي تسير في الدول الأوروبية، وستبلغ سرعته حوالي 250 كيلو متر في الساعة.
هل تتعاون سيمنس مع الحكومة في مشروعات تطوير السكك الحديدية؟
نحن نعمل مع الحكومة المصرية بشكل وثيق من أجل توفير أفضل التكنولوجيات في العالم، ولدينا تعاون في مجالات مختلفة سواء توفير القطارات السريعة أو المعدات الخاصة بالإشارات المتطورة، ومصر بالنسبة لنا في سيمنس من الأسواق المهمة والتي نسعى لمزيد من الأعمال فيها.
هل لدى سيمنس خطط للتصنيع في مصر، خاصة فيما يتعلق بمشروع القطار الكهربائي وما إذا كان من الممكن تصنيع أجزاء منه محليا؟
بالنسبة للقطار الكهربائي، نحن لا نزال في مرحلة التفاوض، لكن على سبيل المثال في مشروع المحطات الكهربائية العملاقة، أنشأت سيمنس مركزاً تدريباً ومركزاً للصيانة في العين السخنة، من أجل خدمة المحطات، وتدريب المهندسين والفنيين المصريين، وعادة سيمنس عندما تدخل مشروعات كبيرة بهذا الحجم يكون هناك مثل هذه المراكز.
ما هي الأنشطة الأخرى التي تعمل فيها سيمنس في مصر؟
سيمنس تعمل في عدة قطاعات، من بينها القطارات والنقل، والبنية الذكية والتحتية في مشروعات الكهرباء، وأيضا أنظمة الأمن للمباني الحكومية والخاصة، بالإضافة إلى تطوير المصانع من خلال عمليات التحول الرقمي والإلكتروني ونتعاون في ذلك مع وزارتي التجارة والصناعة والاتصالات، ونعمل كذلك في البنية التحتية الخاصة بالمدن الذكية، ولدينا تعاون كبير مع الحكومة في هذا الأمر في العاصمة الإدارية والعلمين والمنصورة الجديدة، وغيرها من المدن الذكية التي تطرحها الحكومة.
ما هو دور سيمنس على وجه التحديد في العاصمة الإدارية؟
نحن نعمل على توفير الشبكات الإلكترونية الذكية الخاصة بمنظومة عمل المدن الذكية، والتي تربط كل الأعمال والمرافق في المدينة بشبكة موحدة، يكون عليها كل المعلومات الخاصة بها، ويمكن من خلالها إدارة أعمال الكهرباء والمياه، وتحديد الأعطال، وهذا يساعد في توفير التكاليف والاستهلاك، وإدارة المدن بشكل محترف ومتقدم وتقديم خدمات جيدة ترفع من مستوى حياة المواطنين في هذه المدن، وهذا الأمر ننفذه أيضا في العلمين، بالإضافة إلى مدن أخرى لا تزال في مرحلة المناقصات.
سيمنس من أكبر الشركات الأجنبية العاملة في مصر.. كيف ترون التطورات الأخيرة في الاقتصاد المصري؟
الحكومة المصرية تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، أحرزت تقدماً اقتصادياً كبيراً جداً، وأصبح هناك رؤية اقتصادية أكثر وضوحاً مقارنة بفترات ماضية. نحن نرى حكومة واعية تفكر في المستقبل، وتعمل على تطوير المدن الذكية من أجل تقديم أحسن الخدمات للمواطنين، وتعمل على مشروعات نقل من أجل ربط المدن ببعضها، أيضاً هناك مرونة واضحة في أداء الحكومة جعلتها تتخطي أزمة كورونا، حيث وجدنا أن مصر هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط تقريبا التي حققت معدلات نمو إيجابية، ووجدنا خطوات سريعة من الحكومة بتخصيص 100 مليار جنيه لتقليل أثار الجائحة على البلاد. كل هذا يجعل المستثمر الأجنبي عنده ثقة في الخطوات التي تقوم بها الحكومة، ورغبة في الاستثمار وعمل مشروعات جديدة تساعد في نمو الاقتصاد المصري، وهذا الأمر لا يتعلق فقط بشركة سيمنس، فهناك 900 شركة ألمانية تعمل في مصر في مشروعات تنموية، وتحرص على تقديم الدعم لمصر، خاصة أن مصر لها مكانة استراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، وهي كذلك بالنسبة لنا في سيمنس.
هناك بنوك دولية تمول المشروعات التي تنفذها سيمنس في مصر.. هل تجدون صعوبة في توفير هذه التمويلات؟
على العكس، القطاع المصرفي الدولي، يرى أن مصر دولة لديها القدرة على تنفيذ هذه المشروعات، والالتزام بسداد المستحقات، وهذه البنوك لو لم يكن لديها الثقة في الاقتصاد المصري ما كانت ستخاطر بأموالها، فهي تدخل معنا وهي مطمئنة، وتاريخ مصر يقول إنها ملتزمة طوال الوقت في سداد التزاماتها.
كيف ترى تجربة مصر في قطاع الكهرباء والتحول إلى فائض في الإنتاج بعد الانقطاعات المتكررة التي كانت تعاني منها البلاد؟
إذا كنت تبني دولة، فإن أول الأمور الضرورية التي لابد من توفيرها هي الطاقة، ولا بد أن تتوفر الكهرباء من أجل توصيلها للمستهلكين سواء في البيوت أو الشركة والمصانع أو الأنشطة الزراعية وغيرها، وعندما يكون لديك هذا الفائض في الكهرباء فإنه يسمح للحكومة بالتنمية والتوسع، فعلى سبيل المثال مشروع القطار الكهربائي، أحد الحلول التي فكرت فيها الدولة لتحسين المواصلات، في ظل توفر الكهرباء، أيضا يمكن أن تفكر في التوسع في السيارات الكهربائية.
إن ما حدث في قطاع الكهرباء في مصر تحول كبير يتحدث عنه العالم كله، حيث أنها تساهم بشكل أساسي في عجلة التنمية، فلا يمكن أن تبني مصنعاً أو مستشفى دون أن تكون هناك كهرباء كافية، وأعتقد أن بناء عدد كبير من المحطات بشكل سريع يعتر خطوة استباقية مهمة وضرورية لتنمية الدولة. أيضا الفائض الذي تحقق في الكهرباء سوف يكون له دورًا في مشروعات الربط مع دول الجوار، فهو من ناحية يقوي روابطك السياسة والاستراتجية مع الدول المجاورة، وأيضا يوفر مصدر دخل للعملة الصعبة للبلاد من بيع الكهرباء.
هناك مفاوضات خاصة ببيع محطة أو أكثر من محطات سيمنس عن طريق صندوق مصر السيادي، هل تقوم سيمنس بأي دور في هذا الأمر؟
سيمنس ليست طرفا في هذا الأمر، نحن قمنا ببناء المحطات ونعمل على تشغيلها وصيانتها، لكن قرارات البيع هذه تخص الحكومة المصرية التي تمتلك المحطات، وصحيح أن سيمنس هي من ساعدت في توفير التمويل للمشروع، لكن في النهاية هذا قرض حصلت عليه الحكومة المصرية، وليس من سيمنس.
شهدت شركة سيمنس مؤخراً تغيراً في القيادة.. هل هناك تأثير لهذا الأمر على أعمال الشركة؟
رولان بوش الرئيس الجديد للشركة والذي تولى منصبه في فبراير الماضي، خلفا لجون كايسر، يعمل في الشركة منذ حوالي ربع قرن تقريبا، وكان نائب الرئيس السابق للشركة، وعضو مجلس إدارة في الفترة الأخيرة، وهو ملم تماما بكل ما يحدث في الشركة، كما أنه كان يقوم بدور كبير في الشركة وقت كورونا.
خلال الفترة الأخيرة تم تقسيم شركة سيمنس لفصل أنشطة الطاقة والرعاية الصحية في شركات منفصلة، كيف ترى تأثير هذا الأمر على الشركة؟
التقسيم كان مفيداً وإيجابياً للغاية، لأنه يجعل هناك تركيز أكثر في القطاعات التي نعمل فيها، فهناك شركة سيمنس التي تركز على مشروعات البنية التحتية الذكية والمصانع والرقمنة والقطارات، وشركة سيمنس للطاقة التي تركز على مشروعات الطاقة والمحطات، بالإضافة لشركة الرعاية الصحية، ونتيجة هذا التركيز زاد نشاط الشركة كما أن قيمتها السوقية التي كانت قبل التقسيم 110 مليار يورو، أصبحت حاليا بعد الانفصال بقيمة 130 مليار يورو لشركة سيمنس وحدها دون الطاقة، وسيمنس للطاقة 23 مليار يورو.
هل هناك أي نية لإعادة هيكلة جديدة أو فصل أنشطة أخرى في الفترة المقبلة؟
لا يوجد في الوقت الحالي خطط للتقسيم أو إعادة الهيكلة.
ما هي توقعاتك لعام 2021 خاصة مع استمرار تداعيات كورونا؟
الوقت الحالي صعب على العالم كله، و اقتصادات العالم كلها تعاني بسبب كورونا، وبالنسبة لنا الربع الأول من العام كان هناك نمو قوي وأرقام قوية مقارنة بالعام الماضي، كما أن الشركة حققت زيادة في أوامر التوريد، ولدينا مشروعات متعددة في الطاقة وغيرها، والمؤشرات تقول إن العام الجديد سيكون أفضل من 2020، لكن عموما لا بد أن نظل حريصين ونراقب تطورات الأوضاع في العالم، ونحافظ على عمالنا، ونحاول الالتزام بتنفيذ المشروعات التي تعاقدنا عليها في مواعيدها.
فيديو قد يعجبك: