إعلان

مع ترامب.. السياسة الأمريكيّة في الشرق الأوسط بين "خوف" و"ترقّب"

03:05 م الخميس 24 نوفمبر 2016

الرئيس المُنتخب دونالد ترامب

كتبت- رنا أسامة:

"أغدِق عليه بكلمات الثناء والمديح دائمًا. قدّم صفقات سياسيّة ووعودًا بالمُساعدة على النهوض بأمريكا وجعلها بلدًا عظيمًا. سلّح نفسك بالحقائق، وقبل كل شيء، تجنّب استفزازه لأنه سريع الغضب".

هكذا جاءت النصائح التي يتشاركها الأمريكيّون مع أصدقائهم الشرق أوسطيين، كوصفة سحريّة تُمكّن من كسب عقل وقلب الرئيس المُنتخب دونالد ترامب، الذي لا تزال سياساته مُبهمة، غير واضحة المعالم بعد، بحسب ما قالته صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانيّة.

سياسي "حديث الولادة"

كما الكثير من كل دول العالم، كانت مِنطقة الشرق الأوسط مشدوهة، مُصابة بالذهول من النتيجة التي جاءت لتُرجّح كفّة سياسي مبتدئ "حديث الولادة" يخلو سجلّه من أي تجارب سياسية، على مُخضرمة لها باع طويل في شؤون السياسة الخارجيّة، وهي النتيجة التي خالفت كل التوقّعات.

تقول الصحيفة البريطانيّة إن المسؤولين في المِنطقة كانوا مؤمنين- حدّ اليقين- بأن النتيجة ستذهب لصالح كلينتون، إلى أن عقد بعض مُستشاريها مُباحثات في الخليج، قبل الانتخابات، كشفت عن استراتيجيّتها التآمرية في الشرق الأوسط.

بعد الإعلان عن فوز ترامب، رئيسًا مُنتخبًا لأمريكا، انتابت المِنطقة التي تكتنفها مخاطر الشعبويّة والاستقطاب والمُتاجرة بأشباه الحقائق، مشاعر الخوف والفزع بينما تُشاهد ترقية شخص يعتمد برنامجه في الشرق الأوسط على شعارات قليلة، يتخلّلها وعود باتخاذ إجراءات صارِمة مع إيران، وأكثر صرامة مع الإسلاميين، لمنصب رئاسة أمريكا.

أثناء هذه المرحلة المُبكّرة، ظهر على السطح اثنين من الفائزين الإقليميين على ما يبدو، أولّهما هو اليمين المُتطرّف في إسرائيل، الذي تملّكه الفرح والسرور بانتخاب ترامب، وسط توقّعات بتخلّيه عن فكرة إنشاء دولة فلسطينيّة. أما الثاني فهو الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي قدّم الدعم لترامب، وأشاد به، واصِفًا إيّاه بأنه "رجل رائع".

على نحو ساخِر، يقول بعض المُحلّلين إن الإمارات العربيّة المُتحدة يُمكن أن تستفيد من رئاسة ترامب هي الأخرى، فقط لأنه يقوم بتطوير ملعب للجولف في دبي، فيما لم ينجح المسؤولون، عبر الخليج، في الوصول إلى طريقة تُمكّنهم من استقطاب السيّد ترامب في صفّهم.

بعد سنوات من التهميش الذي أصابها بالاستياء من إدارة الرئيس الحالي باراك أوباما، تأمل الدول العربيّة السُنيّة أن يُعيد الرئيس المُنتخب إحياء الوّد مع أمريكا. ويُلمّح مسؤولون خليجيّون- في لهجة حَذِرة- بأن هُناك فُرص مُحتملة لإعادة المياه إلى مجاريها مع الولايات المتحدة، حال كفّت عن مُغازلة طهران، موصين بضرورة مُعاقبة إدارة ترامب لإيران جراء تدخّلها في الشؤون العربيّة، من سوريا للعراق، ومن البحرين لليمن.

أحد المخاطر التي تواجه رئاسة ترامب، بحسب الصحيفة، تتمثّل في أن تكثيف الضغوطات على إيران من شأنه أن يدفع البلاد للانسحاب من الاتفاق النووي، ويُزيد من سعيها للحصول على قنبلة نووية.

لكل فعل رد فعل

كل خطوة يتخذها ترامب في الشرق الأوسط سيُصاحبها رد فِعل قوي ذات تأثير يُشابِه تأثير المِطرقة والسندان. بالنسبة لسوريا، على سبيل المثال، تقول الصحيفة إن تفضيله التعاون مع روسيا من شأنه أن يدعم نظام الرئيس بشار الأسد- جنبًا إلى جنب مع حليفته الأولى إيران- في الوقت المطلوب فيه إضعاف طهران.

إضافة إلى ذلك، فإن تكاتّف ترامب مع موسكو سيجلب عداء المملكة العربيّة السعوديّة- الداعِم الرئيسي للمتمرّدين السوريين والعدو اللدود لإيران.

من ناحية أخرى، فإن التصريحات التي يُطلقها وفريقه إدارته الانتقاليّة، تُمثّل خطرًا آخر قد يقف حائلًا أمام ترامب في المِنطقة، إذ تتوقّع الصحيفة أن تتسبّب في وقوع أضرار لا تُعد ولا تُحصى، رُبما يكون أحد معالمها دفع مزيد من المُسلمين للتشدّد، وتغذية الجماعات الإسلاميّة المُتطرّفة التي لطالما دعا الرئيس المُنتخب لمواجهتها.

وفي هذا الشأن، استشهدت الصحيفة بتصريح مُناهِض للإسلام أطلقه مايكل فلين، المُرشّح ليكون مُستشارًا للأمن القومي في إدارة ترامب، قال فيه "الإسلام ليس ديانة بقدر ما أنه أيديولوجيّة سياسيّة"، مُشبّهًا إيّاه بالسرطان.

تنُمّ تلك التصريحات على عدم إدراك ترامب أو أيٍ من مُرشّحي إدارته الانتقاليّة الفروق بين "الإسلام السياسي" و"الإسلام المُتطرّف"- على حدّ قول الصحيفة.

وتتوقّع الصحيفة ألا يستغرق ترامب وقتًا طويلًا لاكتشاف كل تلك المخاطر التي يُمكن أن تتفاقم للتحوّل إلى أزمات كُبرى تذروها الرمال المتحرّكة في مِنطقة الشرق الأوسط.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان