من هو الرئيس المسيحي الذي حكم سوريا 24 ساعة؟
كتبت - أماني بهجت:
سمات أساسية لمرحلة ما بعد الاستقلال تعيشها الدول، ما بين فوضى عارمة وتظاهرات تجوب البلاد واضطرابات قد تنتهي بتدخل عسكري.
هذا بالضبط ما حدث في سوريا بعد الاستقلال فبعد انقلاب العقيد أديب الشيشكلي في 1951 سطع اسم "سعيد اسحق"، المفارضة هنا ليست في استلامه لمنصب رئيس الجمهورية لمدة لا تتعدى اليوم الواحد أي 24 ساعة، لكن لأنه كان الوحيد الذي يدين بالمسيحية وقد تولى هذا المنصب.
ولد رئيس الجمهورية المؤقت –جدًا-، في مدينة ماردين ومن ثم انتقل إلى مدينة عامودا بشمال شرقي سوريا بعد أن صدر قرار بضم ماردين التي ولد بها إلى تركيا، ينتمي اسحق لطائفة السريان الأرثوذكس.
ونظرًا للظروف السياسية المحيطة حتى عام 1928 لم يستقر في مكان واحد، دخل مجال العمل السياسي واُنتخب كرئيس للمجلس البلدي لعامودا، ثم ترشح للمجلس النيابي وفاز.
بحلول ديسمبر 1949 تم انتخابه كمراقب للجمعية التأسيسية والتي تحولت فيما بعد إلى مجلس نواب، في أكتوبر 1951 انتخب كنائب لرئيس مجلس النواب.
وعندما نفذ الجيش انقلابه في 29 نوفمبر 1951، قام رئيس الحكومة بتقديم استقالته إلى رئيس الجمهورية، وبعدها قام رئيس الجمهورية بتقديم استقالته للنائب الأول لرئيس مجلس النواب –الذي هو سعيد اسحق- وذاك لأن رئيس مجلس النواب كان تحت الاعتقال.
أصدر العقيد الشيشكلي أول بلاغ له، وتضمن حل مجلس النواب وبموجب المادة رقم 87 من الدستوري السوري –آنذاك-، ومفادها إن رئيس مجلس النواب يمارس صلاحيات رئيس الجمهورية، وفي حالة الوفاة او الاستقالة ينتخب مجلس النواب رئيسًا جديدًا، أما إذا كان مجاس النواب منحلًا أو تبقى شهرين على نهاية مدته فرئيس المجلس يستمر في صلاحياته المذكورة.
وبناءًا عليه تولي سعيد اسحق منصب رئيس الجمهورية لمدة 24 ساعة من 2 ديسمبر 1951 وحتى 3 ديسمبر 1951 حيث أنه النائب الأول لرئيس مجلس النواب وحيث أن الأخير يقبع بالسجن، فسعيد يحل محله.
وبعد مرور 24 ساعة على تولي سعيد اسحق رئاسة الجمهورية صدر مرسوم من العقيد الشيشكلي بتولي رئيس الأركان العامة فوزي سلو رئاسة البلاد.
في الوقت الذي يشترط الدستور على رئيس الجمهورية أن يكون مسلمًا، كان سعيد قد تولى رئاسة الجمهورية ليوم واحد فقط.
ويقول المؤرخ والصحفي شمس الدين العجلاني: "الرئيس إسحق كان وطنياً إلى حد الإدمان"، وقال أيضًا عنه الأديب عيسى فتوح إن "هذا الرجل الوطني الفذ لعب دوراً مهماً في الحياة الوطنية والسياسية في سورية مدة نصف قرن تقريباً، فاشترك في النضال ضد المستعمر التركي ثم الفرنسي، ودخل السجن أكثر من مرة، حتى استطاع أن يصنع لنا الاستقلال الذي ننعم به اليوم، مع حفنة من أصدقائه المخلصين".
توفي إسحق في الولايات المتحدة في العام 1989، بعد صراع مع المرض دام خمسة أعوام وأرسلت السفارة السورية في واشنطن العلم السوري ليلف جثمانه به.
فيديو قد يعجبك: