لمن "الدعم" اليوم؟
كتب - محمد الصاوي:
قرارات رفع الدعم المتوالية عن بعض السلع الأساسية والرئيسية جسدت حصارًا حول عنق المواطن البسيط، فهذه القرارات لم تقابلها الزيادة المناسبة في المرتبات او المعاشات، مما جعلها تأكل من خبز المواطن وتشاركه لقمة عيشه خاصة إذا كان من محدودي الدخل.
فرغم إعلان الحكومة مرارًا وتكرارًا أن هذه الإجراءات لن تمس محدود الدخل، وأن أغلبها ينصب في اتجاه إعادة ترتيب الأوراق لتوصيل الدعم لمستحقيه، إلا أن نيران هذه القرارات لفحت في طريقها الفقير، فشهد عام 2014 قرارات متوالية بخفض الدعم جعلت المواطن يترنح في مجابهتها ومحاولة اللحاق بها وسدادها.
وقررت الحكومة برئاسة المهندس إبراهيم محلب، في يوليو من العام الماضي، خفض الدعم عن الطاقة ورفع أسعار الوقود مما تسبب في استياء لدى معظم المواطنين، حيث تم تحريك أسعار الوقود، ورفع سعر لتر بنزين 80 إلى 1.60 جنيه بدلاً من 90 قرشاً، ورفع سعر لتر بنزين 92 إلى 2 جنيه و60 قرشًا بدلاً من 1 جنيه و85 قرشًا.
كما تم رفع سعر لتر بنزين 95 إلى 6.65 جنيه بدلاً من 5.65 جنيه، ورفع سعر السولار إلى 1.80 جنيه بدلاً من 1.10 جنيه، مما شكل عبئاً على المواطنين نظراً للزيادة الكبيرة والغير متوقعة سواء على مالكي السيارات أو من يستخدمون المواصلات العامة الذين تمت زيادة التعريفة عليهم بين ليلة وضحاها.
وفي خطوة تالية، قامت الحكومة بخفض الدعم عن الكهرباء، وإعادة هيكلة أسعارها، بما يؤدي إلى التخلص من الدعم على مراحل على مدى 5 سنوات.
كما قررت الحكومة زياده أسعار استهلاك مياه الشرب، ورفع تعريفة المياه على الشرائح العالية التي تستخدم أكثر من 20 متر مكعب في الشهر.
وقررت الحكومة رفع أسعار الأسمدة المدعمة بنسبة 33 بالمئة، ليصل سعر طن أسمدة اليوريا بعد الزيادة إلى 2000 جنيه بدلاً من 1500 جنيه، وسعر طن النترات إلى 1900 جنيه بدلاً من 1400 جنيه، ليصل ثمن الشيكارة على الفلاح إلى 100 جنيه بدلاً من 75 جنيهًا في الجمعيات الزراعية.
وفي بداية العام الجديد قررت الحكومة إلغاء دعم زراعة القطن، وكان عادل البلتاجي وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، قد أعلن أن الدولة لن تدعم محصول القطن خلال الموسم الزراعي المقبل سواء للمزارع أو للمغازل، داعيًا الفلاحين الراغبين في زراعة القطن طويل أو قصير أو متوسط التيلة إلى ضمان تسويقه قبل زراعته.
وبعد هذه القرارات بخفض الدعم أو إلغاؤه كلياً، أعلنت الحكومة عن نيتها زيادة سعر تذكرة "المترو" خلال الفترة المقبلة، مما يزيد من أثقال كاهل المواطن البسيط، خاصة أنه تردد زيادة سعر التذكرة من جنيه إلى 25 جنيه.
وفي هذا الشأن، قال الدكتور أسامة عبد الخالق الخبير الاقتصادي، إنه من المؤكد أن كل قرارات رفع الدعم، أدت إلى خفض الدخل الحقيقي للمواطن، مما يزيد من معاناته، وإحساسه بتخلي الدولة عن دورها في الاستماع لمشاكل المواطنين.
وأشار أسامة في تصريح خاص لمصراوي ، إلى أن الدولة مضطرة وليست متعمدة لخفض الدعم، لأن الموارد السيادية للدولة تراجعت بشدة منها السياحة والاستثمار، والأحداث الأمنية الغير مسئولة ساعدت على ذلك، كما أن تراجع الاحتياطي النقدي من 35 مليار دولار إلى 15 مليار دولار أدى إلى عجز الدولة عن أداء دورها المنوط بها القيام به.
ولفت إلى أن الدولة لن تستطيع الاستمرار في القيام بهذا الدور نتيجة العجز في الموازنة العامة، كما أن الدعم يستحوذ على 30 بالمئة من الموازنة العامة، مما أدى إلى انخفاض الدعم العيني ودعم السلع والخدمات والدعم النقدي، مما أدى إلى إحساس المواطن المصري بالمعاناة.
وأوضح أسامة أنه من المؤكد أن هذه القرارات مجرد قرارات مرحلية ومؤقتة، لابد أن يتحملها المواطنون وهي فترة لا تزيد عن سنة، لأن مصر فى طريقها لاستعادة مكانتها الدولية والإقليمية، واسترداد ما فقدته من استثمارات عربية وعالمية، خاصة خلال المؤتمر الاقتصادي العالمي الذي سيعقد في منتصف مارس بمدينة شرم الشيخ.
وقال إن الدولة ستطرح خريطة استثمار لكل احتياجات الاستثمار القومي المصري الأمر الذي يؤكد أن المستقبل القريب سيحول هذه الأعباء المؤقتة إلى إحساس بالرفاهية وارتفاع نصيب المواطن من الدخل ورصيده من الخدمات.
وتأتي إجراءات خفض الدعم في إطار إجراءات إصلاحية قامت بها الحكومة خلال الفترة الماضية وتشمل الإصلاح الهيكلي للموازنة العامة، وتعديل التشريعات الاقتصادية التي تعوق الاستثمار، بالإضافة إلى العمل على حل مشكلات المستثمرين
وتسعى الحكومة من خلال إجراءات خفض الدعم إلى خفض الدين العام الذي بلغ 93.6 بالمئة من الناتج المحلي بنهاية العام المالي (2013 - 2014) إلى ما بين 80 و85 بالمئة مع حلول العام (2016 - 2017).
كما تسعى للوفاء بالالتزام الدستوري، والذي يقضي بأن يصل الإنفاق على مجالات الصحة، والتعليم، والبحث العلمي إلى 10 بالمئة من الناتج القومي الإجمالي لمصر وذلك بشكل تدريجيي خلال 3 سنوات بدءًا من العام المالي الحالي.
وتهدف الدولة أيضاً من وراء قراراتها الإصلاحية التي وصفها بعض الخبراء الاقتصاديين بالتقشفية، إلى تخفيض عجز الموازنة العامة الذي وصل إلى نحو 12.8 بالمئة بنهاية السنة المالية الماضية، وهو ما يحظى بثقة المؤسسات المالية الدولية، ويساعد على جذب الاستثمارات.
وأشاد صندوق النقد الدولي في أكثر من مناسبة بالإجراءات الإصلاحية المصرية، منوهًا إلى أن مصر وضعت قدميها على الطريق الصحيح ولكن مازال أمامها الكثير من التحديات التي يجب أن تواصل الإصلاحات من أجل مواجهتها خلال المرحلة المقبلة.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: