البابا تواضروس يحذر من خطورة تفريغ الشرق الأوسط من المسيحيين
كتب- إسلام لطفي:
استقبل قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، في المقر البابوي بالقاهرة، اليوم السبت، وفدًا فرنسيًّا من سياسيين وكُتَّاب وصحفيين.
ضم الوفد بيير لولوش وزير الدفاع الفرنسي الأسبق، وفاليير بواييي عضو مجلس الشيوخ الفرنسي، وألكساندر ديلفال صحفي بجريدة "لوفيجارو" الفرنسية، وأنطوني كولونا الصحفي بموقع "فالير أكتويل"، وميشيل صبان الكاتبة والناشطة في مجال المرأة والطاقة البديلة، وفرانسيسكو دي ريميدز الصحفي بجريدة "الجورنال الإيطالي"، يرافقهم الدكتور عبد الرحيم علي، رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس.
وقدم البابا للوفد لمحة عن الكنيسة القبطية وبشارة القديس مرقس لها، ودور الكنيسة الروحي والوطني عبر التاريخ، وأشار إلى علامات الكنيسة التي تعد بمثابة أهرامات الكنيسة الثلاثة وهي: التعليم، والاستشهاد، والرهبنة.
وتناول البابا انتشار الكنيسة في أغلب دول العالم وخدمتها للمجتمعات في هذه الدول.
وتحدث البابا عن العلاقات الطيبة التي تجمع الكنيسة بكل مؤسسات الدولة المصرية؛ وفي مقدمتها مؤسسة الرئاسة، والحكومة، والأزهر الشريف.
وأشار البابا تواضروس إلى علاقات المحبة التي تربط الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالكنائس الأخرى حول العالم، وإلى مجلس كنائس مصر الذي يضم تحت مظلته الكنائس الخمس الموجودة في مصر.
وألمح البابا إلى دور الكنيسة الأساسي؛ وهو الدور الروحي، ثم يأتي بعده الدور المجتمعي؛ حيث إنه مَن ألزم واجبات الكنيسة أن تخدم المجتمع الذي تعيش فيه.
ووصف البابا تواضروس الوحدة الوطنية في مصر بأن ما يجسدها هو الحياة المشتركة للمصريين في المدن والقرى والنجوع، حيث إن المصريين يعيشون حول النيل، وهو ما نسميه الوحدة الطبيعية التي صنعها الله، وهو ما تتميز به مصر.
وفسر البابا اسم مصر القديم "كيمي"؛ أي التربة السمراء، ومنها جاء اسم علم الكيمياء، وأن الحضارة المصرية اختزنت في داخلها سبع طبقات هي الحضارة الفرعونية، المسيحية، اليونانية الرومانية، الإسلامية، اللغة العربية، المتوسطية، والإفريقية.
وتابع البابا: ومصر رغم موقعها الجغرافي المتميز؛ إلا أنها تتميز بالأكثر بأنها الدولة الوحيدة في العالم التي تعد مربعة الشكل لها ضلعان على بحار وضلعان على صحارٍ، ومن هنا جاءت الرؤية المتوازنة التي تتعامل على أساسها مصر مع كل القضايا، واستشهد قداسته بمقولة العالم المصري الراحل جمال حمدان، الذي وصف مصر بأنها "فلتة الطبيعة، التاريخ أبوها الجغرافيا أمها".
وألمح البابا تواضروس إلى أن مصر تعد من الأراضي المقدسة؛ لأن أرضها تباركت بزيارة العائلة المقدسة التي أقامت في أرض مصر وتجولت في ربوعها لمدة ثلاث سنوات وستة أشهر وعشرة أيام.
واستمع البابا إلى أسئلة واستفسارات الوفد الفرنسي، وأجاب عنها. وكان من بينها سؤال عن رأي البابا في الهجمات التي تعرضت إليها الكنائس في أغسطس ٢٠١٣؛ حيث أُحرِقَت نحو ١٠٠ كنيسة ومبنى كنسي، وأجاب: "إن هذا الاعتداء كان يستهدف مصر ووحدتها الوطنية وليس مجرد المسيحيين وكنائسهم، لذا وجدنا وقتها أن الحفاظ على الوطن له الأولوية؛ لأنه حينما يبقى الوطن ستبقى الكنائس ويبقى كل شيء، ولكن إن ضاع الوطن فلن يبقى شيء، ومن هنا جاءت المقولة: "وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن".
وحذَّر البابا، خلال حديثه عن أوضاع المسيحيين في الشرق الأوسط، من خطورة تفريغ الشرق الأوسط من المسيحيين، حيث إن وجودهم يعد جدارًا عازلًا يحفظ المنطقة من نشوء الكثير من الصراعات.
وثمَّن البابا، بشأن وضع المسيحيين المصريين حاليًّا، ما تم إنجازه منذ تولي الرئيس السيسي المسؤولية، ومن أبرز هذه الإنجازات قانون بناء الكنائس الذي عالج وضعًا ظالمًا استمر قرونًا، وكذلك صارت للمسيحيين فرصة تولي مناصب عليا لم تكن لهم فرصة لتوليها من قبل، وذلك بعد أن صار الاختيار لهذه المناصب بمعيار الكفاءة، وبالإجمال فإن الدولة المصرية حاليًّا تعيد تصحيح العديد من الأوضاع غير العادلة المتراكمة من عهود سابقة.
وأكد قداسة البابا في ما يتعلق بالمشكلات التي تحدث من حين لآخر في بعض القرى، أن التنسيق والتعاون بين الكنيسة ومؤسسات الدولة يساعد بقوة على احتواء مثل هذه المشكلات.
وتناول البابا موضوع استضافة مصر مؤتمر المناخ، مشيرًا إلى أن الكنيسة أسهمت في هذا الموضوع من خلال تقديها مبادرة "ازرع شجرة"؛ حيث تمت زراعة آلاف الأشجار في الأديرة والكنائس بطول مصر وعرضها، ونوه بدعم الكنيسة لمبادرة الأمم المتحدة لإنقاذ كوكب الأرض "ساعة الأرض".
وأكد قداسة البابا تواضروس، بشأن الحروب الدائرة حاليًّا، رفضه الكامل لمبدأ الحرب؛ لا سيما الحروب التي لا مبرر لها ولا طائل من ورائها.
وحذر البابا، خلال حديثه عن المشكلات التي تنشأ داخل بعض الكنائس، من خطورة الانقسام الداخلي، مشيرًا إلى أننا يجب أن نسعى نحو روح المحبة والوحدة لا الانقسام.
وأشار الباب، خلال حديثه عن وضع اللاجئين في مصر، إلى أن الكنيسة تسهم في خدمة اللاجئين الذين يبلغ عددهم نحو ٥ ملايين لاجئ؛ حيث إنها تقدم لهم خدمات متنوعة؛ منها ما هو تعليمي وتنموي.
فيديو قد يعجبك: