جمال عيد: السجون ممتلئة بالشباب و 2014 هو الأسوأ على المستوى الحقوقي (حوار)
حوار ـ هاجر حسني:
تصوير- نادر نبيل:
عام 2014 هو الأسوأ من الناحية الحقوقية، فما يحدث من قبض عشوائي وعقاب لشباب الثورة يخلق رغبة في الثأر والانتقام لدى أشخاص ليسوا متطرفين من الأساس، بالإضافة إلى ضعف أداء الحكومة وفشلها، كل ذلك يجعلنا نؤكد أن هذه كانت أسوأ لحظات حقوق الإنسان على الإطلاق.. هكذا علق جمال عيد، رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان على انتهاكات عام 2014، مؤكدا أن العصا الأمنية ليست بديلة لسيادة القانون... وإلى نص الحوار:
ما تقييمك للحالة الحقوقية خلال عام 2014؟
2014 من الناحية الحقوقية والقانونية هي الأسوأ على الأقل خلال 22 عام مضت، وهي فترة عملي كمحامي في حقوق الإنسان، فلم يسبق لمصر وجود هذا الكم من القبض العشوائي للصحفيين منذ أيام السادات في سبتمبر 1980 حيث كان في وقت واحد أكثر من 18 صحفي محتجز، بالإضافة إلى حجم منع المقالات واستبعاد الإعلاميين والصحفيين من مناصبهم الذي تم هذا العام، وخلق إعلام الرأي الواحد والصوت الواحد، وما حدث من قبض العشوائي الواسع حتى أصبحت السجون ممتلئة، فتحولت معسكرات الأمن والأقسام لأماكن لسجن الشباب، والذي كانت نتيجته واقعة اختناق 6 محتجزين داخل أحد الأقسام.
إلى جانب ما يحدث من قبض عشوائي وعودة التعذيب تساهم في خلق رغبة في الانتقام والثأر والكراهية لدى أشخاص ليسوا متطرفين من الأساس، أيضا القوانين التي صدرت، مثل القانون الأخير رقم 140 لعام 2014 والخاص بتسليم المتهمين وليس المحكوم عليهم ومن قضوا فترة حكمهم والذي أصدره السيسي، فهناك استنتاج أن هذا القانون له علاقة بصحفيي الجزيرة، بخلاف أحداث عنف وإرهاب، ووجود رفض لمناقشة حلول ورؤى بديلة للعصا الأمنية والبوليسية فقط في مواجهته، فالعصا الأمنية ليست بديلة لسيادة القانون واقرار العدالة حتى نحول معركة الإرهاب لمعركة مجتمع.
فالعقاب الذي يطول شباب الثورة، بالإضافة لحزمة قوانين مصادرة للحريات و11 قانون آخر تمثل انتهاكات للدستور، يجعلنا نقول أن هذه كانت أسوأ لحظات حقوق الإنسان على الإطلاق في خلال العام.
كيف رأيت أحكام الإعدام للإخوان في مقابل البراءة لنظام مبارك؟
الأرقام القياسية في أحكام الإعدام خلال جلسة واحدة لم تحدث في مصر ولا في العالم حديثا أو قديما، في مقابل أحكام البراءات الواسعة للمتهمين بالقتل والذي يعتبر جزء منها منطقي لأنه لم يسجن من 160 ضابط متهمين بقتل ثوار يناير إلا 4 احتياطيا، والباقين اصطنعوا أدلة براءتهم من وجهة نظري، فتم تبرئتهم، وذلك حدث أيضا في قضية مبارك والذي كان متهم فيها بقتل المتظاهرين حيث حصل على البراءة لضعف الاجراءات، ووجود تحقيقات ضعيفة أو أدلة، وهذا يدل على عدم وجود إرادة سياسية لمعاقبة المتهمين.
يصرح الكثير من المسئولين بأن ليس هناك ''معتقلين'' داخل السجون.. ما رأيك؟
بنص القانون ليسوا معتقلين بل محبوسين احتياطيا لكن في حقيقة الوضع فهو اعتقال وأسوأ من الاعتقال، لأنه ببساطة الحبس الاحتياطي إذا كان بدون سقف محدد ومدى زمني محدد
فهو أسوأ من الاعتقال، لأنه في حالة الاعتقال تحتاج كل شهر أن ترفع تظلم أمام المحكمة، كمثال هناك شاب يدعى محمود محمد تم القبض عليه قبل أن يتم عامه الـ 18 بأيام لارتدائه تي شيرت يحمل جملة وطن بلا تعذيب، وهو في السجن منذ عام، فأصبح الحبس الاحتياطي يستخدم كعقاب للشخص لأنه إذا تمت محاكمته سيبرأ، ولذلك أقول إنه نظام أسوأ فما يحدث هو حلقة ''شريرة جهنمية''، لإضفاء مشروعية قانونية مزيفة على إجراءات تصادر الحريات وهو أسوأ من قانون الطوارئ، ولذلك فكلمة اعتقال صحيحة أو حبس طويل الأمد.
ماذا عن الأمن الوطني، هل يتبع نفس الأسلوب الذي اعتمده في فترة الرئيس الأسبق مبارك؟
لن أحاسب على الضمائر ولكن سأحاسب على الأفعال، فهناك حالة من الانتقام والتعذيب تحدث داخل السجون وسأضرب مثال بمحاكمة أحمد دومة وأحمد ماهر ومحمد عادل في معهد أمناء الشرطة، حيث تم تعذيبهم وعندما اشتكوا للقاضي طلب منهم أن يثبتوا ذلك فخلعوا ملابسهم ورأى آثار التعذيب بنفسه، ولكن لم يتم التحقيق في الواقعة رغم أن القاضي تأكد من أن التعذيب تم داخل السجن لأنهم وقتها كانوا في عهدة الداخلية، ولم توجد إرادة سياسية لوقف التعذيب، فعندما يفلت القاتل أو جلاد التعذيب من العقاب أو الضابط لم يحاسب على سوء معاملة أو قتل، لن يوقف تعذيبه.
ولكن زيارات المجلس القومي لحقوق الإنسان للسجون كانت تؤكد عدم وجود تعذيب؟
المجلس القومي صرح بأنه لا يوجد تعذيب داخل السجون، فعندما تم ابلاغه بوجود تعذيب في سجن أبو زعبل نظم الزيارة لسجن طره، فالمجلس طوال الوقت يتواطأ ويعمل ''كوافير'' لتلميع نظام قبيح طوال الوقت بالنسبة لحقوق الإنسان.
جدل كبير أثير حول تقرير لجنة تقصي حقائق 30 يونيو، كيف تقيم عمل اللجنة ونتائجها؟
اللجنة لم تنشر التقرير ولكن تحدثت عنه فقط، فهذه ليست أول لجنة لتقصي الحقائق، فأول لجنة شكلها أحمد شفيق عن الثورة وأصدرت التقرير وتم اضافته لقضية مبارك وحصلنا على نسخة منه، ولكنه لم يستخدم في القضية، وتم تشكيل لجنة تقصي حقائق أخرى بعد ذلك في فترة حكم مرسي ولكن تقريرها لم يرى النور حتى الآن، لأن التقرير سيُدين مهما حاول تجميل الوضع، وكان الهدف الأساسي من تشكيل لجنة 30 يونيو هو الرد على تقرير المجلس القومي والذي اختلفنا معه، والدولة كانت تريد أن تظهر في مظهر البريئة وتقرير المجلس القومي لم يؤكد ذلك، فلذلك لجأت للجنة تقصي حقائق 30 يونيو، ولذلك فإن اللجنة الحالية ورئيسها فؤاد رياض للأسف سقطت في المصداقية.
ونحن لا نريد أن وجه أي تقرير إدانات لأحد ولكن لابد من إعمال المصداقية، لأن شهادة الدم لا يجوز فيها المجاملة، فجميع التقارير التي صدرت عن فض الاعتصامات أكدت على عدم تكافؤ القوة بين الطرفين من الأمن والمعتصمين، ولكن هذه التقارير تقنع فقط أنصار هيستيريا العنف ومن يؤيدون القمع.
''القضاء مسيس'' تتفق أم تختلف مع هذه الجملة؟
هناك تعبير نؤكد عليه منذ سنوات ومازلنا نراه، وهو أن القضاء العربي كله غير مستقل ولكن هناك قضاه مستقلين، وكمثال عندما نقول أن وزارة الداخلية تحتاج لإصلاح فهذا ليس
معناه أن كل الضباط فاسدين ولكن هناك منهم من يراعي ضميره فرحم الله اللواء البطران، ولكن المؤسسة ككيان تحتاج لإصلاح وبالقياس عليه فالقضاء أيضا يحتاج لإصلاح، وأنا أكدت في يناير 2012 أنه إذا تقدمت الثورة سيتم محاكمة مبارك ويحصل على حكم إدانة أما إذا تم قمعها فسيحصل على البراءة وهو ما تمنيت أن أكون على خطأ فيه ولكنه للأسف حصل على البراءة.
نحن لدينا أحكام تصدر ليست طبقا للجريمة التي ترتكب ولكن طبقا لانتماء المتهم، وأنا كمحامي لا أثق في العدالة في مصر، فهناك مقولة فحواها أنه ليس مهما أن يحكم القاضي فقط بالعدل ولكن أن يشعر أطراف القضية بهذا العدل، وما يحدث الآن من محاكمات لا تشمل عدل ولا شعور بالعدل، والرد على هذا ليس بالهجوم والتأكيد بأن القضاء شامخ دائما، القضاء ''على عيني وعلى رأسي'' بس القضاء بشر ويحتاج لإصلاح.
إذن هل يجوز الاعتراض على أحكام القضاء؟
هناك مقولة خاطئة تقول ''لا يجب التعليق على أحكام القضاء'' وهي غير صحيحة فمن المؤكد أنه لا يجب التعليق على القاضي أو على القضية خلال نظرها، ولكن أنا كمحامي عندما اتقدم بنقض للحكم فأقول هذا الحكم يشوبه الفساد في الاستدلال أو تجاوز القانون أو اغفل شئ، فهذا تعليق ومن حقي لأني عندما أنقض أرى الحكم غير متماشيا مع القانون، ولكن كل ذلك دون التطرق لشخص القاضي أو تفاصيل القضية أثناء نظرها حتى لا أؤثر على سير القضية، ولكن من حقي التعليق على وجود محاكمات عادلة أم لا، ولكن عندما يسمح لمبارك والعادلي من الدفاع عن أنفسهم في المحكمة والاسترسال في الخطب، بينما يحرم شباب الثورة من الدفاع عن أنفسهم والرعاية الطبية، فهنا تتنافي شروط المحاكمة العادلة، فشروط المحاكمة العادلة توافر حق الدفاع وكفالة حق المتهم في ابداء دفاعه ولكن عندما يسمح للبعض والبعض الآخر لا، فتبدأ الشكوك تلتف حول هذه المحاكمات.
قلت في تدوينه سابقة إن حكم براءة مبارك والعادلي سيصب في مصلحة الإخوان والفلول.. لماذا؟
الفلول يجاهرون بوقاحة شديدة بأن ثورة يناير كانت مؤامرة، وعندما يحصل مبارك وضباطه على أحكام البراءة، فيتم الترويج لوجود مؤامرة وأن من قتل المتظاهرين هم حزب الله وما يسمى بفرسان مالطة، ولكن أين هم لماذا لم يتم محاسبتهم من قبل الجيش الذي كان يحمي في هذا الوقت؟ ولهذا يفيد الفلول، أما عن الإخوان طول الوقت يؤكدون أن نظام السيسي تابع لنظام مبارك ولذلك لن يضحي بجزء منه وأيضا أن انتماءه ليس للثورة.
و''فلول الحزب الوطني يعودون الاستعداد للانتخابات البرلمانية، أحمد عز بيفتتح مصانعه تاني ويحضر حفلات، كل ذلك يجعل الناس أقرب لتصديق كلام الإخوان، وفي الحقيقة أنا أيضا محتار فالنظام يعلن عن انتماءه وانحيازه لفصيل بممارساته، ولا يصح أن أردد دائما أن يناير ثورة واصطحب معي الإعلامي الذي يؤكد دائما على أن يناير مؤامرة، وهو ما يحدث عندما يصطحب الرئيس السيسي معه في كل رحلة أحمد موسى، ثم يؤكد البعض أنها حرية تعبير، فهل من الممكن أن يصطحب السيسي معه أحد الإعلاميين الذين يتبنون وجهة نظر أن 3 يوليو انقلاب أو مؤامرة؟، فهنا يوجد ازدواج وكيل بميكيالين، وبالتالي أنا أرى أن نظام السيسي نظام غير عادل على الإطلاق، لكن لم أكن أتصور أنه بهذه الفجاجة في الانحياز لنظام مبارك''.
من وجهة نظرك.. كيف ترى أداء الإعلام وظهور الحقوقيين على الساحة الإعلامية؟
الحقوقيون ليسوا ملائكة، يوجد منهم متواطئون وهناك آخرين فاسدين، عندما كانت الثورة في عنفوانها كان هناك استضافات دائمة للحقوقيين الذين يفخرون بانتمائهم لثورة يناير وأنا من ضمن هؤلاء السعداء، وأرى أنها أعظم حدث في تاريخ مصر، الآن يتم استضافة الحقوقيون الذين يتبنون وجهة نظر أن يناير مؤامرة، والإعلام حاليا يتخلص من الاعلاميين الذين يلتزمون بالحيادية والنزاهة، ونبحث عن الإعلاميين المهنيين لن نجدهم إلا استثناءات بسيطة تؤكد القاعدة، فالآن يسود إعلام الرأي الواحد والصوت الواحد ويعد أحمد موسى وعبد الرحيم علي على رأس القائمة الطويلة.
والحقوقيون الذين يتم استضافتهم هم من يغيرون جلدهم مع كل نظام بمعنى أصح ''يهللون'' للنظام، فهل يجوز أن يقول أحد الحقوقيون أبيدوا الإخوان وأعدموهم أو حملوا الطلاب مصاريف شركة فالكون، فأنا في الحقيقة استعر من هؤلاء الحقوقيين، وإذا كان هؤلاء من يمثلون حقوق الإنسان فأنا برئ منها، بالإضافة إلى أننا الآن غير مرغوب فينا وإذا تم ذكر أسماءنا حاليا فيكون للتشهير والاعتداء على الحياة الخاصة وليس مناقشة الرأي، وعند استضافة أحدنا يكون هناك كمين أو فخ، والدليل على ذلك إني كنت في لقاء مع أحد الإعلاميين والإعداد أخبرني أن الاتصالات والمداخلات جميعها من داخل الاستوديو.
ولكن المؤشر الايجابي هو أن الجمهور انصرف عن هذا الإعلام المصري بعدما كان يتابع يسري فودة وريم ماجد وأيضا باسم يوسف، فمقدمة النشرة التي قالها أحمد خير، مذيع قناةONTV، حصدت مشاهدات خلال يوم واحد يحل عليها برنامج أحمد موسى خلال عام، وهذا يؤكد أن هناك عقول ما زالت تفكر وترفض الأنواع الأخرى من الإعلام.
وماذا عن أداء قناة الجزيرة؟
منذ يومين طلبت قناة الجزيرة مداخلة مني، وفي الحقيقة الجزيرة لها انحيازات ولذلك أرفض أن تكون اللقاءات مسجلة، ولكن نستطيع أن نتذكر لها جزء من دورها في ثورة يناير، فالجزيرة بالنسبة لي قناة مثل باقي القنوات لي ملاحظات عليها، ولكنها من المؤكد أنها أفضل من قنوات أخرى مثل صدى البلد والذي يعد مالكها من الفلول وتم انشائها للتشهير بشباب الثورة، ولذلك عندما نقارن الإعلاميين مثل أحمد موسى وبرنامج كالصندوق الأسود فتصبح الجزيرة أفضل طبعا وهذا لا يعني أنها المفضلة بالنسبة لي ولكنها أفضل بالمقارنة.
وبالحديث عن نفسي فأنا لا اتابع محطات مصرية ولكن محطات أجنبية مثل دويتش فيلا وبي بي سي، وعلى الرغم من ذلك فعند وجود أخطاء ترتكبها محطات فضائية لا يجوز غلق القناة بأكملها ولكن محاسبة المتسببون في هذه الأخطاء.
لكل مرحلة سياسية سمة، هل ترى أن التخوين والتشوية هي سمة هذه المرحلة؟
أي ثورة مضادة يكون لها أسلحة ومن ضمنها استخدام الإعلام في تخوين أي شخص يحمل رأي مختلف، فمثلا نحن لا ننتمي أو نؤيد الإخوان ولكن هم لا يكفيهم ذلك فإما أن أنحاز للقمع أو لا، ولكن لا يجوز بالنسبة لهم أن أكون مختلفا مع الفريقين، لابد أن أكون ضد الإخوان وفي نفس الوقت أؤيد القمع، نفس فكرة في عهد الإخوان عندما أكون مؤيد للدولة المدنية فيتم اتهامي بالكفر لأنه لابد أن أؤيد الدولة الدينية، فسياسة التكفير يقابلها من الجهة الأخرى سياسية التخوين، وفكرة التخوين والتكفير لا تبني مجتمعا.
في رأيك.. العودة لعصر قمع مبارك واردة؟
القمع الحالي أشد من قمع مبارك لأن المقاومة الآن أشد، فوجود المقاومة مع أحكام الإعدام والقوانين المصادرة للحريات وكم التقييد تجعل القمع أكثر شدة عما سبق.
ما مدى قانونية مطالبات اسقاط الجنسية؟
منذ 2010 حتى الآن هناك 3 مصريين تم اسقاط الجنسية عنهم كان أحدهم ويدعى موريس صادق متطرفا مسيحيا وهي نفس الأسباب التي أدت لاسقاط الجنسية للشخصين الآخرين، ولكن المطالبة بذلك شئ مختلف، هناك شخص من المحتسبين سياسيا رفع دعوى واحدة اسقاط جنسية عن البرادعي وجمال مبارك وبالطبع كانت نكتة ساخرة، ثم باسم يوسف، ثم مطالبات باسقاط الجنسية عن الإخوان كلهم، فمن حق أي مواطن يقدم بلاغ ولكن المشكلة تكمن في تعامل النيابة مع هذه البلاغات بجدية، لأن الجنسية ليست ملك للحاكم أو الحكومة ولكن ملك للمواطن، والدولة الآن تدير المجتمع لفترة مؤقتة، بالتالي مش من حق بيدير انه يتصرف كمالك لأننا لسنا عبيد، وبالطبع هي ليست قانونية بدليل تعامل النيابة مع معظمها بالتجاهل.
كيف ترى لائحة السجون التي وضعها ''القومي لحقوق الإنسان'' بالتعاون مع الداخلية؟
بها مواد جيدة، وأفلح إن صدق، بمعنى تطبيقها على كل المسجونين بغض النظر عن انتمائاتهم، وإن تم تطبيقها بشكل سليم ستكون خطوة في حماية كرامة المسجون، لأن العقاب يكون سلب حريته ولكن ليس كرامته.
صعوبات عديدة واجهت العمل الأهلي خلال العام، هل يمكن أن يكون هناك عمل حقوقي في ظلها؟
هناك دول مستبدة ولكن في نفس الوقت ذكية، ولكن وجود دولة مستبدة وتتمتع بالغباء هذه هي النقطة، حقوق الإنسان لا تهدم مجتمع لأنها ببساطة لا تخلق انتهاك أو مشكلة ولكنها تكتشفها وتبرزها، وجود المجتمع المدني ضروري لأن المجتمع المدني ليس فقط منظمات حقوقية ولكن جمعيات تنموية وخيرية وأهلية، ومن المهم أن أسمح بوجودهم لأنهم يغطون عجزي وفشلي كدولة، وبالنسبة للواقع الحقوقي فما نحن فيه الآن أدعى لوجود المنظمات الحقوقي، فهناك آلاف المسجونين يحتاجون للمساعدة القانونية، ومن تعرضوا للمحاكمات العسكرية في عهد المجلس العسكري تمت مساعدتهم من قبل المنظمات الحقوقية، استطيع القول بأن 90% من صحفيي مصر بما فيهم ممن يهاجوننا دافعنا عنهم كشبكة عربية ولا أحد يستطيع أن ينكر، فالمجتمع يشبه المثلث يضم الدولة والمواطن والمجتمع المدني ولا يجوز أن نتخلى عن أحد هذه الأضلاع، ولا يجوز أيضا أن يكون المجتمع المدني جزء من نظام الدولة.
ماذا عن قضية التمويل.. وهل الدولة تكون على علم بالأموال التي يتم تحويلها للمنظمات؟
بالطبع، فهذه الأموال لا تأتي إلينا ''في شنط''، لكن المشكلة ليست مع مصادر تمويل وما تحاول الدولة تشويه المنظمات المدنية به ولكن مع طبيعة عملها، وعلى الناحية الأخرى فمنظمات ''الجونجوز'' وهي لفظ يطلق على المنظمات الحقوقية المستقلة في العلن والتابعة للدولة في الخفاء، لا يتم ذكرها من قبل الدولة لا تتحدث عنها مع العلم بأن تمويلهم ضعفنا ومن جهات مشبووهه بالفعل، فهو لا يكتفي بمهاجمتك فقط ولكن يختلق أكاذيب لتشويهك.
أما عن علم الدولة بالتمويل، نحن وضعنا مشروع قانون للجمعيات الأهلية وأكدنا فيه خلال مناقشته أن يفضل أن يكون التمويل محلي ويعلن مصدره سواء شركة أو رجل أعمال ويعلن القيمة، وإذا لم يتوافر نلجأ للتمويل الخارجي ويكون من مؤسسات مجتمع مدني أيضا وليس حكومات ويعلن قيمته وجهته أيضا، ومن يكون عنده تساؤل بخصوصها يتوجه للقضاء للفصل في الأمر، الدولة ناقشت المشروع ومشاريع أخرى كانت مقدمة مثل قانون أحمد البرعي، وزير التضامن السابق في عهد عدلي منصور ووافقنا عليه رغم أنه ليس الأفضل، وعقب انتخاب السيسي تم إلغاء مشروع البرعي ووضعوا قانون أكثر استبدادا رغم إنكار الوزارة صدور مشروع القانون ولكنه موجود وحصلنا على نسخة منه.
كيف ترى ما يحدث داخل الجامعات المصرية؟
وضع الجامعات بعد الثورة اختلف وأصبح اختيار رؤساء الجامعات بالانتخاب وكذلك العمداء، وفي عهد المجلس العسكري تم اقتحام كلية الإعلام في أبريل 2011 وتم الاعتداء على الطلاب المعتصمين وقتها، وبعدها تم الغاء انتخاب رؤساء الجامعات وأصبحت بالتعيين، مفيش حزبية في الجامعة ولكن هناك سياسة، والأوضاع داخل الجامعات تدهورت خاصة بعد تصريحات رئيس جامعة القاهرة حسام عيسى بعدم ممارسة السياسية داخل أسوار الجامعة، وتعليقه على طلقات الخرطوش التي تم ضرب الطلاب بها ووصفها بأنها ''بتلسع فقط''.
فلا يمكن ممارسة القمع مع الطلاب، فبدون الحوار لن يجدي الأمر، لأنهم المستقبل وهم من لديهم الطاقة، فبعض الطلاب يمارسون العنف ولكن لا يجوز تعميم العقوبات على جميع الطلاب، وليس معنى حديثي أن أبرر العنف، فهناك طلاب بالفعل يمارسون العنف ولكنهم نسبة بسيطة مقارنة بالآخرين.
وما الحل من وجهة نظرك؟
أهم شئ أن يكون هناك إرادة سياسية، فهناك مقولة تؤكد أن الحل الوحيد لمشكلات الديمقراطية هو المزيد من الديمقراطية وليس القمع، بمعنى أنه كيف أصدق أن أجعل منصب العمداء ورئيس الجامعة بالتعيين وألا أتوقع اعتراض من الطلاب، وأن يكون من حق رئيس الجامعة فص أي طالب دون تحقيق ويأتي من يسأل ما الحل، وعندما يكون هناك طلاب مقبوض عليهم عشوائي ولم يشاركوا في أعمال عنف فمن حق زملاءهم أن يحتجوا، فالحل التعامل بالعدل وسيادة القانون وليس تشويههم جميعا وأن أصفهم بالبلطجية والإخوان فالشباب لا يكره الحوار بل يكره القمع.
كيف تصف أداء الوفد المصري في جنيف أثناء المراجعة الدورية الشاملة؟
أنا من المجتمع المدني لا أمثل الحكومة وليس لي علاقة بتقارير الدول، ولكننا كشبكة عربية وبالتعاون مع بعض المنظمات التي تعمل في مجال حقوق المرأة والتعذيب وضعنا بعض التوصيات داخل تقرير خاص بنا وقدمناه للمجلس القومي لحقوق الإنسان، ولم نذهب بسبب الهجمة ضد المجتمع المدني وقتها ولم نكن نريد أن نزيد من مشكلاتنا مع الدولة أو استفزازها ولكن المجلس خلال الرحلة اصطحب بعض المنظمات الحقوقية المستقلة التي تتبع الدولة في الخفاء، والتي أصبحت متحدث رسمي لها، ولكننا فوجئنا بأنهم بالغوا في تجميل صورة الدولة، وناقشوا مواد الدستور ولم يذكروا وجود أية انتهاكات لهذه المواد يسعوا لإصلاحها.
أما بالنسبة للتوصيات ففي عام 2010 كانت التوصيات 160 ولكن هذا العام أصبحت 300، وما يتم ترويجه هو أن دول العالم جميعهم طابور خامس وخلايا نائمة، هذا كلام يخدع من يصدقه وهو أن الكون كله في مؤامرة على مصر، فمعظم التوصيات في 2010 لم يتم تنفيذها، ففي المراجعة خلال هذا العام تم التأكيد على عدد من التوصيات التي لم تنفذ منذ 4 سنوات بالإضافة للتوصيات الجديدة.
وهل تعاملت الدولة بشكل صحيح مع تقرير هيومن رايتس ووتش؟
الدولة تعاملت بشكل غبي مع تقرير هيومن رايتس ووتش، كان من الممكن أن يتم مناقشة التقرير والاستفادة منه إذا كان هناك ملاحظات هامة، وإن لم أجد فمن حقينا أن ننتقده، ولكن ما حدث هو أن تم مهاجمة التقرير دون قراءته ومنع دخول مدير المنظمة لمصر، وما أريد أن أؤكد عليه هو أن هذه المنظمة لا تتلقى تمويل من الحكومة الأمريكية أو من أي جهة، وهاجمت الإخوان من قبل في فترة حكمهم، مع العلم بأن تقرير رايتس ووتش والعفو الدولية والتقرير الذي أرسلناه يرصد حقائق تمت مناقشتها.
مع أم ضد.. نقل أهالي سيناء للسيطرة على الإرهاب؟
هناك ارهاب عنيف في سيناء واغتيال للجنود نرفضه تماما، لكن لا يجوز أن ننفذ عقاب جماعي على السكان لأن هناك ارهابيين بينهم، لو النظام غير قادر على حمايتهم دون نقلهم يتغير ويأتي غيره، ومشكلة سيناء ليست وليدة اليوم أو زمن الإخوان ولكن منذ أيام مبارك ومعاملتهم على أنهم مواطنون درجة ثانية وخونة، فجزء من الناس تطرف وكره الدولة، وفي عهد المجلس العسكري طبق نفس الموضوع وأهمل سيناء فأصبحت معقل للإرهابيين، فالحل هنا في نقطتين التصدي للإرهاب بالأمن والمحاكمات وليس القتل أي بمعنى أن يتم محاكمة من يقبض عليه وليس قتله، والنقطة الثانية هي تنمية سيناء بالفعل وليس بالتصريحات، ولكن التهجير ليس دستوريا، فأنا كمواطن برئ ليس لي ذنب في أن يتم تهجيري لأن هناك مشكلة مع الإرهابيين، لا يجوز تطبيق منطق السيئة تعم.
هل هناك استهداف متعمد للصحفيين؟
نعم استهداف الصحفيين مقصود، بمجرد أن يحمل الصحفي الكاميرا ويسير في الشارع يتم الاعتداء عليه، الصحفي أصبح مدان حتى تثبت براءته، يتم الاعتداء عليه بكل الأساليب وإذا تم بعد ذلك اثبات أنه يتبع قناة موالية للنظام يتم اطلاق سراحه، وإذا كان يتبع قناة معارضه يتم تلفيق القضايا له، بل ويتم بث هذه الثقافة للجماهير، فنحن في جولة لا تخجل منه أن تقول ''سنجند الطلاب ضد بعضهم''، وبالطبع الجميع على علم بقضية الصحفي آلان جريش، مدير تحرير صحيفة ''لوموند ديبلوماتيك''، والذي تم القبض عليه من على إحد المقاهي بعد بلاغ سيدة عنه وعن صديقته لأنها سمعت حوار سياسي دار بينهم.
التشريعات المؤقتة من قانون التظاهر وغيره.. كيف تراها؟
هناك مشكلتان وهي أن الرئيس السيسي توسع في إصدار القوانين ولم يقصرها على الضرورة، لأنه في حالة عدم وجود برلمان يقتصر إصدار القوانين على الضرورة فقط، هناك 140 قانون صدرت في عام 2014 وأغلبها قوانين مصادرة للحريات، المشكلة الأخرى هي تأجيل انتخابات البرلمان، وهناك غرض في ذلك وهو تهيئته حتى يكون برلمان دون معارضه، ولن ننتظر من برلمان مثل ذلك إلا أن يكون على هوى النظام.
هل يعود رموز مبارك للحياة السياسية مرة أخرى؟
سيحاولون وأنا إذا كنت في موقفهم سأسعى لذلك، وسأحاول أن أبالغ في إظهار تأييدي للنظام الحالي، وأشوه الثورة لأن إذا الثورة نجحت ستفتح ملفات قديمة وهم لا يريدون ذلك، بل يحاولون التقرب من النظام الحالي ليحصلوا على حمايتهم، ولكن ما أثق فيه هو أن الشعب لفظهم، حتى إذا تقربوا من السيسي، وأنا مع أن لمؤيدو السيسي الحق في التمسك به فمن وجهة نظرهم هو الذي خلصهم من الإخوان وبدأ في مشروعات اقتصادية وهذا حقهم ولكن هذا ليس معناه أنهم سيؤيدون رموز مبارك القريبين منه، فعقارب الساعة لن ترجع للوراء لأن نظام مبارك انتهى.
إذا كان هناك شئ واحد كسبناه أو خسرناه خلال 2014 على المستوى الحقوقي، ما هو؟
عودة الشعور للناس ببلدهم، وهجوم الناس على الآراء التي لا تعجبهم، وهو أفضل من أن الانسحاب من المشاركة نهائيا، لأن الاهتمام والتأييد والمعارضة أفضل من اليأس والاحباط و ''المشي جنب الحيط''.
ما الذي نحتاجه لبناء دولة تحترم حقوق الإنسان؟
وجود إرادة سياسية لاحترام القانون والديمقراطية، وإذا توافر ذلك سيتم إصلاح القضاء والداخلية والإعلام لأنهم أعمدة الدولة، فالإعلام سيتعلم احترام النقد والرأي والشرطة ستعلم أنها جهة لتنفيذ القانون وليست مالكة للدولة، أما القضاء الذي يفصل في حياة المواطنين جميعا لابد أن أكون مطمئنا له كمواطن وبالتالي إصلاحه سيجعل الوضع مختلفا.
هل سيتم تحقيق ذلك في المستقبل القريب.. وكيف ترى مستقبل العمل الحقوقي؟
لن يتحقق خلال الشهور القليلة القادمة لأن القادم أكثر قمعاً، وأنا شخصيا احتفظ بالملابس البيضاء في منزلي تحسبا لأي شئ، فأنا لست متفائل بالشهور القادمة ولكن بعد عام ربما يتغير الوضع لأن النظام الآن يفقد مؤيدين له ويعلم ذلك، فلديه طريقين، إما الإصلاح أو القمع وهو لم يعطي أي مؤشر للإصلاح، وإذا استمر القمع سيخلق هجمه ضده ويتم تغييره بنظام آخر أكثر ديمقراطية أو أكثر قمعا لا أحد يعلم.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: