الجارديان: قتل "نائبة البرلمان البريطاني" هجومٌ على الإنسانية
كتب - علاء المطيري:
قالت صحيفة الجارديان البريطانية إن الهجوم على نائبة البرلمان البريطاني جو كوكس، الذي أدى إلى مقتلها، الخميس الماضي، هو هجوم على الإنسانية وقيم الديمقراطية والأخلاق النبيلة، مشيرة إلى أن الهجوم على السيدة التي تدافع عن حقوق المهاجرين والضحايا يدعم أيدولوجية داعش وقدرتها على تجنيد الشباب وإقناعهم بتفجير أنفسهم لقتل الآخرين.
ولفتت الصحيفة إلى أن اغتيال كوكس في قارعة الطريق هو اعتداء على كل الآداب العامة ويعكس بصورة كبيرة تردي الوضع السياسي، مشيرة إلى أن الانزلاق من التحضر إلى الهمجية يحدث بصورة أقرب مما يمكن تخيله، فكل جريمة عنف تنال من قيم المجتمع البريطاني وتقتص من رصيده.
جريمة عنف
وتابعت: "عندما يتم تنفيذ جريمة عنف ضد أشخاص سلميين تم اختيارهم لكتابة قانون البلاد فإن ذلك يٌعد تحديًا وإهانة يجب أن نبحث عن جذورها"، مشيرة إلى أن طعن كوكس وضربها بالرصاص في الشارع عملٌ حقير وفعل شنيع يختلف عن كل جرائم العنف الأخرى، فهي أم لطفلين صغيرين سيكبران بدونها، ومن جهة أخرى فإن هذه الجريمة هي هجوم على الديمقراطية.
ولحسن الحظ فإن العنف ضد أعضاء البرلمان البريطاني نادر الحدوث إذ لم يسجل التاريخ الحديث لبريطانيا سوى 3 هجمات قتلت نواب بالبرلمان هم أيري نيفي، و وتوني بيري، وإيان جو، وجميع تلك الهجمات تمت على يد الجمهوريين الإيرلنديين، إضافة إلى هجومين آخرين أصابا نيجيل جون وستيفان تيمز بجروح خطيرة، وكانت الأخيرة على يد سيدة لها انتماءات جهادية وكانت غاضبة بسبب حرب العراق.
الأسباب
وأيًا كانت الأسباب - تقول الصحيفة- فإن الهجوم على أي عضو بالبرلمان هو هجوم على البرلمان البريطاني بأثره، وهو ما تجسد في هجوم الخميس، الذي استهدف كوكس، وكل الهجمات التي سبقته، مشيرة إلى أن نائبة البرلمان اختارها مواطنون في دائرتها بمنطقة "باتلي وسبن" ومنحوها ثقتهم لحل مشاكلهم وتمثيلهم في قضايا شائكة.
وتابعت أن إقصاءها عن المشهد - بالقتل - في هذا التوقيت بالذات يعني توجيه البندقية نحو كل القيم التي يفتخر البريطانيون بوجودها في دولتهم، لأن كوكس لم تكن مجرد نائبة تؤدي مهمتها، فقد كانت تقودها المثالية والعمل الخيري التي تمثلت بفصاحة خطابها الأول العام الماضي عندما قالت: "المهاجرون يعززون مجتمعنا ويمنحوننا تنوعًا يعد مصدرًا لفخرنا"، مشيرة إلى أن المهاجرين بينهم كاثوليك ايرلنديين ومسلمين من الهند وباكستان، ويجب علينا أن نحتفل بهذا التنوع.
وأضافت: "ما يفاجئني من وقت لآخر هو أنني كلما سافرت إلى دائرتي الانتخابية وجدت أن هناك الكثير من الأشياء التي نجتمع حولها بصورة أكثر من تلك التي تفرقنا".
قيم نبيلة
قالت الصحيفة: "أي شيء أنبل وأعلى قيمة من تلك السيدة التي تم اغتيالها؟.. إنها كانت مثالاً يقبل عليه المجتمع ويشعر بالراحة لفكره الذي يعتمد على التنوع وثقافة اختلاف تتسع لكل البشر"، مشيرة إلى أن قيم تلك السيدة وأخلاقها ومبادئها تجعلنا نشعر بإنسانيتنا"، خاصة أنها كانت تعارض الأفكار التي تدعوا للانقسام فهي رمز للتعددية الثقافية وربما تكون قيمها أثمن من ذلك، فهي التي قادت حملة لم تعرف الملل لدعم المعذبين والمشردين من الشعب السوري.. إنها الفكرة التي ربما ماتت بموتها.
التحقيقات
تجري الشرطة البريطانية تحقيقات في الحادث الذي نفذه شخص هتف بعد قتلها "بريطانيا أولاً"، وفقًا للصحيفة التي أوضحت أنه ربما يكون له صلة باليمن المتطرف الذي استدار مرشحه بظهره أمام عمدة لندن الجديد صديق خان بصورة تنم عن احتقار مرجعه سباق طائفي لكونه أول عمدة مسلم.
ولفتت الصحيفة إلى أن الهجوم على كوكس وما تبعه من تسابق وتعطش للدماء من قطاع الطرق هو رسالة تصب في صالح إقناع أشخاص بعينهم - خاصة أولئك المتأرجحون - بأن بعض الناس لا يمتلكون الحد الأدنى من الإنسانية وأن لعبتهم السائغة هي القتل.
مرآة داعش
قالت الصحيفة إن عنصرية الغرب وعداء الإسلام بمثابة مرآة عليها تنعكس أيدولوجية داعش والقاعدة بصورة تمكنها من تجنيد مزيدٍ من المقاتلين وإقناعهم بارتداء أحزمة ناسفة وتفجير أنفسهم حيثما طلب منهم والموت من أجل قتل الآخرين، مشيرة إلى أن انتشار الكراهية في بريطانيا أصبحت قضية خلافية في الوقت الحالي داخل بريطانيا.
وتابعت أن الأحاديث تدور في الوقت الراهن حول مخاطر الهجرة والمهاجرين بصورة عشوائية وظهر ذلك في كلمات لنيجل فراج، رئيس حزب الاستقلال البريطاني، تحمل قدرًا غير مسبوق من التشاؤم وجاءت قال فيها: "الاتحاد الأوروبي أفشلنا جميعًا، وأن التخيل بأن منطقة اليورو سوف تجعلنا قادرين على التعامل مع حقائق تقول أن أزمة اللاجئين التي بدأت في سوريا وشمال أفريقيا لا يحمل مسؤوليتها الاتحاد الأوروبي، أو الالتزامات المتعبة تجاه هذه الأزمة لا تعتمد على عضوية الاتحاد قد فات أوانه".
وتابع: "ربما مازال البعض يأمل، ورغم ذلك، فإنه حتى التجار ربما يديرون ظهورهم لنا في أعقاب أكبر أزمة إنسانية في الوقت الحاضر، وعندها يمكن أن نبحث عن طريقة للتخلص من كراهيتنا للضحايا كوسيلة نكررها على آذان الناخبين حتى يديروها ظهرهم للعالم".
وختمت الصحيفة: "إن المبادئ السامية للسيدة كوكس تتناقض بصورة كاملة مع الاستخفاف بوحشيتنا، ستبقى في وجدان الإنسانية، لأن القيم والالتزام الأخلاقي الذي تجسد في شخصها هو ما سيقودنا إلى التخلص من تلك الوحشية والتخلص منها بلا رجعة".
فيديو قد يعجبك: