وحيد سعودي: نحن أمام كارثة مهولة.. والموجة الحارة الأخيرة ستتكرر (حوار)
حوار- أحمد لطفي:
تصوير- محمود أبو ديبة:
هو شخص حازم، يعشق عمله، ظل مذيعا للنشرة الجوية طيلة 16 عامًا في التلفزيون المصري، ليلحق بادارة مركز التحاليل بهيئة الأرصاد الجوية ويصبح متحدثا باسم الأرصاد الجوية المصرية.
الدكتور وحيد سعودي، البالغ من 58 عامًا، الذي أظهر تخوفه في حواره المطول مع مصراوي، من حدوث كارثة واصفا إياها بـ"المهولة"، لعدم وجود كوادر بشرية كافية داخل هيئة الأرصاد الجوية وحركة التعيينات "متوقفة"، مؤكدا على ارساله العديد من المذكرات لمجلس الوزراء كمحاولة لاحتواء الأزمة.
إلي نص الحوار..
في البداية..كيف يؤثر تغيير الأحوال الجوية على صحة المواطنين؟
بالفعل، تغيير الأحوال الجوية تتحكم في تصرفات وسلوك المواطن وعلى سبيل المثال من يوم 17 -7 الي 20-8 كنا تحت تأثير ارتفاع ملحوظ لدرجات الحرارة نظرا لارتفاع نسبة الرطوبة والتي تتحكم في سلوك الانسان وزادت لما زاد ارتفاع درجات الحرارة وتصبح الحركة والانشطة لدي الانسان "محدودة".
وبالنسبة للصحة تؤثر الاحوال الجوية على اصابة المواطنين بالاجهاد الحراري ومن الممكن أن تصل الي حد الوفاة.
وما سبب الموجة الحارة التي مرت بها البلاد في الفترة الأخيرة؟
لم تعد تلك الموجة جديدة على مصر، فهي تحدث كل 11 عاما يأتي صيف شديد الحرارة، وهناك عوامل مساعدة على ذلك منها امتداد منخفض الهند الموسي الذي يؤثر على منطقة الشرق الاوسط بيما فيها جمهورية مصر العربية خلال فصل الصيف لانه يجلب رياح قادمة من منطقة الهند مرورا بمنطقة شبه الجزيرة العربية وهذه مناطق شديدة الحرارة ومشبعة بنسبة عالية من بخار المياه ويؤدي بدوره الي ارتفاع في درجات الحرارة.
فضلا عن مرور الكتل الهوائية فوق المسطحات المائية مثل مسطح البحر الأحمر والمتوسط وتتشبع بنسبة أعلي من بخار المياه، مما يزيد من ارتفاع نسبة الرطوبة ويزيد من احساسنا بارتفاع في درجات الحرارة.
وأكرر أن درجات الحرارة التي نعلن عنها تتم في الظل وتحت شروط دولية متفق عليها.
وكيف يتم قياس درجات الحرارة؟
يتم قياسها عن طريق كشك خشبي على ارتفاع متر ونصف من سطح الأرض وتكون الأرض مزروعة بالحشيش مساحتها واحد كليومتر مربع، تخلو تماما من محيطها من اى مساكن أو مباني لأن الهدف قياس درجة حرارة الهواء وليس درجة حرارة الشمس.
ولكن برأيك الموجة الحارة الأخيرة.. هل من الممكن أن تزداد شدة بعد 11 عاما؟
من الممكن طبعا أن تزداد درجات الحرارة وصعب عليّ تحديد الدرجات لانها متوقفة على التوزيعات في طبقات الجو ومصادر الكتل الهوائية وسرعة واتجاه الرياح والطبيعة الجغرافية للمكان وزمان تواجد الانسان تحت أشعة الشمس.
وهل من المتوقع حدوث موجة جديدة شديدة الحرارة خلال هذا الصيف؟
شهر الصيف سينتهي فعليا يوم 21 سبتمبر الجاري، ولكن درجات الحرارة حتي منتصف الأسبوع المقبل في ارتفاع ونسبة الرطوبة أيضا، ولكن الطقس لا يرقي بشدة الحرارة الأخيرة، وليس هناك اى شك في أنه سيكون حار رطب على القاهرة والوجه البحري، وشديد الحرارة على باقي انحاء الجمهورية باستثناء المدن المُطلة على البحر المتوسط.
هناك أقاويل تروج بشتاء قارص على المواطنين ..ما صحة تلك الأوقايل؟
كلها شائعات تروج على شبكة التواصل الاجتماعي، من بعض الهواة والغير المتخصصين لاغراض منها ضرب السياحة في مصر، ولكني بنفي هذه الشائعات اعتمادا على خبرة الاخصائيين والانظمة الحدثية وقاعدة البيانات.
وفي فصل الخريف، عادةً تتعرض فيه البلاد لسيول وأمطار غزيرة خاصة صعيد مصر وسلاسل جبال البحر الأحمر ومحافظات شمال وجنوب سيناء، ولكني لا أستطيع التنبأ بأكثر من 4 أو 5 أيام بدليل أن جميع الدول الأوروبية يصدرون بيان بحالة الطقس كل ساعة لان الغلاف الجوي دائم التغيير.
وهل يعد طقس عام 2015 هو أكثر الأعوام شديدة الحرارة على الاطلاق؟
لم أقل من أكثر الاعوام حرارة ولكني قلت عام ساخن وجاء في أعوام سابقة مثل عام 2003 وصلت درجة الحرارة الي 45 درجة مئوية في الظل، ولهذا قلت أن كل 11 عاما يأتي صيف ساخن مثلما حدث الصيف الحالي ومن الوارد ان يتكرر مرة اخري خلال سنوات قادمة ولكن ليس قبل 4 الي 5 سنوات مقبلة.
وطبقا للتوقعات سيأتي صيف 2016/2017 معتدل وليس مثل الصيف الحالي.
ولكن هناك تخوفات من وصول الطقس في مصر مثل طقس دول الخليج؟..ما تعليقك؟
ليس هناك اى شك ان طقس عام 2015 يشبه طقس الخليج ولكن تبقي دولتي الكويت والعراق يسجلان أعلي درجة حرارة التي تجاوزت 51 درجة مئوية.
ونسبة الرطوبة في الصيف هي الأخطر والعامل الرئيسي في درجة احساسنا بالطقس.
برأيك..هل نحن أمام كارثة في ضعف الكوارد البشرية في هيئة الأرصاد الجوية؟
بالتأكيد نعم، حيث أن علم الأرصاد الجوية من أصعب العلوم المتواجدة و يشترط الاخصائي الجوي المشتغل أن يكون خريج كلية العلوم قسم فيزياء أو رياضة، وفي الآونة الأخيرة بعض الجامعات اضافت تخصص في كلية العلوم في الفلك والارصاد الجوية، والتعيين يكون نتيجة مسابقة واختبارات من متخصصين.
ولكن في الواقع الآن، التعيينات تعتبر "شبه واقفة" وهذا أثر في ضعف الكوارد البشرية داخل الهيئة، ولكننا طلبنا من الجهاز المركزي للتنظيم والادارة تعيين 20 أخصائي جوي ورصدين جويين، وما زال هناك عجز في الراصدين الجويين وهذا سيسبب كارثة مهولة "مين هيطلع النشرات الجوية ومين للي هيشغل المطارات ومين هيدرب الشباب والمشكلة الأكبر في نقل الخبرات حيث أن الاخصائي المتخرج يحتاج من 5 الي 10 سنوات للتدريب على أعمال النشرات والتحذيرات الجوية ومراكز التنبؤات"، وأنا وزملائي قريبا سنحال الي المعاش فمن سيدرب الشباب فهي كارثة !!.
وهل تم التواصل مع رئيس الوزراء لحل تلك الأزمة؟
بالفعل، تم التواصل مع مجلس الوزراء من إعداد عدة مذكرات، وشرحنا مدي الخطورة التي قد تحدث نتيجة تلك الأزمة، وبدأت الاستجابة العام الحالي من تعيين أوائل الخرجيين ولكني اتذكر منذ عشر سنوات مضت كان يوجد على مستوي مصر 250 أخصائي جوي، إنما حاليا يوجد على الأكثر 70 فقط والخبرات الكبيرة عددها قليل، وعلى الدولة توالي الأزمة قبل وقوع الكارثة.
حيث لا يوجد طائرة عسكرية أو مدنية في مصر تستطيع الطيران دون معرفة الأرصاد الجوية من خلال مراكز التنبؤات بالمطارات.
ولكن يظهر في وسائل الاعلام، العديد من الخبراء الجويين يتحدثون عن الأرصاد.. ما رأيك؟
بالفعل يوجد الكثير يتحدث عن الأحوال الجوية، وهذا سبب البلبلة في مصر حيث أنهم مجموعة من "الهواة" يدخلون على بعض المواقع ويبرزون ظواهر مختلفة عما تقوله هيئة الارصاد ويؤدي الي حدوث كوارث وبلبلة لدي المواطن.
مثل ما روج على بعض الجرائد والمواقع خلال الأيام الماضية، أن الشتاء المقبل سيحمل سيول وأمطار غزيرة، وهذا غير حقيقي لأن الهواء في تغيير مستمر وفي حال حدوث سيول سنحذر قبلها بـ 4 الي 5 أيام وليست شهوراً.
وماذا عن شائعات العواصف الثلجية التي تُروج حاليا؟
لا صحة لاي عواصف ثلجية تتطرأ على البلاد وكل هذه الشائعات تهدف الي ضرب الاقتصاد والسياحة.
وما السر وراء التقلبات الجوية حيث من الممكن أن نجد جميع فصول السنة في يوم واحد؟
في الواقع لا يوجد شئ اسمه تقلبات جوية، ولكن يسمي توزيعات ضغطية تؤدي الي حدوث في تغيير للمناخ وسرعة الرياح.
منعت من أيام قليلة من ممارسة الأنشطة البحرية في البحرين المتوسط والأحمر..هل ما زال يمثل خطر الي الآن؟
بالفعل مازال الخطر قائم، ولكني لم أمنع المواطنين من شئ واحذرهم فقط من عدم استقرار في الأحوال الجوية بسبب سرعة الرياح، وهذا دورنا تحذير المواطنين.
وبرأيك.. هل مذيع النشرة الجوية في حاجة لمتخصص أم من الممكن إذاعي فقط؟
بالفعل، أنا كنت مذيع في التلفزيون المصري من عام 1990 الي 2006، وحاليا أعمل في الاذاعة ومعد لجميع النشرات الجوية في التلفزيون المصري وبعض الفضائيات.
ولكن للآسف بعض رؤساء التلفزيون وقفوا عمل المتخصصين في النشرات الجوية ولم أعلم السبب، وبدأت غير المتخصصات في اذاعة النشرة من خلال بيان "تحت إعدادي"، وبالطبع يوجد فرق حيث أنني لم أستطيع القاء خطبة للشيخ محمد متولي الشعراوي ولا تفسير للشيخ محمد الغزالي.
لذا فهناك بالتأكيد فرق "لانني عايش في المطبخ ومعّي الخرائط".
أخيراً.. يطلق عليك عبر مواقع التواصل الاجتماعي "الشخص للي بينكد على الناس".. ما تعليقك؟
بالفعل أسمع تلك المقولة "بس أنا مش بنكد على الناس ولا حاجة ولا بسببي الجو وبكون سعيد بها" لأنها تعد هويتي وشغلي الذي أعشقه في الرد على أى تساؤل يخص الأحوال الجوية.
وأنا مش موظف "شغلي بيخلص الساعة 3" بل أتابع الأحوال الجوية بشكل مستمر فضلا عن الردود على المواطنين ووسائل الاعلام المختلفة، وأعلم أن طبيعة المصريين يعشقون الكوميديا والمرح.
فيديو قد يعجبك: