شيخ الأزهر: الإسلام لم يترك إعلان الحروب في أيدي الأفراد والجماعات
القاهرة - أ ش أ
شدد شيخ الأزهر الشريف، الدكتور أحمد الطيب، على أن الإسلام لم يستخدم السيف لاحتلال الدول والشعوب، وأن شرط القتال في الإسلام أن يكون في سبيل الله، وفي إطار أخلاقيات غير موجودة في أي نظام في العالم، مؤكدًا أن الحرب لا تُعلن من أي جهة إلا من حاكم الدولة، أو من ينيبه من وزارة الدفاع أو مجلس أعلى للحرب، ولم يحدث في الفقه الإسلامي ترك مهمة إعلان الحرب للأفراد أو للجماعات على الإطلاق لخطورة ذلك.
وانتقد الطيب - فى حديثه في برنامج (الإمام الطيب) الذي يذاع يوميًّا طوال شهر رمضان المعظَّم على التليفزيون المصري وبعض القنوات الفضائية الأخرى- الفهم الخاطئ للبعض لحديثَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ) وهو حديثٌ صحيح، وتم تفسيره خطأ على أنه يجب استخدام السيف لنشر الإسلام، وذلك يدلُّ على عدم معرفةٍ بعلوم اللغة العربية.
وتابع الطيب أن كلمة (الناس) في (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ) لا يقصد منها الكون كله أو البشرية كلها، لأن (أل) في الناس للعهد، أي ناس معهودين ومخصوصين؛ وهم مشركو مكة الذين أخرجوا المسلمين، وحاربوا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ونكثوا عهودهم ولا يَرقُبون في مؤمن إلًّا ولا ذمة، وبالتالي فإن المقصود بقتال الناس قتال المشركين المعتدين آنذاك، حيث إن كلمة (الناس) هي من العام الذي أريد به الخاص، و(أقاتل) تعني رد العدوان المبدوء من جهة المشركين.
وأوضح أن شرط القتال في الإسلام أن يكون في سبيل الله، و"سبيل الله" ليست كلمة فضفاضة كما يظن البعض بل هي كلمة منضبطة ومفهومة في إطار قوله تعالى : "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا" حيث شُرعت أحكام القتال وأحكام المستأمنين وأحكام الأسرى وأحكام المعاهدين، في إطار أخلاقيات غير موجودة في أي نظام في العالم لا قديمًا قبل الإسلام ولا بعد الإسلام حتى الآن.
ونوه الطيب بعبارة للأديب العربي مصطفى صادق الرافعي التي يقول فيها: "إن لسيوف المسلمين أخلاقًا" بما يشير إلى أخلاق تضبط سيف المسلمين.
كما أوضح أن الفتوحات الإسلامية كلَّها ليست احتلالا، وإنما كانت لعرض الإسلام والدعوة إليه فقط، وذلك أنها أعطت الحرية المطلقة لأهل البلاد المفتوحة؛ إمَّا الدخول في الإسلام، وإمَّا البقاء على دينهم والإقامة في أوطانهم مقابل رمز يدل على أنه يخضع لهذه الدولة الجديدة.
وأكد أن الإسلام لم يستخدم السيف لنشر الدعوة على الإطلاق، لأن القرآن الكريم حدد منهج الدعوة ولم يتركه لاجتهاد الأفراد أو الجماعات، قال تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) فليس أمام المسلم إلا وسيلةٌ من ثلاث وسائلَ يبلِّغ بها رسالة الإسلام؛ وهي: الحكمة التي تعني الحجة والبرهان، ثم الموعظة الحسنة التي تُلين القلوب، وبها معطياتٌ عاطفية تزيِّن للإنسان الإيمان، ثم الحوار شريطة أن يكون بالتي هي أحسن، فإذا لم يستجب المدعوُّ فدعه وشأنه.
ووجه الطيب رسالة للشباب الموجودين على مواقع التواصل الاجتماعي ولهم صفحات تروج للعنف أو الدعوة للإسلام بالسيف فقال: "لا يصح أن تؤخذ أحكام الدين الإسلامي من وسائل التواصل الاجتماعي، لأن هذا الدين علم، وهذا العلم يجب أن يأخذوه من أعلامه لا من أدعيائه، وجهلهم لن ينجيهم من الله يوم القيامة إذا عبثوا بالدماء باسم الفهم المغلوط للإسلام".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: