دار الإفتاء تصدر تقريرًا حول أسباب الفكر المتطرف ومسئولية العلماء وطرق مواجهته
كتب: محمود علي:
أكدت دار الإفتاء المصرية أن التصدي للفكر المتشدد والمتطرف، هو مسئولية الجميع، علماء الدين والدعاة والأئمة على وجه الخصوص لما لديهم من أفق واسع ورؤية تتسم بإدراك حقائق الإسلام ومقاصده وغاياته في إطار المنهج الوسطي الذي يتبناه الأزهر الشريف بمؤسساته والتي يجب أن يكون لها الصدارة في اجتثاث تلك الأفكار المتطرفة من جذورها.
وأضافت دار الإفتاء في تقرير أعده مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء الشاذة من خلال دراسة معمقة للوضع المعاصر أن قضية التطرف والغلو والعنف شغلت بال الكثيرين من علماء الدين فى المرحلة الراهنة من تاريخ الأمة، لما ترتب على هذا الفكر من سفك وإراقة للدماء وعنف وتدمير وتخريب للممتلكات العامة والخاصة، وتقويض للدول، واعتداء على حرية ومعتقدات الآخرين، باسم الدين، وذلك نتيجة للفتاوى المغلوطة الصادرة عن أناس غير متخصصين، تحرض على القتل والعنف تارة، وتارة أخرى تدعو إلى التخوين وبث الرعب فى نفوس المواطنين الآمنين.
وطالب تقرير مرصد الإفتاء بضرورة التنبه للظاهرة من البداية والعمل على غرس القيم الفاضلة والأخلاق النبيلة والثقافة الإسلامية الصحيحة في نفوس النشء ليشبوا على ما تربوا عليه، ليكون لديهم حصانة مانعة من تسلل الفكر المتشدد والمتطرف والأفكار الهدامة إلى عقولهم قبل أن يقعوا فريسة سهلة لتلك المعتقدات الخاطئة، وبذلك يتحولون إلى أداة هدم وتخريب تنشر الفوضى والخراب والدمار في المجتمع، بدلا من البناء والتعمير الذي أراده المولى عز وجل وأمر به في قرآنه.
وذكر تقرير مرصد الافتاء أن الفكر المتشدد والمتطرف نشأ في عقول الشباب بسبب قراءة بعض الكتب الدينية بطريقة فردية وعشوائية وأخذ المعلومات الدينية من أشخاص هواة ليس لهم قدم راسخة في العلم الشرعي وهذا يستلزم العودة الى مصادر العلم الأصلية، باعتماد الشباب على المناهج المنضبطة التي تدرس على أيدى العلماء والأساتذة في الأماكن المعدة لذلك في الأزهر الشريف وما يماثله في منهجه الوسطي من معاهد وجامعات في العالم ، وعلى العلماء تقدم الصفوف في نشر المنهج الإسلامي الوسطي والبدء في برامج إعادة تأهيل الشباب الذين سقطوا في براثن التطرف والعنف، وإعاقة أي عمليات تجنيد جديدة من خلال الحملات التوعوية والبرامج الإرشادية والملتقيات الدينية.
ونصح تقرير مرصد الإفتاء العلماء اتخاذ أساليب وطرق مختلفة لاحتواء الشباب ووقايتهم من مخاطر التطرف والعنف ، من خلال الالتزام بتقديم نموذج وسطي للتدين والسعي الجاد في أن تكون الوسطية ثقافة عامة سائدة وترسيخ واستنهاض مشاعر الترابط بين جميع فئات وشرائح المجتمع ، وتوعية المجتمع بأضرار وعواقب التعصب والتشدد وأخذ العبرة من المجتمعات التي تعاني من هذه الآفات الفكرية التي تفتك بنسيجها الوطني ، وتوجيه طاقات الشباب واستثمارها لصالح الوطن والحرص على مشاركتهم لرصد رؤاهم تجاه الوطن ، والتواصل مع شباب الجامعات، من خلال إقامة الندوات والمؤتمرات والمحاضرات، داخل الحرم الجامعي وفي الملتقيات الدينية والثقافية ، واعتماد الحوار كوسيلة للتغيير، ومقابلة الكلمة بالكلمة، والفكر بالفكر، والحجة بالحجة، والدليل بالدليل.
واقترح تقرير المرصد أيضاً تبني سياسة الاحتواء الفكري لمن وقعوا في براثن التطرف، معللا ذلك بأن الاحتواء سيحدث تقاربا بينهم وبين محاوريهم من العلماء، ويفتح آفاقا للحوار والسماع، فإن استمتعوا وفتحوا آذانهم وقلوبهم كان هذا أدعى لإقناعهم.
وأشار التقرير أيضاً علي أهمية عقد جلسات إعادة تأهيل يقوم العلماء من خلالها بالرد علي الشبهات المتطرفين فكريا من خلال التأصيل والعلمي وبحث بيان مواطن الخلل في الاستدلال، سواء أتعلق هذا بالفهم الخاطئ، أو إيراد الأدلة في غير موطنها، أو تحميلها ما لا تحتمل، أو إخراجها عن سياقها الديني والتاريخي.
واختتم التقرير توصياته بضرورة دعم الانتماء الوطني مؤكدا أن الانتماء الوطني يعد من المشاعر والروابط الفطرية التي ينمو ويكتسب ليشد الإنسان إلى وطنه الذي استوطنه مشيرة إلي قول الرسول صلى الله عليه وسلم حين أخرجه قومه من مكة (لولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت ).
وشدد التقرير على أن الانتماء الوطني يقتضي مراعاة ما يرتضيه المجتمع من أسلوب حياة، فإن كان المجتمع قد ارتضي أن تكون المنظومة الأخلاقية ضابطة لحركة المجتمع فالانتماء الحق لهذا الوطن يجعل تعاليم الدين الصحيحة نبراسا للمجتمع وأن الخروج عن هذا الفهم يسبب الاضطراب الفكري للمجتمع ككل.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: