معلمون فائزون بمسابقة "التعليم" يذوقون مرارة الغربة من أجل "عيون" التعيين
كتبت - ياسمين محمد:
رغم انتهاء مسابقة الـ30 ألف وظيفة، التي أعلنت عنها وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، في سبتمبر 2014، إلا أن عواقبها لم تنته بالنسبة للمقبولين فيها، حيث تسببت في اغتراب 1500 معلم من الرجال، مقيمين في محافظات، ومسكنين في آخرى، والراتب 1000 جنيه.
يقول عبدالله صابر المتحدث باسم حملة "رجعونا كلنا"، إن المسابقة أسفرت عن تغريب 9.500 معلم، منهم 8000 معلمة، و1500 معلم، ومع نهاية العام الدراسي الماضي 2015/ 2016، أصدر الدكتور الهلالي الشربيني وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، قرارًا بعودة المعلمات فقط دون المعلمين واصفًا القرار بـ"العنصرية".
وأضاف صابر أن إعلان المسابقة في عام 2014 تضمن: "أن يكون التقدم لشغل إحدى الوظائف الشاغرة لدى الجهات التابعة للمديرية التي يقع بها الإقامة الثابت بالرقم القومي الخاص بالمتقدم"، مؤكدًا أن الاغتراب لم يكن منصوصًا عليه بشروط التقديم، ولم يوقعوا على إقرارات بقبول الاغتراب، بخلاف ما صرح به بشير حسن المتحدث الرسمي باسم الوزارة في أحد اللقاءات التليفزيونية.
من أسيوط إلى الجيزة، رحلة يقطعها محمود جمال معلم التربية الرياضية، مرتين شهريًا من محافظة الإقامة إلى محافظة التسكين بتكلفة 80 جنيهًا للمرة الواحدة، تستقطع من الراتب المقدر بـ1000 جنيه، إلى جانب 600 جنيه إيجار سكن بالجيزة يتقاسمها مع مرافق، بالإضافة إلى تكلفة المرافق من مياه وكهرباء وغاز، ليتبقى له شهريًا نحو 450 جنيهًا يجب أن يكفوا للمواصلات وقوت اليوم: "ولا عزاء للأسرة القاطنة في أسيوط وتحتاج إلى عائل"، بحسب قوله.
"أعمل في سوبر ماركت بعد موعد المدرسة" يقول جمال، مشيرًا إلى أنه لا بد له من وظيفة أخرى فلا يمكن العيش بـ30 جنيهًا يوميًا كما تقاضيه الحكومة، مستنكرًا: "يعني الوزارة رجعت 8000 معلمة وقفت على 1500 معلم!".
وقفات واحتجاجات نظمها المعلمون المغتربون، للمطالبة بعودتهم إلى محافظات إقامتهم، شكاوى ومكاتبات أرسلت إلى وزارة التربية والتعليم، ومجلس الوزراء والبرلمان، ولم يجد جديد في الأزمة، إلا وعدًا قطعه الهلالي له بعودتهم إلى محافظاتهم العام الدراسي المقبل.
يعقب عبدالله صابر على وعد الوزير قائلًا: "قبل كدا قالولنا استحملونا سنة بس، غير انه لما يبقى فيه قرار بالنقل المفروض يكون ليه بوادر، لكن لحد دلوقتي محصلش حاجة".
منذ ثلاثة أيام قطع صابر أربعة ساعات ونصف في لهفة وقلق، من محافظة الغربية محل تسكينه، إلى محافظة القاهرة محل إقامته، ليدرك زوجته التي أوشكت على وضع مولوده الثالث بينما كان في عمله بالغربية: "مين هيحافظ على مراتي؟" رددها صابر معلقًا على قول الهلالي حينما قرر عودة المعلمات المغتربات فقط: "لازم نراعي الظروف الأسرية للمعلمات انتوا هتستحملوا".
يستأجر صابر سكنين أحدهما بالغربية بتكلفة 800 جنيه يتقاسمها مع ثلاثة غيره، وآخر بالقاهرة لزوجته وأولاده، و70 جنيهًا تكلفة المواصلات من القاهرة إلى الغربية، إلى جانب تكلفة مواصلات داخلية من محل سكنه بالغربية إلى مدرسته الواقعة في إحدى القرى الصغيرة على أطراف المحافظة، هكذا لا تكفي الـ1000 جنيه التي يتقاضاها معلم التربية الرياضية.
وسخر القدر من عيون بسطا معلم التربية الرياضية، حينما تم إعادته من القاهرة إلى أسيوط حيث محل سكنه نهاية عام 2015/ 2016، عن طريق الخطأ، حيث خُيل للمسؤولون عن المسابقة أن اسمه خاص بمعلمة، وما إن تداركوا الأمر وتيقنوا أنه رجل، أخلوه إداريًا واعادوه إلى غربته في القاهرة، بعد أن عمل بأسيوط 40 يومًا.
يقول عيون إن: "محافظتي فيها عجز في تخصص التربية الرياضية 1007 معلم، وتم قبول 136 فقط من أسيوط، فلو عدت إلى محافظتي سأكون سدًا للعجز وليس زيادة".
وأرجعت وزارة التربية والتعليم، تغريب بعض المعلمين، إلى عجز ببعض المحافظات خاصة بالمناطق النائية لابد من سده.
وقرر القائمون على حملة "رجعونا كلنا"، إعلان الإضراب العام عن الطعام في 1 فبراير المقبل، مؤكدين أنهم لم يتوقفوا عن الإضراب حتى تبدأ وزارة التربية والتعليم إجراءات نقلهم وإعادتهم إلى محل إقامتهم.
فيديو قد يعجبك: