الأضرحة.. عندما تتعلق الأيادي بالأمل- صور
تقرير- محمود سليم:
أجساد تسبح في رحاب الله، ترفع رأسها للسماء بينما تتعلق يدها بالضريح بقوة، تتحدث في خفوت بأمانيها، تناجى ربها في صمت، تدعوه بقوة، تدمع عيناها، لكل منهم رجاءه الخاص، ولربما جاء لينفذ "نذره" الخاص بعدما استجاب الله لطلبه.
"يا رب" تخرج من أفواه الحاضرين، تستشعر الطاقة الإيمانية في كل من حولك، يطوفون ولا تنقطع ألسنتهم عن الدعاء، "مدد يا شيخ العرب يا أحمد يا بدوي" تسمعها من دراويش الإمام الصوفي أحمد على بن يحيى (السيد البدوي) الذي احتفل زائريه بمولده قبل يومين.
كراماته من علامات التراث، حيث يُنسب إليه أنه كان ينقذ الأسرى المصريين من أوروبا الذين تم أسرهم في الحروب الصليبية، ولذلك انشد له المصريون "الله الله يا بدوي جاب اليسرى" أي أنه جاء بالأسرى.
"البدوي" ثالث أقطاب الولاية الأربعة لدى المتصوفين، تُنسب إليه الطريقة البدوية ذات الراية الحمراء، ولد بمدينة فاس المغربية، وهاجر إلى مكة مع عائلته، واستغرقت الرحلة أربع سنوات، منهم ثلاث سنوات أقاموها بمصر، وعندما بلغ الـ 38 من عمره، سافر إلى العراق، ورجع بعد عام واحد إلى مكة، ثم قرر في نفس العام الهجرة إلى مصر، لتكون مدينة طنطا موطن انتشار طريقته.
شيوخ ورجال ونساء وأطفال، استقبلهم مسجد السيد البدوي، يختلط الجميع في مزيج روحاني، يفترش بعضهم الأرض، والأخر يوزع نذوره على الفقراء المنتشرين في أرجاء المسجد، تجد متطوعين يحملون "جراكن" بيضاء وأكواب يطوفون المسجد لتوزيع المياه على المُريدين، يقول أحدهم أنه جاء ليأخذ ثواب ترطيب أفواه الزائرين.
تتقدم سيدة ترتدي زيها الريفي، نحو الضريح، تتحدث في خفوت، وتُقبل المقام، ثم تطلق "زعروطة" أمام الضريح، لعل الله استجاب لها ما تريد.
في المسجد الكبير الذي يتوسط مدينة طنطا يوجد 4 أضرحة أكبرهم مقام "شيخ العرب السيد أحمد البدوي"، ولكن هناك ثلاثة أخرون، تتوسط الساعة مقام "سيدى عبد المتعال" يواجهة مقامان أخران "سيدي نور الدين" ومقام "سيدي أحمد محمد حجاب".
جميعهم لهم زائريهم، الذين لم تنقطع طلباتهم من الله، ولم ينقطع طوافهم حول الأضرحة، التي تجد حولها "القميص والبنطلون" بجوار "الجلابية" بجانب النساء التي ترتدي "الجينز"، وأطفالًا ربما لهم أمنيات بسيطة تتناسب مع أعمارهم.
بجوار الضريح يلتف الناس حول "باترينة" يطل من بينها نور أخضر تجد الجميع يتزاحم للوصول لها ليضع يده عليها ويخرج، لتستمر العملية التي تنتهي لملامسة الزجاج الخارجي لحجر عليه آثار أقدام الرسول.
يخرج زائر ويأتي أخرون، تستمر الحياة داخل المسجد وخارجه مزدحمة مليئة بالمُريدين، والدراويش وحلقات الذكر التي لا تنقطع تسبح فيها الأجساد في رحاب الله حتى مطلع الفجر.
فيديو قد يعجبك: