مقابلة- سفير أوغندا: نخطط لبناء سدّين على نهر النيل.. ونستطيع سد فجوة مصر من اللحوم
حوار - أحمد مسعد:
تصوير - أحمد طرانه:
بعبارات الترحيب والابتسامة الإفريقية الطيبة، استقبلنا السفير أرثر كاتسيجازي، القائم بأعمال السفارة، فريق عمل "مصراوي"، في مكتبه، ليبدأ حديث عن ملفات التعاون بين البلدين، ودور أوغندا المحوري في توافق دول حوض النيل وتطوير العلاقات بين القاهرة وكمبالا في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يولي اهتمامًا كبيرًا بإفريقيا ليعود الأشقاء الأفارقة إلى التوحد من جديد، وإلى نص الحوار:
- في البداية حدثنا عن تاريخ العلاقات المصرية الأوغندية؟
علاقتنا بمصر تاريخية تعود لما قبل خمسينيات القرن الماضي، لكنها بدأت رسميا بحصول أوغندا على الاستقلال عام ١٩٦٢، لذا انتقلنا إلى العلاقات الدبلوماسية بينها وبين دول العالم عام ١٩٦٥، وكان أولها وأهمها جمهورية مصر العربية، وافتتحنا سفارة لنا في القاهرة، وبالتبادل فتحت مصر سفارة لها بمدينة كمبالا، ليبدأ التعاون المشترك في مختلف المجالات الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية والزراعية.
- ما الفرق في طبيعة العلاقة بين مصر وأوغندا أثناء حكم الرئيس الأسبق مبارك والآن؟
أثناء فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك كانت العلاقات محدودة، بسبب تعرضه لحادث اغتيال في العاصمة الإثيوبية "أديس بابا"، ولكن العلاقات بدأت تتحسن في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي.
تم تهميش أوغندا بسبب محاولة اغتيال مبارك في أديس بابا عام 92.. والوضع الآن أفضل كثيرا
- وكم يبلغ حجم التجاري بين البلدين حالياً؟
مع الأسف، حجم التبادل التجاري بيننا لا يزيد عن 100 مليون دولار متمثلة في مواد غذائية وصناعية، وتكون حصة مصر فيها 80 مليون دولار ونحن 20 مليون دولار، وهذا ناتج ضعيف للغاية مقارنة حتى بدول الخليج التي يبلغ حجم تعاوننا معهم مليارات.
- ماذا تحتاج أوغندا من مصر لتحقيق سوق عمل مشترك؟
نحن بحاجة إلى دخول القطاع الخاص المصري وتطوير سوق العمل بين البلدين لتحقيق أقصى استفادة، فالقطاع الحكومي يسير بخطوات بطيئة في العادة، والتنامي الاقتصادي بين الدول عادة ما يقوم به القطاع الخاص، فلابد من جذب رجال الأعمال نحو الأفضل، خاصة أن الكثير منهم لا يعرفون شيئا عن أوغندا، والفرص المتاحة بها، وبالمثل لا يعرف مجتمع الأعمال الأوغندي الكثير عن مصر، وفرص التبادل التجاري والاستثماري المتاح بها.
رسالتي للشعب المصري: "الإعلام يصور لكم أنكم ستموتون عطشا" فلا تسمعوا له
- هل تم تنفيذ مشروعات مصرية في أوغندا؟
نعم، هناك شركة مصرية كبيرة أنشأت مرعى ومجزرا آليا يسع مئات الماشية، ويقوم بالتصدير لمصر، حيث افتتحه الرئيس موسيفينى ووزير الزراعة والإنتاج الحيواني في أغسطس الماضى، وهو من أنجح وأفضل المشروعات التي قامت بها مصر في أوغندا، ويتولاها رجل أعمال مصري يدعي شريف تكالي.
- وأي المشروعات يمكن التعاون فيها بين البلدين من وجهة نظرك؟
المشروعات الطبية والدوائية، فهذا القطاع محدود في الدولة الأوغندية، في وقت نحتاج فيه للأدوية المواجهة لأمراض الملاريا والتيفويد والكوليرا، كما توجد على أرضنا أكبر شركة اقتصادية تقوم بمشروعات في إفريقيا، وهي القلعة المصرية، حيث تعيد حاليا تشغيل خط السكة الحديد، الذي بني في عهد الاستعمار البريطاني، من كينيا إلى أوغندا ورواندا، وسيعيد الخط العلاقات بين دول الجوار عبر شبكة من الطرق، ما سيؤدى إلى انخفاض أسعار السلع والخامات والخدمات بين الدول، وسيتم الانتهاء من المشروع قريبًا.
"القاهرة" ساعدتنا على الاستقلال.. وكمبالا تدعم مصر في قضاياها الدولية
وكذلك المجال المائي، لدينا الكثير من مصادر المياه بخلاف نهر النيل، ونمتلك 55 بحيرات، أكبرها فيكتوريا الشهيرة، ونحن لم نستغل مصادر المياه لاستغلال الأمثل حتى الآن، وكذلك نحتاج إلى إنشاء منتجعات سياحية على البحر، مثل منتجعات شرم الشيخ والغردقة، لجذب مزيد من السياحة والعملة الصعبة، ونحتاج الخبرات المصرية في هذا المجال لتشجيع السياحة.
- كم تبلغ الجالية المصرية في كمبالا؟ وحدثنا عن الجالية الأوغندية بالقاهرة؟
الجالية المصرية في أوغندا لا تزيد عن 1000 مصري، معظمهم يعمل في الهيئات الحكومية والباقي في المشروعات الخاصة المحدودة، وعلى الجانب الآخر، الجالية الأوغندية صغيرة أيضا لا تتعدى 3 آلاف، معظمهم من الطلاب الذين حصلوا على منحة تعليمية في مصر أو من مؤسسة الأزهر.
- هل تمتلك أوغندا مقومات التصدير؟ وما هي المنتجات التي تصدرها؟
نعم، تتمتع أوغندا بالأراضي الخصبة الزراعية، ونمتلك أفضل أنواع الفاكهة والخضروات، بالإضافة إلى اللحوم الحية ومنتجات الألبان، والتي تستوردها منا دول أوروبا، وتستطيع أوغندا دعم مصر في قضية الفجوة الغذائية من خلال تصدير اللحوم الحية.
السيسي يولي اهتمامًا كبيرًا لإفريقيا.. ومصر اشترت أراضٍ زراعية بأوغندا لزراعة صوب زراعية
- ننتقل لملف المياه.. هل ستستفيد أوغندا من بناء سد النهضة؟
لا يوجد استفادة نهائية من السد، ومن يتحدث عن الكهرباء معلوماته غير دقيقة، لأننا نبني مفاعلات نووية بدعم من روسيا، ولذلك نحن غير مهتمين بالمشروع، وأوضح للجميع أن أوغندا تتبع الأساليب الحديثة وتهتم بامتلاك التكنولوجيا التي تغيّر مستقبلنا للأفضل.
- حدثنا عن أزمة اتفاقية "عنتيبي" للمياه؟
في واقع الأمر لا يوجد أي خلاف بين دول حوض النيل حول الاتفاقية إلا في بندين فقط، هم المادة 14 و21، وهي تبليغ مصر والسودان قبل بناء أي سد من قبل دول المصب، وهو ما نحاول الاتفاق عليه في الاجتماع المقبل في 15 يوليو، حيث يحضر الاجتماع كافة رؤساء الدول الأفارقة، وعلى رأسهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في العاصمة كمبالا.
- هل تؤمن أوغندا بحقوق مصر التاريخية في مياه نهر النيل؟
بالتأكيد، جميعنا شركاء في النيل، ولكن في أمر مهم يجب أن يتفهمه الشعب المصري هو أن الاتفاقيات وقعت عام 1929 وكانت حينها كل الدول الإفريقية بما فيها مصر تحت الاستعمار البريطاني، بالإضافة إلى أن سكان إفريقيا الآن في زيادة مستمرة، ما دفع بعض الدول للمطالبة بزيادة حصتها، وأحب أن أنوّه أن إفريقيا الآن تعاني من التصحر.
- كيف ترى الخلاف بين دولتي المصب في اتفاقية عنتيبي؟
أحب التأكيد أولا على أن أوغندا ملتزمة بالاتفاقية، وأرى من وجهة نظري الشخصية أن سبب الخلاف الذي تتحدث عنه هو أن الجانب الإثيوبي بدأ البناء دون تبليغ دولتي المصب، هذه المشكلة الحقيقية، ولكني مؤمن بأن الأطراف سيجدوا طرقا للتفاهم وإيجاد فرص حقيقة لبناء الشراكة الدائمة، وبصراحة شديدة لا تستطيع القاهرة أن تنعزل عن إفريقيا ولن تستطيع دول إفريقيا الاستغناء عن مصر.
لا تستطيع القاهرة أن تنعزل عن إفريقيا ولن تستطيع دول إفريقيا الاستغناء عن مصر
- هل تنوي أوغندا بناء سدود على ضفاف نهر النيل؟
بابتسامة أجاب، نعم، سنبني سدين بهدف إنتاج طاقة كهرومائية فقط لتحسين الزراعة وتمويل ماكينات الري، وأحب التأكيد على أن الإعلام عليه تدعيم روح الأخوة بين الأشقاء الأفارقة بدلا من تأجيج الصراع بين الدول والعمل على توطيد روح العداء بين الشعبين.
- أترى الإعلام المصري يؤجج الأوضاع بين دول حوض النيل؟
أنا هنا لا أتحدث عن الإعلام المصري فقط، أنا أتحدث عن الإعلام ككل، من هنا ومن هناك، الجميع يعطي صورة مفزعة عن بعض الدول، وبعض الأشخاص الذي يطلق عليهم خبراء في مصر أو أوغندا يتحدثون دون علم ويصدرون الأزمات للحكومات.
- أخيرا.. ما هي رسالتك للشعب المصري؟
الشعب الأوغندي يحب مصر ويقدرها كثيرا، ولا يرى أي سبب حقيقي يدفعه لتعطيش شقيقه الشعب المصري، ولا يستطيع أحد أن يتحكم بنهر النيل، وأن الجميع يعمل في إطار حقوق مواطنيه، لذلك أناشد الإعلام أن يقترب من الشعب الأوغندي أكثر لكي يعرف أننا لا نحمل لمصر أي ضغينة، ولا يمكن أن نتفق مع أي دولة أو أي طرف ضد دولة عريقة مثل مصر ساعدتنا قديما للتخلص من الاستعمار، وحاليا نبني وطننا سويا.
فيديو قد يعجبك: