إعلان

رسائل المحتجزين في السجون.. استغاثات بالحبر من عالم موازي

03:20 م الجمعة 05 أغسطس 2016

رسائل المحتجزين في السجون

كتبت- هاجر حسني:

هي الوسيلة الوحيدة التي تمكنهم من البوح بما يجول في أنفسهم، لا يهم إن كانت الورقة بحالة جيدة تمكنهم بالكتابة عليها، أو إذا كان الحبر بالقلم سيصمد لنهاية الحكاية، يسردون يومياتهم على أمل أن تعبر هذه الورقة أسوار السجن بعد أن فقدوا الأمل في أن تطأ أقدامهم الأسفلت مرة أخرى.

خطوات نحو الاعتراف

بتهمة إفشاء الأسرار العسكرية يقضي أحمد صابر ما يزيد عن عام بسجن طرة عقب القبض عليه يوم الإثنين 27 أبريل 2015 من أمام مسجد الحصري بالسادس من أكتوبر أثناء عودته من عمله، وفي الرسالة التي نشرتها التنسيقية المصرية للحقوق والحريات على لسانه، يقول إنه تعرض للتعذيب القاسي لمدة شهر كامل ومُنع من العرض على الطب الشرعي لإثبات الانتهاكات التي حدثت له، التهمة الموجهة لصابر كانت أمر غريب بالنسبة له خاصة وأنه ليس له أية علاقة بالجيش تمكنه من الحصول على مثل تلك المعلومات "أنا لا أعلم شيئا عن الجيش وأنا لم ألتحق به من الأساس وليس لي صلة بأية رتب عسكرية، وأنا لم أغادر مصر مسبقا لكي يتم اتهامي بالتخابر مع دولة أجنبية"، يقول صابر.

ويروي صابر أنه فور القبض عليه ظل محتجز بمكان قريب منة مكبل اليدين ومعصوب العينين وبعد ذلك تم ترحيله إلى مقر أمن الدولة بالمدينة ليظل هكذا ٣٠ يوم بزنزانة تحت الأرض منهم ثلاثة أيام بزنزانة انفرادي، واستكمل قائلًا: "لم يُسمح بدخول الحمام إلا لمدة 3 دقايق، وعشان كده معملتش حمام لمدة 17 يوم إلا بول فقط، ومارسوا كل أنواع التعذيب، من كهربا وتعليق وضرب وإهانه وسب، وكنت ممنوع من الاستحمام، وأحيانًا يمنعوني من الصلاة".

مجبرا، تم اقتياد صابر إلى منزله بصحبة أفراد الأمن لتفتيشه "فتشوا الحجرة الخاصة بي، واستولوا علي بعض متعلقاتي الشخصية مثل فلاشات ولاب وهارد وبعض الملابس، وأجبروني على الاعتراف أمام الكاميرا، وأنا في غاية الانهاك، وكانو مُلثمين ومسلحين، وحفظوني الكلام اللي هيتقال، وعملنا تجربه كذا مرة"، وعقب خروجه من أمن الدولة تم نقل أحمد صابر إلى مكان آخر " اكتشفت بعدها إني في النيابة العسكرية، ودوني مكان بعدها، عرفت أنه سجن الاستئناف، وفور وصولي تم تسكينى في غرف التأديب والتخطير والتغريب لمدة 7 أيام مع 7 جنائين قتالين قتله، بعدها نقلوني طره استقبال".

إلى من يهمه الأمر

"أتعلم ما هي أقصى أمانينا في هذه المقابر، كل ما نتمناه أن نستطيع أن نتنفس، أن نستطيع أن نغمض أعيننا لمدة ساعة واحدة فقط"، من وراء جدران سجن الملحق بوادي النطرون استطاعت رسالة عبد الرحمن طارق عبد السميع الشهير بـ "موكا" أن تخرج للنور بعد أن تم القبض عليه في أحداث مجلس الشورى، وبعنوان رسالة إلى من يهمه الأمر سطر موكا يومياته في ورقة "فلوسكاب" كتب فيها "هنا من شدة الزحام كل شخص مخصص له 35 سم، تلقي جسدك فيها، نحن هنا أكوام لحم نتراص فوق بعضنا، أقصى أمنية لنا في ذلك السجن أن نستطيع المكوث تحت المياه لمدة 10 دقائق".

يحكي موكا عن ما يواجهوه من أمراض فيقول "لون بشرة كل شخص قابع فى هذا القبر تغيرت بسبب أصابتنا بالأمراض الجلدية وبسبب العرق وارتفاع درجة الحرارة، أتعلم أننا غير مسموح لنا بزيارة ذوينا إلا كل 15 يوما لمدة لا تتجاوز 15 دقيقة، أتدرى يا من تملك ذرة إنسانية أننا بعد تلك المعاناة التي حكيتها لك لو فكرنا مجرد التفكير فقط بالمطالبة بحقوقنا يتم التنكيل بنا وتعذيبنا والزج بنا في غرف مظلمة انفرادية لا يوجد بها ماء وإذا أردت قضاء حاجاتك فهناك جردل لا تقل رائحته عن رائحة هذه الغرفة".

مستطردا يصف حال الزنزانة التي يقيم بها هو و آخرون وكيف أن الحياة تفتقد أبسط ما فيها "في زنزانة يسكنها 30 شخصاَ لا يمتلكون أى مقاومات للحياة, لا نمتلك إلا دورة مياه واحدة رائحتها كفيلة بالقضاء على الأخضر واليابس، حيث تنتشر الأمراض والأوبئة بداخل هذه المقبرة التي لا تصلح حتى لدفن البشر، نحن نتمنى الموت الرحيم ليس إلا، فهو سبيل خروجنا من هذه المأساة التي نعيشها كل يوم".

456

موت بطئ

الإهمال الطبي كان من ضمن الشكاوى المسربة من داخل السجن، بخط غير واضح يشوبه الميل كتب أحمد نصر عبيد رسالته بعد أن عانى من بتر في قدمه اليمين وإصبعه الإبهام والسبابة، بالإضافة لبتر في سلاميات الخنصر والبنصر والوسطى يقول "يعني باقي 6 عقلات من أصل 15 عقلة، ومصاب بكسور في ذراعي الأيمن وهو ذات الذراع الذي يعاني من البتر"، الرسالة التي نشرتها

صفحة حملة "الإهمال الطبي في السجون جريمة" نقلا عن مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف، ذكرت أن إدارة السجن رفضت أكثر من مرة إجراء الجراحة للسجين.

يقول الشاب العشريني إنه يعاني من أكثر من 5 كسور في الذراع، تفتيت في المفصل، كسر في الأصابع المُتبقية، التصاق في الأوتار، ضمور في العضلات، بالإضافة إلى جراح في الأذن، صديد وقصور في الدورة الدموية، قرحة في المعدة، نزيف في شبكية العين اليمنى، شظايا خرطوش في العين اليسرى وحولها في الأنف.

وكان تم القبض على عبيد من مستشفى إسكندرية الجامعي في مايو 2015 وإيداعه سجن دمنهور العمومي، وعقب ذلك تم ترحيله إلى سجن طره في 8 أكتوبر من نفس العام لتلقي العلاج وتم عرضه على مستشفى القصر العيني لعدم توافر الجراحة الميكروسكوبية التي تناسب حالته في سجن دمنهور، بحسب قوله، وأقر الأطباء وقتها أن الحالة تحتاج للتدخل الجراحي ولكن بعد الخضوع لفترة من العلاج الطبيعي وهو الأمر الذي رفضته إدارة السجن.

"من يومها وأنا متمرمط ومحتار بين سجن دمنهور المركزي وكل شوية يدخلوني عربية لوري بتموتني وباشوف فيها ألوان العذاب وبعدين يرجعوني طرة ويعرضوني على القصر العيني في مواعيد غير محددة ليا، والقصر العيني يرجعني تاني بمواعيد جديدة والسجن ميوافقش يخرجني بسبب رفض أمن الدولة"، يقول عبيد، متابعا أنه تم احتجازه في القصر العيني لإجراء العملية يوم 31 مارس 2016 لكن الحرس رفض "رجعوني السجن تاني ومن يومها اتحدد لي مواعيد كتيرة علشان العملية وسجن طره بيرفض، مرة بسبب أمن الدولة، ومرة بسبب مديرية أمن القاهرة، ولما زهقت من مطالباتي للمأمور والدكتور مدير المستشفى قررت أبدأ اضرابي يوم السبت 30/4/2016 ومن يوم السبت لم أتناول طعام على أمل ان السجن يتحرك ويخرجوني المستشفى".

وعود كثيرة تلاقاها الشاب بالخروج ولكن يتكرر نفس المشهد "نفس التعنت والظلم وأظل في السجن أصارع الموت وأصاب بانخفاض في مستوى السكر وانخفاض ضغط الدم وآلام متفرقة في جسمي وأطرافي المصابة وقرحة المعدة تنذر باحتمالية نزيف في المعدة ولم يتم تقديم أي نوع من أنواع العلاج أو المسكنات حتى الآن"، مستطردا "أنا أتعرض للقتل والموت البطيء وبيعاقبوني إني بأطالب بحقي، أنا حكيت جزء من حالتي ده غير ظروف القبض عليا اللي مش قادر أحكيها وبأتعب لما بفتكرها أنا مستمر في الإضراب، إما أموت وإما أتعالج لأني كده شبه ميت، لا أنا عارف أكل أو أنام ولا أدخل الحمام بسبب كتر الإصابات ومحبوس في دولة لم ترحم عجزي ولا مرضي".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان