- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
جميع ما سيرد في المقال لا يقلل من الجهد المبذول في إخراج الاستراتيجية الوطنية للمرحلة الثانية ٢٠١٨-٢٠٢٢ بأسلوب يكشف عن وجود إرادة لاجتثاث الفساد من جذوره وتتبعه وعرض يتسم بالشفافية والربط مع خطة مصر للتنمية المستدامة.
وعليه، آثرت أن تكون القراءة تحليلية تتناول فلسفة مكافحة الفساد أكثر منها استعراض أهداف ومحاور الاستراتيجية.
وكما نعلم أن الفساد هو خروج الشيء عن طبيعته، وانحراف الشيء عن المهمة التي وُجد من أجلها بما يتسبب في أضرار وتكلفة مجتمعية وثقافية وسياسية باهظة في المقام الأول.
فإذا ما تناولنا على سبيل المثال ظاهرة مثل الكوارث الطبيعية، فسنجد آثارها تتمركز بشكل كبير في تكاليفها الاقتصادية التي سرعان ما يمكن التغلب عليها وتعويضها في فترة وجيزة. فإعصار "تسونامي" أو "كاترينا" أو زلازل اليابان أمكن تجاوزها من خلال تدخلات علمية وترتيبات عملية لوجستية للحد من مخاطرها والتنبؤ بها.
أما ظاهرة الفساد، فتكلفتها فادحة على المنظومة المجتمعية وعلى علاقة الفرد بالدولة على المستوى السياسي الكلي، وعلاقته بمؤسسات الدولة على المستوى الجزئي، والأهم علاقته بذاته، من خلال توازن واتساق النسق القيمي الذي يعمل وفقا له.
إذن، فلسفة مكافحة الفساد تتجاوز الأجل المتوسط، مثلما تتجاوز تقسيمه إلى كبير وصغير وإلى كونه جريمة لها أركان مادية إلى كونه آفة وفيروسًا يمكن أن يستقر، ويتكيف مع العقل البشري، ويولد مشروعيته ومبرراته بما يجعل مقاومته أمرًا عصيًا.
وبالعودة إلى عام ٢٠١٤، وهو العام الذي شهد إطلاق أول استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد في مصر، نلحظ أنه بما أنها الأولى فقد تفاعلت بأسلوب منهجي خطي مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ومفاصلها الخمسة، وهي الإصلاح الإداري وإدماج معايير الشفافية والنزاهة فيه (الفصل الثاني: التدابير الوقائية)، ثم تصويب واستكمال المنظومة التشريعية من خلال السعي نحو استصدار قوانين، مثل الحق في الحصول على المعلومات وتداولها وحماية الشهود والمبلغين والخبراء والضحايا (الفصل الثاني: التدابير الوقائية والفصل الثالث: إنقاذ القانون).
بالإضافة إلى بعدي تمكين مؤسسات مكافحة الفساد الرسمية والمجتمعية من أداء دورها، وتعزيز التعاون الدولي بين مصر والمجتمع الدولي. (الفصل الرابع: التعاون الدولي).
وبإمعان النظر في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد في مرحلتها الثانية ٢٠١٨-٢٠٢٢ نجدها تحذو نفس حذو الاستراتيجية الأولى في منهجها الخطي في التواصل مع أبواب اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد، وهو أمر محمود ومنضبط بشكل عام، غير أنه لا يعكس بشكل مترابط التحديات التي أجاد واضعو الاستراتيجية في الإعلان عنها بنزاهة وشفافية في صدر وثيقة الاستراتيجية.
فمن بين التحديات التي أشارت لها الاستراتيجية عدم تطبيق قانون ١٠٦ / ٢٠١٣ بشأن حظر تعارض مصالح المسؤولين بالدولة، في الوقت الذي ورد فيه دور القطاع الخاص في الهدف الأخير (الهدف التاسع من الاستراتيجية)، كما أن أرجاء دور القطاع الخاص كهدف أخير لا يعكس توجه الدولة نحو زيادة الدور التنموي للقطاع الخاص والمشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، ومن ثم الحاجة لتعزيز الشفافية والنزاهة في حقل التعامل بينها، وبين الجهات والمؤسسات الحكومية.
كما أن تأخر استصدار اللائحة التنفيذية للقانون لمدة خمس سنوات يؤشر إلى أن القانون قد يكون في حاجة لتطوير ومراجعة ليتواكب مع التطورات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها مصر خلال خمس سنوات.
يضاف إلى ما سبق أن مفهوم تعارض المصالح لا يقع فقط في فضاء الأجهزة الحكومية، كما هو مبين في الإجراء رقم ٨ في الإجراءات التنفيذية للهدف الأول الخاص بتطوير جهاز إداري كفء وفعال، إنما يقع أيضا في المجال بين العمل الحكومي والعمل الخاص، وهنا تقع شبهة خلط بين المحاباة والمحسوبية والواسطة وتعارض المصالح كمفهوم دولي يعكس تطور الأنظمة الاقتصادية نحو إنتاج السوق.
كما أنه إذا نظرنا إلى التحدي الخاص بالخدمات الجماهيرية فسنجد أنه تم فصله فلسفيا ومفاهيميًا عن الارتقاء بمستوى معيشة المواطنين. فمما لا شك فيه أن قدرة المواطن على أداء معاملاته الحكومية بدون التعامل بشكل مباشر مع موظفي الخدمة المدنية والانتقال للجهات الحكومية-يؤدي لتوفير جزء من دخله.
والتحدي هنا له دلالتان:
الأولى هي حجم الإنفاق الكبير على عمليات الميكنة والربط الذي لم يسفر حتى الآن إلا عن وجود ما لا يزيد على خمس معاملات حكومية تتم بشكل مميكن كامل، وذلك بعد عشر سنوات أو أكثر.
الدلالة الثانية هي تواضع التنسيق بين الجهات الحكومية المعنية بتقديم تلك الخدمات بما يعيق عمليات الربط الحكومي لتقديمها، حيث تعتبر كل جهة حكومية أن الخدمات التي تقدمها ملكا لها أكثر من ملكية المجتمع المصري لها، ومن ثم يقاوم بعضها مشاركة بيانات تلك الخدمات أو الانتهاء من ميكنتها.
لذلك، فإن تحدي ضعف الخدمات الجماهيرية لا يكمن فقط في بطء عمليات الميكنة؛ إذ يعتبر ذلك تحديا ظاهرا لا يكشف عن عوامل الفعالية والكفاءة المطلوبة لإتمام عمليات الميكنة والربط، وإنما في وجود إشكالية على الصعيد الفلسفي؛ إذ مما لا شك فيه أن الخدمات الجماهيرية تسهم في الارتقاء بمستوى معيشة المواطنين لنكون أمام مواطن "حديث".
والحداثة هنا لا تتعلق فقط بقدرة المواطن على التعامل مع تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، وإنما في قدرته على استثمار موارده المالية في أنشطة ثقافية وتعليمية بخلاف إنفاقها على الانتقال لأماكن تقديم الخدمات الحكومية أو دفها في صورة رشاوى أو مدفوعات غير مبررة.
إذن، هناك ارتباط وثيق بين مستوى معيشة المواطنين ومكافحة الفساد. ولم أفهم المنهج الذي اتبعه علماء الاجتماع في الوصول إلى انعدام العلاقة بين المتغيرين! خاصة وأن كافة الأدبيات الدولية تربط بين مكافحة الفساد وزيادة معدلات التنمية التي من بينها ارتفاع متوسط الدخل الفردي، والرشوة تقتطع من الدخل الفردي، سواء قدمها الفرد مضطرا أو بإرادته الحرة. حتى وإن كان هذا الهدف قد حذف في ضوء تحرير سعر الصرف في ٢٠١٦ وارتفاع مستويات الأسعار، أخذًا في الاعتبار أن أحد المبادئ التي استندت إليها الاستراتيجية هي احترام حقوق الإنسان والمساواة بين جميع المواطنين أمام القانون، والدستور هو أبوالقوانين.
واحترام حقوق الإنسان يكون في تحقيق أمنه الإنساني، من خلال التحرر من العوز، ومن ثم الخوف، وفي تمتعه بحياة كريمة. لذلك كان من المفيد حتى تستكمل فلسفة الاستراتيجية في مكافحة الفساد في وضع هدف يعالج أزمة مجتمعية- اقتصادية آنية في التصدي لممارسات الاحتكار والتلاعب في الأسعار لحماية دخول المواطنين من التآكل بفعل التضخم، وحمايتهم من اللجوء لممارسات لا تصب في هدف الوقاية من الفساد.
كما أن الفصل بين مكافحة الفساد وتحسين مستوى معيشة الأفراد لا يتماشى مفاهيميًا مع خطة التنمية المستدامة الأممية ٢٠٣٠ وعدم الفصل بين هدف مكافحة الفقر وهدف بناء مؤسسات قوية.
الرؤية التحليلية الثالثة في قراءة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ٢٠١٨-٢٠٢٢ هي في عدم ربط الهدف الثالث الخاص بتفعيل آليات الشفافية والنزاهة بالوحدات الحكومية بإقرار قانون الحق في المعلومات وحرية تداولها، إذ كيف يمكن مطالبة الجهات الحكومية والرقابية بنشر بياناتها وتقاريرها في غياب إطار تشريعي منظم لذلك؟ فكان من الأحرى منهجيًا ربط هدف تطوير البنية التشريعية بالأهداف الأخرى في الاستراتيجية؛ بحيث تتكامل الإجراءات التنفيذية لمكافحة الفساد مع الهدف المعني.
في نفس الاتجاه يمكن التساؤل حول أسباب تعدد الخطوط الساخنة في كل جهة بما يحدث ارتباكًا لدى المواطن في الإبلاغ عن ظاهرة فساد ما في جهة ما، وعدم وجود قانون لحماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا من جهة أخرى! فكيف يأمن المواطن من العقاب ويشتكي إن لم تتوفر له الحماية اللازمة؟
بالإضافة إلى عدم وجود إحصاء بعدد الشكاوى التي تمت الاستجابة لها وتحقيقها وأثر ذلك على مقدم الشكوى في إنصافه أو معاقبته وفي تحقيق مبدأ المساءلة.
وهو أمر مرتبط بإجراء تنفيذي أشارت له الاستراتيجية في هدفها الثالث من نشر التقارير عن التقدم المحرز في تنفيذ أهداف الاستراتيجية.
كما أجادت الاستراتيجية في ربط نشر خطة المشتريات الحكومية كإجراء تنفيذي في تفعيل الشفافية والنزاهة بالوحدات الحكومية.
وفيما يتعلق بالرؤية التحليلية الرابعة لما ورد في الاستراتيجية في مرحلتها الثانية، فالقول بأن التعاون التام والتنسيق بين كافة الأطراف يعتبر من مبادئ الاستراتيجية، حيث ورد كمبدأ ثالث، ثم الحديث عن دور المجتمع المدني في الهدفين السابع والتاسع قد لا يكشف عن أولوية هذا الدور، على الرغم من أولويته. فيصعب أن تقوم الدولة وأجهزتها الرسمية بكافة المهام والأدوار من جهة، كما أن المسؤوليات الجسام الملقاة على عاتق أجهزة ومؤسسات مكافحة الفساد في تعقب جرائم الفساد لا يتيح لها الوقت الكافي المطلوب لوضع وتطبيق سياسات رفع الوعي والوصول للمستويات القاعدية للمجتمع من جهة أخرى.
كما كان من المتوقع عدم الفصل من حيث تسلسل الأهداف بين الهدف السابع والهدف التاسع، إذ إنهما وثيقا الصلة ببعضهما.
القراءة التحليلية الأخيرة تتعلق بالمؤشرات، حيث تمت الإشارة إلى مؤشرات البنك الدولي في قياس الأداء في تفعيل الأهداف، علما بأن المؤشرات الستة للبنك الدولي هي مؤشرات لتحقيق الحوكمة الجيدة كإحدى قواعد محاربة الفساد، في الوقت الذي لم يشر فيه إلى الإطار العام للحوكمة الجيدة كأحد مبادئ الوقاية من الفساد، ومن ثم مكافحته.
وفي ذات السياق أشارت الاستراتيجية إلى أن من أهم الإنجازات تعاون اللجنة الفنية للجنة الوطنية التنسيقية مع مركز دعم واتخاذ القرار في استصدار مؤشر وطني لمكافحة الفساد، فلمَ لم تتم الإشارة إلى هذا المؤشر لقياس الأداء وتمت فقط الاستعانة بمؤشرات دولية؟
وهنا يثار التساؤل حول ما إذا كان قد تم اختبار المؤشر الوطني كمقياس للأداء في عينة من الجهات الحكومية أم لا؟
خلاصة القول: إن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ٢٠١٨-٢٠٢٢ على جودة الإخراج والمحاور، ومع التأكيد على الجهد الكبير المبذول فيها- لم تعكس بشكل منهجي وفلسفي الترابط بين مكافحة الفساد والجانب الحقوقي والتنموي، الذي أكدت عليه في المبادئ التي ارتكزت عليها.
كما أنها لم توضح في أهدافها الأولويات التي تعمل وفقا لها في ضوء التحديات التي ذكرتها في الإطار العام؛ إذ إن التحديات هي أولويات في المعالجات.
كما أن الإنجازات لم توضح علاقة النشاط بالنتيجة والأثر المترتب عليه أو بعبارة أخرى العائد في مقابل التكلفة.
ويظل الأمل معقودًا على النقاش والحوار بين كافة الشركاء لتفعيل أفضل للاستراتيجية ونقلها من مجال انشغال المؤسسات الرسمية إلى مجال الانشغال المجتمعي بها وبكيفية تفعيلها- إلى ربطها بالأجندة التشريعية لمجلس النواب في دورة الانعقاد الرابعة.
إعلان