حاولوا الإقلاع عنها فأدمنوها.. كيف خدعت السيجارة الإلكترونية المدخنين؟
كتب- أحمد جمعة:
ظن "عاطف. ن" أن بإمكانه الإقلاع عن التدخين باللجوء إلى السجائر الإلكترونية "الفيب"، لكنه اكتشف بعد عدّة أسابيع أنه انتقل لإدمانها، ليدرك أن خططه كانت "سرابًا".
عانى عاطف من آلام في الصدر، أخبره طبيبه بضرورة الإقلاع عن التدخين الذي اعتاد عليه منذ صباه، لوضع حد لهذه الآلام المتزايدة.
كان صعبا أن يطبق هذه النصيحة الطبية مباشرة. حاول وفشل، فعاد بعد يومين للتدخين من جديد. نصحه صديق له باللجوء بالسجائر الإلكترونية كوسيلة أولية للتوقف عن التدخين إلى غير رجعة.
يقول: "اعتدت التدخين بشكل شره للغاية. كنت أتناول علبة كاملة في اليوم مع ضغط العمل، لكنني بعد فترة لم أعد قادرًا على فعل ذلك، فلجأت إلى الفيب وكلي أمل أن أتوقف بشكل نهائي".
تمر الأيام ويزداد ارتباط عاطف بها، أضحت لا تفارقه، في عمله، ومع أصدقائه، وحتى إلى منزله. مضت أسابيع على هذا الحال، وفي النهاية "أصبحت مدمنًا لها"، كما يقول.
يعتقد كثير من المدخنين أن السجائر الإلكترونية سبيل للإقلاع عن التدخين، لكنهم يتحولون إلى نوع آخر "مضر للغاية"، وفق عدد من الأطباء الذين تحدث إليهم مصراوي.
والسجائر الإلكترونية من النماذج الأكثر شيوعًا للحصول على النيكوتين، عبر تبخير محلول معين ومن ثم يستنشقه مستعملها. والمكونات الرئيسية للمحلول، علاوة على النيكوتين إن وجد، هي البروبيلين غلايكول المخلوط بالجليسيرين والنكهات المطعمة أو بدونها. وتحتوي محاليل نظم إيصال النيكوتين إلكترونياً وانبعاثاتها على مواد كيميائية أخرى، وبعضها يُعتبر من المواد السامة، وفق منظمة الصحة العالمية.
مخاطر كبيرة
شددت منظمة الصحة العالمية على أن "الادعاءات المتعلقة بسلامة السجائر الإلكترونية وفعاليتها في الإقلاع عن التدخين لا أساس لها من الصحة في الأدلة العلمية".
وبحسب الموقع الإلكتروني للمنظمة، فإن "السجائر الإلكترونية تحتوي على النيكوتين، وهو عنصر ضار ويسبب الإدمان، ويؤثر على نمو الدماغ لدى الشباب. وترتبط السجائر الإلكترونية أيضاً بالإصابات والأمراض، مثل الانفجارات والحرائق، والأمراض المعدية للحلق والفم، والسعال، والغثيان، والقيء".
وتقول المنظمة إن السجائر الإلكترونية تعدّ خطرة خصوصا عندما يستخدمها الأطفال والمراهقون، فالنيكوتين يسبب الإدمان بدرجة عالية في حين يظل نمو الدماغ مستمرا لدى الشباب حتى منتصف العشرينات من العمر.
ويتماس ما ذكرته الصحة العالمية مع قول عاطف إن "السجائر الإليكترونية كمين. تعتقد أن بإمكانك استغلالها للإقلاع عن التدخين لكنها تهزمك وتجعلك أسير لها"، ناصحًا المدخنين باللجوء إلى الطبيب المختص حال رغبتهم في الإقلاع عن التدخين.
وعددت المنظمة مخاطر السجائر الإليكترونية، بأن استخدامها يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب واضطرابات الرئة، كما أنها تشكل مخاطر كبيرة على النساء الحوامل اللائي يستخدمنها، حيث يمكن أن تلحق الضرر بالجنين في طور نموه.
وبحسب دراسة منشورة في الدورية الأمريكية للطب الوقائي، قال باحثون إن استخدام السجائر الإلكترونية يُزيد بقوة من خطر إصابة الرئة بأمراض مزمنة مثل الربو أو التضخم.
وقال كبير الباحثين ستانتون جلانتز مدير مركز أبحاث مكافحة التبغ والتعليم بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو أنه "يجري الترويج للسجائر الإلكترونية على أنها غير مضرة ولكنها ليست كذلك"، وفق "رويترز".
وخلُصت الدراسة إلى أن السجائر الإلكترونية تُزيد من خطر أمراض الرئة بنسبة الثُلث بالمقارنة بأولئك الذين لم يدخنوا أو يستخدموا السجائر الإلكترونية قط. وكان الخطر أكبر بين البالغين الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية والتبغ كليهما.
ضرر كبير مع كورونا
وفي غضون مبادرة "التحرر من التبغ"، ترى منظمة الصحة العالمية أن السجائر الإلكترونية لا تُعَد خياراً "أكثر أماناً" فيما يتعلق بجائحة كوفيد-19، إذ تشير البيِّنات إلى أن النُّظم الإلكترونية لإيصال النيكوتين والنظم الإلكترونية لإيصال مواد غير النيكوتين، التي يشار إليها بشكل أكثر شيوعاً بالسجائر الإلكترونية، أدواتٌ مُضرة بالصحة، وما من شك أنها غير آمِنة.
وأضافت: انبعاثات السجائر الإلكترونية تحتوي عادة على النيكوتين والمواد السامة الأخرى التي تضر المدخنين وغير المدخنين الذين يتعرضون للهباء غير المباشر. كذلك يزيد استخدام السجائر الإلكترونية من خطر الإصابة بأمراض القلب واضطرابات الرئة.
وبالنظر إلى البيِّنات المتزايدة التي تشير إلى أن استخدام السجائر الإلكترونية قد يرتبط بإصابات الرئة، وكذلك العلاقة التي شاعت مؤخراً بتفشي إصابات الرئة في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي ما أُطلِق عليها اسم "إصابات الرئة المرتبطة بتدخين السجائر الإلكترونية"، فإن كوفيد-19 قد يؤدي إلى مضاعفات لدى مدخني السجائر الإلكترونية؛ وذلك لأن الفيروس المسبِّب لعدوى كوفيد-19 يؤثر على الجهاز التنفسي.
علاوةً على ذلك، قد يؤدي تدخين السجائر الإلكترونية إلى تثبيط جينات الاستجابة المناعية وجينات الاستجابة للالتهابات في الخلايا الظِّهَارية الأنفية على نحو مشابه لما يُحدِثه دخان السجائر، وهو ما قد يعرِّض مدخني السجائر الإلكترونية للإصابة بعدوى كوفيد-19، وقد يؤدي تحريك اليد نحو الفم التي يقوم به مدخنو السجائر الإلكترونية إلى زيادة تعرُّضهم لخطر الإصابة بالعدوى.
وتقول المنظمة إنه إذا تشارك أكثر من شخص في أجهزة السجائر الإلكترونية، فإن ذلك من شأنه أن يزيد أيضاً خطر انتقال المرض.
فيديو قد يعجبك: