نيويورك تايمز: تركيا تعلن العداء لأمريكا وروسيا حليف في الأفق
كتب - علاء المطيري:
بدل من إجراء تحقيقات دقيقة وشاملة للتعرف على الحقائق، يبحث العديد من الأتراك مع حكومتهم على شخص أو دولة يلقون عليها اللوم في محاولة الانقلاب الفاشلة، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز التي أوضحت أن الأتراك يتهمون الولايات المتحدة بالمشاركة في التمرد الذي قام به مجموعة من الضباط منتصف يوليو الماضي.
مشاعر عدائية
ولفتت الصحيفة الأمريكية في تقرير لها، أمس الخميس، إلى أن التوجه التركي أشعل موجة من المشاعر العدائية للأمريكيين بالتوازي مع الحملة التي تشنها الحكومة ضد أعداء حقيقيين ومحتملين بصورة تعرض العلاقات الممتدة مع الولايات المتحدة وحلف الناتو إلى خطر فعلى.
فالجاني والمتهم الرئيسي في محاولة الانقلاب - وفقًا للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وقادة آخرين - هو رجل الدين المسلم فتح الله كولن الموجود في منفى اختياري بولاية بنسلفانيا الأمريكية منذ 1999 الذي أنكر أي مشاركة في محاولة الانقلاب.
لكن، ورغم ذلك - تقول الصحيفة - فإن الصحف الموالية للحكومة والقادة السياسيين ومواطنين عاديين من كافة شرائح المجتمع التركي يشيرون بأصابع الاتهام إلى واشنطن التي أنكرت هي الأخرى أي دور في محاولة الانقلاب الفاشلة.
حرب كلامية
عندما تحدث الجنرال جوزيف فوتيل - قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، الأسبوع الماضي، عن قلقه من تأثير عمليات التطهير التي تقوم بها الحكومة التركية على الضباط الأتراك الذين عمل بعضهم مع الأمريكيين وأصبح سجينًا في الوقت الراهن اعتبر أردوغان أن ما قام به خطًا وأنه يقف إلى جانب مدبري الانقلاب.
وتحدث أردوغان يوم الثلاثاء الماضي بذات الطريقة عندما قال: "الوقوف إلى جانب الانقلابيين يعني أن الغرب يدعم الإرهاب"، وفقًا للصحيفة التي نقلت عن صحيفة "يني شفق" التركية الموالية للحكومة توجيهها الاتهامات لوكالة الاستخبارات الأمريكية "سي آي إيه" والجنرال جون كامبيل، قائد سابق لقوات حلف الناتو بأفغانستان، وهنري باركيه الذي يدير برنامج الشرق الأوسط بمركز ويدرو ويلسون سنتر بالوقوف وراء محاولة الانقلاب.
ولفتت الصحيفة إلى أن الدليل الذي ساقته الصحيفة لاتهام باركيه هو تواجده في جزيرة بالقرب من اسطنبول كان يقيم فيها ورشة عمل أكاديمية وحملت اسم "اجتماع سري" قبل محاولة الانقلاب وأنه أجرى عدة اتصالات مثيرة للشكوك، وفقًا للصحيفة التركية، التي زعمت في إحدى عناوينها الرئيسية أن الولايات المتحدة حاولت اغتيال أردوغان في تلك الليلة.
اتهامات تركية
وأوضحت نيويورك تايمز أن الاتهامات التركية بلا معنى لأن الولايات المتحدة لن تقدم على زعزعة استقرار أحد حلفاء الناتو الذي يقوم بدور جوهري في تطبيق السياسة الأمنية للحلف إضافة إلى دوره في محاربة تنظيم داعش، خاصة في ظل ما تشهده المنطقة من فوضى.
فبينما يكون من المفهوم أن تركيا تعرضت لهزة عقب محاولة الانقلاب الفاشلة التي قال أردوغان أنها خلفت 237 قتيلاً تلعب الحكومة لعبة ساخرة لها أكثر من وجه، وفقًا للصحيفة التي أشارت إلى أن أردوغان انتقد الدول الغربية وألقى باللوم عليها لعدم إدانة الانقلاب بالصورة الكافية، لكن الواقع يقول أن سبب ذلك ربما يكون انتقادهم لحملة التطهير المتواصلة التي يقودها في المؤسسات الحكومية والجيش والتي وصل عدد من طالتهم إلى 66 ألف شخص، مشيرة إلى أنه من الصعب تبريرها.
تسليم كولن
وتابعت الصحيفة أن مسؤولين أمريكيين يفترضون أن انتقاد أردوغان للغرب هدفها الامتثال لطلباته بتسليم فتح الله كولن الذي قدم وثائق ولم يقدم طلبًا قانونيًا يثبت التهم الموجهة إليه لترحيله من الولايات المتحدة إلى تركيا.
يجب على الأتراك أن يتذكروا أن فتح الله كولن له حق قانوني يسمح له بالبقاء في الولايات المتحدة وأن وزارة العدل الأمريكية سوف تتبع إجراءات قانونية صارمة قبل أن تتخذ قرار بتسليمه إلى تركيا من عدمه، خاصة في ظل انتشار التعذيب وغياب فكر البحث عن الأدلة لتوجيه الاتهامات وإثباتها، وفقًا للصحيفة التي أوضحت أن تركيا تريد أن تعرف المسؤول عن رعاية محاولة الانقلاب ودوافعه، لكنها يجب أن تنحي نظرية المؤامرة جانبًا وتبحث عن الحقائق بصورة خالية من الانحياز ضد أشخاص بعينهم.
التقارب مع روسيا
يتوقع الأمريكيون أن تزداد التوترات بين تركيا وواشنطن سوءًا، وأنها يمكن أن تجر تركيا نحو التقارب مع روسيا، وفقًا لمسؤولين أمريكيين لفتوا إلى حصول الجنرال جوزيف دانفورد، رئيس هيئة الأركان المشتركة، على تأكيدات من الأتراك في زيارته لأنقرة الاثنين الماضي تشير إلى مواصلة تركيا تعاونها في الحرب ضد داعش.
وعبر مسيرة طويلة من التعاون بين الولايات المتحدة والناتو واجهت واشنطن مشاكل عميقة منها الأزمة مع تركيا التي تطرح تساؤلات: "ماذا ستفعل أمريكا مع عضو حيوي في الناتو ينحرف بعيدًا عن المعايير الديمقراطية"، وفقًا للصحيفة التي أوضحت أن المسؤولين في واشنطن بدأوا يطرحون الخيارات الأخرى التي يمكن أن تشمل إمكانية اتخاذ الناتو لقرارات، في يومٍ ما، بخصوص حالات مثل هذه وتبعات تبني أسلوب غير ديمقراطي.
ولفتت الصحيفة إلى أنه إذا كان اتخاذ الناتو لقرارات معينة يمكن أن تغضب أردوغان، فإنه من الصعب تخيل الحالة التي ستكون عليها تركيا - أحد أعضاء الناتو - وهي تحتضن مبادئ تشذ عن مبادئ الدول الغربية التي تجتمع معها تحت مظلة الحزب، وكيف ستكون تلك الدولة قادرة على مواصلة إجراء عمليات التنمية بدون حلف الناتو الذي يعد الدعامة الأساسية لها.
فيديو قد يعجبك: