أول وزير مالية في عهد محمد علي.. من هو المعلم جرجس الجوهري الذي أحيت الكنيسة ذكراه؟
كتب- مينا غالي:
أحيّت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، أمس الموافق 27 سبتمبر، ذكرى وفاة المعلم جرجس الجوهري، وهو أحد مشاهير الأقباط في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر وهو شقيق القديس المعلم إبراهيم الجوهري الذي كان كبير الكُتّاب في البلاط الحاكم.
وتربى جرجس الجوهري مثل أخيه في كُتاب مدينة قليوب كنظام ذلك العصر، فتعلم القراءة والكتابة والحساب علاوة على العلوم الدينية واللغة القبطية ولما كبر أشركه شقيقه المعلم إبراهيم الذي كان يشغل منصب رئيس كُتاب مصر (وظيفة تشبه رئيس الوزراء حاليًا) في الأعمال والأمور الكتابية فكان له خير معلم وأفضل مرشد.
وكانت ملازمته لأخيه ذات أثر فعّال في مستقبل حياته وسببًا في نجاحه عندما تقلد منصب رياسة المباشرين بعد وفاة أخيه المعلم إبراهيم الجوهري، وباشر المعلم جرجس شئون وظيفته في 4 عهود مختلفة في حكم المماليك ومدة حكم الحملة الفرنسية ومدة حكم الأتراك ثم أول حكم محمد علي باشا، ولاقى شدائد كثيرة وكان عظيم النفس كريمًا في العطاء يوزع على الفقراء والمساكين والكنائس والأديرة الأموال الكثيرة خصوصًا في المناسبات.
كما أنه ساعد البابا مرقس الثامن في بناء الكنيسة المرقسية الكبرى بالأزبكية ومقر البطريركية المجاور لها من أملاكه وأملاك أخيه الذى كان قد حصل قبل وفاته على فرمان من الباب العالي ببنائها، وقد عينه البابا مرقس الثامن ناظرا على كثير من كنائس القاهرة ومصر القديمة وذلك لمحبته للكنائس واهتمامه بتعميرها والعناية بها .
وعن فترة الحملة الفرنسية، يقول توفيق إسكاروس: عرفه نابليون وكليبر ومينو بعده وتحققوا فيه سداد الرأي والحكم. فكان في نظرهم عميد الأقباط واحترموه غاية الاحترام.. اعتبره الفرنسيون عميد الأقباط، فأجلّوه واحترموه، واستصحبه نابليون بونابرت في إحدى المهام، كما استصحبه الفرنسيون في عبورهم للنيل عند بولاق عقب وصول الجيش العثماني إلى أبي قير بصحبة حلفائهم الإنجليز. وظل المعلم جرجس محافظًا على رئاسة الكتاب والمباشرة وحائزًا على ثقة الفرنسيين ورضاء أعيان المصريين وكبار المشايخ والسادة، حتى تم جلاء الفرنسيين عن مصر في سنة 1081.
وفي فترة الحكم العثماني عقب جلاء الحملة الفرنسية، يصف الجبرتي ما عاناه الأقباط فقال: "أما أكابر القبط مثل جرجس الجوهري وفلتيوس وملطي فإنهم طلبوا الأمان من المتكلمين من المسلمين لكونهم انحصروا في دورهم، وهم في وسطهم، وخافوا على نهب دورهم إذا خرجوا فارين. فأرسلوا إليهم الأمان فحضروا وقابلوا الباشا والكتخدا والأمراء وأعانوهم بالمال واللوازم."
أما في بداية حكم محمد علي، فيقول الجبرتي إن محمد على باشا بدأ تصرفاته بالعمل على تعزيز كلمته وإظهار سلطانه وتأييد مقامه واسترضاء الجند وصرف المتأخر من مرتباتهم، ففرض على قبط مصر وعلى عظمائهم جزية.
وأضاف: "قبض على المعلم جرجس الجوهري معلم مصر يومئذ وصاحب خِراجها (الضرائب)، وعلى جماعة من عظماء القبط وسجنهم ببيت كتخدا، وطلب من المعلم جرجس الجوهري حسابه عن سنة 1215 هجرية".
ولكن بعد أن تولى محمد علي الحكم نال لديه المعلم جرجس المقام الأول لِما يسديه إليهم من الهدايا والعطايا، حتى كانوا يسمونه جرجس أفندي. وكان عظيم النفس ويعطي العطايا ويوزع على جميع الأعيان عند قدوم شهر رمضان الشموع والسكر والأرز والبن والملابس. غير أن الوالي سرعان ما انقلب عليه بعد ذلك مختلقًا سببًا وهو عدم مبادرته إلى جباية كل ما كان يطلبه من الضرائب، ولعل ذلك كان شفقة من المعلم جرجس على الأهالي، فقبض عليه ومن معه من الأقباط بحجة أن في ذمته مبالغ متأخرة من حساب التزامه.
ومرض المعلم جرجس في أواخر حياته ثم توفي ودفن بجوار شقيقه في المدفن الخاص بهما بجوار كنيسة مار جرجس بدرب السقا بمصر القديمة ولا يزال قبرهما موجودا حتى الآن، وفوقه كنيسة صغيرة يصلى فيها في تذكاراتهما.
فيديو قد يعجبك: