بعد توقف "السفير" اللبنانية.. هل تتساقط أوراق الصحافة المصرية؟
كتبت – نانيس البيلي:
بعد مسيرة صحفية امتدت لأكثر من 42 عامًا، أعلنت صحيفة السفير اللبنانية اليومية، خلال اجتماع إدارة الصحيفة مع موظفيها أمس الجمعة، أن العدد الأخير منها سيصدر في الثالث من يناير 2017، ثم تتوقف عن الصدور بصفة نهائية ورقيًا وإلكترونيًا. في نفس الوقت تواجه الصحف الورقية في مصر أزمة تضاعف أسعار الورق والأحبار، بنسبة ١٠٠٪ ، بسبب تحرير سعر الصرف أوائل أكتوبر الماضي.
ودفع ذلك البعض إلى التكهن بمستقبل الصحافة الورقية في مصر خلال الفترة المقبلة، فرأى البعض اتجاه الصحف الورقية نحو الإغلاق على غرار الجريدة اللبنانية العريقة، بينما استبعد البعض الفكرة وذهبوا إلى حلول أخرى.
يرى الدكتور صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن نسبة غير قليلة من الصحف الورقية المصرية قد تتعرض، خلال الأيام القليلة المقبلة، لما تعرضت له "السفير" اللبنانية، سواء بالتوقف عن الصدور تمامًا في حالة الصحف الصغيرة، أو إلغاء إصدارات صغيرة تابعة لها، فمثلاً جريدة الأخبار القومية قد توقف "الأخبار المسائي"، بحسب رؤيته.
بينما استبعد الدكتور عادل عبدالغفار، العميد الأسبق لكلية الإعلام جامعة بني سويف، اتخاذ الصحف الورقية قرار الإغلاق، مؤكدًا أنه "قرار صعب" حتى رغم أن التوجه العالمي المعاصر خلال الفترة الحالية نحو الصحافة الإلكترونية. وأشار إلى أن البديل الأكثر منطقية هو اتجاه الجرائد إلى إعادة النظر في عدد صفحاتها وربما غلق أبواب داخلها وجعلها إلكترونية، كما توقع دمج لبعض الإصدارات التي تصدر عن مؤسسة واحدة.
وقال طلال سلمان، مؤسس ورئيس تحرير جريدة السفير اللبنانية، إن صحفيو الجريدة كانوا "آسفين" على قرار توقف إصدارها، خلال الاجتماع الذي عقده معهم، أمس الجمعة.
وأضاف سلمان، في تصريحات خاصة لموقع مصراوي، أن الجميع تقبل القرار والأمور سارت بشكل جيد، مشيرًا إلى أنهم تفهموا الظروف التي تمر بها لبنان بشكل عام والصحافة اللبنانية بشكل خاص، نافيًا حدوث أي مشكلات خلال الاجتماع.
وأكد سلمان على أن حقوق جميع العاملين بالجريدة "مضمونة"، وأن مجلس الإدارة بصدد إصدار بيان شامل غدًا أو بعد غد على الأكثر.
وفي أواخر نوفمبر الماضي، أعلن عبد المحسن سلامة عضو مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، أن مؤسسته خاطبت الصحف الخاصة والحزبية، التى تطبع لديها، بزيادة أسعار الطباعة بعد مضاعفة أسعار بيع الورق والأحبار. وأضاف، في تصريحات صحفية، أنه كان هناك مبرر لاتخاذ القرار، لتضاعف أسعار الورق و الأحبار، بنسبة ١٠٠٪ ، بسبب تحرير سعر الصرف خاصة وأن هذه الخامات يتم استيرادها من الخارج، وأنه من غير الطبيعى أن تدعم الأهرام الصحف الأخرى، موضحًا أن رؤساء مجالس إدارات وتحرير الصحف، رفعوا مذكرة لرئيس مجلس الوزراء للتدخل بشأن استيراد الورق و الأحبار وإيجاد حل للأزمة.
وأكد العالم، في تصريحات لمصراوي، أن الصحف الورقية في مصر تواجه حالياً "مأزق كبير" ومشكلة معقدة، نشاهدها يوميًا من خلال مئات النسخ المرتجعة لدى بائعي الجرائد، ويرجع ذلك إلى وجود مجموعة عوامل كبيرة تجمعت في فترة صغيرة ضد الصحف الورقية، أولها الزيادة الكبيرة في سعر الورق لأن اقتصادات التشغيل تبدأ به.
"زيادة الجمارك كان لها تأثير كذلك، حيث ترتبط بزيادة سعر الأحبار وماكينات الطباعة وتكاليف الطباعة"، يتابع العالم. ويشير إلى أن توزيع النسخ الورقية تقلص بشكل كبير نتيجة أن نسبة غير قليلة من القراء يعتمدون على النسخ الإلكترونية، وأصبحت دوافع شراء الصحف الورقية محدودة لدى القارئ العادي.
ويوضح العالم أنه أصبحت هناك صعوبات في التوزيع، بسبب امتداد المساحة الجغرافية للبلد، فأصبح من الصعب أن نجد موزع صحف قريب من المنزل، كما أن بعض الموزعين يقومون بوضع زيادة في سعر الصحف من أنفسهم دون قرار رسمي.
ويشير العالم إلى أن اقتصاديات الإعلان في الجرائد صارت محدودة، بعدما تقلصت المساحات الإعلانية، مما جعل الصحف غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها فيما يتعلق بالوفاء بمرتبات ومكافئات العاملين بها، كما أنه في الماضي كانت الحكومة تحمي الصحف فإذا لم تعطيها معونات، فإنها تحميها من التأمينات والضرائب، ولكنها اليوم أصبحت تتعامل مع الصحف كأي مؤسة آخرى في الدولة.
من جانبه يلفت عبد الغفار إلى عدة عوامل جعلت من الصحافة الإلكترونية هي المستقبل، منها إيقاع الحياة السريع الذي جعل جيل الشباب يقبل على المعلومة السريعة التي توفرها المواقع الإلكترونية، كما أن الصحافة الإلكترونية تستطيع رصد كل ما يحدث في التو واللحظة بخلاف الصحف الورقية التي تقدم "أخبار بايتة، ومن يتشتري الصحف المطبوعة يكون إما لتعوده أو لسهولة قرائتها"، وفق قوله.
"القارئ يمكن أن يعمل مراسلاً للجريدة ويقوم بتصوير الأحداث والتواصل مع الصحيفة الإلكترونية لنشرها"، متغير هام يراه "عبدالغفار" ساهم في انتشار الصحف الإلكترونية، بجانب صحافة الفيديو التي يوفرها الموقع الإلكتروني من تصوير وتقديم مقاطع فيديو للحدث أو المكان.
وقبل "السفير" اللبنانية، ودعت مجلة "الأسبوع العربي" أكشاك بيع الجرائد والمجلات وتحولت في أبريل 2014 إلى النسخة الإلكترونية كليًّا، وكان آخر عدد لمجلة الآداب اللبنانية في 2012، قبل أن تتوقف قرابة الثلاثة أعوام، وتعود مرة آخرى إلى الحياة في نسخة رقمية.
فيما أعلنت عدد من الصحف على مستوى العالم توقف طبعتها الورقية واتجهت نحو الصحافة الإلكترونية، منها صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية التي أوقفت، في مارس الماضي، طبعتها الورقية وانتقلت نحو الصحافة الرقمية بشكل كامل، واكتفت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" بالنسخة الرقمية على موقعها على شبكة الإنترنت وألغت طبعتها الورقية منذ العام 2008، وتوقفت صحيفة "ذي نيو داي"، عن الصدور، في مايو الماضي، بعد عشرة أسابيع فقط على انطلاقتها، بسبب المبيعات غير الكافية، وفق ما أعلنت مجموعة "ترينيتي ميرور" الإعلامية التي تصدرها.
كما توقفت مجلة يو أس نيوز أند ريبورت وهي ثالث الصحف انتشارا في أميريكا في ٬2010 وفي فرنسا توقفت جريدة فرانس سوار عن الصدور منذ ٬2011 واكتفت بنسخة على الانترنت.
فيديو قد يعجبك: