خلف أبواب مغلقة: كيف صرخ ترامب في مساعديه من أجل الهجرة؟
كتب- هدى الشيمي ومحمد الصباغ:
نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، بعض التفاصيل التي تعود إلى خمس أشهر مضت خلال اجتماعات بالبيت الأبيض لمناقشة قانون الهجرة، تلفظ خلاله الرئيس دونالد ترامب بعبارات هجومية ضد مواطني دول أراد فرض حظر على دخول مواطنيها إلى الولايات المتحدة مثل أفغانستان ونيجيريا وهايتي.
وفي التقرير المنشور أمس السبت على موقعها الإلكتروني، قالت نيويورك تايمز إن ترامب دخل المكتب البيضاوي في أحد أيام يونيو الماضي غاضبًا ولوح بكمية كبيرة من الأوراق خلال الاجتماع.
"سخرية"
كان ترامب قد أوفد رجال الشرطة الفيدرالية قبل خمسة أشهر إلى المطارات من أجل منع مواطني بعض الدول المسلمة من دخول الولايات المتحدة في إشارة واضحة إلى الطريقة التي سوف يفي فيها بوعده الانتخابي.
لكن منذ يناير، كان قد توافد الكثير من الأجانب إلى البلاد، ما جعله يقف أمام فريقه للأمن القومي ويعتبر ما حدث سخرية من وعده الانتخابي. وتحدث أمامهم قائلًا إن أصدقاءه كانوا سيقولون إنه بدا مثل الأحمق.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، قال مسؤولون ستة حضروا أو اطلعوا على تفاصيل ذلك الاجتماع، إن ترامب بدأ القراءة بصوت مرتفع من الوثائق التي أمامه، والتي أعطاها له مستشاره للسياسة الداخلية ستيفان ميلر قبل الاجتماع.
وفي الوثائق كان عدد التأشيرات التي تم إصدارها للمهاجرين لدخول الولايات المتحدة في عام 2017.
"مشاحنات"
واشتكى ترامب قائلًا إن بين الحاصلين على تأشيرات دخول أمريكية أكثر من 2500 من أفغانستان "جنة الإرهابيين". وبحسب شخص حضر الاجتماع وآخر مطلع على التفاصيل، ذكرت نيويورك تايمز أن الرئيس الأمريكي قال أيضًا إن هايتي أرسلت 15 ألف شخص، وتذمر متابعًا حديثه: "جميعهم مصابون بالإيدز".
وأضاف ترامب: "بمجرد رؤية 40 ألف شخص من نيجيريا لأمريكا، فلن يعودوا أبدًا إلى أكواخهم في إفريقيا". ولم تشأ مصادر نيويورك تايمز الإفصاح عن أسماءهم بسبب حساسية الحوار الذي دار بالبيت الأبيض.
خلال الاجتماع، حاول وزير الأمن الداخلي آنذاك جون إف كيلي ووزير الخارجية ريكس تيلرسون التدخل لإيضاح أن الكثير من هؤلاء كانوا مسافرين لزيارة قصيرة فقط. لكن مع استمرار الرئيس في الحديث، تحوّل غضب كل من كيلي وميلر نحو وزير الخارجية وحملوه مسؤولية تدفق الأجانب.
وأضافت نيويورك تايمز أن الغضب ساد الأجواء ليطلب السيد كيلي من الموظفين إخلاء الغرفة. لكن حتى مع إغلاق الباب كان من الممكن للمساعدين سماع الأصوات من الخارج، ولاحظوا توبيخ الرئيس ترامب لكبار مساعديه.
ونفت سارة ساندرز، المتحدثة باسم البيت الأبيض أن يكون الرئيس أدلى بتعليقات تزدري المهاجرين خلال ذلك الاجتماع.
وأكد مسئولون لنيويورك تايمز أن ترامب لم يستخدم مطلقًا كلمات مثل "الإيدز" و "الأكواخ" لوصف أشخاص من دول أخرى.
"انفعالات"
وقالت الصحيفة إن الاجتماع الذي عُقد في شهر يونيو يعد انعكاسا للنهج الذي اتبعه ترامب بشأن هذه المسألة، والذي شكّل العام الأول من رئاسته.
وذكرت نيويورك تايمز أن ترامب هجم على الهجرة، واعتبرها أحد الأسباب الرئيسية لمشاكل اجتماعية واقتصادية لا حصر لها، مُشيرة إلى أن الرئيس الأمريكي دخل مكتبه حاملا أجندة رمزية للتصدي لهذه المشاكل، إلا أنها لم تكن متكافئة، ولم يمعن التفكير في أهدافها، لاسيما وأن أغلب مواقفه من الهجرة والمهاجرين نابعة من انطباعات شخصية، وانفعلات عاطفية.
ووفقا لمقابلات أجريت مع عشرات الموظفين الحاليين والسابقين في إداراته، وصنّاع قرار كانوا مُقربين من هذه العملية، تحدث أغلبهم شرط عدم الكشف عن هويته، فإن جهود ترامب لتغيير السياسية الأمريكية نُفذت من خلال عملية مُعقدة وغيرة منضبطة ومختلة، وسعت منذ البداية إلى تحدي بيروقراطية كانت موجودة بالفعل"، مثل الكثير من مبادراته، بحسب نيويورك تايمز.
وتقول الصحيفة "بينما استمر شعور ترامب بالاحباط بسبب الحد من قواه، كسبت جهوده لإعادة صياغة سياسة الهجرة الأمريكية زخما متزايدا، لاسيما وأن البيت الأبيض أصبح أكثر انضباطا، وأكثر براعة في تجاهل أو تقويض المعارضة".
"عنصرية"
ويرى فرانك شيري، المدير التنفيذي لمجموعة "صوت أمريكا" المؤيدة للهجرة، أن العنصرية هي الدافع الرئيسي وراء الأجندة الخاصة بالرئيس الأمريكي بشأن الهجرة.
وأضاف شيري: "إنه يقول ‘انتم أيها الناس الملونون الذين تأتون إلى أمريكا سعيا وراء الحلم الأمريكي، تهددون البيض".
وتابع: "لقد وصل إلى البيت الأبيض حاملا استراتيجية عدوانية، ويحاول عكس التغيرات الديموغرافية الجارية في البلاد".
يقول أولئك الذين يعرفون ترامب أن موقفه من الهجرة والمهاجرين معروف منذ فترة طويلة، واتخذه قبل دخوله الحياة السياسية.
وبحسب مايكل دي انطونيو، والذي أجرى معه مقابلة من أجل كتابة سيرته الذاتية التي حملت اسم "الحقيقة حول ترامب"، فإن الرئيس الأمريكي يخاف دائما من أي شيء متعلق بالثقافات الأخرى، ويشعر بالقلق بشان غذائه وسلامته عندما يسافر.
ووفقا لأصدقاء ترامب، فإنه كبر على فكرة أن الهجرة ليس لها أي نفع على بلاده، فهو يرى أن ما هو جيد للمهاجرين سيء جدا لأمريكا. وفي عام 2014، قبل فترة من ترشحه للانتخابات، كتب تغريدة على حسابه بموقع تويتر قال فيها: "حكومتنا الآن تستورد المهاجرين غير الشرعيين والأمراض الفتّاكة. قادتنا خرقاء".
كانت وعود ترامب بشأن الهجرة والمهاجرين هي الأبرز في حملته الانتخابية، وأدلى بالكثير من التصريحات المسيئة للمهاجرين، منها تلك التي قالها عن المكسيكيين، ودعواته لبناء جدار يفصل بين الحدود المكسيكية الأمريكية.
وقال ترامب في إحدى المرات: "متى سنهزم المكسيك ببناء الجدار؟ أنهم يضحكون علينا، على غبائنا"، ووصفهم بمدمني المخدرات ومرتكبي الجرائم، والمغتصبين.
وروّج ترامب، بحسب الصحيفة الأمريكية، خلال حملته الانتخابية قصة غير صحيحة بشأن احتفال مسلمين في مدينة جيرسي بأحداث أبراج التجارة العالمية في 11 سبتمبر، وقال إن المهاجرين أشبه بـ"القيء" العابر للحدود، وتعهد بالتخلص منهم جميعا في الساعة الأولى من يومه الأولى في البيت الأبيض.
ورأى الساسة الديمقراطيون وبعض الجمهوريين أن تصريحات ترامب قد تتسبب في حدوث انقسام في البلاد، وفي المقابل كان يؤكد المرشح الجمهوري، آنذاك، أنه سيعمل كل ما في وسعه لاخراج ما وصفه ب"الشيء المسموم" من بلاده.
وقالت الصحيفة إن ترامب وصل إلى المكتب البيضاوي حاملا قائمة طويلة من الوعود الانتخابية، ولم تتضمن فقط بناء جدار في المكسيك، ولكن إعداد قوة ترحيل، ومنع المسلمين من دخول البلاد، وعمل على توفير ملايين المهاجرين أصحاب السجلات الجنائية.
ووفقا للصحيفة الأمريكية، فإنه في الوقت الذي خاضت فيه إدارة ترامب معارك في المحاكم القضائية من أجل تنفيذ حظر السفر، عملت على تفعيله من جهة أخرى، إذ حاولت زيادة الأمن على الحدود الأمريكية، والحد من دخول اللاجئين.
وتعهد الرئيس الأمريكي بأن يصل عدد اللاجئين المسموح بتواجدهم في أمريكا هذا العام إلى 50 ألف شخص، مقابل 110 لاجئ وافق الرئيس السابق باراك أوباما على دخولهم بلاده.
وأكد ترامب أن يقل هذا العدد العام المقبل.
فيديو قد يعجبك: