بمشاركة السيسي.. قمة "البريكس" تعيد رسم خريطة القوى الاقتصادية في العالم
شيامن- (أ ش أ):
تؤسس قمة مجموعة دول "البريكس"، التى ستعقد بمدينة شيامن الصينية، خلال الفترة من الثالث حتى الخامس من سبتمبر القادم، بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لمرحلة جديدة من التعاون بين الدول النامية ذات الاقتصاديات الكبرى تهدف لإعادة رسم خريطة ميزان القوى الاقتصادية فى العالم، ومواجهة شبح الركود الاقتصادى والإجراءات الحمائية التي تشكل تهديدًا بالغًا لحرية التجارة والنمو الاقتصادي العالمى، وذلك فى ظل توقعات المؤسسات المالية الدولية بهشاشة النمو الاقتصاد العالمي وتنامي أزمات الديون السيادية بعدد من الاقتصاديات الكبرى.
وجاءت دعوة مصر للمشاركة فى قمة "البريكس" باعتبارها ركيزةً للاستقرار السياسي والاقتصادى والأمني بمنطقة الشرق الأوسط والقارة الأفريقية، وتقديرًا للإصلاحات الاقتصادية والمالية التى تنفذها حاليا، وعززت ثقة المؤسسات المالية الدولية والمستثمرين فى الاقتصاد المصري، علاوة على المشروعات القومية العملاقة التى دشنتها الحكومة، وفى مقدمتها مشروع قناة السويس الجديدة والعاصمة الإدارية الجديدة ومشروع زراعة المليون ونصف المليون فدان وقانون الاستثمار الجديد ولائحته التنفيذية وغيرها، هذا إلى جانب الدور المحورى الذى لعبته مصر فى إطلاق منطقة التجارة الحرة بين دول التكتلات الأفريقية الثلاث "الكوميسا والسادك والمجموعة الاقتصادية لدول شرق أفريقيا (إياك)"، والتي تعد الأكبر على مستوى القارة الأفريقية، حيث تضم 26 دولة، يمثل الناتج المحلى الإجمالي لها نحو 60 فى المائة من إجمالى الناتج المحلى للقارة الافريقية (نحو 1.2 تريليون دولار) وتضم أكثر من 56% من سكان القارة.
وفى هذا الإطار، أكدت الصين على لسان وزير خارجيتها وانج يي مؤخرا على تطلعها لمشاركة الرئيس السيسي في قمة البريكس لفتح حوار أكبر مع الدول النامية، في إطار ما يطلق عليه "5 + 9" (أي 5 دول من البريكس مع 9 دول نامية)، مشددًا على حرص بلاده على رفع التعاون مع مصر من خلال مبادرة "طريق الحرير" بما يعزز الشراكة والمصالح بين البلدين.
ورحب السفير الصيني بالقاهرة سونج أى قوه، بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي بقمة البريكس، لافتا إلى أن الرئيس السيسي ونظيره الصينى شي جين بينج سيعقدان جلسة مباحثات لبحث تطوير العلاقات الثنائية.
وشدد السفير الصينى على أن الزيارات المتبادلة بين السيسي ونظيره الصيني تعكس قوة العلاقات المتميزة بين البلدين، مشيرًا إلى أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تعد نموذجًا للتعاون الثنائى بين بلاده ومصر.
ومن جانبه أكد وزير الخارجية سامح شكري مؤخرًا تطلع الرئيس عبدالفتاح السيسى لزيارة الصين للمشاركة في قمة البريكس، وتعزيز وتطوير العلاقات بين البلدين على المستوى الثنائى، في ظل حرص مصر على إزالة كافة المعوقات التي تعترض عمل الشركات الصينية فيها وتهيئة مناخ الاستثمار أمام الشركاء الصينيين.
ويضم تجمع البريكس – الذى يتخذ من مدينة شنغهاى الصينية مقرًا له - الصين والهند والبرازيل وروسيا وجنوب أفريقيا، ويشكل قوة اقتصادية وسياسية هائلة، ويبلغ إجمالي عدد سكانه نحو 2.8 مليار نسمة (أكثر من 40% من سكان العالم) ويمتلك نحو 22.52% من الناتج المحلى الإجمالي العالمي، وأكثر من 40% من حجم إنتاج الطاقة العالمي، و 16.1% من حجم التبادل التجارى العالمي، كما يستأثر بنصف الاحتياطى العالمي من العملات الأجنبية والذهب، ويستحوذ على نصف الاستثمارات الأجنبية المباشرة على المستوى العالمي، و13.24% من قوة التصويت لدى البنك الدولي، و14.91% من حصص صندوق النقد الدولي.
وتعد قمة "شيامن" بمثابة فرصة للدول المشاركة، ومن بينها مصر، لتبادل الخبرات الناجحة في التنمية وسبل تعزيز معدلات النمو الاقتصادي والتدفقات الاستثمارية وتدعيم صوت الجنوب في المحافل الدولية فى ضوء تحول "البريكس" (الدول صاحبة أسرع نمو اقتصادي بالعالم) إلى قاطرة للنمو الاقتصادي العالمي، وتركيزها على الاستثمارات بأسواق أفريقيا وأمريكا الجنوبية.
وتركز مصر فى اجتماعات "شيامن" على عدد من القضايا المهمة، من بينها تفعيل التعاون بين دول الجنوب، على رأسها (البريكس) والاقتصاديات الناشئة الأخرى، ومن بينها مصر، خاصة فى مجالات الاستثمار والبنية التحتية، وتدعيم التعاون بين مصر كممثل للدول العربية في المؤتمر وبين مجموعة البريكس ومن بينها الصين.
وشهدت العلاقات التجارية بين مصر ودول تجمع البريكس نموا ملحوظا خلال الأعوام الخمسة الماضية نتيجة الاصلاحات الاقتصادية التى نفذتها القاهرة، والتي عززت انفتاح الاقتصاد المصري عالميا، وأسهمت في استقرار السوق المصرفية، وتحسن التصنيف الائتماني، واتفاقيات التجارة الحرة التي وقعتها مصر مع العديد من القوى الاقتصادية فى العالم.
وتشير الاحصائيات إلى أن حجم التبادل التجاري بين مصر والصين بلغ في عام 2016 نحو 11 مليار دولار، بنسبة انخفاض قدرها 15% عن عام 2015، حيث بلغ حجم الصادرات المصرية إلى الصين 555 مليون دولار عام 2016 مقارنة بنحو 920 مليون دولار عام 2015، وانخفض حجم الواردات المصرية من الصين خلال عام 2016 بنحو 13%، حيث بلغت قيمتها نحو 10.4 مليار دولار مقابل 12 مليار دولار عام 2015.
وستركز قمة البريكس، التى ستعقد في شيامن تحت عنوان "البريكس: شراكة أقوى من أجل مستقبل أكثر إشراقا"، على أربعة محاور وهي: تعميق التعاون بين دول البريكس من أجل تحقيق تنمية مشتركة وتعزيز الحوكمة العالمية لمواجهة التحديات بشكل مشترك، وإجراء تبادلات شعبية لتعزيز الدعم العام للتعاون، ودفع بناء الآليات لبناء شراكة أوسع.
وتسعى "البريكس" لتحقيق العديد من الأهداف فى مقدمتها تعزيز التكامل الاقتصادى والسياسى بين الدول وتحقيق توازن فى النظام الاقتصادى العالمى وإيجاد بديل فعال وحقيقي لصندوق النقد والبنك الدوليين وتنمية البنى التحتية فى بلدان المجموعة وتحقيق آليات مساهمة فعالة بين الدول الخمس فى أوقات الازمات والاقتصادية بدلا من اللجوء إلى المؤسسات الغربية، وتعزيز شبكات الأمان الاقتصادى للدول الأعضاء وتجنيبها ضغوط الاقتراض من مؤسسات التمويل الغربية، ووضع شروط ائتمانية أكثر تيسيرا على الدول النامية، وتدويل العملات المحلية وإمكانية توفير قروض آجلة وميسرة لبلدان العالم الثالث، وتحقيق معدلات نمو أسرع للدول الأعضاء.
وسيبحث الزعماء المشاركون المبادرات التي طرحت، خلال قمتها الماضية التى عقدت فى مدينة جوا الهندية عام 2016، والخطط الرامية إلى إنشاء وكالة تصنيف مستقلة ترتكز على معايير وتقييمات عادلة استجابة لتطلعات الدول النامية، علاوة على توسيع سلطات "بنك التنمية الجديد" لمجموعة البريكس – الذى من المتوقع أن يقدم قروضا بنحو 2.5 مليار دولار العام الجارى- وتعزيز بنيته المالية الدولية.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: