للباقيين في سوريا.."الحياة كابوس"
كتبت-هدى الشيمي:
صباح كل يوم، بعد انتهاء اذان الفجر، تخرج النساء والأطفال من منازلهم في منطقة الدوما بدمشق إلى الحقول والمزارع المحيطة بالمنطقة، بحثا عن مأوى أمن هربا من التفجيرات اليومية التي تشنها الحكومة السورية عليهم، بحسب ما ورد في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
تقول الصحيفة إن الرحلة الصباحية للنساء والأطفال تعد جزءا من الروتين اليومي لأهالي دوما، الذين ما زالوا يتسوقون في الشوارع المحطمة، ويجمعون الفضلات من بين الحقول، ويعيشون في المقابر الجماعية، إلا أن تلك الحقول ليست أمنة تماما، فمؤخرا قال المسعفون إن انفجارات قتلوا عائلتين، أي عشرة أشخاص من بينهم سبعة أطفال.
وأشارت إلى أن جموع السوريين الخارجين من بلادهم في رحلات إلى أوروبا، يواجهون كابوس كالذي يعيشه الملايين الموجودين داخل سوريا، فالشوارع في الكثير من الأحياء الدمشقية إلى مدينة حلب أصبحت شبه فارغة.
وبالنسبة لـ"دوما" أول المدن التي قامت فيها الثورة السورية عام 2011، فالأمر أصبح صعبا، وقد يتحول إلى أكثر صعوبة، وأخر شهر مرت به المدينة خير دليل على ذلك، حيث شنت القوات الحكومية هجوما أكثر قوة مما سبق، فلا تستخدم فقط الأسلحة المدفعية بل تشن هجمات جوية مكثفة، ويقول المسعفين وعمال الطوارئ إن التفجيرات الأخيرة تسببت في خروج الالاف من المدينة التي شهدت حياة أكثر من نصف مليون شخص.
بحسب منظمة الهلال الأحمر توفي أكثر من 550 شخص في دوما العام الماضي فقط، بينهم 123 طفل، كان شهر أغسطس الماضي كان الأكثر دموية منذ بداية الأحداث في هذه المنطقة، فأصيب على الأقل 150 شخص بإصابات بالغة، بداية من يوم 12 وحتى 31 أغسطس.
"هز العنف أكثر المناطق ثباتا وقوة في المنطقة" بحسب أحمد البالغ من العمر 20 عاما، ويعمل في فرقة الإنقاذ والمسعفين، مشيرا إلى تحول التركيز الدولي على عنف تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، والتي حظيت بتغطية اعلامية عالمية، ولم يهتم أحد الآن بعنف بشار الأسد، والجماعات المتمردة، أو المعارضة السورية، على الرغم من نزوح المواطنين بسبب ذلك الصراع قبل فترات طويلة من ظهور داعش.
المجموعات المناصرة للمعارضة السورية، وكذلك الجماعات الحقوقية الدولية، مثل هيومن رايتس ووتش، تجد أن عمليات القصف والهجوم على المناطق السورية مثل دوما، تسببت في مقتل أعداد أكبر من المواطنين الذين قتلوا على أيدي تنظيم داعش، وفقا للصحيفة، التي أشارت لعدم وجود قائمة رسمية بأعداد القتلى والجرحى، وحتى الآن هناك بعض المنظمات التي تقول إن عدد القتلى جراء الغارات الجوية لقوات الأسد وصل إلى حوالي 18 ألف شخص، أما القتلى جراء القصف الجوي وصل لحوالي 27 ألف شخص بعد هجمات كلا الجانبين.
لفتت الصحيفة لمقتل 450 مدني الشهر الماضي، في الغوطة الشرقية بعد قصف الحكومة لهذه المنطقة.
ومع ذلك لا يعد القصف هو الأمر الوحيد الذي يدمر الحياة في دوما، دفعت الحكومة المواطنين للاعتماد على الانفاق والمهربين، بعد سنوات من الحصار ومنع وصول المساعدات، أو المواد الغذائية والطبية، فأصيب العديد بسوء التغذية، ولم يتمكن أخرين من الخروج أو الذهاب إلى منطقة.
يأخذ مقاتلي المعارضة وجنود النظام الرشوة من المهربين، وهناك محاربين يتعاملون وكأنهم امراء حرب، ويحرصون على تكبير ثروتهم، وتضييق الخناق على المعارضة.
"الأحياء تسقط على رؤوس المواطنين" بحسب عماد الدين أحد المواطنين في دوما، والذي قال إن أصوات الصراخ لا تتوقف أبدا.
يدعو أهالي دوما يوم 16 أغسطس بالجمعة الأسود، وذلك لوفاة حوالي 122 شخص في هجوم مميت على سوق خضار، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، ومجموعات حقوقية أخرى، ويقول بلال أبو صلاح أحد المواطنين الذين غادروا السوق قبل دقائق من الإنفجار أن الأمر كان مأسوي، فالأشخاص الذين باعوا له الخيار والباذنجان والضحكة تملأ وجوهم التقاهم مرة أخرى ولكن جثث الدماء يغطيهم.
يشير الدكتور عدنان طوبجي العامل في إحدى العيادات، إلى اتمامه لعمله احيانا على الأرض، بدون مخدرات أو أدوات، مما يتسبب في وفاة العديد، ويقول "توفيت امرأة تنتظر كيس وصول دم".
وقع طوبجي ومجموعة من زملائه الأطباء على عريضة تدعو لهدنة انسانية كاملة، على أمل لتحفيز الجميع لبدء المحادثات وانهاء الحرب، وعلق على ذلك بأن مصير الأسد أصبح الآن غير مهم مقارنة بمصير سوريا والشعب والأطفال، مشددا على حاجة سوريا لحل عن طريق أي وسيلة لوقف القتال.
فيديو قد يعجبك: