"تايم": ماذا حقق أوباما خلال 8 سنوات من حكمه؟
كتبت - أماني بهجت:
نشرت مجلة "تايم" الأمريكية تقريرًا مطوّلًا عن فترة حكم الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، الذي تنتهي ولايته الثانية في 20 يناير القادم، وتساءلت الصحيفة: "ماذا حقق أوباما في 8 سنوات؟".
وبحسب التقرير فالرئيس أوباما دخل البيت الأبيض كـ"شيء جديد في التاريخ الأمريكي"؛ إذا لم يتم اختياره على أساس الخبرة ولا لدوره كزعيم في الحزب الديمقراطي، ولم يكن حاكمًا ولا مشرع مخضرم ولا حتى قائدًا عسكريًا، ولم يأتي كرئيس بالمصادفة لوفاة سلفه في المنصب.
اُنتخب أوباما لرسالته وشخصيته وما يرمز إليه، ففي 48 شهر تحول من صفوف المغمورين في المجلس التشريعي للولاية ليصبح أول ديمقراطي في أكثر من ثلاثة عقود يفوز بأكثر من نصف أصوات الناخبين، حيث قدم نفسه كنموذج لحالة من الأمل والتغيير وجسد شخصية يرى ملايين الأمريكيين فيها مثلاً يعتزون بها مثل "التسامح والتعاون والمساواة والعدالة"، تقول المجلة.
في أكتوبر 2009 حصل على جائزة نوبل للسلام، وذلك قبل أن يجد الوقت لإنجاز الكثير، وهي حالة نادرة للغاية، وفي 20 يناير القادم يترك أوباما مكتب الرئاسة وهو أكثر إنسانية مما كان عليه عام 2009، لأنه مجرد إنسان له سجل حافل بالإنجازات، وفقًا للمجلة.
تولى أوباما منصبه في خضم الانهيار الاقتصادي، قام باستثمارات ضخمة في المبادرات التعليمية والبحوث البيئية وتحديث الصناعة وأشهرها إصلاح نظام الرعاية الصحية، وبدأ صب الأموال في البحوث الطبية والعلمية الأساسية وقطاع الطاقة البديلة.
ولفتت المجلة إلى أن سجل أوباما أكبر وأكثر استمرارية مما سمح لنفسه بالاعتراف به في فترة ولايته، فهو معروف بخطاباته الرنانة وقد عاني كرئيس لإقناع الرأي العام بما كان يريد فعله ولماذا كان يفعل ما يفعله.
وأورد الصحفي مايكل جرونوالد إنجازات أوباما الطموحة، من منظور واحد من خلال حزمة من الحوافز المعروفة باسم قانون الإصلاح الأمريكي وإعادة الاستثمار، وكانت خطته تمثل ضعفي خطط لويزيانا ومارشال مجتمعين، وذلك بحسب جرونوالد في كتابه الصادر في 2010، الصفقة الجديدة: القصة الخفية للتغيير في عصر أوباما. لقد كانت "أكبر .. مشروع قانون إصلاح للتعليم منذ خطة المجتمع العظيم"، ويضيف: "وأكبر دخول للسياسة الصناعية منذ فرانكلين روزفلت، وأكبر توسع من مبادرات لمكافحة الفقر منذ ليندون جونسون، وأكبر خفض للضرائب للطبقة المتوسطة منذ رونالد ريجان، وأكبر ضخ للأموال في مجال الأبحاث أكثر من أي وقت مضى"، وهذا كان مجرد واحد من العديد من المشارع واسعة النطاق التي قام بها أوباما. اقتحم القطاع المصرفي والسيارات والرعاية الصحية والتغييرات الناجحة التي قام بها تم بحثها ومناقشتها لمدة عقود.
ولفتت المجلة إلى أن أوباما، في كثير من الأحيان، كان متشائمًا ومُثبطًا حول التأثير الذي كان يمتلكه، واشتكى بصوت عالٍ من العراقيل التي وضعت في طريقه من قبل خصومه الجمهوريين، وقال أوباما بعد أن سيطر الحزب الجمهوري على مجلس النواب في 2010: "ربما صوت الأمريكيون على حكومة مُقسّمة، ولكنهم لم يصوتوا لحكومة عاجزة". يمكن أن يُغفر للمصوتين إذا خلصوا إلى أن أوباما لم يحقق وينتهي من الكثير.
ووفقًا للمجلة؛ حاول أوباما على مدار 8 سنوات في منصبه تغيير الكثير من القوانين والقواعد والأوامر التنفيذية، حيث كان الاقتصاد العالمي يترنح في 2009 عندما تولى أوباما منصبه. فبعد الارتفاع الحاد وغير العادي في أسعار المساكن في الولايات المتحدة وأماكن أخرى، انفجرت أزمة الرهون العقارية. أشعلت أزمة الرهن العقاري النظام المصرفي العالمي، وورث أوباما هذا الانهيار والكساد الذي عُرف بأسوأ كساد منذ 1930.
وتقلص الاقتصاد بنسبة تصل لـ 8%، تضاعفت البطالة من 5% إلى 10%، وفُقدت 8 مليون وظيفة. انخفضت أسعار المنازل بـ30%. تضاءلت الثروة التراكمية للأمريكيين بمقدار الربع تقريبًا: خسارة على الورق تصل لـ 15 تريليون دولار. وانتشر الكساد العظيم في جميع أنحاء العالم، وذهب اقتصاد أوروبا في الطريق المعاكس، الدول من اليونان إلى أيسلندا تعاملت بافتراضية مع ديونها السيادية، في حين نشأت أسواق من ريو إلى نيودلهي وموسكو إلى بكين.
عملت إدارة أوباما الجديدة على قانون للتحفيز الاقتصادي، وكان من أكبر القوانين التي تم سنها في أي وقت مضى من قبل الكونجرس الأمريكي حيث بلغ 800 مليار دولار. ذهب الكثير من المال لتخفيف الضرائب والتأمين ضد البطالة ودفعات أخرى مباشرة ذهبت لجيوب الأمريكيين التي كانت تأمل الإدارة إنهم في المقابل صرفها أو استثمارها. لكن الرئيس الجديد استغل الفرصة لضخ المليارات في الأولويات التي عادة ما تواجه مشكلة للحصول على مبالغ أكثر من ذلك بكثير، وفقًا للمجلة.
أما مظلة أوباما كير، أو برنامج أوباما للرعاية الصحية، كان برنامجًا طموحًا لتوفير الرعاية الصحية للجميع ولكن كالعادة أفسدت المعركة بين الجمهوريين والديمقراطيين برنامج الرعاية الصحية ولا يزال مستقبل البرنامج مجهولًا حتى الآن، حيث عبر الرئيس الأمريكي المنتخب عدم موافقته على هذا البرنامج.
كما ضاعف أوباما عدد القاضيات في تاريخ المحكمة العليا الأمريكية من اثنين إلى أربعة وعين قاضية لأول مرة من الهيسبانيك، سونيا سوتومايور.
أما عن سياساته الخارجية، فانفتاحه المتأخر على كوبا بانهيار الكاسترونية في الاقتصادات المدمرة لهافانا وكراكاس، نهجه الحذر في الصين مع الحفاظ على العلاقات مع القوة الصاعدة بثبات.
وفي الشرق الأوسط، فأوباما أوفى أوباما بوعده بإخراج القوات الأمريكية من العراق، وقام بتخفيض نسبة القوات الأمريكية في أفغانستان.
بعد ثمان سنوات يواصل الاقتصاد الأمريكي نموه ببطيء رغم كل المعوقات؛ فالاقتصاد الأمريكي اليوم أكبر بما يقرب من 1 تريليون دولار عن وقت الأزمة وأكثر تطورًا من دول أخرى كان مصيرها من الأزمة أسوء.
وأوضحت المجلة أن هناك أمر غير مفهوم حول الرئيس ذو الشعبية الجارفة الذي يفكر فيه الأمريكيين حتى يومه الأخير على رأس الفريق على الرغم من قلة خبرته، فقد قدم مدتين رئاسيتين خاليتين من الفضائح وهو أمر نادر الحدوث بين الرؤساء.
وأضافت: "لم يفقد الأمل حتى عندما تردد الأخرين. ليس هنالك ما هو أصعب من وظيفة ذات تيار لا نهائي من القرارات الصعبة التي تجعل أصحابها عرضة للانتقادات"، مشيرة إلى أن أوباما كان صريحًا حتى النهاية. وختمت: "لقد كان رجلًا شريفًا".
فيديو قد يعجبك: