جدل "زواج التجربة"| الأزهر و"المأذونين": تحديد مدة العقد يبطله.. و"الإفتاء" تدرس الأمر
كتب- محمود مصطفى:
أثار انعقاد بعض حالات لما عرف بـ"زواج التجربة"، حالة من الجدل داخل المؤسسات الدينية، والمجتمع المصري، بسبب تضمنه بعض الشروط وصفت بـ"المخالفة للزواج الشرعي".
وتقوم فكرة "زواج التجربة" التي أطلقها أحد المحامين المختصين في قضايا الأسرة، على توقيع طرفي العقد قسيمة قانونية، تتضمن بعض الشروط التي تنظم حياة كل منهما مع الآخر، وفقًا لرؤيتهما المشتركة، كالأمور المادية، أو أمور عمل الزوجة من عدمه، ومدى موافقة الزوجة لتعدد زيجات زوجها من عدمه، ومدى الرغبة المشتركة في الإنجاب، وغيرها من الأمور التي تعد بمثابة دستور حياتهما.
ويعد عقد القران لاغيًا في حالة تراجع أي من الطرفين عن أي بنود تضمنتها تلك الوثيقة، وأن يتم تحديد مدة الزواج في العقد كفترة أولية تتراوح من 3 إلى 5 سنوات.
الأزهر: زواج التجربة فاسد لا عبرة له
وفي أول رد فعل من الأزهر الشريف، أكد المركز العالمي للفتوى، أن الزواج ميثاق غليظ لا يجوز العبث به، واشتراط عدم وقوع انفصال بين زوجين لمدة خمس سنوات أو أقل أو أكثر فيما يسمى بزواج التجربة اشتراط فاسد لا عبرة به، واشتراط انتهاء عقد الزواج بانتهاء مُدة مُعينة يجعل العقد باطلًا ومُحرَّمًا.
وأوضح، أن الزَّواج في الإسلام آية من أعظم آيات الله سبحانه، وميثاق سمَّاه الله سبحانه مِيثاقًا غليظًا، ومنظومة مُتكاملة تحفظ حقوق الرَّجل والمرأة، وبقاء زواجهما، وسعادتهما، وتحفظ ما ينتج عن علاقتهما داخل إطاره من أولاد.
ولفت إلى من أهمِّ دعائم نجاح هذه المنظومة هو قيام عقد الزواج بين الرجل والمرأة على نيَّة الدَّيمومة والاستمرار، والتحمّل الكامل لمسئولياته كافَّة، لا أن يقوم على التأقيت، وقصد المُتعة إلى أجل حدده الطرفان سلفًا مقابل مبلغ من المال يدفعه الرجل للمرأة -وإن سمياه مهرًا-، دون اكتراث بما يترتب عليه من حقوق ومسئوليات وأبناء وبنات.
وعلى الجانب الآخر كفل الإسلام للطرفين هذا العقد الحُرَّين البالغين العاقلين الرَّشيدين حق إنهاء الزوجية في أي وقت استحالت فيه العِشرة بينهما، دفعًا لضرر مُحقَّقٍ لا يُحتَمل مِثلُه عادةً.
وجَعَل حَلّ هذا العقد بيد الزوج عن طريق الطَّلاق، أو الزوجة عن طريق الخُلع، أو القاضي عند التَّرافع إليه لرفع الضَّرر عن المرأة مع حفظ حقوقها الشَّرعية.
أمَّا عن صورة عقد الزواج المُسمَّى بـ"زواج التجربة" فإنها تتنافى مع دعائم منظومة الزواج في الإسلام، وتتصادم مع أحكامه ومقاصده؛ إضافةً إلى ما فيها من امتهان للمرأة، وعدم صونٍ لكرامتها وكرامة أهلها، وهذه الصورة عامل من عوامل هدم القيم والأخلاق في المجتمع.
فزواج التجربة -كما قرَّر مُبتدعوه- هو زواج محظور فيه على كلا الزوجين حَلّه بطلاق من الزوج، أو خلع من الزوجة، أو تفريق من القاضي مدة خمس سنوات، أو أقل أو أكثر، على أن يكون ذلك شرطًا مُضمَّنًا في عقد الزواج إلى جوار شروط أخرى يتفق عليها طرفاه.
الإفتاء: ندرس الناحية الشرعية والقانونية لزواج التجربة
وأكدت دار الإفتاء، أنها اطلعت على الأسئلة المتكاثرة الواردة إلينا عبر مختلف منافذ الفتوى حول ما يُسَمَّى إعلاميا بمبادرة زواج التجربة، والتي تُعْنَى بزيادة الشروط والضوابط الخاصة في عقد الزواج، وإثباتها في عقد مدني منفصل عن وثيقة الزواج، والهدف من ذلك: "إلزام الزوجين بعدم الانفصال في مدة أقصاها من ثلاث إلى خمس سنين، يكون الزوجان بعدها في حِلٍّ من أمرهما، إما باستمرار الزواج، أو الانفصال حال استحالة العشرة بينهما".
وأكدت أن هذه المبادرة بكافة تفاصيلها الواردة إليها قَيْد الدراسة والبحث عبر عدةِ لجان مُنْبَثِقةٍ عن الدار، لدراسة هذه المبادرة بكافة جوانبها الشرعية والقانونية والاجتماعية؛ للوقوف على الرأي الصحيح الشرعي لها، وسوف نعلن ما تَوصَّلنا إليه فور انتهاء هذه اللجان من الدراسة والبحث.
نقيب المأذونين: العقد المشروط باطل
من جانبه انتقد إسلام عامر نقيب المأذونين، إطلاق فكرة زواج التجربة، مشيرًا إلى أن هذه الأفكار غريبة على المجتمع المصري.
وقال عامر في تصريحات لـ"مصراوي"، الاثنين، إن العقد المشروط باطل إذا كان الشرط يحل حرامًا أو يحرم حلالًا.
وأشار نقيب المأذونين، إلى أن فكرة زواج التجربة لا تناسب المجتمع المصري، والعقد المشروط بمدة باطل، متابعا:" الشروط المتفق عليها التي توضع في وثيقة الزواج نرحب بها جميعا".
ولفت إلى أن الزواج على سبيل التجربة مرفوض شكلًا وموضوعًا.
كريمة: "زواج التجربة" بعيد عن الإسلام
في الوقت نفسه، قال الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، إن تحديد مدة في عقد الزواج يجعله باطلًا.
وأضاف كريمة في تصريحات لـ"مصراوي" الاثنين، أن مذهبي الإباضية والسنة ينصان على أن تحديد مدة في العقد يجعله باطلًا، إضافة إلى أن عقد الزواج الذي يوضع فيه شروط غير المتفق عليها لا يعد صحيحًا.
وشدد أستاذ الفقه المقارن على أن هذا النوع من الزواج لا علاقة له بالإسلام من قريب أو بعيد.
فيديو قد يعجبك: