مظهر شاهين لـ خالد الجندي: بلاش غلوشة وواجهني
كتب- يوسف عفيفي:
رد الشيخ مظهر شاهين، إمام مسجد عمر مكرم بالقاهرة، على حديث الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الدينية ومجلس الفقه، بعد اتهامه بأن دعوته إلى عدم ربط سعر صرف الجنيه بالإيمان بالله تعالى مخالفة للعقيدة ودعوة للإلحاد.
وقال شاهين في منشور عبر صفحته الشخصية على "فيسبوك": بلاش شغل الغلوشة ده يا مولانا صاحب المجلس والبرنامج، وبلاش تستخبى خلف أحد لترميني بسهم غيرك من السادة العلماء الأفاضل الذي أشهد له بحسن الأدب وتورطه في قضية هو ليس طرفا فيها لشيء في نفسك تَعلَمه وأَعلَمه، هروبا من المواجهة بالعلم كعادتك.
وتابع: تحلى بالشجاعة وكن أنت في مواجهتي بالعلم وليس بالهمبكة، وأذكرك بأن أصل الخلاف بيننا ليس حول أن الله هو المُسَعِّر كما تحاول أن تدعي، إحنا خلافنا حول دعوتك إلى وجوب عدم ربط سعر صرف الجنيه بالدولار والذهب وإنما بالإيمان بالله تعالى، واللي أنا قلت عليه كلام فاضي، ركز معايا يا مولانا الفاضل ربنا يكرمك.
وواصل شاهين: أما موضوع أن الله تعالى هو المُسَعِّر الذي تحاول أن تجعل منه مخرجا من الزنقة السودة اللي زنقت نفسك فيها لما قلت نربط سعر الصرف بالإيمان بالله تعالى، فهو حق أريد به باطل.
وأكمل: وأنا سأقطع عليك طريق المزايدة كعادتك، وأقول: إننا مؤمنون بأسماء الله تعالى وبصفاته العلية، وبأن كل شيء بيد الله تعالى، ولكن يجب ألا نفصل بين إيماننا بأسماء الله تعالى وبين وجوب الأخذ بالأسباب، ونفهم أن اسم الله تعالى المُسَعِّر، هنا إنما يكون بناء علي أسباب اقتصادية وسنن كونية لا تتغير ولا تتبدل ولا علاقة لها بالإيمان أو الكفر كما تزعم أنت، وإنما بالأسباب والمقدمات، فمن جَد وَجَد ومن زرعَ حصَد: اللي يزرع وياخد بالأسباب ويراعي زرعه هيحصد الثمار حتي لو كان كافرا، واللي هينام ويتكاسل لن يفلح زرعه حتي وإن كان إمام الحرمين، وأن اسم الله الشافي لا ينفصل عن التداوي وطلب العلاج والأخذ بأسباب الشفاء، مستحضرين قول الله تعالى لسيدنا أيوب عليه السلام: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ.
واستطرد: وإلا فكيف نفهم قول الله تعالى: وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا، وقوله تعالى: قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا، وقوله: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ، وقول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ مِنَ المؤمنِ الضَّعيفِ وفي كلٍّ خيرٌ. احْرِصْ على ما يَنفعُكَ، واسْتَعنْ باللهِ ولا تَعجزْ، وقوله: إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ.
وأردف شاهين: وهنا ندرك الفارق الكبير والعميق بين فهمكم الضيق ووعيكم القاصر لما تشير إليه أسماء الله تعالى، وبين عظمة فهم ووعي قيادتنا السياسية الواعية لها، حين لم يعتمد على معنى اسم الله النصير، على طريقتكم، وإنما فهمته فهما حقيقيا أدركت معه ضرورة الأخذ بأسباب النصر فقامت بتسليح الجيش المصري بأكبر وأحدث الأسلحة من طائرات وغواصات وفرقاطات ومعدات حربية، فجمعت سيادتها بين الإيمان بالله وبأسمائه وصفاته العليَّة وبين الأخذ بالأسباب، وهذا ما ينبغي أن نسير عليه في فهمنا لمعاني ومرامي أسماء الله تعالى.
وأضاف: إن معنى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث "المُسَعِّر هُو الله" لا ينبغي أن يُفهم إلا في إطار أن التسعير عنده سبحانه وتعالى قائم على أسباب اقتصادية ليس من بينها أن فلانا مؤمن وفلانا كافر، فالله سبحانه يعطي الدنيا لمن أخذ بالأسباب فيها، وجعل سبحانه لكل شيء سببا "فأتبع سببا" "ثم أتبع سببا" والإيمان أوالكفر ليس من بين الأسباب التي يقوم عليها الاقتصاد في أي زمان أو مكان، فقد قص علينا القرآن أن من بين الأنبياء والمؤمنين من أوتي ملكا عظيما كسيدنا سليمان عليه السلام، وذي القرنين، ومن الطغاة كذلك من أوتي ملكا عظيما مثل النمرود وبُخْتَنَصَّر، ولسبب آخر وهو أن الله سبحانه هو العدل، وعدله سبحانه يقتضي أن من جدَّ وجد، ومن زرع حصد، بغض النظر عن إيمانه أو كفره، ولو ارتبط الاقتصاد بالإيمان لصرنا أغني الدول، فها هي المساجد عامرة بالمصلين، وها هم الحجاج والمعتمرون والمتصدقون والمسبحون والذاكرون بالملايين، ومع ذلك انخفض سعر الجنيه، الأمر الذي يؤكد أن أسباب تغير سعر الصرف اقتصادية وليست عقدية أو إيمانية كما تزعم.
وقال مظهر شاهين: والحق أن يقال: إن العلاقة بين سعر الصرف والدولار قائمة على أسباب منها: العمل والإتقان والمنافسة والإنتاج والاكتفاء الذاتي والتصدير وازدهار السياحة والتحويلات من الخارج، وغير ذلك من الأسباب الاقتصادية المعروفة، وأن الإيمان إنما يدفعنا الي التوكل علي الله تعالى حق التوكل والأخذ بأسباب القوة بكل أشكالها وأنواعها، ومنها القوة الاقتصادية، تطبيقا لقوله تعالى: "وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍۢ"، وأننا لو طبقنا الإيمان لاجتهدنا في العمل وحققنا زيادة في الإنتاج، ولو أتقنا العمل لحققنا المنافسة التي تمكننا من زيادة الصادرات والتي تجلب العملات الصعبة، التي تؤثر قطعا على الاقتصاد وسعر الصرف، لا أن نقول إن سعر الصرف مرتبط بالإيمان وكأننا إذا اجتهدنا في الصلاة والصيام سوف يرتفع سعر الجنيه مثلا.
وأوضح مظهر شاهين: وأقولها صريحة: لو أن كافرا لا يؤمن بالله ولا برسله أخذ بأسباب القوة الاقتصادية لصار أغنى الناس ولانعكس ذلك على اقتصاده بالإيجاب والقوة، ولو أن مؤمنا عابدا اعتكف في صحن الكعبة المشرفة ولم يأخذ بأسباب القوة الاقتصادية لبقي على حاله.
ونوه بأنه: إذا أردنا اقتصادا قويا ومنافسة تدفعنا نحو الرخاء فعلينا ببناء المصانع مع المساجد، وعلينا بإتقان العمل مع قيام الليل، وعلينا بالتصدير مع التسبيح، وعلينا بتنمية السياحة مع الصيام، وعلينا بالاكتفاء الذاتي لتقليل الاستيراد مع أداء الحج والعمرة، وبذلك نكون قد عمَّرنا دنيانا وآخرتنا، ونكون قد أخذنا بأسباب القوة الاقتصادية التي بها نتحكم في سعر الصرف.
ودعا شاهين إلى العمل، قائلا: دعونا ندعو الناس إلى العمل وليس الكسل، إلى التوكل وليس التواكل، إلى المنافسة وليس المشاكسة، إلى تصدير المنتجات وليس تصدير اليأس، إلى دفع عجلة الإنتاج وليس إلى دفع عجلة الاستهلاك، إلى دعم الدولة المصرية بالعلم والعقل والمنطق، وما استقرت عليه سنن الله الكونية، ويصدقه الواقع.
واختتم قائلا: أطالب الشعب بمزيد من العمل والإنتاج والأخذ بأسباب القوة الاقتصادية، ومحاربة كافة أشكال الفساد، والوقوف مع الدولة المصرية، ودعم مؤسساتها الوطنية، وعدم عرقلة مسيرة الاستقرار، وإن شاء الله تعالى القادم سوف يكون أفضل بالعمل والصدق والجد والاستقرار.
فيديو قد يعجبك: