زعماء أفسدوا في الأرض وكرمهم العالم
كتبت- هدى الشيمي:
مناحم بيجن، شيمون بيريز، عمر البشير، توني بلير، جورج بوش، أوباما، سلوبودان ميلوسوفيتش، صدام حسين، ليندون جونسون... وغيرهم الكثير. أسماء سطع نجمها في سماء الكرة الأرضية.
احتفي بهم كرجال سلام وحصلوا على تكريمات وجوائز، حتى أن بعضهم نال جائزة نوبل للسلام رغم اتهامهم بارتكاب مجازر وتسببوا في كوارث إنسانية ووصل الأمر إلى "جرائم الحرب".
نستعرض في هذا التقرير خمسة من هذه الشخصيات التي طالما تذكر العالم ما سببته من مجازر كلما حلت بالكوكب مأساة.
شيمون بيريز:
حينما رحل رئيس الوزراء والرئيس الإسرائيلي السابق شيمون بيريز عن العام قبل أيام، نعاه قادة العالم الغربي ونعتوه ب"رجل السلام"، غير أنهم نسوا أو تناسوا دوره في المجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين ومجزرة قانا. وهو ما أبرزه الكاتب الصحفي البريطاني روبرت فيسك في مقالة له بصحيفة الاندبندنت حمل عنوان "بيريز ليس صانع سلام: لن أنس منظر نزيف الدماء وحرق الجثث في قانا".
كما أن بيريز كان من مهندسي العدوان الثلاثي (البريطاني-الفرنسي-الإسرائيلي) على مصر سنة 1956. فضلا عن أنه يعد صاحب طلقة البدء في الاستيطان الإسرائيلي الذي يلتهم الأرض الفلسطينية.
مع كل تلك المجازر التي ارتكبها بيريز طوال حياته التي امتدت لأكثر من تسعة عقود، حظي بتكريمات عدة أبرزها جائزة نوبل للسلام التي تقاسمها مع رئيس وزراءه إسحاق رابين والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في تسعينات القرن الماضي، إضافة إلى رتبة الإمبراطورية البريطانية ووسام جوقة الشرف الفرنسي ووسام الحرية فيلادلفيا.
عمر البشير:
رغن أنه مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية لاتهامات بارتكاب جرائم حرب، جراء ما يجرى منذ سنوات في إقليم دارفور الشمالي والذي تسبب في مقتل مئات الآلاف ونزوح أكثر من مليون شخص بحسب تقديرات الأمم المتحدة، إلا أن الرئيس السوداني عمر البشير كرمته بعض الحكومات.
الحكومة الصربية منحته في أبريل الماضي، وساما بمناسبة العيد الوطني الصربي لرفضه اعتراف حكومته باستقلال كوسوفو. كما كرمته منظمة "المبادرة الأفريقية للعزة والكرامة" الاثيوبية وسام "بطل الكرامة" معلنة دعمها له ضد قرار المحكمة الجنائية الدولية بضبطه.
اخر تكريم حصل عليه البشير كان من الحكومة المصرية، التي كرمته في ذكرى نصر أكتوبر 1973، نيابة عن القوة السودانية التي شاركت القوات المسلحة المصرية في في الحرب ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي لتحرير الأرض التي احتلتها اثر نكسة 1967.
جورج بوش:
بعد غزو أفغانستان وإسقاط حكم حركة طالبان في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، اتجهت أنظار جورج دبليو بوش نحو العراق وزعيمه- حينئذ – صدام حسين. أرد بوش الإطاحة بصدام ونظامه بزعم حيازته أسلحة دمار شامل، وهو ما ثبت عدم صحته كما أسلفنا. عمل بوش ومعه صديقه بلير على استصدار قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ليغزو العراق تحت مظلة أممية لكنه فشل في ذلك.
دمر الغزو العراق. وكان سببا رئيسيا في بزوغ تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) امتدادا لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين بزعامة أبو مصعب الزرقاوي.
لم يحاكم بوش ولا أي من مسؤولي إدارته على الفظائع التي ارتكبت بحق المدنيين العراقيين، والتعذيب الذي مارسه الجنود الأمريكان وغيرهم ضد العراقيين، فضلا عن فظائع معتقل غوانتانامو الذي يحتجز فيه المشتبه فيهم دون محاكمات، لكن كان له حظا وفيرا من التكريمات، على رأسها قلادة العاهل السعودي الملك عبد العزيز آل سعود في 2008، ووسام "النجمات الثلاث" من الدرجة الأولى، فضلا عن "نجمة رومانيا".
توني بلير:
رئيس الوزراء السابق، توني بلير، كان دافعة رئيسية وراء الغزو الأمريكي للعراق في 2003. قتل في الغزو الذي استند على معلومات استخباراتية مغلوطة تزعم حيازة نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين أسلحة دمار شامل رغم معارضة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
مؤخرا أدانت لجنة برلمانية بريطانية دخول بريطانيا الحرب. وقال تقرير لجنة تشيلكوت في تقديمه للتقرير أن المملكة المتحدة اختارت غزو العراق قبل استنفاد فرص الخيار السلمي، وقال إن ما تردد عن خطر أسلحة الدمار الشامل العراقية لم يكن مبررا.
وتسبب الغزو والاحتلال الانجلو-أمريكي للعراق في مقتل نحو 150 الف عراقي، وفي شيوع الفوضى في البلاد كما خلق المناخ الملائم لنمو الحركات الجهادية مثل التنظيم الذي يطلق على نفسه اسم "الدولة الاسلامية."
لكن الإدانة البرلمانية لم ترق لمحاكمة بلير الموصوف شعبيا سواء في الشرق الأوسط أو غيره ب"مجرم حرب".
رغم ذلك، نال بلير جائزة "جلوبال ليجاسي أورد"، الفرع الأمريكي للهيئة الخيرية، تقديرا لجهوده في مجال تخفيف أعباء الديون. تلك الجائزة أثارت غضب الجماعات الحقوقية خاصة تلك التي تدافع عن حقوق الأطفال ووصفوا منحه الجزائرة ب"الفضيحة". ووقع أكثر من 100 ألف طفل على عريضة إلكترونية تطالب بسحب الجائزة.
وقبل نحو ستة أعوام، منحه الرئيس الأمريكي الأسبق بل كلينتون "ميدالية الحرية" في فيلادلفيا بولاية نبسلفانيا، تقديرا لجهوده من أجل السلام في العالم، وخاصة لدوره في اتفاقية "الجمعة العظيمة" في إيرلندا الشمالية.
باراك أوباما:
في بداية رئاسته في 2009، أعلنت الأكاديمية السويدية منح الرئيس الأمريكي باراك أوباما جائزة نوبل للسلام. كان ذلك مثار جدل شديد بالنظر إلى أن أوباما لم يكن قد أكمل عامه الأول على رأس أقوى دولة في العالم، ولم يقدم شيئا يذكر سوى وعود.
تعهد أوباما بإغلاق معتقل غوانتاناموا وهو ما لم يتم حتى الآن. انسحب من أفغانستان ولا تزال عدة ألوف من قواته هناك تحت راية تقديم استشارات للقوات الأفغانية. انحسب من العراق، الذي وقع بعدها فريسة في أيدي تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر على مساحات شاسعة من أراضيه. تفاقمت الحرب الأهلية السورية في عهده وباتت مأساة إنسانية متواصلة. غرقت ليبيا في الفوضى بعد تدخل حلف شمال الأطلسي تحت راية حياة حماية المدنيين، فضلا عن غارات الطائرة بدون طيار (الدرونز)، رغم أن هناك لا يحمل أوباما المسؤولية عن بعض هذه المآسي.
فيديو قد يعجبك: