سلطان الجابر: توجيهات القيادة في الإمارات هي باستمرار الوقوف إلى جانب مصر
شرم الشيخ - (أ ش أ)
أكد د. سلطان أحمد الجابر، وزير الدولة الإماراتي ورئيس المكتب التنسيقي للمشاريع التنموية الإماراتية في مصر أن التنظيم الناجح للقمة العربية السادسة والعشرين في شرم الشيخ يؤكد بأن مصر، ومن خلال وقوف أشقائها إلى جانبها، قد استرجعت مكانتها وموقعها المحوري في المنطقة.
وقال الجابر، في حوار مع وكالة أنباء الشرق الاوسط على هامش القمة العربية، إن النتائج الإيجابية التي توصلت إليها القمة تؤكد نجاح مصر في استضافتها، موضحا أن إدارة جلسات القمة بحنكة سياسية من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي كانت لها دور كبير في النتائج الطيبة التي تم التوصل إليها والتي ساهمت في ضخ الأمل والتفاؤل بالعمل العربي المشترك الذي يهدف إلى ضمان الاستقرار والتركيز على تحقيق طموحات الشعوب بالتنمية والازدهار.
وأضاف أن مصر تسير على الطريق الصحيح لاستعادة دورها ووزنها السياسي وقدرتها على القيام بدور محوري في المنطقة، موضحا أن مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري أيضا قد حقق نجاحاً كبيرا في تحقيق أهدافه، وذلك بشهادة المشاركين من مصر والمنطقة والعالم، وهو لم يكن هدفاً نهائياً، فهو نقطة البداية بالنسبة لبناء مصر الحديثة.
وشدد على أن جميع الجهات العالمية المعنية بالاقتصاد، تؤكد أن مصر تسير في الاتجاه الصحيح، سواء كنا نتحدث عن مؤسسات دولية متعددة الأطراف، مثل صندوق النقد والبنك الدوليين، أو بالنسبة للمستثمرين من القطاع الخاص الذين شاركوا بنشاط وفعالية في مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري، وأعلنوا عن الكثير من المشاريع الاستراتيجية التي تؤكد تحسن النشاط الاقتصادي في مصر.
وقال إن المرحلة القادمة تتطلب وضع خطة عمل متكاملة لتنفيذ مخرجات المؤتمر والتعامل مع تحدياتها وأنا على ثقة بأن الأشقاء في مصر قيادة وحكومة وشعباً يمتلكون طموحات كبيرة، وعزيمة وإصرارا أكبر على تحقيق هذه الطموحات من خلال مواجهة التحديات، بما في ذلك تجاوز البيروقراطية وتفعيل الأداء الإداري، وقطع مراحل أكبر في وقتٍ أقل، والتركيز على تحقيق النتائج الفعلية.
وفيما يلي نص الحوار:
سؤال: منذ عامين تقريباً لدى معاليكم حضور وتواجد فعلي في مصر للإشراف على المشاريع التنموية الإماراتية، وقبل أسبوعين كنتم في شرم الشيخ للمشاركة في مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري، واليوم أنتم في القمة العربية، ما رأيكم بالتطورات التي شهدتها مصر خلال العامين الآخرين، وخاصة في الفترة الأخيرة مع انعقاد المؤتمر الاقتصادي والقمة العربية؟
الجابر: اسمح لي أولاً أن أتقدم بالشكر إلى وكالة أنباء الشرق الأوسط التي يتميز أداؤها بالمهنية والاحتراف في قطاع الإعلام.
وبالنسبة للتطورات التي شهدتها مصر في الفترة الأخيرة، أعتقد أن هناك الكثير من الخطوات الإيجابية التي تحققت، حيث تم ترسيخ الاستقرار.. ويتجه التركيز الآن على تحسين الوضع الاقتصادي. ومن خلال العمل على المشاريع التنموية التي وجّهت القيادة الرشيدة في دولة الإمارات بتنفيذها للمساهمة في جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مصر، أتيحت لي فرصة متابعة هذه التطورات الإيجابية عن كثب. فإذا نظرنا إلى الجهات العالمية المعنية بالاقتصاد، نرى بأنها جميعها تؤكد أن مصر تسير في الاتجاه الصحيح، سواء كنا نتحدث عن مؤسسات دولية متعددة الأطراف مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، أو بالنسبة للمستثمرين من القطاع الخاص الذين شاركوا بنشاط وفعالية في مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري، وأعلنوا عن الكثير من المشاريع الاستراتيجية التي تؤكد تحسن النشاط الاقتصادي في مصر.
وجاء التنظيم الناجح للقمة العربية السادسة والعشرين في شرم الشيخ ليؤكد بأن مصر، ومن خلال وقوف أشقائها إلى جانبها، قد استرجعت أيضاً مكانتها وموقعها المحوري في المنطقة. وتؤكد النتائج الإيجابية التي توصلت إليها القمة نجاح مصر في استضافة القمة وإدارة جلساتها بحنكة سياسية كانت لها دور كبير في النتائج الطيبة التي تم التوصل إليها والتي ساهمت في ضخ الأمل والتفاؤل بالعمل العربي المشترك الهادف لضمان الاستقرار والتركيز على تحقيق طموحات الشعوب بالتنمية والازدهار.
سؤال: اسمح لي أن نتعمق في التفاصيل ونبدأ بالحديث عن أهداف مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري الذي انعقد بمشاركة دولية واسعة في شرم الشيخ؟
الجابر: كما تعلم فإن دولة الإمارات كانت أول من أيّد ودعم مبادرة المرحوم الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود – طيب الله ثراه- بالدعوة لهذا المؤتمر، حيث أكد سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أن توجيهات سيدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، تؤيد وتدعم هذه المبادرة التي تجسد الحرص الكبير على دعم الأشقاء في جمهورية مصر العربية بما يحقق تطلعاتهم وطموحاتهم نحو تحقيق الاستقرار والمزيد من التقدم والازدهار.
وكانت دولة الإمارات عضواً في لجنة إعداد وتنظيم المؤتمر، وذلك طبعاً إلى جانب الأشقاء في المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية. وأود هنا أن أشكر دولة رئيس مجلس الوزراء (إبراهيم محلب) وكافة الوزراء المعنيين في الحكومة المصرية، وأيضاً كل أعضاء فرق العمل الذين عملوا بجد ونشاط ليأتي المؤتمر بتلك الصورة.
وكانت دولة الامارات ممثلة في المؤتمر الاقتصادي بوفد رفيع المستوى ترأسه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حيث ألقى سموه كلمة ملهمة أوضحت أن العلاقات الوثيقة التي تربط دولة الامارات ومصر تاريخية وعميقة وتشمل مختلف الجوانب وان الوقوف الى جانب مصر هو واجب.
أما بالنسبة لأهداف المؤتمر فكانت تركز على أربعة جوانب رئيسية، فعلى المستوى السياسي، كان الهدف هو حشد التأييد والاعتراف الدولي بأهمية مصر ودورها المحوري في المنطقة، وعلى المستوى الاقتصادي، كان التركيز على توفير دعم تنموي للاقتصاد المصري وضمان تنفيذ خطة الإنعاش الاقتصادي وبناء الثقة بين القطاعين العام والخاص والمستثمرين والمؤسسات متعددة الأطراف، وتعزيز دور مصر كمنصة جاذبة لرؤوس الأموال ووجهة مفضلة للمستثمرين من مختلف بلدان العالم.
وعلى المستوى الاجتماعي، كان من الهدف التأكيد على أن خطط الإصلاح الاقتصادي موجهة لكافة شرائح المجتمع في مختلف المناطق المصرية مع إعطاء أهمية خاصة لتمكين المرأة ودور الشباب.
وهناك أهداف إعلامية تركز على تحقيق تغطية إعلامية إيجابية تسهم في ترسيخ الصورة الجديدة لمصر، وإرساء ركائز قوية لأجواء إيجابية تساعد على الانطلاق نحو تحقيق الأهداف المنشودة.
سؤال: حسب رأيكم، ما الذي تحقق من هذه الأهداف؟
الجابر: أعتقد أن هناك إجماعا إقليميا ودوليا بأن مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري حقق نجاحاً كبيراً وساهم في بثِّ روح الثقة والتفاؤل بمِصر المستقبل. وأعتقد أن من أهم عوامل نجاح المؤتمر كانت الروح الإيجابية التي تجمع بين الواقعية والتفاؤل والتركيز على الطاقة الايجابية البنّاءة، وساهم ذلك في أن يكون المؤتمر بمثابة ورشة عمل حقيقية لمس الكل فيها روحاً جديدة للمبادرة والتطوير والإنجاز، كما تأكد ذلك من خلال حجم ومستوى المشاركة الفاعلة من مختلف أنحاء العالم والتي أكدت أهمية مصر وضرورة استعادتها لدورها الإقليمي المحوري. وبشكل إجمالي، نجح المؤتمر في تحقيق أهدافه وذلك بشهادة المشاركين من مصر والمنطقة والعالم.
سؤال: لو ناقشنا الأهداف مقابل النتائج، ما الذي تحقق في الجانب السياسي؟
الجابر: الجواب يبدأ من خلال وجودنا هنا في شرم الشيخ مرة ثانية بمناسبة القمة العربية التي حققت النجاح من خلال الإدارة المميزة للقيادة المصرية والتي أكدت استعادة الدور السياسي لمصر. وبالعودة للمؤتمر الاقتصادي، فقد أثبت الحضور السياسي رفيع المستوى لنخبة مرموقة من الزعماء العالميين في المؤتمر أن مصر تسير على الطريق الصحيح لاستعادة دورها ووزنها السياسي وقدرتها على القيام بدور محوري في المنطقة. وساهم هذا الحضور في تقديم رسالة إلى العالم تؤكد دعم توجه القيادة والحكومة المصرية.
يضاف إلى ذلك أجواء الشفافية والصراحة التي سادت في جلسات ونقاشات المؤتمر والتي أعطت رسالة إيجابية بأن مصر منفتحة على الحوار الإيجابي البنّاء، وأصبح التركيز العالمي على مشروع إصلاح وتطوير الاقتصاد المصري بدلا من التركيز على ما يحاك من مؤامرات ضد أمن مصر واستقرارها.
وإذا تحدثنا بلغة الأرقام، نجد أن عدد الدول المشاركة كان نحو 90 دولة وعدد الموفدين الرسميين للمؤتمر بلغ أكثر من ثلاثة آلاف موفد من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك قيادات سياسية واقتصادية بارزة. وهذا مؤشر كبير على النجاح، خاصة إذا تذكرنا بأن استقطاب هذا المستوى العالي من القادة السياسيين والاقتصاديين لم يتحقق سابقاً لأي مبادرة من دولة نامية، ما عدا الصين.
سؤال: وما الذي تحقق على الجانب الاقتصادي وهل نجح المؤتمر في تقديم رسائل قوية ومقنعة للمستثمرين والشركاء؟
الجابر: أهم النتائج الاقتصادية للمؤتمر كانت التأكيد على أن مصر تسير في الاتجاه الصحيح نحو بناء اقتصاد مستدام، وهذا الجانب له تفاصيل كثيرة، فقد نجح المؤتمر في ضمان الدعم من خلال التزامات مؤكدة من حكومات ومؤسسات متعددة الأطراف بقيمة تزيد على 17 مليار دولار، بما في ذلك: الدعم الخليجي وتأكيد صندوق النقد الدولي دعمه لمصر ومساندته لأجندة الإصلاح التي أعلنتها الحكومة واستعداده البدء في تنفيذ برنامج تنموي يتماشى مع قيام الجانب المصري بتفعيل الإصلاحات الضرورية، كما يشمل ذلك تقديم البنك الدولي 4 مليارات دولار على مدى أربع سنوات. وستسهم هذه الالتزامات في توفير الدعم اللازم لقيام الحكومة المصرية بتنفيذ خطة الإنعاش الاقتصادي.
كما أن المؤتمر أتاح للحكومة المصرية منصة أوصلت من خلالها رسائل قوية ومقنعة للمستثمرين والشركاء والشعب المصري بالتزامها بتحقيق إصلاحات جوهرية في الاقتصاد وتأسيس نموذج تنموي شامل، بما في ذلك ما أعلنت عنه الحكومة من إصلاحات في النظام الضريبي والخفض التدريجي لدعم الطاقة وقانون الاستثمار الجديد.
ونجح المؤتمر أيضاً في إعادة ثقة القطاع الخاص الإقليمي والدولي بالسوق المصرية، حيث تم الإعلان عن نوايا مبدئية من مستثمري القطاع الخاص لتنفيذ مشاريع تفوق قيمتها الإجمالية 100 مليار دولار خلال العقد القادم. وهذه المشاريع مهمة جداً لبناء مصر الحديثة إذ أن معظمها يتركز في قطاعات الطاقة والإسكان والبنية التحتية والسياحة والزراعة، كما أنها ستسهم عند تنفيذها في تأمين تدفقات استثمارية كبيرة وخلق عدد كبير من فرص العمل. وساهم الحضور الكثيف والمشاركة الفاعلة لمجتمع الأعمال في تأكيد التأييد الدولي للخطوات التي يتم اتخاذها للنهوض بالوضع الاقتصادي في مصر.
سؤال: وما الذي تحقق من أهداف المؤتمر على الجانب الاجتماعي بالصورة التي تجعل المواطن المصري يشعر بأن هذا المؤتمر لم يكن بعيدا عن هدف الارتقاء بالخدمات المقدمة له؟
الجابر: كان تحقيق أهداف ونتائج اجتماعية ملموسة من الأهداف المهمة للمؤتمر، وهذا بالطبع انعكس بصورة ملحوظة من خلال إبراز اهتمام الحكومة المصرية وشركاء التنمية بالأجندة الاجتماعية، حيث تم التركيز على مبادرات دعم الشباب وإطلاق قدراتهم للمساهمة في تنمية بلادهم، وتمكين المرأة، والاهتمام بالتعليم والصحة باعتبارهما من أهم دعائم تطوير رأس المال البشري.
كما شهد المؤتمر الإعلان عن عدة مبادرات لها انعكاسات اجتماعية إيجابية، بما في ذلك برنامج يموله البنك الأوروبي للاستثمار لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتفعيل مبادرة صندوق خليفة لتمويل المشاريع متناهية الصغر.
كما تركز حديث مجتمع الأعمال على المشاريع ذات الكثافة العالية بالنسبة لأعداد العمال والموظفين، وذلك في إشارة أوضحت إدراك المستثمرين للبعد الاجتماعي لمشاريعهم.
وساهم المؤتمر في حشد التأييد لرؤية القيادة المصرية حول ضرورة تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة وخلق فرص العمل للشباب المصري، حيث تشهد مصر حالياً ورشة عمل حقيقية تحت قيادة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وبمشاركة الحكومة وأبناء الشعب المصري، فقد بدأنا نلمس بالفعل روحاً إيجابية جديدة للمبادرة والتطوير والإنجاز.
سؤال: حسب رأيكم، كيف نجح الجانب الإعلامي للمؤتمر في ترسيخ صورة مصر الجديدة؟
الجابر: كان الإعلام المحلي والإقليمي والدولي حاضراً بكثافة خلال المؤتمر الاقتصادي مما ساهم في ضمان تغطية إعلامية إيجابية، وساعد في توفير أجواء مواتية للانطلاق نحو تحقيق الأهداف المنشودة، حيث تم ترسيخ صورة جديدة لمصر تتسم بالوسطية، والاستقرار، والإيمان بضرورة تحقيق التنمية المستدامة. وأصبح الحديث عن مصر في وسائل الإعلام مصحوباً بالأمل ويركز على خطط ومشاريع الإعمار والتنمية الاقتصادية، وهذا مكسب كبير لأنه يسهم في تشجيع تدفق رؤوس الأموال اللازمة لتنفيذ المشاريع التنموية.
كما ساهمت التغطية الإعلامية الإيجابية في تأكيد بأن مصر آمنة وتوفر أجواء ممتازة لاستقطاب الاستثمارات، وأنها تمتلك قدرات متميزة في تنظيم المؤتمرات وتوفير مقومات النجاح لها، وهذا ينطبق على مؤتمرات الأعمال وكذلك على القمم السياسية كما رأينا هنا في القمة العربية السادسة والعشرين.
سؤال: ما الخطوات المقبلة اللازمة لضمان تحقيق النتائج المرجوة على أرض الواقع، خاصة في الجوانب السياسية والاقتصادية؟
الجابر: هذا السؤال مهم جداً لأن مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري لم يكن هدفاً نهائياً، فهو نقطة البداية بالنسبة لبناء مصر الحديثة، وقد سبقته خطوات وستعقبه خطوات أخرى ضمن البرنامج الشامل الذي تقوم الحكومة المصرية بتنفيذه لإنعاش الاقتصاد وتحقيق النمو المستدام وبناء قدرات الاقتصاد الكلي. وأنا على ثقة بأن ما تقوم به الحكومة المصرية سوف يجعل اقتصادها يتعافى ويعود إلى سابق قوته.
وإذا تحدثنا عن الجانب السياسي، أعتقد أن نجاح مصر في استضافة هذه القمة العربية هو خير دليل على استعادة دورها السياسي، وبالنسبة للخطوات المقبلة على هذا المستوى، أعتقد أن التواصل الفعال والمكثف مع المجتمع الدولي ودوائر صنع القرار ومراكز الدراسات الفكرية في مختلف أنحاء العالم هو عاملٌ بالغ الأهمية لإيصال وجهات النظر وإيضاح الحقائق للرأي العام العالمي.
وعلى المستوى الاقتصادي، من الضروري رؤية الأمور من منظور المستثمر الخارجي، فبعد نجاح المؤتمر، هناك الآن مسؤولية إضافية لأن أنظار المجتمع المحلي والدولي أصبحت منصبّة على مراقبة ما الذي سيتحقق على أرض الواقع في مصر من إصلاحات إدارية وتنظيمية وتشريعية وخطط تطوير الاقتصاد وأيضاً المشاريع التي تم الإعلان عنها في المؤتمر.
وبالتالي، فإن الخطوات المقبلة يجب أن تشمل وضع آلية لمتابعة تنفيذ مُخرجات المؤتمر على مستويين، فمن الجانب الحكومي، من المهم أن يتم التطبيق الفعلي للإصلاحات المالية والتشريعية والتنظيمية والإدارية، لأن التنفيذ الفعلي هو عامل حاسم لضمان النجاح، وسيكون من المفيد قيام الحكومة بتقديم تسهيلات وتحفيزات لحل المسائل العالقة لبعض المستثمرين وتشجيعهم على الإسراع بتنفيذ المشاريع من خلال تسريع إجراءات منح الرخص وتخصيص الأراضي بما يساعد في إنجاز وتسليم المشاريع حتى قبل المواعيد المحددة ليستفيد منها المجتمع من خلال فرص العمل التي سيتم توفيرها. ومن جانب القطاع الخاص ومجتمع الأعمال، فهم مطالبون بمتابعة التواصل والتنسيق والعمل على تنفيذ المشروعات التي شهد المؤتمر الإعلان عنها.
وأنا على ثقة بأن الأشقاء في مصر قيادة وحكومة وشعباً يمتلكون طموحات كبيرة، وعزيمة وإصرار أكبر على تحقيق هذه الطموحات من خلال مواجهة التحديات، بما في ذلك تجاوز البيروقراطية وتفعيل الأداء الإداري، وقطع مراحل أكبر في وقتٍ أقل، والتركيز على تحقيق النتائج الفعلية.
وبطبيعة الحال، من المهم المضي قدماً في تنفيذ خطة الإنعاش الاقتصادي التي تهدف إلى خفض عجز الميزانية وزيادة الإيرادات، مع التركيز على تجنيب الشرائح الاجتماعية الأكثر فقراً أي انعكاسات لعملية الإصلاحات الاقتصادية. وسيسهم تطبيق هذه الخطة في توفير أجواء جاذبة للاستثمار وإرساء مكانة جديدة لمصر كوجهة مفضلة للاستثمار.
وسيكون من المفيد خلق دفعة إيجابية في الأسواق من خلال الإسراع في إطلاق المشاريع الجديدة عبر تخصيص الأراضي وإصدار التصاريح، وضمان حرية تحويل الأرباح والعائدات، لكي يسرع القطاع الخاص في إنجاز المشاريع التي سيكون لها آثار اقتصادية واجتماعية إيجابية.
سؤال: وما المطلوب على المستوى الاجتماعي والإعلامي؟
الجابر: مصلحة المجتمع المصري هي الهدف النهائي لكافة الجهود الرامية لتحسين الاقتصاد، وفي الوقت ذاته، يلعب المجتمع دوراً محورياً بصفته الشريك الأساسي في عملية التنمية. لذا، من الضروري أن تركز الحكومة على تعزيز البرامج الاجتماعية وخلق فرص عمل جديدة لضمان العبور الناجح نحو مصر المستقبل.
ومن المهم أيضاً وضع خطة عمل متكاملة لتنفيذ مخرجات المؤتمر والتعامل مع تحديات المرحلة القادمة، وما يتطلبه ذلك من ضرورة تعزيز التواصل المباشر مع الدول والمؤسسات متعددة الأطراف ومع الجمهور المحلي والإقليمي والدولي، وأن تتم مخاطبة كل منهم باللغة المشتركة المناسبة.
وسيكون من المفيد تنفيذ حملات ترويجية لتعزيز الوعي ونشر المعرفة بالفوائد المتعددة التي يحققها تطوير الأداء الاقتصادي وتنفيذ المشاريع الجديدة، ولدينا مثال ناجح عندما قام الشعب المصري بجمع التمويل اللازم لتنفيذ قناة السويس الجديدة في فترة قياسية ومن موارد مصرية بالكامل، حيث أعطت هذه التجربة نموذجاً ناجحاً للتواصل الفعال مع الجمهور المصري الذي يدرك تماماً أين تكمن مصالحه الوطنية والاقتصادية.
ويمكن للإعلام والتواصل الفعال أن يسهم أيضاً في تنشيط قطاعات حيوية للاقتصاد والمجتمع المصري، بما في ذلك القطاع السياحي الذي يعد من أهم مصادر الدخل المستدامة والقابلة للتطوير باستثمارات معقولة وقادرة على تحقيق عوائد مهمة بالعملة الأجنبية. وينبغي هنا التركيز على مختلف أنواع السياحة بما فيها سياحة المؤتمرات والسياحة العلاجية، والتاريخية، والثقافية، حيث تمتلك مصر إمكانات ضخمة في كل هذه المجالات.
سؤال: هل من كلمة ختامية؟
الجابر: مصر بخير، وهي قوية وقادرة على التصدي لمختلف التحديات بفضل التلاحم بين قيادتها وشعبها، كما أود أن أؤكد أن توجيهات القيادة في دولة الإمارات هي باستمرار الوقوف إلى جانب مصر، وأن تحقيق النتائج الإيجابية هو ثمرة العمل المخلص والجهود الدؤوبة، وأن ثقتنا بمِصر المستقبل كبيرة، ولا حدود لها، وأن مصر ستواصل مسيرة التنمية بدعم من أشقائها، والمهم في هذه المرحلة هو مضاعفة الجهود لتحقيق النتائج الفعلية والملموسة على أرض الواقع.
فيديو قد يعجبك: