''مصراوي'' ينشر النص الكامل لديباجة الدستور
كتب- أحمد علي:
حصل ''مصراوي'' على النص الكامل للديباجة التى أقرتها لجنة الخمسين لتعديل الدستور، الأربعاء، والتى أدت إلى تأجيل التصويت على المسودة النهائية للدستور أكثر من مرة.
إلى نص الديباجة :
هذا دستورنا
مصر هبة النيل للمصريين، ومصر هبة المصريين للإنسانية.
مصر – بعبقرية موقعها وتاريخها – رأس افريقيا المطل على المتوسط، ومصب لأعظم أنهارها : النيل.
ومصر العربية – بعبقرية موقعها وتاريخها – قلب العالم كله، فهى ملتقى حضاراته وثقافاته، ومفترق طرق مواصلاته البحرية واتصالاته.
هذه مصر، وطن خالد للمصريين، ورسالة سلام ومحبة لكل الشعوب.
فى مطلع التاريخ، لاح فجر الضمير الإنسانى وتجلى فى قلوب أجدادنا العظام فاتحدت إرادتهم الخيرة، وأسسوا أول دولة مركزية، ضبطت ونظمت حياه المصريين على ضفاف النيل، وأبدعوا أروع آيات الحضارة، وتطلعت قلوبهم إلى السماء، قبل أن تعرف الأرض الأديان السماوية الثلاث.
مصر مهد الدين ، وراية مجد الأديان السماوية.
فى أرضها شب كليم الله، وتجلى له النور الإلهى، وتنزلت عليه الرسالة فى طور سنين.
وعلى أرضها احتضن المصريون السيدة العذراء ووليدها، ثم قدموا آلاف الشهداء دفاعا عن كنيسة السيد المسيح.
وحين بعث خاتم المرسلين محمد عليه الصلاة والسلام، للناس كافة ليتمم مكارم الأخلاق، انفتحت قلوبنا وعقولنا لنور الإسلام، فكنا خير أجناد الأرض جهادا فى سبيل الله، ونشرنا رسالة الحق وعلوم الدين فى العالمين .
هذه مصر وطن نعيش فيه ويعيش فينا.
وفى العصر الحديث ، استنارت العقول ، وبلغت ا?نسانية رشدها ، وتقدمت أمم وشعوب على طريق العلم ، رافعة رايات الحرية والمساواة ، وأسس محمد على للدولة المصرية الحديثة ، وعمادها جيش وطنى ، ودعا أبن ا?زهر رفاعة أن يكون الوطن ''محلا للسعادة المشتركة بين بنيه ''، وجاهدنا -نحن المصريين -للحاق بركب التقدم ، وقدمنا الشهداء والتضحيات ، فى العديد من الهبات والانتفاضات والثورات ، حتى انتصر جيشنا الوطنى للإرادة الشعبية الجارفة فى ثورة ''25 يناير - 30 يونيو'' التى دعت إلى العيش بحرية وكرامة إنسانية تحت ظلال العدالة الاجتماعية، واستعادة للوطن إرادته المستقلة.
هذه الثورة امتداد لمسيرة نضال وطنى كان من أبرز رموزه أحمد عرابى ،ومصطفى كامل ، ومحمد فريد ، وتتويج لثورتين عظيمتين فى تاريخنا الحديث :
ثورة 1919 التى أزاحت الحماية البريطانية عن كاهل مصر والمصريين ، وأرست مبدأ المواطنة والمساواة بين أبناء الجماعة الوطنية ، وسعى زعيمها سعد زغلول وخليفته مصطفى النحاس على طريق الديمقراطية ، مؤكدين أن ''الحق فوق القوة وا?مة فوق الحكومة''،ووضع طلعت حرب خلالها حجر ا?ساس للاقتصاد الوطنى.
وثورة 23 يوليو 1952 التي قادها الزعيم الخالد جمال عبد الناصر واحتضنتها الارادة الشعبية ، فتحقق حلم الاجيال في الجلاء والاستقلال وانفتحت مصر على امتها العربية ، وقارتها الافريقية والعالم الاسلامي وساندت حركات التحرير عبر القارات ، وسارت بخطى ثابته على طريق التنمية والعدالة الاجتماعية .
هذه الثورة امتداد للمسيرة الثورية للوطنية المصرية ، وتوكيد للعروة الوثقى بين الشعب المصري وجيشه الوطني ، الذي حمل امانة ومسئولية حماية الوطن ، والتي حققنا بفضلها الانتصار في معاركنا الكبرى من دحر العدوات الثلاثي عام 1956 ، الى هزيمة الهزيمة بنصر اكتوبر المجيد الذي منح للرئيس انور السادات مكانة خاصة في تاريخنا القريب
وثورة 25 يناير – 30يونيو فريدة بين الثورات الكبرى في تاريخ الانسانية ، بكثافة المشاركة الشعبية التي قدرت بعشرات الملايين
وبدور بارز لشباب متطلع لمستقبل مشرق وبتجاوز الجماهير للطبقات والايدلوجيات نحو افاق وطنية وانسانية اكثر رحابه ، وبحماية جيش الشعب للارادة الشعبية وبمباركة الازهر الشريف والكنيسة الوطنية لها ، وهي ايضا فريدة بسلميتها وبطموحها ان تحقق الحرية والعدالة الاجتماعية معا .
هذه الثورة اشارة وبشاره ، اشارة الى ماضي مازال حاضرا وبشارة بمستقبل تطلع اليه الانسانية كلها .
فالعالم – الان ـ يوشك ان يطوي الصفحات الاخيرة من عصر الرشد، الذي مزقته صراعات المصالح بين الشرق والغرب وبين الشمال والجنوب واشتعلت فيه النزاعات والحروب بين الطبقات والشعوب وزادت المخاطر التي تهدد الوجود الانساني وتهدد الحياة على الارض التي استخلفنا الله عليها وتأمل الانسانية ان تنتقل من عصر الرشد الى عصر الحكمة لنبني عالما انسانيا جديدا تسود الحقيقة والعدل وتصان فيه الحريات وحقوق الانسان ونحن المصريين نرى في ثورتنا عودة لإسهامنا في كتابة تاريخ جديد للإنسانية .
نحن نؤمن اننا قادرون ان نستلهم الماضي ، وان نستنهض الحاضر، وان نشق الطريق الى المستقبل، قادرون ان ننهض بالوطن وينهض بنا.
نحن نؤمن بأن لكل مواطن الحق بالعيش على ارض هذا الوطن في أمن وامان، وان لكل مواطن حقا في يومه وفي غده.
نحن نؤمن بالديمقراطية طريقا ومستقبلا واسلوب حياة، وبالتعددية السياسية، وبالتداول السلمي للسلطة، ونؤكد على حق الشعب في صنع مستقبله، هو - وحده - مصدر السلطات، والحرية والكرامة الانسانية والعدالة الاجتماعية حق لكل مواطن، ولنا - ولأجيالنا القادمة - السيادة في وطن سيد.
نحن الآن نكتب دستورا يجسد حلم الأجيال بمجتمع مزدهر متلاحم، ودولة عادلة تحقق طموحات اليوم والغد والمجتمع.
نحن - الأن - نكتب دستورا يستكمل بناء دولة ديمقراطية حديثة، حكمها مدني.
نكتب دستورا نغلق به الباب أمام أي فساد وأي استبداد، ونعالج فيه جراح الماضي من زمن الفلاح الفصيح القديم، وحتى ضحايا الاهمال وشهداء الثورة في زماننا، ونرفع الظلم عن شعبنا الذي عانى طويلا، وتعرضت بعض فئاته لمظالم عديدة بسبب خصوصيتها الثقافية أو موقعها الجغرافي، كأهل النوبة والصعيد وسيناء والواحات.
نكتب دستوراً يؤكد أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، كما جاء(1) في الأحكام المضطردة للمحكمة العليا، وهي الجهة المختصة وحدها بتفسير مواد الدستور في أحكامها.
نكتب دستوراً بفتح أمامنا طريق المستقبل، ويتسق مع الشرعية الدولية لحقوق الإنسان التي شاركنا في كتابتها وصادقنا عليها، ونري ثراء مصادر التشريع يفتح أمامنا آفاق التقدم.
نكتب دستوراً يصون حرياتنا، ويحمي الوطن من كل ما يهدده أو يهدد وحدتنا الوطنية.
نكتب دستوراً يحقق المساواة بيننا في الحقوق والواجبات دوي أي تمييز.
نحن المواطنات والمواطنين، نحن الشعب المصري، السيد في الوطن السيد، هذه إرداتنا، وهذا دستور ثورتنا.
هذا دستورنا.
(1) ''مبادىء الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، وهذه المبادىء تعني الأحكام قطعية الثبوت والدلالة، باعتبار إن هذه الأحكام وحدها التي يكون الاجتهاد فيها ممتنعا، لأنها تمثل من الشريعة الاسلامية مبادئها الكلية، وأصولها الثابتة التي لا تحتمل تأويلا أو تبديلا.
لا كذلك الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها، أو بدلالتها أو بهما معا، ذلك إن دائرة الاجتهاد تنحصر فيها، على أن يكون الاجتهاد دومًا واقعا في إطار الأصول الكلية للشريعة بما لا يجاوزها، ملتزما ضوابطها الثابتة، متحريا مناهج الاستدلال على الأحكام العملية والقواعد الضابطة لفروعها''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرةللاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: