محمود عادل.. هاوي بدرجة أستاذ في علم الفلك
كتبت-دعاء الفولي:
كان محمود عادل صغيرا يهوى النظر إلى القمر، لا يفهم نظريات العلماء عنه، غير أنه يريد البقاء فوق سطح منزله يتابعه مع النجوم. مع الوقت كَبُر اهتمامه بعلم الفلك، ظل يبحث في المجال ويتعلم دون أن يدرسه بشكل أكاديمي، حتى قرر منذ خمس سنوات الانضمام لجمعية الفلك الخاصة بالطبيب الراحل، مصطفى محمود، وتدشين صفحة على موقع فيسبوك لتوصيل معلومات عن العلم، بل وإعطاء محاضرات للمهتمين بمعرفة بعض الأمور عن الفلك، ليصبح عادل -الذي تخرج حديثا من كلية الهندسة، قسم عمارة- أحد الذين جذبتهم "نداهة" العلم المتسع.
بدأ عادل صفحة "علم الفلك" على فيسبوك، منذ عامين "فكرة الصفحة هي توصيل معلومات عن الفلك وتنظيم رحلات رصد للنجوم والكواكب"، ينشر المهندس بانتظام عدة موضوعات عن آخر ما توصل له العلماء، يعطي تفاصيل متنوعة عن الرحلات إلى الفضاء، غير أن أهم أهدافه هو تعريف الناس بالفرق بين علم الفلك والتنجيم "كتير فاكرين إن اللي بيطلعوا يتكلموا عن المستقبل علماء فلك ودة فهم خاطئ لأن التنجيم مش علم".
قبل أن يذهب المهندس العشريني إلى جمعية مصطفى محمود، كان يتابع الظواهر الفلكية قدر المستطاع "كنت أعرف مثلا إن فيه كسوف أو خسوف في مصر فأحاول أرصده أو لو أي تغير في حركة الكواكب أشوفها"، حين دلف الجمعية رحب أهلها به، بعد أن أخبرهم بمدى شغفه بالمجال "سمحولي أفضل معاهم وأحضر محاضرات"، ورغم صغر سن عادل وقتها إلا أن ذلك لم يغير في الأمر شيئا.
الطريق إلى الاطلاع على العالم الخارجي ليس يسيرا، يحتاج إمكانيات قد لا تتوفر دائما، فلم يكن عادل يستطيع أن يرصد ظواهر كثيرة بالعين المُجردة، لذا احتاج إلى صديق مُحبي الفضاء "التليسكوب"، والذي كان إحضاره أمرا مُعقدا "التليسكوبات في مصر أمر مش منتشر واللي بيبيعوها قليلين"، استطاع عادل أن يحصل على واحد محلي الصنع من أحد المهندسين بسعر جيد، لكنه واجه مصاعب في الحصول على الإكسسوارت الخاصة به من عدسات أو فلاتر يجب إحضارها من خارج مصر، إلى أن وصل الأمر للتوقيف الأمن.
ذهب المهندس في إحدى المرات للجمارك ليحصل على غرض خاص بالتليسكوب "فوجئت هناك إنهم حولوا الإكسسوار على الأمن العام"، هرع عادل إلى مقر كلية الشرطة ليعرف ما حدث؛ فقيل له أن الإكسسوار يعمل بالليزر وذلك مُنافي للأمن "حاولت أفهمهم إن الفلتر دة بيشتغل بضوء عادي خالص وإن الليزر دة اسم فقط زائد إن الليزر مش ممنوع أصلا"، لكن المحاولة لم تفلح، بل نصحه لواء من الذين جلس معهم ألا يخبر أحد عن امتلاكه لتليسكوب بمنزله "عشان دة فيه خطر عليا".
ترسخ في يقين صاحب التليسكوب منذ ذلك الوقت أن "الحكومة مش بتفتح طرق للناس عشان يتعلموا وكمان مش سايباهم يعلموا نفسهم"، لكن مساعيه لرصد الظواهر الفلكية لم تتوقف، إذ فتح الباب عبر صفحته منذ أشهر للالتقاء مع مُحبي الفلك في أماكن بعيدة نسبيا عن القاهرة وقضاء ليلة يتحدثون فيها عن الكواكب والقمر وحركتهم.
بمحمية وادي دجلة، مدينة 6 أكتوبر أو غيرهم تكون رحلات الرصد، ينظمها عادل بمفرده، يحاول التيسير على الحضور فلا يذهب لأماكن أبعد كمحمية وادي الحيتان في الفيوم، فالثانية تحتاج تكلفة أكبر تصل إلى 150 جنيها للفرد الواحد، فيما لا تحتاج الرحلات القريبة أكثر من 30 جنيها، أما مرصد القطامية فهو من الأماكن التي يريد المهندس أن يصطحب فيها متابعي صفحته "لكن ليهم شروط صعبة شوية زي إننا نكون تبع جامعة أو حاجة رسمية"، فيما لا تحتاج ليلة الرصد من راغبي الذهاب سوى زجاجة مياه وملابس أثقل قليلا وبعض الطعام والتليسكوب الخاص إن وُجد.
محاولات عادل لازالت حثيثة لتقريب علم الفلك من الناس، مؤخرا بدأ إعطاء مُحاضرات بسيطة عنه في ساقية الصاوي وأماكن أخرى، لا يكتفي بمتابعة الأخبار عن العلم، بل الاشتراك في أكبر عدد ممكن من المواقع الأجنبية التي تُغذي معلوماته، وصل عدد متابعي صفحته على فيسبوك إلى 20 ألف شخص، يرغبون معظم الوقت في معرفة الجديد "خاصة لما يبقى حدث خاص بمصر"، يحاول إشباع فضولهم، راغبا في أن يرى وكالة فضاء مصرية "احنا متأخرين جدا في المجال وفيه دول أفقر مننا زي الهند عندهم وكالة فضاء".
فيديو قد يعجبك: