"بطة وحمامة ودجاجتان".. خبير مصري يكشف أسرار علم التحنيط
لا زال التحنيط أحد أهم الأسرار التي تميز الحضارة المصرية القديمة وتمنحها سحر وبريق من نوع خاص بين الحضارات القديمة وحتى الحديثة، ورغم مرور آلاف الأعوام يظل هذا العلم الفريد بمثابة أيقونة تميز به المصريون القدماء، يحمل بريقًا وغموضًا لا مثيل له.. فهل عجز العلماء المصريون حديثًا في فك شفرات وألغاز فن التحنيط أم أنهم توصلوا إلى أسراره.
خلال السطور التالية، نكشف الكثير من الأسرار ونفك طلاسم العديد من الشفرات التي أحاطت بهذا العلم الغامض الذي أدهش العالم عبر العصور، عبر حوار مع أحد أهم العلماء المتخصصين في هذا الأمر وهو الدكتور نصر إسكندر، الذي أسس متحف التحنيط بالأقصر، في عهد فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق.
في بداية حديثه فجر "اسكندر" مفاجأة من العيار الثقيل، مؤكدًا أن الأحفاد تعلموا أسرار حضارة الأجداد ونجحوا في فك طلاسم العلم الذي أبهر العالم؛ حيث قام عالم المصريات الشهير زكي إسكندر، أحد أهم مؤسسي مجال الترميم في مصر وأول رواده بتحنيط بعض الطيور على سبيل التجربة في عقد الأربعينيات الماضي، وما زالت موجودة في متحف التحنيط بالأقصر، وهي "بطة وحمامة ودجاجتان".
وقال إسكندر في حديثه إلى "مصراوي": "أصبحنا نعرف الآن أسرار التحنيط، وطريقة التحنيط في مجملها، ويمكن أن تكون اختلفت من أسرة إلى أخرى ومن عصر إلى آخر، ويمكن أن يكون كهنة آمون قد استخدموا مقادير مختلفة بعض الشيء في الدولة القديمة عن الوسطى عن الحديثة؛ ولكن في المجمل فإننا بتنا نعرف الطريقة النهائية للتحنيط جيدًا، ولم تعد سرًّا لدينا، واستطعنا كشف غموضها؛ بداية من الفكرة إلى الطريقة إلى الخطوات المتبعة.. وهكذا".
وأضاف إسكندر: "وجمعت به الخطوات الكاملة لعملية التحنيط التي اكتشفها الدكتور زكي إسكندر، وعملت لها تبويبًا، وعُرضت بشكل مقبول لتعطي فكرة عن التحنيط".
وتابع إسكندر: "قام الدكتور زكي إسكندر بتحنيط عدد من الحيوانات؛ وهي بطة وحمامة ودجاجتان، على سبيل التجربة، وهي موجودة في متحف التحنيط ومكتوب عليها هذه الملاحظة؛ حتى لا يختلط الأمر على الناس"، مؤكدًا أنه أشرف بعد ذلك على تحنيط شخص في الولايات المتحدة الأمريكية، وجثته موجودة في مشرحة بالولاية التابع لها.
وحول فكرة التحنيط، قال إسكندر: "أساس عملية التحنيط تكمن في سحب السوائل والدهون الموجودة في الجسم عن طريق ملح النيترون، وهذا الملح يعتبر مركبًا في حد ذاته من عدد من الأملاح، وهو موجود في جبل النطرون، ثم يتم بعد ذلك ملء فراغي؛ لأن سحب السوائل يترتب عليه ترك فراغات في الجسم والأنسجة، ويتم استخدام خامات محددة؛ أهمها شمع العسل، وهذا الأمر يمنع دخول المياه مرة أخرى، كما يتم استخدام مجموعة من التوابل ومجموعة أخرى من الأعشاب بلغ عددها 13 نوعًا مختلفًا؛ مثل حب العرعر، ثم يتم استخدام لفائف من نوع معين من الأقمشة على الجسم كله، وفي المناطق الحساسة يتم استخدام لفائف كثيفة ويغمسها في الشمع أكثر، وكذلك مع الأصابع؛ حتى لا تقع، وكان يتم استخدام الحناء والمر والدمار.. وغيرها من المواد لحفظ الشعر".
وتابع إسكندر بشأن المدة التي يستغرقها التحنيط، قائلًا: "كل مومياء تستغرق ما يوازي 40 يومًا، ولذلك فنحن الشعب الوحيد الذي ما زال يحتفظ بمناسبة الأربعين؛ حيث يتم تشييع الملوك إلى مقابرهم بعد الانتهاء من عملية التحنيط، عبر جنازة رسمية تستغرق 30 يومًا".
وأضاف إسكندر: "كان اهتمام قدماء المصريين بالتحنيط كبيرًا؛ نظرًا لاعتقادهم في البعث والخلود والعالم الآخر، وشرحت طريقة التحنيط كاملة في معبد التحنيط في لوحات إرشادية كبيرة مع عينات من جميع المواد المستخدمة في هذه العملية، تم استخراجها من المقابر الفرعونية"، مشيرًا إلى أنه في بعض اللقى الأثرية وجدنا أوراك فراخ وغيرها من الأمور التي يحبها القدماء المصريون.
ولفت إسكندر إلى ضرورة نزع أحشاء المتوفى تمامًا، وكذلك تفريغ الجمجمة والمخ من أي سوائل، وحشوها بمادة الراتينج وغيرها من اللفائف وكذلك المعدة عن طريق قطع جانبي من البطن، أما القلب فأحيانًا كثيرة كان يتركه مكانه؛ حتى يخضع للحساب ومحكمة أوزوريس، ويتم وزنه أمام ريشة ماعت، أما العين فأحيانًا كان يتركها كما هي أو ينزعها ويضع مكانها شيء زجاج أو عاج أو غير ذلك من المواد الأخرى على حسب المومياء؛ هل هي لملك أو نبيل أو كاهن، حسب أهمية المتوفى.
فيديو قد يعجبك: