الجارديان تتساءل: من هو العدو الحقيقي لحرية الإنترنت في العالم ؟
لندن- أ ش أ:
رصدت صحيفة "الجارديان" البريطانية التقارير الأخيرة التي تشير إلى أن الصين فرضت مزيدا من القيود على "جي ميل" خدمة البريد الإلكتروني الرائدة من شركة جوجل ، ورأت أن تلك الخطوة لم تكن على قدر كبير من المفاجأة، حيث تعمل الصين لحماية سيادتها التكنولوجية من خلال تقليل اعتماد مواطنيها على تشغيل خدمات الاتصالات الأمريكية.
وأوضحت الصحيفة في تقرير نشرته في نسختها الإلكترونية، اليوم الاثنين ، أنه بعدما شهدت كوريا الشمالية حجب خدمة الإنترنت مؤقتا على خلفية الضجة التي أثيرت من فيلم "ذا انترفيو" - مع القليل من الأدلة التي تشير إلى أن هذا البلد كان متورطا في هجوم القرصنة الهائل على شركة "سوني بيكتشرز" الأمريكية، فإن مفهوم السيادة التكنولوجية ظهر وكأنه واحد من أهم وأكثر المذاهب المثيرة للجدل لعام 2015.
ولفتت الصحيفة إلى أنه رغم صعوبة وصول المستخدمين الصينيين إلى موقع جوجل لعدة سنوات حتى الآن ، فإنهم لا يزالوا قادرين على استخدام الكثير من خدمات الإنترنت، وذلك بفضل خدمات الطرف الثالث مثل "أوت لوك" أو "بريد أبل".
ونوهت إلى أن تلك الثغرة أغلقت الآن - ولو بشكل مؤقت - حيث يبدو أن بعض القيود الجديدة تم فرضها في ظروف غامضة، وهو ما يعني أن على المستخدمين الصينيين اللجوء إلى أدوات أكثر تقدما للتحايل.
وأشارت إلى أن من لا يستطيعون أو لا يرغبون في استخدام تلك الأدوات، يمكنهم ببساطة التحول إلى الخدمة التي تديرها الشركات الصينية المحلية، وهو ما يتطابق مع ما تريده الحكومة الصينية .
وانتقلت الصحيفة إلى ذكر أن الصين ليست فقط من تحاول حماية سيادتها التكنولوجية ، بل مضت الحكومة الروسية قدما إلى تنفيذ أجندة مشابهة، حيث وضعت قانونا جديدا دخل حيز التنفيذ في الصيف الماضي يلزم جميع شركات الإنترنت بتخزين بيانات المواطنين الروس على خوادم داخل البلاد ، ممل دفع شركة جوجل لإغلاق العمليات الهندسية في موسكو، راصدة نجاح الكرملين مؤخرا في الحصول على حجب لصفحة تدعو للتظاهر على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تضامنا مع الناشط المتهم أليكسي نافالني، مما يشير إلى أن الحكومة الروسية سارعت في إعادة بسط سيطرتها على الأنشطة الرقمية لمواطنيها.
ونوهت إلى أن تلك الخطوات من قبل الحكومتين الصينية والروسية لم تصبح هزيمة عالمية لجوجل، فلا زالت الشركة تتوسع في أماكن أخرى، وتقون ببناء البنية التحتية للاتصالات والتي تمتد إلى ما هو أبعد من خدمات البريد الإلكتروني البسيطة.
وقالت إنه كما شرعت دول أمريكا الجنوبية في استكشاف خطط لمواجهة مراقبة وكالة الأمن القومي الأمريكية من خلال شبكة الألياف البصرية الخاصة بها، الخطط التي من شأنها التقليل من اعتمادها على الولايات المتحدة، فقد قامت شركة جوجل بفتح خزائنها لمشروع تمويل كابل تحت البحر يربط البرازيل بولاية فلوريدا بلغت تكلفته 60 مليون دولار أمريكي.
ونوهت "الجارديان" إلى أن الشركات الأمريكية تلعب دورا غامضا في هذا المشروع "السيادة الالكترونية"، عن طريث بناء البنية التحتية بكفاءة وظيفية عالية حيث يصعب غلقها في البلدان الأخرى، بالإضافة إلى خلق تبعيات طويلة الأجل والتي تتسبب في فوضى وتكلفة في التراجع.
ورأت "الجارديان" أن ذلك ما يفسر لماذا أصر " وادي السليكون " في المطالبة بأن تفعل إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما شيئا حول خصوصية الإنترنت والمراقبة، وإذا كان ينظر لشركات الإنترنت كأطراف مشتبهة ، فستنهار أعمالهم.
وعلى الرغم من وجود العديد من القطاعات الاقتصادية المتطورة تكنولوجيا إلا أن سيليكون فالي يبقى الأول في مجال التطوير والاختراعات الجديدة في مجال التكنولوجيا المتطورة ويساهم في ثلث العائدات الاستثمارية في مجال المشاريع الجديدة في الولايات المتحدة الأمريكية، و كانت الاتهامات ضد شركات التكنولوجيا الكبيرة تتراكم، وتضمنت اتهامات بأن البعض منها كان متواطئا في عملية مراقبة الإنترنت الأمريكية على نطاق واسع ومن بينهم "وادي السليكون" - سليكون فالي - وهو ادعاء أدى إلى إثارة المخاوف المشتعلة، بشأن تعامل شركات التكنولوجيا الكبيرة مع كميات كبيرة من البيانات الشخصية.
وقالت الجارديان إن مجرد إلقاء نظرة على مصائب الشركة الأمريكية "فيريزون" في عام 2014، بشأن مدى تبادل البيانات بين فيريزون ووكالة الأمن القومي الأمريكية، فقد قامت الحكومة الألمانية بفسخ عقدها مع الشركة الأمريكية لصالح "دويتشه تليكوم" الألمانية، وأوردت قول متحدث باسم الحكومة الألمانية في ذلك الوقت "تريد الحكومة الاتحادية استعادة المزيد من السيادة التكنولوجية، وبالتالي تفضل العمل مع الشركات الألمانية".
تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الألمانية أعلنت في يوليو الماضي، قرارها بفسخ عقدها مع شركة الاتصالات الأميركية "فيريزون"،كجزء من الإصلاحات الداخلية الشاملة التي تقوم بها جراء عمليات المراقبة والتجسس التي تقوم بها الحكومة الأميركية، والتي كشف عنها، العام الماضي، الموظف السابق في "وكالة الأمن القومي" إدوارد سنودن.
وأفادت الصحيفة أن المرء يحتاج إلى أن ينظر إلى أبعد من الشجار المستمر بين شركة مايكروسوفت والحكومة الأمريكية، حيث قامت مايكروسوفت وغيرها من عمالقة التكنولوجيا بإقامة دعاوي قضائية ضد حكومة الولايات المتحدة في المحاكم الأمريكية، دون أي نجاح يذكر حتى الآن، بينما دعمت الحكومة الأيرلندية وحفنة من السياسيين الأوروبيين "مايكروسوفت".
جدير بالذكر أن "مايكروسوفت" تخوض حربا مع السلطات الأمريكية منذ فترة بخصوص طلب الحكومة الأمريكية في استخلاص معلومات ورسائل مخزنة على خادم تابع لمايكروسوفت في أيرلندا، وذلك ضمن تحقيق جار ولكن رفضت الشركة تسليم المعلومات بحجة أن البيانات مخزنة في دولة أخرى و لا يحق للحكومة الأمريكية استخدامها، وهو الأمر الذي وضعها في مواجهة أمام القضاء الأمريكي الذي بدوره قال: إن مايكروسوفت أنشئت طبقا للقانون الأمريكي ويجب أن تخضع لطلبها .
وتتهم وزارة العدل الأمريكية شركة البرمجيات العملاقة باستغلال الموقع المهيمن في السوق الذي يتمتع به نظام ويندوز الذي تنتجه من أجل الحصول على أفضلية غير عادلة لبرنامج متصفح أكسبلورر الذي تنتجه أيضا.
ورأت الصحيفة البريطانية في ختام تقريرها أنه على الرغم من كل ما يحفز رغبة روسيا و الصين في بذل المزيد من السيطرة على خصائصهم الرقمية و سيادتهم التكنولوجية، سيكون من السذاجة الاعتقاد بأنهم يتصرفون أيضا بدافع المخاوف من الاضطرابات الداخلية، حيث تتناسب تصرفاتهم مع الجهود العدوانية لواشنطن لاستغلال حقيقة أن الكثير من البنى التحتية للاتصالات في العالم تقع تحت سيطرتها.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: