فضائيات الجنة وفضائيات النار
بقلم: محمد أمين
لا يصح أن نناقش القضية المصرية، ولا أقول القضية القبطية، بعيداً عن القنوات الدينية، وتأثيرها الخطير على البسطاء.. وكما أن الدولة تحظر تأسيس أحزاب على أساس دينى، فأظن أنه ينبغى حظر إطلاق قنوات فضائية، على أساس دينى أيضاً.. هذا هو الحل.. ولابد من إعادة النظر فى القنوات الدينية فوراً.. سواء التى تصدر بمرجعية إسلامية، أو مرجعية مسيحية!
يقول المهندس نبيل أحمد الشامى، معلقاً على مقال أمس «قضيتهم القبطية.. وقضيتنا المصيرية»، «أرجو من جميع عقلاء مصر أن يشاركونى الرأى، وهو: وقف جميع القنوات الدينية المسلمة والمسيحية.. ولا يصرح بقنوات دينية، إلا تحت إشراف الأزهر والكنيسة، بحيث تكون هذه القنوات تحت مسؤوليتهما.. لأن اختيار الدعاة فى هذه القنوات، يجب أن يتم بمعرفتهما، ولا تترك لهذه التيارات الموجهة!».
ولاشك أننى أتفق مع المهندس نبيل الشامى، فى وقف إطلاق القنوات الدينية أصلاً.. وأختلف معه فى أن يكون إطلاقها مشروطاً بموافقة الأزهر والكنيسة.. وأتصور أنه يريد أن يقول إن الدعوة ينبغى أن تكون تحت إشراف الأزهر والكنيسة.. لكن أن تكون هناك قنوات دينية جاهزة، تتعامل مع الشأن العام.. فهذه مسؤولية الدولة فقط.. وإلا فقد نتعرض جميعاً للهلاك!
وجهة نظرى تقوم على وقف إطلاق الفضائيات، من الأصل، على أساس دينى.. ولا ينبغى أن يفهم كلامى هذا فى إطار تشجيع الدعوة لخنق الإعلام.. فأنا مع حرية الإعلام إلى أقصى مدى.. ومع ترك المسألة للفرز العام، بحيث يكون الجمهور هو الفيصل، كى يسقط قناة أو صحيفة أو أى وسيلة إعلامية، من حساباته، أو يكتب لها النجاح فى المقابل.. وهذا هو المقياس عندى، ولا شىء غيره!
أما فى حالة الفضائيات القائمة، فينبغى أن تخضع للتقييم، وإعادة توفيق الأوضاع.. بعيداً عن مسألة الرقابة ومصادرة الحريات وخلافه.. المسألة هنا قضية أمن قومى، والمصلحة العليا للبلاد.. فقد انحرفت هذه القنوات عن مسار الدعوة.. سواء المسيحية أو الإسلامية.. وراحت تلعب فى السياسة.. دون مؤهلات، ودون استعداد، ودون وجود كوادر إعلامية مدربة.. حتى أصبحت فتنة تحرق البلاد!
نعود إلى نقطة الأصل.. فما يحظر على أساس دينى وراءه منطق.. فكيف نحظر الأحزاب ونسمح بالفضائيات؟.. إذا كان الحظر الأول لأسباب تتعلق بالمصلحة، فكيف أطلقنا ما هو أخطر منها؟.. فالقنوات لا يمكن أن تسيطر عليها.. ولا تحتاج أكثر من تحريك الريموت كنترول.. وكلها تبث السموم والفرقة والانقسام.. والناس تصدق رجل الدين.. أياً كانت أغراضه السياسية، التى لا نعرفها!
لابد من وقف الفضائيات التى توجه رسالتها على أساس الجنة والنار.. لا مانع أن تكون هناك برامج دينية، يقدمها متخصصون ترشحهم الكنيسة والأزهر.. وأظن أن هذا هو ما يقصده المهندس الشامى.. أما أن تكون عمليات شحن منظم، فلابد لها من حل سريع.. فقد هالنى أن يتداول الناس أشياء، مما تبثه قنوات هنا وهناك.. وغالباً يكون بطلها شيخاً بلحية، أو قسيساً مقدساً!
أخيراً، هناك استقطاب يحرق البلاد والعباد.. تمارسه هذه الفضائيات بنوعيها.. فاسحبوا تراخيصها، ولا تخشوا من فكرة الاعتداء على الحريات.. فالضرورات تبيح المحظورات.. طبعاً لا نريد أن يكون الإعلام ماجناً، أو متطرفاً، لكن نريد إعلاماً جاداً.. لا يشعل الخلافات المذهبية.. ونريد فضائيات لا تقوم على أساس دينى، كما أن الأحزاب، لا تقوم على أساس دينى بالمنطق نفسه!
اقرأ أيضا:
فيديو قد يعجبك: